منذ حوالي ساعة
خير الدُّعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلتُ أنا والنَّبيون من قبلي: (لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيءٍ قدير)”
لقد هل اليوم المشهود الذي ينتظره المسلمين في كل بقاع الأرض فهو يوم عيد ليس مثل كل الأيام فعَنْ عُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، أَنَّ رَجُلًا، مِنَ اليَهُودِ قَالَ لَهُ: يَا أَمِيرَ المُؤْمِنِينَ، آيَةٌ فِي كِتَابِكُمْ تَقْرَءُونَهَا، لَوْ عَلَيْنَا مَعْشَرَ اليَهُودِ نَزَلَتْ، لاَتَّخَذْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ عِيدًا. قَالَ: أَيُّ آيَةٍ؟ قَالَ: {اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا{[المائدة:3] قَالَ عُمَرُ: قَدْ عَرَفْنَا ذَلِكَ اليَوْمَ، وَالمَكَانَ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ عَلَى النَّبِيِّ (صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)، وَهُوَ قَائِمٌ بِعَرَفَةَ يَوْمَ جُمُعَةٍ.
ويوم عرفة هو اليوم المشهود الذي يشهده المسلمين بالتكبير، والتهليل، والتحميد، والذكر والدعاء، والصيام لغير الحاج، ويشهده الملائكة حيث يقول الله تعالى: {وَالْيَوْمِ الْمَوْعُودِ (2) وَشَاهِدٍ وَمَشْهُودٍ}[البروج:2-3].
و عَنْ جَابِرٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «وَمَا مِنْ يَوْمٍ أَفْضَلُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، يَنْزِلُ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيُبَاهِي بِأَهْلِ الْأَرْضِ أَهْلَ السَّمَاءِ، فَيَقُولُ: انْظُرُوا إِلَى عِبَادِي شُعْثًا غُبْرًا ضَاحِينَ جَاءُوا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ لَمْ يَرَوْا رَحْمَتِي، وَلَمْ يَرَوْا عَذَابِي، فَلَمْ أَرَ يَوْمًا أَكْثَرَ عَتِيقًا مِنَ النَّارِ مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ».
وهو اليوم الذي آوى فيه أدم إلى صعيد عرفة يوم التاسع من ذي الحجة، وأخرج الله من صلبه كل نسمة قدرها، وأخذ عليهم الميثاق أنه المعبود الحق، وأنه رب كل شيء ومليكه، وحذرهم من مغبة الغفلة عن عبادته والشرك به فَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ ( رضي الله عنهما ) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم): «أَخَذَ اللهُ الْمِيثَاقَ مِنْ ظَهْرِ آدَمَ بِنَعْمَانَ –يَعْنِي عَرَفَةَ– فَأَخْرَجَ مِنْ صُلْبِهِ كُلَّ ذُرِّيَّةٍ ذَرَأَهَا، فَنَثَرَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ كَالذَّرِّ ثُمَّ كَلَّمَهُمْ قُبُلًا فَقَالَ» {وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ ۖ قَالُوا بَلَىٰ ۛ شَهِدْنَا ۛ أَن تَقُولُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَٰذَا غَافِلِينَ * أَوْ تَقُولُوا إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ ۖ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ}[الأعراف:173].
وهو اليوم الأكثر عتقًا من النار حيث قَالَتْ عَائِشَةُ(رضي الله عنها): إِنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا مِنْ يَوْمٍ أَكْثَرَ مِنْ أَنْ يُعْتِقَ اللهُ فِيهِ عَبْدًا مِنَ النَّارِ، مِنْ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَإِنَّهُ لَيَدْنُو، ثُمَّ يُبَاهِي بِهِمِ الْمَلَائِكَةَ، فَيَقُولُ: مَا أَرَادَ هَؤُلَاءِ» ؟.
ويوم عرفة يذل فيه الشيطان حيث أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَا رُئِيَ الشَّيْطَانُ يَوْمًا، هُوَ فِيهِ أَصْغَرُ وَلَا أَدْحَرُ وَلَا أَحْقَرُ وَلَا أَغْيَظُ، مِنْهُ فِي يَوْمِ عَرَفَةَ. وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِمَا رَأَى مِنْ تَنَزُّلِ الرَّحْمَةِ، وَتَجَاوُزِ اللَّهِ عَنِ الذُّنُوبِ الْعِظَامِ، إِلَّا مَا أُرِيَ يَوْمَ بَدْرٍ». قِيلَ وَمَا رَأَى يَوْمَ بَدْرٍ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: «أَمَا إِنَّهُ قَدْ رَأَى جِبْرِيلَ يَزَعُ الْمَلَائِكَةَ».
ولهذا اليوم فضائل كثيرة فينبغي للمسلم العاقل أن لا يفوت عليه عظم الأجر فقد سن الرسول (صلى الله عليه وسلم) التكبير في العشر الأول من ذي الحجة، وأكد على استحبابه من فجر يوم عرفة إلى قبيل غروب شمس أخر يوم أيام التشريق وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ (رضي الله عنهما) قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ (صلى الله عليه وسلم): «مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللهِ وَلَا أَحَبُّ إِلَيْهِ الْعَمَلُ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنْ التَّهْلِيلِ، وَالتَّكْبِيرِ، وَالتَّحْمِيدِ».
وينبغي للمسلم أن يكثر الدعاء في يوم عرفة لما له من فضل عظيم عَنْ طَلْحَةَ بْنِ عُبَيْدِاللهِ بْنِ كَرِيزٍ؛ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «أَفْضَلُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ. وَأَفْضَلُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ».
وعَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «خَيْرُ الدُّعَاءِ دُعَاءُ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَخَيْرُ مَا قُلْتُ أَنَا وَالنَّبِيُّونَ مِنْ قَبْلِي: لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، لَهُ المُلْكُ وَلَهُ الحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ».
ويستحب الصيام في يوم عرفة لغير الحاج عن أَبِي قَتَادَةَ يَبْلُغُ بِهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ «صَوْمُ يَوْمِ عَرَفَةَ كَفَّارَةُ سَنَةٍ وَالَّتِي تَلِيهَا…».
والكثير من الأعمال الصالحة التي ممكن أن يقوم بها المسلم منها الصدقة ولو بشربة ماء يقدمها على قدح؛ لتشرب منه هرة، وتفريج الكربات، وإدخال السعادة في قلب المسلمين، وتلاوة القرآن وغيرها من الأعمال الصالحة الجالبة للخيرات.
فلا تكن من الغافلين في هذا اليوم الفضيل فلا تحرم نفسك الأجر العظيم وتضيعه في الانشغال بالأسواق، والتنظيف وإعداد الحلوى الذي يستغرق وقت أكثر بكثير من ساعات نهار يوم عرفة.. كن عاقل واغتنم هذه الفرصة وضع لك ولعائلتك جدول يشجع بعظكم البعض على التكبير والتهليل والتحميد، والصلاة جماعة وتلاوة القرآن والذكر والدعاء والصيام فكلما شعرت بالتعب تذكر أنه يوم عرفة يوم تحل فيه البركة والكثير من الخير فلا تحرم نفسك من أجر العمل الصالح فيه.
رحم الله قارئًا دعا لي ولوالدي بالعفو والمغفرة {اللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}[يوسف:21].
________________________________________________
المصادر:
*الجامع المسند الصحيح المختصر من أمور رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه وأيامه (صحيح البخاري) لـ محمد بن إسماعيل المشهور بالبخاري.
* موطأ الإمام مالك لمالك بن أنس الأصبحي المدني.
* المسند الصحيح المختصر بنقل العدل عن العدل إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لمسلم النيسابوري.
*سنن الترمذي لمحمد بن عيسى الترمذي.
*الجامع الصحيح للسنن والمسانيد لصهيب عبدالجبار.
*مسند أبي يعلي لأحمد التميمي المشهور بالموصلي.
*السنن الكبرى لأحمد الخراساني المشهور بالبيهقي.
*فضل يوم عرفة وما يستحب العمل فيه للأستاذ الدكتور سلمان الداية.
_________________________________________________________
الكاتب: ريما محمد عمر زنادة
Source link