منذ حوالي ساعة
فإذا صبر المعلّم، ورفق الموجّه، وتواضع الناصح، انكشفت غشاوة التجهيل، وأثمرت الأرض التي ظنّها الناس قاحلة.
– حين تُغلق أبواب الوعي لعقود، ويُمارس التجهيل على الناس حتى يختلط عليها الحق بالباطل، فيصبح الباطل عادةً تُمارس، ومحبّةً تُغذّى، وثقافة سائدة، فينشأ عليها الصغير ويشيخ عليها الكبير، عندها لا تنفع الكلمات القاسية، ولا التحذيرات الجافة، بل يكون الطريق إلى الهداية ممهداً بالصبر والرحمة.
– فصاحب الحق الحكيم هو الذي يفهم سنن التغيير، فيدرك أن القلوب التي عاشت زمناً في الظلمة لا تحتمل نور الشمس دفعة واحدة، بل تحتاج إلى قبس يسير، ثم قبس آخر، حتى تعتاد البصيرة الإبصار.
– من المهم أن يأتي الداعية معلِّماً قبل أن يكون مُحذِّراً، محبِّباً لا منفِّراً، عاذراً لا معيراً، يقدِّم الحق في قوالب الرحمة، ويلبسه ثوب الحكمة، حتى يتذوقه الناس بلا جفوة ولا رهبة.
ومن المهم أن يعلم أن التغيير مسار طويل، فيرضى من الناس بالقليل، وإن كان الخطو بطيئاً، ويأخذ بأيديهم بالتدرج، فيربّيهم على الحق كما يُربّى الغرس الصغير: بالسقي الدائم، والظلّ الوارف، والرعاية المستمرة.
وما أحوج الداعية إلى رفقٍ يفتح القلوب قبل العقول، وصبرٍ يزرع الثبات في نفسه قبل غيره، ونظرةٍ رحيمة ترى في الجاهل ضحية لا خصماً، وفي المنحرف مريضاً لا عدواً.
فإذا صبر المعلّم، ورفق الموجّه، وتواضع الناصح، انكشفت غشاوة التجهيل، وأثمرت الأرض التي ظنّها الناس قاحلة.
فكم من حق تُرك لسوء خلق حملته، وكم من علم زُهد فيه لقلة حكمة معلمه، وليتهم استحضروا قول الله تعالى : {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَة}، أو تركوا التعليم والدعوة لأهل الحكمة ومكارم الأخلاق.
_________________________________________
الكاتب: سعد الشمري
Source link