« إنَّ اللهَ أوحى إليَّ أن تواضَعوا حتى لا يبغيَ أحدٌ على أحدٍ، ولا يفخرَ أحدٌ على أحدٍ » [صححه الألباني في صحيح أبي داود]
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
قال الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: « إنَّ اللهَ أوحى إليَّ أن تواضَعوا حتى لا يبغيَ أحدٌ على أحدٍ، ولا يفخرَ أحدٌ على أحدٍ » [صححه الألباني في صحيح أبي داود]
وصية أغلى من الذهب يهديها المعلم الأكبر والوالد الحاني لأمة الإسلام سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم إلى كل مسلم، (تواضع لله ثم للخلق، وإياك والبغي على إخوانك وإياك والتفاخر بنعم الله)
كل نعمة أنعمها الله على ابن آدم هي اختبار للشكر والتواضع وعدم التفاخر وعدم البغي على خلق الله بنعم الله، فالعطاء إنما هو عطاء من الله يبتلي به عباده ويختبرهم.
فلا تمشِ فوقَ الأرضِ إلا تَواضُعاً فكم تحتَها قومٌ همُ منك أرفع، فإِن كنتَ في عزٍ وخيرٍ ومنعةٍ فكم ماتَ من قومٍ منك أمنعُ.
واعلم بأننا ندنو من العظمة بقدر ما ندنو من التواضع.
وإن كنت من أهل العلم فلابد أن توقن بأن لكل شيء مطية ومطية العلم التواضع.
وكلما ارتفع الشريف تواضع، وكلما ارتفع الوضيع تكبر.
قال العلامة العثيمين رحمه الله:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله أوحى إليَّ أنْ تواضَعوا» ؛ يعني أن يتواضع كلُّ واحد للآخر ولا يترفع عليه؛ بل يجعله مثله أو يكرمه أكثر، وكان من عادة السلف رحمهم الله أن الإنسان منهم يجعل من هو أصغر منه مِثلَ ابنه، ومن هو أكبر مثلَ أبيه، ومن هو مثلُه مثلَ أخيه، فينظر إلى من هو أكبر منه نظرةَ إكرام وإجلال، وإلى من هو دونه نظرةَ إشفاق ورحمة، وإلى من هو مثله نظرةَ مساواة، فلا يبغي أحد على أحد، وهذا من الأمور التي يجب على الإنسان أن يتصف بها؛ أي بالتواضع لله عزَّ وجلَّ، ولإخوانه من المسلمين.
ثم قال رحمه الله: والتواضع لله له معنيان: المعنى الأول: أن تتواضع لدِينِ الله، فلا تترفع عن الدِّين، ولا تستكبر عنه وعن أداء أحكامه. والثاني: أن تتواضع لعباد الله من أجل الله، لا خوفًا منهم، ولا رجاءً لما عندهم، ولكن لله عزَّ وجلَّ. والمعنيان صحيحان، فمَن تواضَع لله، رفعه الله عزَّ وجلَّ في الدنيا وفي الآخرة، وهذا أمر مشاهَد، أن الإنسان المتواضع يكون محلَّ رفعة عند الناس وذكر حسن، ويحبه الناس، وانظر إلى تواضُعِ الرسول عليه الصلاة والسلام وهو أشرف الخلق، حيث كانت الأَمَةُ من إماء المدينة تأتي إليه، وتأخذ بيده، وتذهب به إلى حيث شاءت ليُعينَها في حاجتها، وهذا هو أشرف الخلق، أَمَةٌ من الإماء تأتي وتأخذ بيده تذهب به إلى حيث شاءت ليقضيَ حاجتها، ولا يقول: أين تذهبين بي؟ أو يقول: اذهبي إلى غيري، بل كان يذهب معها ويقضي حاجتها، لكن مع هذا ما زاده الله عزَّ وجلَّ بذلك إلا عزًّا ورفعة، صلوات الله وسلامه عليه. أ هـ من كلام العلامة العثيمين رحمه الله في شرح رياض الصالحين.
أبو الهيثم
أبو الهيثم محمد درويش
دكتوراه المناهج وطرق التدريس في تخصص تكنولوجيا التعليم من كلية التربية بجامعة طنطا بمصر.
Source link