التحقيق في كون سورة الكوثر مكية لا مدنية – محمد بن علي بن جميل المطري

منذ حوالي ساعة

وقد اختلف أهل العلم رحمهم الله في سورة الكوثر هل هي مكية أو مدنية؟

 

روى الإمام مسلم في صحيحه (400) من طريق المختار بن فُلْفُل عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: « بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة ثم رفع رأسه متبسمًا، فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟! قال: ((أُنزِلَتْ عليَّ آنفًا سُورَة))، فقرأ: بسم الله الرحمن الرحيم {{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}} ثم قال: ((أَتَدْرُونَ مَا الْكَوْثَرُ؟)) فقلنا: الله ورسوله أعلم، قال: ((فَإِنَّهُ نَهْرٌ وَعَدَنِيهِ رَبِّي عَزَّ وَجَلَّ، عَلَيْهِ خَيْرٌ كَثِيرٌ، هُوَ حَوْضٌ تَرِدُ عَلَيْهِ أُمَّتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ، آنِيَتُهُ عَدَدُ النُّجُومِ، فَيُخْتَلَجُ الْعَبْدُ مِنْهُمْ، فَأَقُولُ: رَبِّ، إِنَّهُ مِنْ أُمَّتِي فَيَقُولُ: مَا تَدْرِي مَا أَحْدَثَتْ بَعْدَكَ!))» ، هذا الحديث رواه مسلم في صحيحه في كتاب الصلاة (1/ 300) ليبين مشروعية قراءة بسم الله الرحمن الرحيم، أخرجه بعد ذكر حديث أنس في الإسرار بالبسملة، ولم يذكره في كتاب التفسير، وهذا الحديث قد جاء من عدة طرق عن أنس وليس فيها ذكر نزول السورة، وتفرَّدَ المختار بن فُلفُل بذكر نزول السورة من بين أصحاب أنس الثقات الذين رووا نفس الحديث عن أنس، روى الترمذي في سننه (2542) بإسناد صحيح عن محمد بن عبد الله بن مسلم عن أبيه عبد الله بن مسلم الزهري عن أنس بن مالك قال: سُئِل رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما الكوثر؟ قال: « ((ذَاكَ نَهْرٌ أَعْطَانِيهِ اللَّهُ – يَعْنِي فِي الجَنَّةِ – أَشَدُّ بَيَاضًا مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ العَسَلِ))» ، وقال أحمد بن حنبل في مسنده (13480): حدثنا يعقوب قال: حدثنا أبو أويس قال: أخبرني ابن شهاب أن أخاه أخبره أن أنس بن مالك الأنصاري أخبره أن رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما الكوثر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «((هُوَ نَهَرٌ أَعْطَانِيهِ اللَّهُ فِي الْجَنَّةِ، أَبْيَضُ مِنَ اللَّبَنِ، وَأَحْلَى مِنَ الْعَسَلِ))» ، وصححه الأرناؤوط، وقال الترمذي (3359): حدثنا عبد بن حميد قال: حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن قتادة عن أنس في قوله تعالى: {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الكَوْثَرَ} أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «((هُوَ نَهْرٌ فِي الجَنَّةِ)) قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((رَأَيْتُ نَهْرًا فِي الجَنَّةِ حَافَّتَاهُ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ. قُلْتُ: مَا هَذَا يَا جِبْرِيلُ؟ قَالَ: هَذَا الكَوْثَرُ الَّذِي أَعْطَاكَهُ اللَّهُ))» هذا حديث حسن صحيح، وقال أبو يعلى في مسنده (3529): حدثنا زُهير قال: حدثنا عفان قال: حدثنا حماد قال: أخبرنا ثابت عن أنس أنه قرأ هذه الآية {{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الكَوْثَرَ}} قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «((أُعْطِيتُ الْكَوْثَرَ، فَإِذَا نَهْرٌ يَجْرِي وَلَمْ يُشَقَّ شَقًّا، فَإِذَا حَافَّتَاهُ قِبَابُ اللُّؤْلُؤِ، فَضَرَبْتُ بِيَدِي إِلَى تُرْبَتِهِ فَإِذَا مِسْكَةٌ ذَفِرَةٌ، وَإِذَا حَصَاهُ اللُّؤْلُؤُ))» ، وهذا إسناد صحيح رواته كلهم أئمة ثقات، زُهير بن حرب ثقة ثبت، وعفان بن مسلم من أثبت أصحاب حمادِ بن سلَمة، وحمادُ بن سلمة أحفظ أصحاب ثابت البُناني، وثابتٌ من أوثق أصحاب أنس، ولو اختلف ثابت البُناني والمختار بن فُلفُل فالمحدثون يقُدِّمون ثابتًا لإتقانه، كيف وقد خالف المختارُ غير واحد من أصحاب أنس لم يذكروا في روايتهم نزول السورة؟! والمختار بن فُلفُل ذكره ابن حبان في الثقات وقال: “يخطئ كثيرًا”، وقال ابن حجر: “صدوق له أوهام”، وقال الذهبي: “قال أبو الفضل السليماني: ذِكرُ من عُرِف بالمناكير من أصحاب أنس، فذكر المختار بن فُلفُل”، يُنظر: ميزان الاعتدال للذهبي (4/ 80)، وتهذيب التهذيب لابن حجر (10/ 69) وتقريب التهذيب لابن حجر (ص: 523).

وقد اختلف أهل العلم رحمهم الله في سورة الكوثر هل هي مكية أو مدنية؟

قال ابن الجوزي في زاد المسير في علم التفسير (4/ 497): “سورة الكوثر فيها قولان: أحدهما: أنها مكية، قاله ابن عباس والجمهور، والثاني: مدنيّة، قاله الحسن، وعكرمة، وقتادة”، وقال أبو حيان في البحر المحيط في التفسير (10/ 555): “هذه السورة مكية في المشهور، وقول الجمهور”، وممن رجحه من المعاصرين: الجديع في كتابه المقدمات الأساسية في علوم القرآن (ص: 63، 64).

وقال ابن كثير في تفسيره (8/ 498): “هي مدنية، وقيل: مكية”، وقال السيوطي في الإتقان في علوم القرآن (1/ 55): “الصواب أنها مدنية، ورجحه النووي في شرح مسلم؛ لما أخرجه مسلم عن أنس قال: (بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا إذ أغفى إغفاءة فرفع رأسه متبسمًا فقال: أُنزلت عليَّ آنفًا سورة فقرأ: {بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر} حتى ختمها)، ورجح ابن عاشور في تفسيره التحرير والتنوير (30/ 571) أنها مدنية وقال: “هل هي مكية أو مدنية؟ تعارضت الأقوال والآثار في أنها مكية أو مدنية تعارضًا شديدًا، فهي مكية عند الجمهور، واقتصر عليه أكثر المفسرين، ونقل الخفاجي عن كتاب النشر قال: أجمع من نعرفه على أنها مكية، قال الخفاجي: وفيه نظر مع وجود الاختلاف فيها، وعن الحسن وقتادة ومجاهد وعكرمة: هي مدنية”، قلت: لم أجد رواية عن الحسن البصري وقتادة ومجاهد وعكرمة أنهم يقولون: إن سورة الكوثر مدنية، وفي موسوعة التفسير بالمأثور (23/ 616، 633 – 637) روايات كثيرة جدًا عن جماعة من الصحابة والتابعين وأتباع التابعين كلهم يقولون: إن سورة الكوثر مكية أو يروون ما يدل على أنها سورة مكية، عن مجاهد عن ابن عباس، وعطاء الخراساني عن ابن عباس، وميمون بن مهران عن ابن عباس، وعن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري عن ابن عباس، وعن عائشة وعبد الله بن الزبير ومجاهد وعكرمة وعطاء بن أبي رباح والحسن البصري والزهري وعلي بن أبي طلحة ويزيد بن رُومان ومحمد بن علي الباقر والسُّدِّي وشِمر بن عطية والكَلْبي ومحمد بن إسحاق ومقاتل بن سليمان، ومجموع هذه الروايات – وإن كان غالبها مراسيل تابعين – يدل على أن سورة الكوثر مكية.

والقول بأن سورة الكوثر مدنية رجحه بعض المتأخرين والمعاصرين اعتمادًا على الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه من حديث المختار بن فُلفُل عن أنس بن مالك، مع أن المختار لم يُتابَع في ذكر نزول السورة كما تقدم بيانه، قال الحافظ ابن حجر في فتح الباري (9/ 41): “ثبت في صحيح مسلم من حديث أنس أن سورة الكوثر مدنية، فهو المعتمد”، وحين ذكر أبو بكر الجزائري في تفسيره أيسر التفاسير (5/ 621) أن سورة الكوثر مكية، ذكر في الهامش ما رواه مسلم من حديث أنس، ثم قال: “وظاهر هذه الرواية أن سورة الكوثر مدنية، ولا مانع من نزولها مرتين مرة بمكة، وأخرى بالمدينة”، والقول بأنها نزلت مرتين غريب، والمشهور في كتب التفسير المسندة عن مفسري السلف أنها سورة مكية لا مدنية، وقد عزاه الواحدي في التفسير البسيط (24/ 383) إلى عامة أهل التفسير، وذكر شيخ القُراء ابن الجَزَري حديث أنس بن مالك في كتابه النشر في القراءات العشر (1/ 196) وقال: “هذا حديث صحيح أخرجه مسلم في صحيحه بهذا اللفظ، وهذا الحديث قد يدل على أن هذه السورة مدنية، وقد أجمع من نعرفه من علماء العدد والنزول على أنها مكية، والله سبحانه وتعالى أعلم”، وقال شيخ المفسرين ابن جرير الطبري في تفسيره (24/ 697 – 700) عند قوله تعالى: {{إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}} [الكوثر: 3]: “اختلف أهل التأويل في المعني بذلك، فقال بعضهم: عُنِي به العاص بن وائل السهمي”، وروى ذلك بإسناده عن ابن عباس وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة، ثم قال: “وقال آخرون: بل عُني بذلك: عقبة بن أبي مُعَيط”، وروى ذلك بإسناده عن شِمر بن عطية، ثم قال: “وقال آخرون: بل عُني بذلك جماعة من قريش”، وروى ذلك عن عكرمة.  

وقد روي في كون سورة الكوثر مدنية أربع روايات لا تصح، وهي مذكورة في موسوعة التفسير بالمأثور، وهي ما يلي:

الرواية الأولى: روى الترمذي (3350) من طريق يوسف بن سعد أو يوسف بن مازن عن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم أُري بني أمية على منبره فساءه ذلك، فنزلت: {{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الكَوْثَرَ}} . قال الترمذي: “هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه”، وضعَّف هذا الحديث غير واحد من المحدثين، وظاهر كلام البخاري في كتابه التاريخ الكبير (8/ 374) أن يوسف بن مازن لم يسمع من الحسن بن علي، وقال ابن كثير في البداية والنهاية (9/ 272): “سألت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي رحمه الله عن هذا الحديث فقال: هو حديث منكر”، وقال الألباني: “ضعيف الإسناد مضطرب، ومتنه منكر”، ويدل على نكارته أن المفسرين من الصحابة والتابعين وأتباعهم لم يذكروه في سبب نزول سورة الكوثر، وذكروا أقوالًا أُخَر ليس هذا منها. يُنظر: الاستيعاب في بيان الأسباب لسليم الهلالي ومحمد بن موسى آل نصر (3/ 564 – 570).

الرواية الثانية: روى الطبراني في المعجم الكبير (4071) من طريق واصل بن السائب عن أبي سَورة عن أبي أيوب الأنصاري قال: لما مات إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم مشى المشركون بعضهم إلى بعض، فقالوا: إن هذا الصابئ قد بُتِر الليلة، فأنزل الله سورة الكوثر. وهذا الأثر باطل، قال الهيثمي في مجمع الزوائد (7/ 143): “فيه واصل بن السائب وهو متروك”، قلت: قال الحافظ ابن عدي في الكامل في ضعفاء الرجال (8/ 372): “أحاديثه لا تشبه أحاديث الثقات”، وفيه أيضًا: أبو سَورة، وهو ضعيف جدًا، قال البخاري: “أبو سَورة منكر الحديث، يروي مناكير عن أبي أيوب لا يتابع عليها”، يُنظر: تهذيب الكمال في أسماء الرجال للمزي (33/ 394)، ويدل على بطلان هذا الحديث أن إبراهيم ابن النبي عليه الصلاة والسلام مات في شوال سنة عشر من الهجرة قبل موت النبي عليه الصلاة والسلام بعدة أشهر، فلو صح لكانت سورة الكوثر من آخر سور القرآن نزولًا، ولم يقل بذلك أحد. يُنظر: دلائل النبوة للبيهقي (5/ 429).

الرواية الثالثة: روى الثعلبي في تفسيره (30/ 356، 357) من طريق أحمد بن الفرج الحمصي قال: حدثنا أيوب بن سويد قال: حدثنا محمد بن إبراهيم عن عمه العباس بن عبد الله بن معبد عن ابن عباس قال: لما نزلت {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الكَوْثَرَ} صعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فقرأها على الناس، فلما نزل قالوا: يا رسول الله ما هذا الذي قد أعطاك الله؟! قال: (نهر في الجنة)، وهذا الحديث إسناده ضعيف جدًا، مسلسل بالضعفاء مع انقطاع فيه، فأحمد بن الفرج وشيخه أيوب بن سويد ضعيفان، ومحمد بن إبراهيم بن عبد الله بن معبد مجهول الحال، وعباس بن عبد الله بن معبد بن عباس ثقة لكنه لم يسمع من عم أبيه عبد الله بن عباس، قال ابن حبان في الثقات (7/ 274): “عباس بن عبد الله بن معبد بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي، من أهل المدينة، يروي عن أبيه وعكرمة”، ويُنظر: ميزان الاعتدال للذهبي (1/ 128، 287) و (3/ 445).

الرواية الرابعة: روى ابن جرير في تفسيره (24/ 699) عن عكرمة في هذه الآية: {{أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هَؤُلَاءِ أَهْدَى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا}} [النساء: 51] قال: (نزلت في كعب بن الأشرف، أتى مكة فقال له أهلها: نحن خير أم هذا الصنبور المنبتر من قومه، ونحن أهل الحجيج، وعندنا منحر البُدن؟! قال: أنتم خير، فأنزل الله فيه هذه الآية، وأنزل في الذين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم ما قالوا: {{إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}} )، وهذه الرواية مرسلة، ثم رواه ابن جرير (24/ 700) عن عكرمة عن ابن عباس متصلًا، والصحيح في حديث عكرمة أنه مرسل لا متصل، ولو صح متصلًا فظاهره يدل على أنها سورة مدنية؛ لأن كعب بن الأشرف اليهودي قدم مكة بعد الهجرة، فنزلت فيه تلك الآية في سورة النساء، وسورة النساء مدنية بالإجماع، وقد صحح حديث عكرمة عن ابن عباس مرفوعًا: ابن حبان وابن كثير والألباني، وأعله مقبل الوادعي وسعد آل حميد بالإرسال، وهو الصواب، ومما يدل على أنه لا يصح مرفوعًا أنه صح عن راويه عكرمة ما يدل على أن سورة الكوثر مكية، قال ابن جرير في تفسيره (24/ 700): حدثنا أبو كُرَيب قال: حدثنا وكيع عن بدر بن عثمان عن عكرمة {{إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}} قال: (لما أوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم قالت قريش: بُتِر محمد منا، فنزلت: {{إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ}} ، قال: الذي رماك بالبتر هو الأبتر)، وهذا إسناد صحيح إلى عكرمة، رواته كلهم ثقات. ويُنظر: التفسير من سنن سعيد بن منصور – تحقيق سعد آل حميد (4/ 1282)، تفسير ابن كثير (8/ 504)، التعليقات الحسان على صحيح ابن حبان للألباني (9/ 292)، الصحيح المسند من أسباب النزول للوادعي (ص: 68، 237).

هذا ما يسر الله كتابته، والحمد لله على توفيقه، والله أعلم بكتابه وعباده.

صنعاء اليمن – الإثنين 24 صفر 1447

 


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

هل هذا صحيح ؟ – منصور بن محمد المقرن

منذ حوالي ساعة ما أكثرَ ما يُرسل أحدُهم إلى زملائه عبر وسائل التواصل هذا السؤال: …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *