منذ حوالي ساعة
وليلقي النساء طرفي الخمار – الذي تغطي به المرأة رأسها – على فتحة القميص مما يلي الرقبة ويشددنه ليسترن شعورهن وآذانهن وأعناقهن ونحورهن وصدورهن.
{وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ }
تفسير الآية الكريمة:
أي: وقل – يا محمد – للمؤمنات يكففن النظر إلى من يشتهين رؤيته من الرجال الأجانب وينقصن من أبصارهن عن النظر إلى الشهوات حذرا من الفتنة في الدين.
ويحفظن فروجهن عن الزنا والسحاق وعن أن يراها أحد لا يحل له النظر إليها.
ولا يظهرن للرجال الأجانب زينتهن اللاتي يخفينها بثيابهن إلا ما ظهر منها مما لا يمكن إخفاؤه كالثياب الظاهرة أو ما قد يبدو من غير قصد التبرج كالوجه والكفين.
وليلقي النساء طرفي الخمار – الذي تغطي به المرأة رأسها – على فتحة القميص مما يلي الرقبة ويشددنه ليسترن شعورهن وآذانهن وأعناقهن ونحورهن وصدورهن.
ولا يظهرن زينتهن الخفية إلا لأزواجهن أو لآبائهن وأجدادهن من جهة آبائهن وأمهاتهن أو لآباء أزواجهن وأجدادهم من جهة آبائهم وأمهاتهم أو لأبنائهن وأحفادهن من جهة أبنائهن وبناتهن أو لأبناء أزواجهن من غيرهن وأحفادهم أو لإخوانهن الأشقاء أو لأب أو لأم أو لبني إخوانهن وأبنائهم أو لبني أخواتهن وأبنائهم أو للنساء المسلمات أو لمماليكهن أو للذين يتبعون القوم للطعام ممن لا شهوة لهم في النساء من الرجال البله أو للأطفال الذين لم يطلعوا على عورات النساء بجماعهن ولا يشتهونهن لصغرهم.
ولا تضرب النساء بأرجلهن الأرض أو بإحدى الرجلين على الأخرى لتقرع الخلخال بالخلخال فيسمع الرجال صوت الخلاخل المستورة من وراء الثياب.
وتوبوا إلى الله – أيها المؤمنون والمؤمنات – بإخلاص في كل حال واتركوا ما نهاكم الله عنه وأطيعوه فيما أمركم به من غض البصر وحفظ الفرج وما نهى عنه النساء من إظهار الزينة للأجانب لتفوزوا في دنياكم وآخرتكم.
يُنظر: ((تفسير ابن جرير)) (17/ 256، 261 – 265، 271 – 273)، ((تفسير السمرقندي)) (2/ 509)، ((الوسيط)) للواحدي (3/ 316)، ((تفسير ابن عطية)) (4/ 178، 179)، ((إحكام النظر)) لابن القطان (ص: 102، 209، 210، 250، 280 – 282، 338)، ((زاد المسير)) لابن الجوزي (3/ 292)، ((تفسير القرطبي)) (12/ 223، 226، 229، 232، 233، 237، 238)، ((مجموع الفتاوى)) لابن تيمية (15/ 369، 372)، ((عمدة الحفاظ)) للسمين الحلبي (3/ 165)، ((تفسير ابن كثير)) (6/ 44 – 50)، ((فتح القدير)) للشوكاني (4/ 28 – 30)، ((تفسير الألوسي)) (9/ 335)، ((مراح لبيد)) للجاوي (2/ 109)، ((تفسير السعدي)) (ص: 566، 567)، ((التحرير والتنوير)) لابن عاشور (18/ 203، 208، 214)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (5/ 506).
آيات في معنى الآية:
- {{وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقَى}} [طه: 131].
- {{وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا}} [الإسراء: 32].
- {{وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا}} [الأحزاب: 35].
- {{وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}} [الأحزاب: 53].
- {{وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ} } [الأحزاب: 33].
- {{يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا}} [الأحزاب: 59].
- {{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ}} [التحريم: 8].
أحاديث في معنى الآية:
- عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «((كُتِب على ابن آدم نصيبه من الزنا، مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش، والرجل زناها الخطا، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك الفرج ويكذبه)) » رواه البخاري (6243) ومسلم (2657).
- عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا ينظر الرجل إلى عورة الرجل، ولا المرأة إلى عورة المرأة، ولا يُفضي الرجل إلى الرجل في ثوب واحد، ولا تفضي المرأة إلى المرأة في الثوب الواحد)) رواه مسلم (338).
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «((انظروا إلى من أسفل منكم، ولا تنظروا إلى من هو فوقكم، فهو أجدر أن لا تزدروا نعمة الله عليكم))» رواه مسلم (2963).
- عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «((من يضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه أضمن له الجنة)) » رواه البخاري (4308).
- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «((المرأة عورة، فإذا خرجت استشرفها الشيطان)) رواه الترمذي (1173) » و [صححه الألباني] .
- عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى فاطمة بعبد كان قد وهبه لها، وعلى فاطمة رضي الله عنها ثوب، إذا قنعت به رأسها لم يبلغ رجليها، وإذا غطت به رجليها لم يبلغ رأسها، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ما تلقى قال: « ((إنه ليس عليك بأس، إنما هو أبوك وغلامك))» [رواه أبو داود (4106) وصححه الألباني] .
- عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «((لا تباشر المرأة المرأة فتنعتها لزوجها كأنه ينظر إليها))» [رواه البخاري (5240)] .
- عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «((كل عين زانية، والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا))» يعني زانية. [رواه الترمذي (2786) وحسنه الألباني] .
- عن الأغر المزني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «((يا أيها الناس توبوا إلى الله، فإني أتوب في اليوم إليه مائة مرة)) » [رواه مسلم (2702)] .
- عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «((والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة))» [رواه البخاري(6307)]
آثار عن السلف في معنى الآية:
- عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: (الزينة زينتان: فالظاهرة منها الثياب، وما خفي: الخلخالان والقرطان والسواران) رواه ابن جرير في تفسيره (17/ 256).
- عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا}} قال: (الزينة الظاهرة: الوجه، وكحل العين، وخضاب الكف، والخاتم؛ فهذه تظهر في بيتها لمن دخل من الناس عليها) رواه ابن جرير في تفسيره (17/ 259).
- عن عائشة رضي الله عنها قالت: (يرحم الله نساء المهاجرات الأول، لما أنزل الله: {{وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ}} شققن مروطهن فاختمرن بها) رواه البخاري (4758).
- عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {{وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ} } قال: (الزينة التي يبدينها لهؤلاء: قرطاها وقلادتها وسوارها، فأما خلخالاها ومعضداها ونحرها وشعرها فإنه لا تبديه إلا لزوجها) رواه ابن جرير في تفسيره (17/ 264).
- عن مجاهد في قوله: {{أَوْ نِسَائِهِنَّ}} قال: (نسائهن المسلمات ليس المشركات من نسائهن، وليس للمرأة المسلمة أن تكشف بين يدي المشركين) رواه ابن أبي حاتم (14416).
- عن الحارث بن قيس قال: كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى أبي عبيدة رضي الله عنه: (أما بعد، فإنه بلغني أن نساء من نساء المسلمين يدخلن الحمامات مع نساء أهل الشرك، فانه من قبلك عن ذلك، فإنه لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن ينظر إلى عورتها إلا أهل ملتها) رواه البيهقي في السنن الكبرى (13543)، وقال الألباني في ((جلباب المرأة المسلمة)) (ص 116): رجاله ثقات؛ غير نُسَي، فإنه لم يوثِّقه غير ابن حبان.
- عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ} قال: (هذا الرجل يتبع القوم، وهو مغفل في عقله، لا يكترث للنساء ولا يشتهيهن) رواه ابن جرير في تفسيره (17/ 266).
- عن ابن عباس رضي الله عنهما في قوله: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ} قال: (هو أن تقرع الخلخال بالآخر عند الرجال، ويكون في رجليها خلاخل فتحركهن عند الرجال، فنهى الله سبحانه وتعالى عن ذلك؛ لأنه من عمل الشيطان) رواه ابن جرير في تفسيره (17/ 273).
من أقوال العلماء في أحكام الآية وما يستنبط منها:
- قال ابن عطية: “المرأة مأمورة بأن لا تبدي وأن تجتهد في الإخفاء لكل ما هو زينة، ووقع الاستثناء في كل ما غلبها فظهر بحكم ضرورة حركة فيما لا بد منه أو إصلاح شأن ونحو ذلك، فما ظهر على هذا الوجه فهو المعفو عنه” ((تفسير ابن عطية)) (4/ 178).
- قال السمعاني: “ما كان من الزينة الظاهرة يجوز للأجنبي النظر إليه من غير شهوة، وما كان من الزينة الباطنة لا يجوز للأجنبي النظر إليها، وأما الزوج ينظر ويتلذذ، وأما المحارم ينظرون من غير تلذذ” ((تفسير السمعاني)) (3/ 521).
- قال القرطبي: “الزينة على قسمين: خلقية ومكتسبة، فالخلقية وجهها فإنه أصل الزينة وجمال الخلقة .. وأما الزينة المكتسبة فهي ما تحاوله المرأة في تحسين خلقتها، كالثياب والحلي والكحل والخضاب” ((تفسير القرطبي)) (12/ 229).
- قال ابن تيمية: (السلف قد تنازعوا في الزينة الظاهرة على قولين، فقال ابن مسعود ومن وافقه: هي الثياب، وقال ابن عباس ومن وافقه: هي في الوجه واليدين مثل الكحل والخاتم .. وحقيقة الأمر: أن الله جعل الزينة زينتين: زينة ظاهرة وزينة غير ظاهرة، وجوَّز لها إبداء زينتها الظاهرة لغير الزوج وذوي المحارم. وكانوا قبل أن تنزل آية الحجاب كان النساء يخرجن بلا جلباب يرى الرجل وجهها ويديها، وكان إذ ذاك يجوز لها أن تُظهر الوجه والكفين، وكان حينئذ يجوز النظر إليها؛ لأنه يجوز لها إظهاره، ثم لما أنزل الله عز وجل آية الحجاب بقوله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ} [الأحزاب: 59] حُجِب النساء عن الرجال .. وفي الصحيح أن المحرمة لا تنتقب ولا تلبس القفازين، فإذا كن مأمورات بالجلباب لئلا يُعرفن، وهو ستر الوجه أو ستر الوجه بالنقاب: كان الوجه واليدان من الزينة التي أُمرت ألا تظهرها للأجانب، فما بقي يحل للأجانب النظر إلا إلى الثياب الظاهرة، فابن مسعود ذكر آخر الأمرين، وابن عباس ذكر أول الأمرين) ((مجموع الفتاوى)) (22/ 109 – 111). وينظر: ((فتح الباري)) لابن رجب (2/ 346، 347)، ((أضواء البيان)) للشنقيطي (5/ 515 – 517).
- قال ابن القطان: “من أجازت الآية التبسط بحضرتهم والتكشف لهم ليسوا سواء، فإنا لا نشك في أن ابن بعلها من غيرها ليس كابنها، وأن أبا بعلها ليس كأبيها، وأن إخوتها وبنيهم ليسوا كأبيها وابنها، ولا كابن بعلها وأبيه. هذا مما لا يختلف فيه كل من رأيته عرض للآية بتفسير أو أجال فيها نظرا” ((إحكام النظر)) (ص: 240).
- قال ابن القطان: “الإجماع منعقد على أن ما تبديه للمذكورين أكثر مما تبديه للأجانب، وعلى أن المذكورين متفاوتون فيما تبديه لهم، فإذن قد انقسمت الزينة إلى ظاهرة تُبدى لكل أحد: أجنبي أو قريب أو صهر؛ وإلى باطنة، منها ما يُبدى لجميع المذكورين، ومنها ما يبدى لبعضهم” ((إحكام النظر في أحكام النظر)) (ص: 171).
- قال ابن تيمية: “الراجح في مذهب الشافعي وأحمد أن النظر إلى وجه الأجنبية من غير حاجة لا يجوز وإن كانت الشهوة منتفية لكن لأنه يخاف ثورانها؛ ولهذا حرمت الخلوة بالأجنبية لأنها مظنة الفتنة، والأصل أن كل ما كان سببا للفتنة فإنه لا يجوز؛ فإن الذريعة إلى الفساد يجب سدها إذا لم يعارضها مصلحة راجحة؛ ولهذا كان النظر الذي يفضي إلى الفتنة محرما إلا إذا كان لمصلحة راجحة مثل نظر الخاطب والطبيب وغيرهما، فإنه يباح النظر للحاجة لكن مع عدم الشهوة، وأما النظر لغير حاجة إلى محل الفتنة فلا يجوز، ومن كرر النظر إلى الأمرد ونحوه أو أدامه وقال: إني لا أنظر لشهوة: كذب في ذلك؛ فإنه إذا لم يكن معه داع يحتاج معه إلى النظر لم يكن النظر إلا لما يحصل في القلب من اللذة بذلك” ((مجموع الفتاوى)) (21/ 251).
- قال ابن عاشور: “التزين يزيد المرأة حسنا ويلفت إليها الأنظار .. فلذلك نهي النساء عن إظهار زينتهن إلا للرجال الذين ليس من شأنهم أن تتحرك منهم شهوة نحوها لحرمة قرابة أو صهر” ((التحرير والتنوير)) (18/ 206).
- قال ابن عاشور: “الظاهر أن سكوت الآية عن العم والخال ليس لمخالفة حكمهما حكم بقية المحارم، ولكنه اقتصار على الذين تكثر مزاولتهم بيت المرأة، فالتعداد جرى على الغالب” ((التحرير والتنوير)) (18/ 213).
- قال ابن القطان: “تبدي المرأة للمرأة ما تبديه لذوي محارمها، وهي ممنوعة مما زاد عليه” ((إحكام النظر)) (ص: 284).
- قال ابن تيمية: “قوله: {أَوْ نِسَائِهِنَّ} قال: احتراز عن النساء المشركات، فلا تكون المشركة قابلة للمسلمة، ولا تدخل معهن الحمام لكن قد كن النسوة اليهوديات يدخلن على عائشة وغيرها فيرين وجهها ويديها بخلاف الرجال، فيكون هذا في الزينة الظاهرة في حق النساء الذميات، وليس للذميات أن يطلعن على الزينة الباطنة” ((مجموع الفتاوى)) (22/ 112).
- قال ابن كثير: “وكذلك إذا كان شيء من زينتها مستورا فتحركت بحركة لتُظهر ما هو خفي دخل في هذا النهي؛ لقوله تعالى: {وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ}، ومن ذلك أيضا أنها تُنهى عن التعطر والتطيب عند خروجها من بيتها ليشتم الرجال طيبها” ((تفسير ابن كثير)) (6/ 49).
- قال الزمخشري: “أوامر الله ونواهيه في كل باب لا يكاد العبد الضعيف يقدر على مراعاتها، وإن ضبط نفسه واجتهد، ولا يخلو من تقصير يقع منه، فلذلك وصى المؤمنين جميعا بالتوبة والاستغفار، وبتأميل الفلاح إذا تابوا واستغفروا” ((الكشاف)) (3/ 233).
- قال ابن تيمية: “في قوله في آخر الآية: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} فوائد جليلة: منها أن أمره لجميع المؤمنين بالتوبة في هذا السياق تنبيه على أنه لا يخلو مؤمن من بعض هذه الذنوب التي هي: ترك غض البصر وحفظ الفرج وترك إبداء الزينة وما يتبع ذلك فمستقل ومستكثر كما في السنن عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((كل بني آدم خطاء، وخير الخطائين التوابون))، وفي الصحيح عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم ((يقول الله تعالى: يا عبادي إنكم تخطئون بالليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعا ولا أبالي فاستغفروني أغفر لكم))” ((مجموع الفتاوى)) (15/ 403).
تنبيه: اعلم أن الفقهاء القائلين بأن وجه المرأة ليس بعورة يعتبرونه زينة ظاهرة على المرأة أن تجتهد في إخفائه كما قال الله: {وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} أي: ظهر من غير قصد منها لإظهاره، وستر المرأة وجهها عن الأجانب عبادة تؤجر المرأة عليه، وعلى هذا كان العمل مستمرا منذ عصر نساء الصحابة رضي الله عنهن، فلم يكن من عادة نساء المسلمين الخروج سافرات الوجوه. ينظر: ((تفسير ابن عطية)) (4/ 178)، ((حراسة الفضيلة)) لبكر أبو زيد (ص: 30)، ((عودة الحجاب)) لمحمد إسماعيل المقدم (ص 451، 457 – 476).
اللهم اغفر لنا وتب علينا، وحبب إلينا الإيمان، وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.
Source link