منذ حوالي ساعة
لا يخفى على ذي نظر أن الصلاة في الإسلام ذات مكانة عالية، وقد صور النبي صلى الله عليه وسلم تلك المكانة بأمر محسوس يقرب به المعنى، فشبهها بعمود البيت الذي يقوم عليه البناء
أولا: الأمر بإقامة الركوع والسجود:
في الصحيحين عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أقيموا الركوع والسجود فو الله إني لأراكم من بعدي – وربما قال: من بعد ظهري – إذا ركعتم وسجدتم».
وقد كانت تلك الموعظة التي تضمنت الأمر بإحسان الصلاة وإتمام ركوعها وسجودها على المنبر إثر صلاة صلاها بهم النبي صلى الله عليه وسلم، وقد نبههم إلى أنه يراهم من وراء ظهره كما يراهم بين يديه، وتلك من خصائصه ومعجزاته التي جعلها الله له، وقد كان صلى الله عليه وسلم يزن صلاتهم ويقيمها لهم، حتى تتوافق مع مقصودها وينتفع بها صاحبها.
فلو صلى أحدنا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فكيف ستكون صلاته؟ وهل ستكون صلاته موافقة لما شرع؟ وإذا كان نظر النبي صلى الله عليه وسلم مقتضيا لتحسينها وإقامتها فكيف بنظر الله الذي فرضها على عباده، وبها يتقربون إليه.
وهذا يجعل المصلي أمام مسؤولية كبيرة تدفعه إلى مدافعة الخواطر والوساوس وعدم الاسترسال معها، وقد ورد في سنن أبي داود عن عمار ابن ياسر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «إن العبد لينصرف من صلاته، ولم يكتب له منها إلا نصفها، إلا ثلثها، إلا ربعها، إلا خمسها، إلا سدسها، إلا سبعها، إلا ثمنها، إلا تسعها، إلا عشرها».
ثالثا: الموعظة بأن المصلي إنما يصلي لنفسه:
في صحيح البخاري عن أبي هريرة، قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما ثم انصرف فقال: «يا فلان، ألا تحسن صلاتك؟ ألا ينظر المصلي إذا صلى كيف يصلي؟ فإنما يصلي لنفسه، إني والله لأبصر من ورائي كما أبصر من بين يدي».
رابعا: الموعظة بأن الصلاة أول عمل يحاسب عليه العبد:
وفي هذا موعظة بليغة تتضمن التنويه بشأن الصلاة في ميزان الآخرة، فهي معيار لما وراءها من الأعمال، فالصلاة إذا أقيمت على وجهها فإنها ترتب سائر الأعمال، وتعين صاحبها على القيام بالأوامر واجتناب النواهي.
خامسا: الموعظة بأن المصلي مشغول بأمر الصلاة:
الصلاة شغل عظيم، فإذا أحرم بها المصلي فقد انشغل بأمر كبير، فلا يلتفت إلى غيره وإن كان خيرا، فضلا عن سواه من العبث واشتغال الباطن بغيرها، ففي صحيح البخاري عن عبد الله ابن مسعود، قال: كنت أسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة فيرد علي، فلما رجعنا سلمت عليه فلم يرد علي وقال: «إن في الصلاة لشغلا». قوله: فلما رجعنا، يقصد من أرض الحبشة.
وفي معنى الحديث يقول العيني في شرح سنن أبي داود: معناه: وظيفته أن يشتغل بصلاته فيتدبر ما يقوله ولا يعرج على غيرها فلا يرد سلاما ولا غيره. انتهى.
فهذه بعض المواعظ النبوية في شأن إتمام الصلاة وإحسان إقامتها، وكثيرة هي المواعظ النبوية في هذا الشأن، وكثرتها دليل على الأهمية البالغة التي حظيت بها هذه الفريضة العظيمة، وعلى المصلي العمل بما وعظه به النبي صلى الله عليه وسلم.
Source link