من المؤسف أن عدداً كبيراً من الأمهات لا يهتممن بإسداء النصح والإرشاد إلى بناتهن وقد يمتد ذلك إلى المراحل الحرجة من أعمارهن.. إما حياءً أو تقصيراً أو إهمالاً.. ولا يدركن أنهن بذلك يمكن أن يحكمن على بناتهن بالشقاء أو العقد النفسية وغيرها مدى الحياة فيكن سبباً في تعاستهن.
من المؤسف أن عدداً كبيراً من الأمهات لا يهتممن بإسداء النصح والإرشاد إلى بناتهن وقد يمتد ذلك إلى المراحل الحرجة من أعمارهن.. إما حياءً أو تقصيراً أو إهمالاً.. ولا يدركن أنهن بذلك يمكن أن يحكمن على بناتهن بالشقاء أو العقد النفسية وغيرها مدى الحياة فيكن سبباً في تعاستهن.
فمن المفترض على الوالدين أن يولوا أبناءهم الكثير من الاهتمام خاصة في المراحل الحساسة من أعمارهم، وعلى الأم أن تصادق ابنتها في سن المراهقة الحرجة، وأن ترفع الكلفة معها في حدود الاحترام الواجب، وأن تقوم بدورها لتبصيرها دون خدش لحيائها، وتعلمها كيفية الحفاظ على نفسها وتزرع فيها الثقة بنفسها، وتجعلها تدرك أنها هي وحدها المسئولة عن صيانة نفسها، والحفاظ على شرفها وعفافها.
وعليها مراقبتها وإرشادها إلى الطريق السوي وتقوية الجوانب الدينية لديها، وتربيتها على مراقبة الله في السر والعلن والارتباط بالرفقة الصالحة والجماعة المؤمنة، فهذا بحد ذاته يؤدي بإذن الله إلى حرص الفتاة على تجنب مواطن الفساد , ويدعوها إلى الاتجاه إلى العفة والتسامي.
ورسالتي إلى كل أم أن تتقي الله في بناتها وتتنبه إلى احتياجاتهن العقلية والفطرية والجسدية والتربوية. وأن تراعي بعض الأمور عند توجيهها لبناتها التوجيه الصحيح خاصة في فترات نموهن الحرجة ومنها ما يلي:
• عندما تصل الفتاة إلى سن الفهم والإدراك تحتاج الأم إلى أن تعّرف لها هويتها الجنسية، وأنها أنثى، وأنها لا بد أن تحافظ على هذه الهوية، وذلك بأن لا تعبث بأعضائها التناسلية ولا تسمح للآخرين من العبث بها. فمعظم المشاكل التي تحدث في هذا المضمار تكون نتيجة الجهل وقلة الرقابة وسوء التربية.
• فلو تعرضت الفتاة لمواقف التحرش الجنسي من قبل المحيطين بها فكيف يمكنها أن تتعامل معه أو مع هذا الموقف وهي لا تدرك خطورة هذا الأمر ولم تنبه له ؟ لذا من المهم أنه منذ الصغر على الأم أن توضح لها هويتها الجنسية وتبين لها ضرورة المحافظة على تصرفاتها وسلوكياتها.
• يجب على الأم تهيئة ابنتها لمواجهة مظاهر النمو الفسيولوجي الطبيعي لجسمها وذلك بأن تشرح لها – حسب سنها – مظاهر التغير والبلوغ الذي سيطرأ عليها حتى لا تشعر بالحرج أو الارتباك أو القلق عندما تواجه هذه المظاهر.
• فعندما لا تعي الطفلة هذه الأمور ستبدأ في استكشاف المناطق المختلفة في جسدها حينما تظهر هذه العلامات لديها، وقد تؤذي نفسها دون أن تدري, لذا فـإن مسئولية إرساء هذه المبادئ وتوضيح هذه العلامات والمعلومات لدى الفتيات تقع على الأم أو على من يستطيع مناقشة مثل هذه الأمور الحساسة من أفراد عائلتها.
• على الأم توجيه الفتاة منذ صغرها بأن لا تقوم بأية ممارسات خاطئة كلمس أعضائها التناسلية بشكل متكرر أو ملحوظ، أو اللعب بها. وهذه من الأمور والسلوكيات الشاذة التي يلجأ إليها الكثير من الأطفال خاصة عند غياب التوجيه الأسري اللازم.
• من المهم أن نعرف أن قضية الثقافة الجنسية ليست مسؤولية الأم فقط لأنها قد تكون غير مؤهلة لذلك، ولكن المسؤولية تقع على الأسرة بأكملها ويمكن أن يقوم بذلك الأخت الكبرى الواعية، أو الخالة أو العمة أو من يوثق بهم وبخبرتهم وبعقليتهم التربوية من الأقارب أو الأصدقاء.
• على الأم تعليم ابنتها كيفية تنظيف المناطق التناسلية منذ الصغر؛ لأن هذه المناطق لها خصوصيتها وحرمتها، ويجب معرفة كيفية التعامل معها بعناية.
• التعامل مع تساؤلات الأطفال بشكل جدي وعدم التهاون بها وأخذها بعين الاعتبار، فمن الملحوظ أن الكثير من الأمهات تتبع سياسة القمع إذا ما سألتها ابنتها أي سؤال محرج أو أي سؤال لا تستطيع الرد عليه. فلا تحصل الطفلة على الجواب المناسب. والطامة الكبرى أنها لا تسمع سوى عبارات معينة “هذا عيب” “هذا خطأ” “لا تسألي عن هذا الموضوع مرة أخرى” وتتوالى عليها عبارات التعنيف والتوبيخ، فتضطر الفتاة إلى البحث عن الإجابة من مصادر أخرى، فتقع فيما لا يحمد عقباه. وذلك لأن الطفل لديه حب الاستطلاع بشكل كبير جداً.. وخصوصاً للأشياء التي يحاول الأهل أو المجتمع إخفاءها وعدم تداولها. لهذا تجد الطفل يبحث عنها ويقبلها من أجل التعرف عليها، لأنه يريد أن يعرف ما هو السبب الذي جعل المجتمع يرفض هذه الأمور.. لذا على كل أم أن تراعي هذه النقطة وتحاول أن تجيب ابنتها على تساؤلاتها مهما كانت، ولكن في حدود الأدب والمعقول، وعليها أن تبسط لها الإجابة وتجعلها وافية كافية حسب عمرها لكي لا تضطر للبحث عن الجواب بطريقة غير مناسبة. لكن المشكلة أننا نلاحظ أن بعض الأمهات يقعن في حرج كبير عندما يردن أن يخبرن أبناءهن بأبسط المعلومات الجنسية، بسبب الخجل أو الحياء الزائد لديهن، ولكن على كل أم أن تدرك أن الصعوبة ستكمن لديها في البداية فقط ولكن حينما تبدأ الأم مع ابنتها في تناول هذا الموضوع بشيء من الخصوصية بعيدا عن بقية الأهل، وبعد أن تشرح لها الأساسيات الضرورية التي يجب عليها أن تعرفها دون أن تتخطى الحدود، سيسهل عليها فيما بعد أن تتفاعل مع تساؤلات ابنتها وترد عليها كما يجب بطريقة سهلة وبسيطة، ولكن من المفترض أن يكون لدى الأم الوعي والمعرفة الكافية بالمعلومات والثقافة الجنسية الصحيحة التي يجب أن تنقل للأطفال دون إفراط أو تفريط.
• من الأساليب الناجحة للإجابة على أسئلة الأبناء هي إتباع سياسة الإجابة بطريقة بسيطة مع تأجيل التفاصيل لوقت آخر حتى تصل لسن معينة، ويمكن أن تتبع الأم سياسة قص القصص الهادفة لكي ترسخ لدى ابنتها المبادئ المطلوبة والتوجهات البناءة حتى لا تعرضها لمصيدة الاستكشاف الممقوتة، فتكتسب معلوماتها من الشارع، أو من زميلات المدرسة، أو الإعلام، أو غيرها.
• من المهم أن تعرف كل أم أن الجهل الجنسي المطلق لدى ابنتها قد يحفزها على الحصول على معرفة هذا الجانب من مصادر خفية، أو عن طريق الأفلام الإباحية أو غيرها، وقد تكون النتيجة الحصول على معلومات خاطئة أو الوقوع في تجارب غير مشروعة. لتحصل على كم من الخبرات قد تؤدى إلى الانحراف الجنسي أو الاضطراب النفسي، أو الاستغراق الطويل في أحلام اليقظة. لذا على كل أم أن تزود ابنتها بالمعلومات الضرورية الصحيحة اللازمة عن ماهية النشاط والسلوك الجنسي وإكسابها التعاليم الدينية والمعايير الاجتماعية والقيم الأخلاقية الخاصة بالسلوك الجنسي لتقيها -بإذن الله- من أخطار التجارب الجنسية غير المسؤولة قبل الزواج، والتي يمكن أن تحاول خلالها استكشاف المجهول أو المحظور بدافع الفضول أو الرغبة.
• على الأم ألا تعتمد أبداً على أن ابنتها تعرف جيداً بأنها من عائلة محافظة وملتزمة، وان هذا الالتزام يمنعها من الحديث في أي موضوع يتعلق بالأمور الجنسية، لأنها قضية حساسة جداً، بل عليها أن توليها اهتمامها وتحاول أن تكسبها الخبرة الصالحة التي تؤهلها لحسن التكيف مع أي مواقف جنسية قد تتعرض لها في مستقبلها وحاضرها اعتماداً على ما علمته لها، وعليها أن تتعامل مع هذا الموضوع بما يتلاءم مع العادات والتقاليد والحلال والحرام. لتتجنب ما قد يحدث من مشاكل لأن الطفل قد يحاول أن يقلد أي سلوكيات جديدة قد يراها في أي مكان، سواء عند الجيران، الأصدقاء، الأقارب، أو في الإنترنت أو القنوات الفضائية وقد يحاول أن يتعامل معها بشكل تقليدي طبيعي رغم أنه لا يدرك ما الذي يفعله ولا يستمتع به فالقضية لديه قضية إثبات وجود فقط بسبب غياب التوجيه اللازم.
• على كل أم أن تحاول أن تربط الأمور الدينية بالسلوكيات الجنسية من ناحية الطهارة والوضوء ومن ناحية الستر والحلال والحرام، بكلمات بسيطة، وأن تعلمها بناتها وتنقلها إليهم بكل سهولة بحيث تأمر طفلتها أن تحافظ على عورتها وعدم كشفها أمام الآخرين، لتدرك الفتاة أن هذه العورة جزء حساس منها. وانه أحد عناوين حياءها، وعليها أن تحافظ عليه وألا تسمح بكشفه للآخرين وبالتالي ستحافظ عليه وستقل نسبة وقوعها في المعاصي.
• توجيه الأطفال والمراهقين إلى الابتعاد عن الإفراط في مشاهدة الفضائيات والمناظر المحرمة فقد يتأثروا بأي مشاهد مخلة تعرضها القنوات الفضائية من خلال الأفلام، فيتعمد الطفل إلى اكتشاف ما شاهده، وقد يحرص على تطبيق أو تقليد ما رآه فربما تعبث الفتاة بأعضائها التناسلية مما قد يؤثر على بكارتها، وربما يمارس الأخ هذه السلوكيات مع أخته لأنه لا يعرف أن هذا العمل غير مشروع وأن أخته من المحرمات، فهذه من الآثار الخطيرة التي قد تحدث بسبب وجود معلومات جنسية خاطئة وعدم وجود ثقافة جنسية واعية.
من المهم أن تحسن كل أم التعامل مع بناتها بشكل صحيح منذ صغرها، وأن تحاول تعزيز قوة شخصيتها بحيث تستطيع أن تمتنع عن أي تصرفات غير مشروعة لا ترضاها وألا تكون سهلة الانقياد للآخرين. وعليها أن تكسبها المعلومات الضرورية لكي تتمكن من إدراك جميع المواقف التي قد تتعرض فيها الفتاة للتحرش الجنسي لتكون قادرة على حماية نفسها إلاّ في حالات الاغتصاب التي من الصعب التحكم فيها.
________________________________________________________
الكاتب: د. سلوى البهكلي
Source link