الصلاة خلف غلاة الصوفية – خالد عبد المنعم الرفاعي

منذ حوالي ساعة

السؤال:

 في مسجد قريب منا إمام المسجد تطلعت على عقيدته اذ به يجوز الاستعانة بالاموات والتبرك بالقبور ويقول الله عز وجل لا مكان له ودائما ما يفعل طقوس تربطه بشيخه في المسجد لا يقبل احد حضورها الا ان يتوب على يد شيخه وبعدما تبين لنا عقيدته اردنا مناقشته على إنفراد واذا به استكبر وقال هذه الافكار الوهابية اعلمها جيدا ولا تلزمني وكل ما اردنا ان نرشده زاد استكبار وبدء يطعن باهل السنة في الخطب. فهل تجوز الصلاه خلفه؟ مع العلم تبين لنا اغلب مساجدنا على نفس العقيدة بسبب منع النظام السابق للدعوة السلفية.

الإجابة:

 الحمدُ لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله وصَحْبِه ومَن والاه، أمَّا بعدُ:

فالذي يظهر أن الإمام المذكور من الصوفية القبورية التي تصرف بعض العبادات لغير الله كالاستغاثة بالأموات والغائبين، ودعائهم، والاستنصار بالأولياء، وكلها من أفعال المشركين، وهي من أكبر سمات المشركين عبدة الأوثان؛ قال ابن عباس: كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام، ثم ظهر الشرك بسبب تعظيم قبور صالحيهم، وفي صحيح البخاري عند قوله تعالى: {وَقَالُوا لَا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلَا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلَا سُوَاعًا وَلَا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا }[نوح: 23]، قال ابن عباس: “أن هؤلاء كانوا قومًا صالحين في قوم نوح، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم فعبدوهم”.

والقرآن العظيم مليء بذم هذا النوع من الشرك؛ كما في قوله تعالى: {قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِهِ فَلَا يَمْلِكُونَ كَشْفَ الضُّرِّ عَنْكُمْ وَلَا تَحْوِيلًا* أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُورًا}[الإسراء: 56، 57]، وقال عزّ وجل: {أَيُشْرِكُونَ مَا لَا يَخْلُقُ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ* وَلَا يَسْتَطِيعُونَ لَهُمْ نَصْرًا وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ*وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لَا يَتَّبِعُوكُمْ سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ* إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ عِبَادٌ أَمْثَالُكُمْ فَادْعُوهُمْ فَلْيَسْتَجِيبُوا لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ* أَلَهُمْ أَرْجُلٌ يَمْشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَيْدٍ يَبْطِشُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ أَعْيُنٌ يُبْصِرُونَ بِهَا أَمْ لَهُمْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا قُلِ ادْعُوا شُرَكَاءَكُمْ ثُمَّ كِيدُونِ فَلَا تُنْظِرُونِ* إِنَّ وَلِيِّيَ اللَّهُ الَّذِي نَزَّلَ الْكِتَابَ وَهُوَ يَتَوَلَّى الصَّالِحِينَ* وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَطِيعُونَ نَصْرَكُمْ وَلَا أَنْفُسَهُمْ يَنْصُرُونَ)}[الأعراف: 191 – 197].

هذا؛ وقد اختلف أهل العلم في الصلاة خلف أهل البدع ما لم تكن البدعة مكفرة، فإذا كانت بدعته مكفرة فلا يجوز الصلاة خلفه؛ لأنه لا يكون مسلماً، ووإمام الصلاة يجب أن يكون مسلمًا، إذا كانت البدعة مكفرة فالصلاة خلفه باطلة.

جاء في “مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى”: (1/ 654): ” و(لا) تصح الصلاة خلف (كافر)، ولو كان كفره ببدعة مكفرة، سواء علم كفره أو جهل؛ لأنه لا تصح صلاته لنفسه، فلا تصح لغيره، وسواء كان أصليًا أو مرتدًا”. اهـ.

مجموع الفتاوى (3/ 280): “ما زال المسلمون من بعد نبيهم يصلون خلف المسلم المستور، ولكن إذا ظهر من المصلي بدعة أو فجور وأمكن الصلاة خلف من يعلم أنه مبتدع أو فاسق، مع إمكان الصلاة خلف غيره= فأكثر أهل العلم يصححون صلاة المأموم، وهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة وهو أحد القولين في مذهب مالك وأحمد. وأما إذا لم يمكن الصلاة إلا خلف المبتدع أو الفاجر كالجمعة التي إمامها مبتدع أو فاجر وليس هناك جمعة أخرى فهذه تصلى خلف المبتدع والفاجر عند عامة أهل السنة والجماعة. وهذا مذهب الشافعي وأبي حنيفة وأحمد بن حنبل وغيرهم من أئمة أهل السنة بلا خلاف عندهم. وكان بعض الناس إذا كثرت الأهواء يحب أن لا يصلي إلا خلف من يعرفه على سبيل الاستحباب كما نقل ذلك عن أحمد أنه ذكر ذلك لمن سأله. ولم يقل أحمد إنه لا تصح إلا خلف من أعرف حاله. ولما قدم أبو عمرو عثمان بن مرزوق إلى ديار مصر – وكان ملوكها في ذلك الزمان مظهرين للتشيع، وكانوا باطنية ملاحدة؛ وكان بسبب ذلك قد كثرت البدع وظهرت بالديار المصرية – أمر أصحابه أن لا يصلوا إلا خلف من يعرفونه لأجل ذلك”.

وقد سئلت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء رقم الفتوى: (1314)

هل تجوز الصلاة خلف الإمام المبتدع ؟

فأجابت: “إذا وجدت إمامًا غير مبتدع فصل معه ولا تصل مع المبتدع، وإذا لم تجد إمامًا غير المبتدع فإنك تنصحه، فإن قبل النصح جازت الصلاة خلفه، وإذا لم يقبل النصح وكانت بدعته مكفرة – كمن يستغيث بغير الله أو يدعو غيره، أو يذبح لغير الله فهذا شرك أكبر – لا تصح الصلاة خلفه، ولا يصح جعله إمامًا، وإذا كانت بدعته غير مكفرة صحت الصلاة خلفه: مثل التلفظ بالنية؛ كقوله: نويت أن أصلي”.

وكذلك أفتى الشيخ العثيمين (15/ 135) كما في “مجموع فتاوى ورسائل” أن الصلاة خلف أهل البدع المكفرة لا تصح؛ لأنهم كفار لا تقبل صلاتهم عند الله فلا يصح أن يكونوا أئمة المسلمين”. اهـ.

إذا تقرر هذا فالواجب البحث عن إمام آخر للصلاة خلفة، لبطلان الصلاة خلف المستغيث بغير الله، لأن الكفر إنما يكون في المسائل الجلية الظاهرة، كإنكار ما علم من الدين ضرورة، أو بإنكار الأحكام المتواترة والمجمع عليها ونحو ذلك، ولأن النهي عن المنكر من أظهر واجبات الشريعة،،، والله أعلم.


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

الافلام الاباحية و مفهوم الإصرار على المعصية – خالد عبد المنعم الرفاعي

السؤال: السلام عليكم فضيلة الشيخ، قرات في موقعكم ان الاصرار على مشاهدة الافلام الاباحية من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *