فضل العلم ورسالة المعلم – طريق الإسلام

منذ حوالي ساعة

العلمُ ميراثُ الأنبياء، والعلماء ورثة الأنبياء وخيرُ الخلق بعدَهم، وأقربُ الناسِ إليهم، قال ﷺ: «العلماءُ ورثةُ الأنبياء، وإن الأنبياء لم يُورِّثُوا دينارًا ولا دِرهمًا، إنما ورَّثُوا العلم، فمن أخذَ به أخذَ بحظٍّ وافِر».

عباد الله: عبادةٌ في الدين عظيمةٌ، سابقةٌ لغيرها، من ظفِر بها غنِم، ومن فرّط فيها ندِم. امتدحَ الله أهلَها، وفضَّلَهم لأجلها، تهدِي العبدَ إلى الخيرات، وتُنيرُ له دروبَ الحياة، كمالُ الإنسان ونجاتُه مُتوقِّفٌ عليها، وما عُبِد الربُّ بمثلِها، بِها يُعرفُ ويُعبَدُ، ويُذكرُ ويُمجَّد، مؤنِسةٌ لصاحبِها في الخلوَة، ومذكّرةٌ له عند الغفلة، طلبُها أعظمُ الطاعات، وبذلُها أجلُّ القربات، هي زينةٌ لأهلها وأمانٌ لأصحابِها، تُنيرُ القلوبَ والبصائِر، وتهدي الأرواح والضمائر، أهلُها للأرض كالنجوم للسماء، فبهم يُقتَدى، وبهم يُهتدى، ولولاهم لطُمِسَت معالمُ الدين. بها صلاحُ الأمة ورِفعتُها، واستقامةُ النفوس وزكاتُها، وهدايةُ البشريَّة وسعادتُها، وتحصينُ الأجيال وسلامتُها. الحاجةُ إليها فوقَ كلِّ الحاجات، وبدونِها خرابُ العالَم وفسادُه. 

لمّا بزغَ نورُ الفتحِ الإسلاميِّ في الشام، وأنارَ حواضرَها، وامتدَّ سناه إلى بيتِ المقدس كتبَ أميرُها إلى أميرِ المؤمنينَ عمرَ الفاروقِ رضيَ اللهُ عنه: “إِنَّ أَهْلَ الشَّامِ قَدْ كَثرُوا، وَمَلَؤُوا المَدَائِن، وَاحْتَاجُوا إِلَى مَنْ يُعَلِّمُهُمُ القُرْآن، فَأَعِنِّي بِرِجَالٍ يُعَلِّمُوْنَهُمْ، فدعا عمر الذين جمعُوا القرآنَ منَ الصحابة، فقالَ لهم: إِنَّ إِخْوَانَكُم قَدِ اسْتَعَانُوْنِي مَنْ يُعَلِّمُهُمُ القُرْآنَ، وَيُفَقِّهُهُمْ فِي الدِّيْنِ، فَأَعِيْنُوْنِي يَرْحَمْكُمُ اللهُ بِثَلاَثَةٍ مِنْكُمْ إِنْ أَحْبَبْتُمْ”.. فَخَرَجَ: مُعَاذٌ، وَعُبَادَةُ، وَأَبُو الدَّرْدَاءِ رضيَ اللهُ عنهمْ أجمعين.

 أيها المسلمون: إنَّ تلكَ المرجعياتِ العلميةِ منَ الصحابةِ كانتْ تمثّلُ آنذاكَ جامعاتٍ علميةٍ متنقلة، شكلتْ نواةً للحضارةِ الإسلامية؛ ولهذا فإنّه في غضونِ قرنٍ منَ الزمنِ غدتْ تلكَ المدن حواضرَ زاهرة، في العلمِ والمعرفةِ والتمدنِ والحضارة. نعم، فأمَّتُنا أمةُ علمٍ، وأولُ آيةٍ أُنزِلَت؛ كانت في الحثِّ عليه:{ٱقۡرَأۡ بِٱسۡمِ رَبِّكَ ٱلَّذِي خَلَقَ}.

قال ابن كثيرٍ رحمه الله: “فأولُ شيءٍ نزلَ من القُرآن هذه الآياتُ الكريماتُ المُبارَكاُت، وهنَّ أولُ رحمةٍ رحِمَ الله بها العبادَ، وأولُ نعمةٍ أنعمَ الله بها عليهم”.

ولن تصفُو للمرءِ عقيدتُه ويُحقِّق الإخلاصَ لربِّه إلا بالعلمِ، قال الله: {فَٱعۡلَمۡ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا ٱللَّهُ} فبدأَ بالعلمِ قبل القول والعمل.

والرسالةُ كلُّها علمٌ وعمل، فالعلمُ شطرُها، قال تعالى: {هُوَ ٱلَّذِيٓ أَرۡسَلَ رَسُولَهُۥ بِٱلۡهُدَىٰ وَدِينِ ٱلۡحَقِّ} أي: بالعلم النافع والعمل الصالِح. وما دامَ العلمُ باقيًا في الأرض؛ فالناسُ في هُدًى وعلى خير، ومن عبَدَ الله بغير علمٍ كان ما يُفسِدُ أكثرَ مما يُصلِحُ، وما فشَا الشركُ والبدعةُ إلا لقلَّة العلم والبُعدِ عن أهله، والضلالُ ثِمارُ الجهل، ولذا أمرَنا الله بالاستِعاذة من طريق أهل الضلال في كل ركعةٍ من صلاتِنا: {غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَيۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّآلِّينَ}

هو الحكمةُ التي يُؤتِيها الله من يشاءُ من عبادِه، قال الله: {يُؤۡتِي ٱلۡحِكۡمَةَ مَن يَشَآءُۚ وَمَن يُؤۡتَ ٱلۡحِكۡمَةَ فَقَدۡ أُوتِيَ خَيۡرٗا كَثِيرٗاۗ}.

وامتنَّ الله على آدم  عليه السلام، وأظهرَ فضلَه على الملائكة بالعلمِ: {وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلۡأَسۡمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمۡ عَلَى ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ فَقَالَ أَنۢبِـُٔونِي بِأَسۡمَآءِ هَٰٓؤُلَآءِ إِن كُنتُمۡ صَٰدِقِينَ}.

والخضِرُ لما فضَّلَه الله بعلمٍ ليس عند غيرِه، رحلَ إليه نبيُ الله موسى، قال الله:  {فَوَجَدَا عَبۡدٗا مِّنۡ عِبَادِنَآ ءَاتَيۡنَٰهُ رَحۡمَةٗ مِّنۡ عِندِنَا وَعَلَّمۡنَٰهُ مِن لَّدُنَّا عِلۡمٗا}.

وجنودُ سُليمانَ  عليه السلام كان أعلمُهم أقواهم،  {قَالَ ٱلَّذِي عِندَهُۥ عِلۡمٞ مِّنَ ٱلۡكِتَٰبِ أَنَا۠ ءَاتِيكَ بِهِۦ قَبۡلَ أَن يَرۡتَدَّ إِلَيۡكَ طَرۡفُكَۚ}.

وعدَّد الله نعَمَه على رسولِه ﷺ وجعلَ العلمَ من أجلِّها قدرًا، فقال: {وَأَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَيۡكَ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمۡ تَكُن تَعۡلَمُۚ وَكَانَ فَضۡلُ ٱللَّهِ عَلَيۡكَ عَظِيمٗا}.

ولم يأمُره جل وعلا بالاستِزادة من شيءٍ إلا من العلمِ، فقال عز من قائل:  {وَقُل رَّبِّ زِدۡنِي عِلۡمٗا}.

العلمُ ميراثُ الأنبياء، والعلماء ورثة الأنبياء وخيرُ الخلق بعدَهم، وأقربُ الناسِ إليهم، قال ﷺ: «العلماءُ ورثةُ الأنبياء، وإن الأنبياء لم يُورِّثُوا دينارًا ولا دِرهمًا، إنما ورَّثُوا العلم، فمن أخذَ به أخذَ بحظٍّ وافِر».

ولذا استشهَدَ الله سبحانه بأهلَ العلم على أجلِّ مشهود، وهو ألوهيّتُه واستحقاقه للعبادة، فقال: ﵟ {شَهِدَ ٱللَّهُ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ وَٱلۡمَلَٰٓئِكَةُ وَأُوْلُواْ ٱلۡعِلۡمِ قَآئِمَۢا بِٱلۡقِسۡطِۚ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ

وبالعلمِ يُخشَى الله ويُطاع قال الله: {إِنَّمَا يَخۡشَى ٱللَّهَ مِنۡ عِبَادِهِ ٱلۡعُلَمَٰٓؤُاْۗ}  قال الزُّهريُّ  رحمه الله: “ما عُبِد اللهُ بمثلِ العلم”.

العلم نَيلُه خيرٌ وفلاح، ومن أراد الله به خيرًا سلك به سبيلَه قال ﷺ: «من يُرِد الله به خيرًا يُفقِّهه في الدين».  ورفع الله شأن أهل العلم رفعة عظيمة، فلا يستوون مع غيرهم كما لا يستوِي الحيُّ والميِّتُ، قال الله: ﵟ {قُلۡ هَلۡ يَسۡتَوِي ٱلَّذِينَ يَعۡلَمُونَ وَٱلَّذِينَ لَا يَعۡلَمُونَۗ}، وذلك لأن بالعلم حياةَ العباد ونورَهم، قال الله: ﵟ {أَوَمَن كَانَ مَيۡتٗا فَأَحۡيَيۡنَٰهُ وَجَعَلۡنَا لَهُۥ نُورٗا يَمۡشِي بِهِۦ فِي ٱلنَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُۥ فِي ٱلظُّلُمَٰتِ لَيۡسَ بِخَارِجٖ مِّنۡهَاۚ}.  وخصَّ الله أهلَ العلم بتعقُّل أمثال القرآن الكريم وإدراك معانيها، فقال سبحانه: ﵟوَتِلۡكَ ٱلۡأَمۡثَٰلُ نَضۡرِبُهَا لِلنَّاسِۖ وَمَا يَعۡقِلُهَآ إِلَّا ٱلۡعَٰلِمُونَ 43 ﵞ.

الرحمةُ تغشَى مجالِسَ العلم، والسَّكينةُ تتنزَّلُ على أهلها، والملائكةُ تحُفُّهم بأجنحتِها، قال ﷺ: «ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله، ويتدارسونه بينهم، إلا ‌نزلت عليهم السكينة، وغشيتهم الرحمة، وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله فيمن عنده، وإن الملائكةَ لتضَعُ أجنحَتَها رِضًا لطالِبِ العلمِ».  

 

أيها المسلمون: أهلُ العلم بالله وبأمره ونهيِه هم للأمة خيرُ قُدوة، ولعظيم بركتهم على الخلق؛ الكلُّ يُثنِي عليهم ويدعُو لهم، قال ﷺ: «إن اللهَ وملائكتَه وأهلَ السماوات والأراضِين، حتى النَّملة في جُحرها، وحتى الحُوت ليُصلُّون على مُعلِّم الناس الخير». ولذا كانت رفعة العلم هي أجلّ رفعة وأعظمها، قال تعالى:  {يَرۡفَعِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ مِنكُمۡ وَٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَ دَرَجَٰتٖۚ}. ودعا النبيُّ ﷺ لمن يحبُّه أن يكون من أهل العلم، فقال لابن عباسٍ  رضي الله عنهما: «اللهم فقِّهه في الدين». ودعا النبيُّ ﷺ لأهله بالنَّضارة، وهي البهجةُ وحُسن الوجه، والفرحُ، وانشِراحُ الصدرِ، فقال ﷺ: «نضَّر الله امرأً سمِع منَّا شيئًا فبلَّغَه كما سمِع، فرُبَّ مُبلَّغٍ أوعَى من سامِع» ونفعُ العلم يلحَقُ صاحبَه بعد الموت؛ قال نبينا ﷺ: «إذا ماتَ الإنسانُ انقطعَ عملُه إلا من ثلاثة: إلا من صدقةٍ جارِيةٍ، أو علمٍ يُنتفَعُ به، أو ولدٍ صالِحٍ يدعُو له».

الاصطفاء الحقيقي هو اصطفاء العلم والإيمان، ولذا اصطفَى الله سبحانه للعلم أنبياءَه ورُسُلَه ومن شاءَ من خلقِه، فيُوسُف  عليه السلام  قال الله عنه: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُۥٓ ءَاتَيۡنَٰهُ حُكۡمٗا وَعِلۡمٗاۚ}.  

ومُوسى عليه السلام  أُكرِم بذلك، فقال الله: {وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُۥ وَٱسۡتَوَىٰٓ ءَاتَيۡنَٰهُ حُكۡمٗا وَعِلۡمٗاۚﵞ  وقال سبحانه عن داود وسليمان عليهما السلام: ﵟوَكُلًّا ءَاتَيۡنَا حُكۡمٗا وَعِلۡمٗاۚ}.

وذكَّر به عيسى – عليه السلام – فقال: {ٱذۡكُرۡ نِعۡمَتِي عَلَيۡكَ وَعَلَىٰ وَٰلِدَتِكَ إِذۡ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ ٱلۡقُدُسِ تُكَلِّمُ ٱلنَّاسَ فِي ٱلۡمَهۡدِ وَكَهۡلٗاۖ وَإِذۡ عَلَّمۡتُكَ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَٱلتَّوۡرَىٰةَ وَٱلۡإِنجِيلَۖ}.

ومن سلَكَ طريقَ العلم؛ وصلَ إلى الله وإلى الجنةِ من أقربِ الطُّرق وأسهَلِها؛ قال ﷺ: «ومن سلَكَ طريقًا يلتمِسُ فيه علمًا سهَّل الله به طريقًا إلى الجنة».

العلمُ الشرعيُّ حِصنٌ للأمة من الفتن؛ قال الإمام مالكٌ  رحمه الله: “إن أقوامًا ابتغَوا العبادةَ وأضاعُوا العلمَ، فخرجوا على أمةِ محمدٍ ﷺ بأسيافِهم، ولو ابتغَوا العلم لحجَزَهم عن ذلك”. ولعظيم نفعِه وجليلِ بركته؛ جاء الأمرُ بإبلاغِ ولو شيءٍ يسير منه ونشرِه في الآفاق؛ وعدمِ احتقار ذلك قال ﷺ: «بلِّغُوا عنِّي ولو آية». والله أمرَ بسُؤال أهل العلم والرجوعِ إليهم: قال سبحانه: «فَسۡـَٔلُوٓاْ أَهۡلَ ٱلذِّكۡرِ إِن كُنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ».

وكل شيء في الدنيا لا يستحق التحسرَ والغِبطة إلا محسن بعلمه أو ماله؛ قال ﷺ: «لا حسدَ إلا في اثنتَين: رجلٍ آتاه الله مالاً فسلَّطه على هلَكَته في الحقِّ، ورجلٍ آتاه الله حكمةً فهو يقضِي بها ويُعلِّمُها». وقد امتن الله على أهل العلم أعظم منّة، فجعل صُدورَهم مُستنيرةً به، قال الله: {بَلۡ هُوَ ءَايَٰتُۢ بَيِّنَٰتٞ فِي صُدُورِ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلۡعِلۡمَۚ}.

عبادَ الله: إنَّ التعليمَ هوَ رسالةُ الأنبياء، وزكاةُ الأتقياء ولذلك فإن المعلمينَ والمعلمات يجلسونَ مجالسَ الملوك، فهم صنَّاعُ المجد، وبُنَاةُ الأمل، ومنارةُ الحضارات:

أَعلِمتَ أشرفَ أو أجلَّ من الذي *** يبني ويُنشىءُ أنفسًا وعقولًا!

إنَّه لا مناصَ للأممِ التي ترومُ أن تتبوأَ الصدارة، منَ العنايةِ بالتعليم، ولا مفرَ لبناءِ الأفرادِ منَ التعليم، ولا طريقَ لتشييدِ الحضاراتِ سوى طريقِ العلمِ والمعرفة. إنَّ بناءَ الأممِ إنما يكونُ ببناءِ الفردِ الذي هوَ نواةُ المجتمع، ولا سبيلَ إلى بنائِه إلا منْ خلالِ التعليم.

أيها المعلمون: التعليمُ أمانةٌ وليسَ مجردَ وظيفة، ورسوخُ هذا المبدأِ في ذهنِ المعلمِ يبعثُه على أداءِ الأمانةِ على وجهها الأكمل، فيا أيها المعلم: أَنْتَ رَاعٍ فِي مَدْرَسَتِكَ وَقَاعَتِكَ، وَمُؤْتَمَنٌ عَلَى قَوْلِكَ وَتَوْجِيهِكَ، فَكَلِمَاتُكَ الَّتِي تُهْدِيهَا لِطُلَّابِكَ هِيَ بِنَاءٌ وَغِرَاسٌ، فَاكْسُ لِكَلِمَاتِكَ أَصْدَقَهَا وَأَحْسَنَهَا، وَانْتَقِ لِعِبَارَاتِكَ أَلْطَفَهَا وَأَطْيَبَهَا، وَتَيَقَّنْ أَنَّ الْكَلِمَةَ الطَّيِّبَةَ تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا.فَأُمَّتُكَ بِحَاجَةٍ إِلَى بِنَاءِ جِيلٍ قَوِيٍّ فِي إِيمَانِهِ وَعِلْمِهِ، وَتَفْكِيرِهِ وَهِمَّتِهِ، وَأَنْتَ أَحَدُ مَنْ يَصْنَعُ هَذَا الْجِيلَ، فَالْحِمْلُ ثَقِيلٌ، وَالْأَمَانَةُ عَظِيمَةٌ، وَإِنْ رَأَيْتَ مِنْ طُلَّابِكَ انْحِرَافًا أَوْ تَقْصِيرًا أَوْ بُعْدًا، فَلَا تُلْقِ اللَّائِمَةَ عَلَى غَيْرِكَ، مِنْ فَسَادِ زَمَانٍ أَوْ إِعْلَامٍ، أَوْ تَقْصِيرٍ فِي بَيْتٍ، فَهُنَا يَأْتِي دَوْرُكَ لِتُقَوِّمَ الْمِعْوَجَّ، وَتَجبُرَ الْمُنْكَسِرَ، فَاسْتَعِنْ بِاللَّهِ وَلَا تَعْجَز «وَلَأَنْ يَهْدِيَ اللَّهُ بِكَ رَجُلًا وَاحِدًا خَيْرٌ لَكَ مِنْ حُمُرِ النَّعَمِ».   

وَأَخِيرًا: يَا مُعَلِّمِينَا: إِنَّكُمْ عَامِلُونَ، فَمَسْؤُولُونَ عَنْ أَعْمَالِكُمْ، فَمَجْزِيُّونَ مِنَ اللَّهِ، وَمِنَ الْأُمَّةِ، وَمِنَ الْجِيلِ الَّذِي تَقُومُونَ عَلَيْهِ كَيْلًا بِكَيْلٍ، وَوَزْنًا بِوَزْنٍ، فَإِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَلِأُمَّتِكُمْ وَلِلْمُسْتَقْبَلِ، وَلَكُمْ مِنَ اللَّهِ الثَّوَابُ وَالْأَجْرُ، قَالَ اللَّهَ تَعَالَى: ﵟ {إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجۡرَ مَنۡ أَحۡسَنَ عَمَلًا} ثم صلّوا وسلّموا على خير من علّم البشرية، وقدوتِنا في العلم والعمل، فقد أمركم ربكم بذلك فقال جل شأنه: {إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَٰٓئِكَتَهُۥ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِيِّۚ يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيۡهِ وَسَلِّمُواْ تَسۡلِيمًا

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم..


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

دروس من محنة وكيع بن الجراح

منذ حوالي ساعة وكيع بن الجراح بن مليح الرؤاسي، أبو سفيان الكوفي، الإمام وأحد الأعلام. …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *