‏أخي المبتلى – أحمد بن ناصر الطيار

منذ حوالي ساعة

جربتُ كلّ شيء من الأعمال والأخلاق والطرق لضبط نفسي وكبح جماحها عند هجوم البلاء والمصائب، فما وجدت أفضل وأنفع – بعد توفيق الله – من الصبر.

جربتُ كلّ شيء من الأعمال والأخلاق والطرق لضبط نفسي وكبح جماحها عند هجوم البلاء والمصائب، فما وجدت أفضل وأنفع – بعد توفيق الله – من الصبر.
وصدق النبي ﷺ: «ما أُعطي أحدُ عطاًء خيرًا وأوسع من الصبر».

حتى قال ابن القيم رحمه الله: “لو علم العبد الكنز الذي تحت هذه الأحرف الثلاثة (الصبر) لما تخلّف عنه.
إنّ الذي يصبر على ما يصيبه من مرض أو ظلم ابتغاء وجه الله يكرمه الله بكرامات منها:
الكرامة الأولى: تكفير السيئات ومغفرتها، قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ما يصيب المسلمَ من نصَب ‌ولا ‌وصَب ولا همّ ولا حزن ولا أذىً ولا غمّ، حتى الشوكة يشاكها إلا كفَّر الله بها من خطاياه». 
الكرامة الثانية: اللذة والمتعة والأنس في الدنيا، وهي جنّةٌ معجلة، حتى كان بعض السلف إذا فُتح له في الدعاء عند الشدائد لم يحب تعجيل إجابته خشية أن ينقطع عما فتح له.

 وقال بعض السَّلف: “يا ابن آدم، لقد بورك لك في حاجةٍ أكثرتَ فيها قرعَ باب سيِّدك”.
الكرامة الثالثة: اللذة والمتعة والأنس في الجنة خالدًا مُخلّدًا فيها, {جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ وَالْمَلائِكَةُ يَدْخُلُونَ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ بَابٍ (23) سَلامٌ عَلَيْكُمْ بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ (24)}.
فيالها من لذة والله، ويالها من سعادة وهناء وفرح يوم أنْ تُزفّ إلى جنةٍ عرضها السماوات والأرض، ويدخل معك من صلح من آبائك وأهلك وذريتّك، وترى الملائكة واقفين على أبواب الجنة يحيّونك ويسلّمون عليك جزاءَ صبرك على تلك المصائب والآلام التي أكرمك الله بها في الدنيا.

أيّ فرحة ستفرحها على تلك المصائب التي صبرت عليها ورضيت بربك الذي قدّرها عليك، وأنت تُرفع درجات في الجنة بسببها، وترى بعينك القصور والجنان والأنهار والعيون الجارية جزاءَ صبرك عليها.
فالمصائب – أخي المبتلى – هي من أعظم النعم عليك، وهي علامةٌ على أنّ الله أراد بك خيرًا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من يُرد الله به خيرًا يُصِبْ منه». 
ووالله لمصيبةٌ تُقْبِلُ بك على الله خيرٌ لك من نعمةٍ تُنْسِيك ذكرَ الله.

ولو لم تكن المصائبُ والمحنُ خيرًا ونعمةً للمؤمن لَمَا أمَر النبيّ صلى الله عليه وسلم المرأةَ التي جاءته تشتكي من الصرع ليدعو الله لها بالشفاء، فقال لها: إن شئت صبرت ولك الجنة، وإن شئت دعوت الله أن يعافيك.
فلم تتردّد في أنْ تصبر على مرَضِها مادام أنّ ثوابَ صبرِها الجنة، فقالت: أصبر، ثم طلبت منه أن يدعو الله لها أن لا تتكشّف، فدعا لها. 
والنبيّ صلى الله عليه وسلم قد بلغ الغاية في الشّفقة على المؤمنين والرّحمة بهم كما قال تعالى عنه: {لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ ‌بِالْمُؤْمِنِينَ ‌رَءُوفٌ رَحِيمٌ}.
ومع ذلك اختار أن تعيش طول عمرها في هذا الألم الشديد، والمكابدة على هذا المرض والدّاء العضال, ودعوةٌ منه لربّه – صلوات الله وسلامه عليه – تخلّصها من مرضها وآلامها؛ لعِلْمه بفضل وأجر ومنزلة الصبر على البلاء والمصائب والأمراض.
فاصبر – أخي المبتلى – واشكر الله على هذه النعمة العظيمة.


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

لا تبديل لخلق الله – طريق الإسلام

للشيطان سبل متعددة ومنهجيات كثيرة، استخدمها في تاريخه الطويل، وتجاربه المتنوعة في إغواء وإضلال البشرية، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *