منذ حوالي ساعة
القرآن العظيم رحمة للعالمين، وهدى للمتقين، وشفاء للقلوب وهو حبل الله المتين، يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: “إذا أردتم العلم فأثيروا القرآن؛ فإن فيه علم الأولين والآخرين”.
القرآن العظيم رحمة للعالمين، وهدى للمتقين، وشفاء للقلوب وهو حبل الله المتين، يقول عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: “إذا أردتم العلم فأثيروا القرآن؛ فإن فيه علم الأولين والآخرين”.
قال ابن عطية: «وتثوير القرآن: مناقشته ومدارسته والبحث فيه، وهو ما يعرف به».
ومنه قوله تعالى:- {وَأَثَارُوا الْأَرْضَ} [الروم: 9]، وقوله- سبحانه:- {قَالَ إِنَّهُ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَا ذَلُولٌ تُثِيرُ الْأَرْضَ} [البقرة: 71]، وهو تقليبها بالحرث والزراعة، وأن المرء لن يفقه القرآن حق الفقه حتى يرى للقرآن وجوهًا، وهو ضربٌ من ضروب التدبر لكتاب الله الكريم، وينطلق من التالي:
1- معرفة معنى الآية.
2- إثارة الأسئلة على النفس.
3- مفاتشة العلماء، ومناقشتهم في معنى الآية.
4- التأمل العميق، الذي يتلوه العمل.
لقد ظل ابن تيمية يفسر سورة نوح سنة!، ومع ذلك يقول في آخر حياته، وهو في السجن بعد أن انفرد مع القرآن: «قد فتح الله عليَّ في هذا الحصن في هذه المرة من معاني القرآن، ومن أصول العلم بأشياء، كَانَ كثير من العلماء يتمنونها، وندمت على تضييع أكثر أوقاتي في غير معاني القرآن».
وقال في قوله تعالى: {وَمِنْهُمْ أُمِّيُّونَ لَا يَعْلَمُونَ الْكِتَابَ إِلَّا أَمَانِيَّ} [البقرة: 78] وذم الذين لا يعلمون الكتاب إلا أماني، وهو متناول لمن ترك تدبر القرآن، ولم يعلم إلا مجرد تلاوة حروفه، وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ما قال عبد قط إذا أصابه همٌّ أو حزن: اللهم إني عبدك ابن عبدك ابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماض في حكمك، عدل في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك ، أن تجعلَ القرآن ربيع قلبي، ونور بصري، وجلاء حزني، وذهاب همي؛ إلا أذهب الله همه وأبدله مكان حزنه فرحًا»، قالوا: يا رسول الله ينبغي لنا أن نتعلم هذه الكلمات؟ قال: «أجل ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن».
فتأمل قوله: «أن تجعل القرآن ربيع قلبي»، فإنَّ «هذا هو المطلوب، والسابق وسائل إليه، فانظر أولًا غاية ذلته وصغاره، ونهاية افتقاره وعجزه، وثانيًا بين عظمة شأنه وجلالة اسمه سبحانه بحيث لم يبق فيه بقية، وألطف في المطلوب حيث جعل المطلوب وسيلة إزالة الهم المطلوب أولًا.
فقوله: «ربيع قلبي» جعل القرآن ربيعًا له؛ لأن الإنسان يرتاح قلبه في الربيع من الأزمان، ويميل إليه.
قال مالك بن دينار: «يا حملة القرآن ماذا زرع القرآن في قلوبكم؟ فإنَّ القرآن ربيع المؤمن كما أن الغيث ربيع الأرض».
فعند تلاوتنا للقرآن الكريم لماذا لا يجعل كُلٌ منا بين يديه قلم ودفتر ، فيُدون أي إشكال أو سؤال يطرأ عليه أثناء قراءته ثمّ إذا فرغ من تلاوته ، يطّلع على التفاسير ويبحث عما أشكل عليه فيخرج بمفهوم جيد وواسع للآيات التي أشكلت عليه، فهذا هو الفعل الصحيح، حتى نفهم رسائل الله سبحانه وتعالى والعظات والعبر التي في الآيات، وتكون نبراسا واضحا لنا في حياتنا، وحلولاً لمشاكلنا وقضايانا، قال تعالى: {كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آَيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ} [ص: 29] ، وقال أبو عبد الرحمن السلمي: «كنا إذا تعلمنا عشر آيات من القرآن لم نتعلم العشر التي بعدها حتى نعرف حلالها وحرامها وأمرها ونهيها».
و قال الإمام الطبري:- “إني لأعجب ممن قرأ القرآن ولم يتعلَّم تأويله كيف يلتّذُّ بتلاوته!”.
و قال الآجري في كتابه مختصر أخلاق حملة القرآن: أعلمَ الله خلقه: أن من تلا القرآن، وأراد به متاجرةَ مولاه الكريم، فإنه يربحه الربح الذي لا بعده ربح، ويعرفه بركة المتاجرة في الدنيا والآخرة».
فلنجعل القرآن رفيقًا لنا في جلواتنا وخلواتنا، ولننهل من معينه الصافي، ونوره الذي لا ينفد.
لنتمسك بالقرآن كما تمسك به أهل الإصلاح قبلنا، افتح كتاب الله، واجعله أنسك، وقلبه ولا تمل، فإنَّ الله لا يمل حتى تمل!
اجعله صاحبك ورفيقك طول حياتك؛ تكن من (أهل الله).
روى ابن ماجة وأحمد عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنْ النَّاسِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ هُمْ ؟ قَالَ: «هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ، أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُهُ» (وصححه الألباني في “صحيح ابن ماجة”) .
والله أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
_______________________________________
الكاتب: نورة سليمان عبدالله
Source link