منذ حوالي ساعة
إن إطلاق البصر في المحرمات كشجرة آدم إن أكلت منها استجابة لنزواتك فستخصف عما قليل على نفسك أوراق الحسرة والخيبة وألم البعد عن الله
في صحيح البخاري ” أن أم جريج العابد دعت على ابنها جريج لما تشاغل عنها بصلاته بهذا الدعاء الغريب أن لا يميته الله حتى ينظر في وجوه المومسات (الزانيات)
ولسائل أن يسأل لماذا اختارت أم جريج هذه الدعوة ؟
ولعل جواب ذلك ـ والعلم عند الله – أنها لما علمت أنه لم يجبها لالتذاذه بصلاته، وإن مما يذهب الخشوع ويفقد لذة العبادة؛ إطلاق البصر، فأطلقت تلك الدعوة عليه.
فالنظر إلى الحرام يُذهب لذة المناجاة ويطمس البصيرة، ويزيل الحياء، ويطفئ نور التقوى في القلب، ويخسف بديانة العبد إلى هوة سحيقة.
إن مجرد أن يُخلَّى بين العبد وبين النظر إلى تلك الوجوه عقوبة من الله فغض البصر جنة غادرها الكثير استجابة لنزواتهم العابرة فما حصدوا إلا الحسرات المتتابعة والآلام ومما يعين العبد على غض البصر أمران: الأول : الدعاء والتضرع بين يدي الله بأن يحفظ الله بصره عن الحرام ويعينه على غض البصر.
وليكن ذلك وردًا ثابتًا، خاصة في هذا الزمن التي عمّت فيه الصور والمقاطع وطمّت.
الثاني: النظر في العاقبة، فإن من أعظم خواص العقل النظر في العواقب، فلو كُشفت حجب الغيب، وعلم الذين أطلقوا أبصارهم في الحرام ما مقدار الخيرات والبركات والأنوار التي ذهبت عنهم بهذه النزوات العابرة، وما حجم الخسائر التي جلبوها على أنفسهم لتقطعوا من الحسرة والغبن.
فالصفاء والنقاء والحياة العفيفة تحتاج صرامة أمام سيل الشهوات الجارف وإن إدراك العواقب والمآلات السيئة لهذه الشهوات مما يعين على الصبر أمامها.
ومن العواقب الحميدة لغض البصر نور البصيرة فمن غض بصره عن الحرام نور الله بصيرته، ورزقه العلم والفهم يقول ابن تيمية ” غض البصر من أسباب رزق العلم النافع”.
وشهوات الدنيا كلها والله لا تساوي شيئًا أمام فهم آية من كتاب الله، أو استنباط لطيف من أحاديث نبيه، إن إطلاق البصر في المحرمات كشجرة آدم إن أكلت منها استجابة لنزواتك فستخصف عما قليل على نفسك أوراق الحسرة والخيبة وألم البعد عن الله.
______________________________________________________
الكاتب: د. طلال بن فواز الحسان
Source link