سُرُجُ الهداية – طريق الإسلام

شكرًا لكل من نهض بنفسه من وحل الغفلة إلى صعيد اليقظة، فابتدأ المسير بإصلاح ذاته، وأوقد أول سراجٍ في عتمة نفسه

ما أجلَّ هؤلاء الذين آووا إلى ركن الفكرة الوثيق، وصعدوا منازل البذل في زمن الهبوط، فهُم بين رُكام العابرين شموعٌ لا تنطفئ، وسُرُجُ هدايةٍ تُنير المسير، وانصرفوا عن زخارف المظاهر، وأقبلوا على صنعة المعنى، يبسطون موائد العلم بسخاءٍ نبيل، ويجعلون من كل برنامجٍ علميّ، وكل مبادرةٍ معرفية، زادًا لأمةٍ أنهكها جوع التصور، وأضناها ظمأ الحقيقة. 

يمشون في الأرض هينين، لكنهم في ملكوت المعنى جبالٌ شامخة، يُطعمون الأرواح من كنوز المعارف كما قال الحق سبحانه: {إنما نطعمكم لوجه الله لا نريد منكم جزاءً ولا شكورًا}، فتغتذي بهم القلوب وتنتعش بهم العقول، دون أن يلتفتوا إلى جزاءٍ أو تصفيق، وفي المنزلة التي تلي، تقف جموع المصلحين ممن حملوا همّ النفع العام، لا يستوحشون من قلة السالكين، بل يستأنسون بجلال الرسالة، يجمعون شتات الفكرة، ويرتقون فتوق الوعي، ينسجون من خيوط الفكر ثوبًا تستر به الأمة عريها من البصيرة. 

هم أطباء الأرواح في زمن العطب، ومعماريو الهداية في عصر الخراب، فجزاهم الله عنّا وعن العلم خير الجزاء، وأورثهم من خزائن البركة ما لا تصله أيدينا.

شكرًا لكل من نهض بنفسه من وحل الغفلة إلى صعيد اليقظة، فابتدأ المسير بإصلاح ذاته، وأوقد أول سراجٍ في عتمة نفسه، وشكرًا مضاعفًا لأولئك الذين تجاوزوا حدود ذواتهم، فحملوا همّ الأمة، ومضوا يشيدون مشاريع الخير، كأنهم يُرمّمون الشروخ في جدار الزمن، ويغرسون في أرض التيهِ ملامح الطريق.


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

أبناؤنا مع الصلاة

مِنْ أَعْظَمِ الْمَطَالِبِ، وَأَجْزَلِ الْمَكَاسِبِ هُوَ صَلاَحُ الأَوْلاَدِ، وَاسْتِقَامَتُهُمْ عَلَى طَاعَةِ رَبِّهِمْ؛ وَخُصُوصًا فِي أَعْظَمِ …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *