ماهو الحكم إذا كان الإنسان عليه جنابة في البرية وهو في مخيم وكان الجو بارداً ولديه ماء واستيقظ قبل طلوع الشمس بربع ساعه تقريبا وعنده استطاعة على الوضوء فقط ويعجز عن الاغتسال لبرودة الجو فهل له أن يتيمم بحيث يتوضأ لبعض الأعضاء أو يكفيه التيمم فقط ؟ ولكم جزيل الشكر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فمن استيقظ جنباً قبل طلوع الشمس، وعجز عن الاغتسال لبرودة الماء، فهذا لا يخلو من حالين:
الأول: أن يوجد معه ما يسخن به الماء، فيلزمه ذلك ولو أدى إلى خروج الوقت على الراجح من قولي العلماء.
لأنه إنما خوطب بالصلاة عند استيقاظه، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنه ليس في النوم تفريط، إنما التفريط في اليقظة، فإذا نسي أحدكم صلاة أو نام عنها فليصلها إذا ذكرها» (رواه أصحاب السنن).
وإذا كان إنما أمر بها بعد الانتباه من النوم فعليه أن يفعلها بحسب ما يمكن من الطهارة المعتادة، فيكون فعلها بعد طلوع الشمس فعلاً في الوقت الذي أمر الله بالصلاة فيه.
ولأنه واجد للماء فلا يعدل عنه إلى التيمم.
الحال الثاني: أن لا يوجد معه ما يسخن به الماء، وخشي الضرر باستعمال الماء البارد، فيكفيه التيمم، ولا يحتاج معه إلى الوضوء، لقيام التيمم مقام الغسل، وهو كاف لرفع الحدثين الأكبر والأصغر.
والدليل على مشروعية التيمم عند شدة البرودة، ما رواه أحمد وأبو داود عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أنه لما بعثه الرسول صلى الله عليه وسلم في غزوة ذات السلاسل قال: احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد فأشفقت إن اغتسلت أن أَهْلِكَ، فتيممت ثم صليت بأصحابي صلاة الصبح، فلما قدمنا على الرسول صلى الله عليه وسلم ذكرت ذلك له، فقال: «ياعمرو صليت بأصحابك وأنت جنب»؟ قلت: نعم يا رسول الله، إني احتلمت في ليلة باردة شديدة البرد، فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك، وذكرت قول الله {ولا تقتلوا أنفسكم إن الله كان بكم رحيماً} فتيممت ثم صليت، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئاً.
والحديث صححه النووي والألباني، وقواه ابن حجر.
والله أعلم.
Source link