التجاوز عن المعسرين – طريق الإسلام

أخي المسلم، من الضمانات التي لو عمِل المسلم بها لنال الجنة ونعيمها، والتجاوز عن الزلات والظل يوم لا ظل إلا ظل ربِّ الأرض والسماوات، التجاوز عن المعسرين والتخفيف عنهم..”

أخي المسلم، من الضمانات التي لو عمِل المسلم بها لنال الجنة ونعيمها، والتجاوز عن الزلات والظل يوم لا ظل إلا ظل ربِّ الأرض والسماوات، التجاوز عن المعسرين والتخفيف عنهم؛ عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلًا مات فدخل الجنة، فقيل له ما كنت تعمَل، قال: فأما ذكر وإما ذكر، فقال: إني كنت أبايع الناس، فكنت أنظُر المعسر وأتجوَّز في السكة، أوفي النقد، فغفر له) [1].

 

من حديث أبي قتادةَ عنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «من سرَّه أن يُنجيَه الله مِنْ كُرَب يومِ القيامة، فلينفس عن مُعسرٍ، أو يضعْ عنه» [2]، وعن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت قال: خرجت أنا وأبي نطلب العلم في هذا الحي من الأنصار قبل أن يَهلكوا، فكان أول مَن لقِينا أبا اليسر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعه غلام له معه ضمامة مِن صُحف، وعلى أبي اليسر بُردة ومعافري، وعلى غلامه بردة ومعافري، فقال له أبي: يا عم، إني أرى في وجهك سفعة من غضب، قال: أجل، كان لي على فلان بن فلان الحرامي مال، فأتيت أهله فسلَّمت، فقلت: ثم هو؟ قالوا: لا، فخرج علي ابنٌ له جفر، فقلت له: أين أبوك؟ قال: سمع صوتك فدخل أريكة أمي، فقلت: اخرُج إليَّ، فقد علِمت أين أنت، فخرج، فقلت: ما حملك على أن اختبأت مني؟ قال: أنا والله أحدِّثك، ثم لا أَكذبك، خشِيت والله أن أحدِّثك فأكْذبك، وأن أعدك فأُخلفك، وكنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكنتُ والله معسرًا، قال: قلت: آلله؟ قال: الله، قلت: آلله، قال: الله، قلت: آلله، قال: الله، قال: فأتى بصحيفته فمحاها بيده، فقال: إن وجدت قضاءً فاقْضِني، وإلا أنت في حِلٍّ، فأشهِد بصرَ عيني هاتين – (ووضع إصبعيه على عينيه) – وسمع أذني هاتين ووعاه قلبي هذا، (وأشار إلى مناط قلبه) رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: «مَن أنظَر معسرًا، أو وضَع عنه، أظلَّه الله في ظله»  [3].

 

يقول المناوي رحمه الله: (مَن أنظر معسرًا)؛ أي: أمهَل مديونًا فقيرًا من المنظرة، قال الحرالي: وهي التأخير المرتقب نجازُه، (أو وضع عنه)؛ أي: حط عنه مِن دَينه، وفي رواية أبي نعيم: أو وهَب له أو وضَع عنه، (أظله الله في ظله)؛ أي: وقاه الله من حر يوم القيامة على سبيل الكناية، أو أظله في ظل عرشه حقيقةً، أو أدخله الجنة، (يوم لا ظل إلا ظله)؛ أي: ظلُّ الله، والمراد به ظل الجنة، وإضافته لله إضافة ملك وجزمٍ، جمع بالأول فقالوا: المراد الكرامة والحماية من مكاره الموقف، وإنما استحق المنظر ذلك؛ لأنه آثر المديون على نفسه وأراحه، فأراحه الله، والجزاء من جنس العمل [4].

 

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (كان رجل يداين الناس، فكان يقول لفتاه: إذا أتيت معسرًا فتجاوز عنه، لعل الله يتجاوز عنا، فلقِي الله فتجاوز عنه) [5]؛ روى أحمد وصححه الألباني عن بريدة قال: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من أنظر مُعسرًا فله بكل يوم مثله صدقة»، قال: ثم سمعته يقول «من أنظر معسرًا فله بكل يوم مثليه صدقة»، قلت: سَمعتُك يا رسول الله تقول: «من أنظر معسرًا فله بكل يوم مثله صدقة»، ثم سمعتك تقول: «من أنظر معسرًا فله بكل يوم مثليه صدقة»، قال له: بكل يوم صدقة قبل أن يَحِلَّ الدَّين، فإذا حل الدين، فأنظِره فله بكل يوم مثليه صدقة [6].

 

من نفَّس عن مُعسر نجاه الله من كَرب يوم القيامة:

روى مسلم عن عبدالله بن أبي قتادة أن أبا قتادة طلب غريمًا له، فتوارى عنه ثم وجده، فقال: إني معسرٌ، فقال: آلله؟ قال: آلله، قال: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من سره أن يُنجيه الله من كُرب يوم القيامة، فلينفِّس عن معسر أو يضع عنه»  [7].

 

من تجاوز عن المعسر تجاوَز الله عنه:

ففي الصحيحين عن حُذيفة رضي الله عنه أنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: تلقت الملائكة رُوح رجل ممن كان قبلكم، قالوا: أعمِلت من الخير شيئًا؟ قال: كُنت آمر فتياني أن يُنظروا ويتجاوزوا عن الموسِر، قال: قال الله تعالى: فتجاوَزوا عنه[8].

 

السماحة في البيع والشراء وقضاء الديون سبب لرحمة الله لك:

روى البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «رحِم الله رجلًا سمحًا إذا باع وإذا اشترى وإذا اقتضى»  [9].

 


[1] شرح صحيح مسلم للنووي 10 / 483.

[2] أخرجه مسلم ح 1563.

[3] أخرجه مسلم ح 3006.

[4] فيض القدير [جزء 6 – صفحة 89].

[5] أخرجه البخاري ح 1972 شرح صحيح مسلم للنووي 10/ 485.

[6] صحيح: رواه أحمد «22537»، وصححه الألباني في صحيح الجامع «6108».

[7] صحيح: رواه مسلم «1563».

[8] متفق عليه: رواه البخاري «2077»، ومسلم «1560».

[9] صحيح: رواه البخاري «2076».

______________________________________________
الكاتب: السيد مراد سلامة


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

رمضان فرصة للتغير – طريق الإسلام

حري بالمؤمن أن يجعل ‌رمضان موسما للتغيير نحو اكتساب الفضائل والتخلي عن الرذائل، وفرصة للتصحيح …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *