منذ حوالي ساعة
تزكية النفس هو علم عمليٌّ ضروري لكل مسلم، يختص بتطهير النفس والقلب من الأمراض والرذائل، التي تمنعها من الله والوصول إلى الدرجات العلا عنده.
بسم الله الرحمن الرحيم، والصلاة والسلام على مربي العالمين، وعلى آله وصحبه أجمعين؛ أما بعد:
فاعلم أن علم تزكية النفس هو علم عمليٌّ ضروري لكل مسلم، يختص بتطهير النفس والقلب من الأمراض والرذائل، التي تمنعها من الله والوصول إلى الدرجات العلا عنده؛ قال تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} [الشمس: 9، 10]، وقال أيضًا: {وَلَا تُخْزِنِي يَوْمَ يُبْعَثُونَ * يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ} [الشعراء: 87 – 89]، وذلك بالتطبيق العملي لآيات القرآن الكريم وسنة سيد المرسلين، وقد انتقيت عشرَ وصايا مهمة، من تفكُّري في معاني كتاب الله وسنة رسوله، وحِكَمِ علمائنا وآيات ربنا الكونية في خلقه، وهي على اختصارها وقِصَرِها، أسأل الله أن يصل نفعها لكل مسلم، يريد إصلاح أحوال نفسه وغيره.
الوصية الأولى: ينبغي للمسلم أن يعالج نيته قبل كل قول أو فعل، ويراقبها أثناء ذلك، يريد بها مرضاة الله وثوابه وأجره؛ قال تعالى: {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ} [البينة: 5]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنما الأعمال بالنيات، وإنما لكل امرئٍ ما نوى، فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله، فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته إلى دنيا يُصِيبها أو امرأة ينكِحها، فهجرته إلى ما هاجر إليه».
الوصية الثانية: ينبغي لطالب العلم أن يوازِنَ بين علوم الآلة، وعلم تزكية النفس؛ لأنه إذا أهمل الثاني، قسا قلبه، ومرِض بالعُجب، والكِبر، والحسد، وحب الرئاسة والظهور، فعلوم الآلة هي لتصحيح الفهم للدين، وعلم التزكية هو لإصلاح العلاقة بين العبد وربِّهِ.
الوصية الثالثة: ينبغي للمسلم أن يكون دائمَ النظر بقلبه لربِّهِ، مستغنيًا به عن غيره، ولا ينظر إلى الخلق، إلا من نافذة طاعة ربه؛ أي: يتعامل مع الخلق بما يُرضي ربَّه.
الوصية الرابعة: ينبغي للمسلم أن يكون دائم التعظيم للآخرة، دائم التحقير للدنيا، لا يريدها إلا في مرضاة محبوبه سبحانه؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ازهد في الدنيا، يُحبَّك الله».
الوصية الخامسة: ينبغي للمسلم أن يشغل أغلب وقته بالله، وينوِّع في الطاعات؛ حتى لا يَمَلَّ، يتجول طيلة يومه بين أزهار وورود الطاعات.
الوصية السادسة: ينبغي للمسلم أن تكون له خلوة بربه في كل يوم، يذكره فيها سبحانه، يدعوه ويتفكر في أحواله وذنوبه وعيوبه، يلتمس الدواء الشافي لنفسه، وأن تكون تلك الخلوة أسعدَ أوقات يومه.
الوصية السابعة: ينبغي للمسلم أن يكون معطاءً جوادًا كريمًا، خدومًا مصلحًا متخلقًا محسنًا للخَلْقِ؛ يقول تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195].
الوصية الثامنة: ينبغي للمسلم أن يكون ناصحًا لإخوانه بالحكمة والستر، والموعظة الحسنة والصدق، ولا يذكر عيوب المنصوح إلا للمُعِين على النصح.
الوصية التاسعة: ينبغي للمسلم ألَّا يصاحب إلا صِنفين؛ صالحًا يستفيد من علمه وصلاحه، أو مريضًا معترفًا بمرضه يريد دواءه، أما المريض الذي لا يعترف بمرضه، فيجب أن يبتعد عنه؛ حتى لا يعديه بدائه؛ يقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لا تصاحب إلا مؤمنًا، ولا يأكل طعامك إلا تقِيٌّ».
الوصية العاشرة: ينبغي للمسلم أن يصبر على أذى الناس، ويحتسب الأجر عند الله، ويكون مثل النخلة؛ ترميه بالحجر، ويعطيك التمر؛ قال تعالى: {فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ} [فصلت: 34].
خاتمة: وفي الأخير أسأل الله تعالى القَبول والتوفيق، للعمل بهذه الوصايا المختصرة، فمن وجد خطأ، فلينصحني وليستغفر لي الله، ومن انتفع بها، فليدعُ لي ولوالديَّ ولشيوخي وأحبائي بالرحمة والخير، وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد مربي العالمين، وعلى آله وصحبه، وأتباعه أجمعين إلى يوم الدين.
_____________________________________________________
الكاتب: أبو الحسن هشام المحجوبي
Source link