أيها الداعية احرص على هذا المنهج؛ منهج التيسير على الناس وعدم التعسير، إذا سأل أحدُهم عن أمرينِ فاختَرْ له أيْسَرَهما ما لم يكن إثمًا، وأعلِمْه أن ديننا سهل ويسير.
عن أبي موسى الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له ولمعاذ بن جبل لمَّا أرسلهما إلى اليمن: «يَسِّرا ولا تُعسِّرا، وبَشِّرا ولا تُنفِّرا، وتطاوعا ولا تختلفا».
ديننا دين يسر، وشرائع الله سهلة ميسرة، لا تكلف الناس فوق طاقتهم وقدرتهم، فالله يريد بعباده اليسر ولا يريد بهم العسر؛ قال تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ} [البقرة: 185]، وقال تعالى: {مَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ حَرَجٍ وَلَكِنْ يُرِيدُ لِيُطَهِّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} [المائدة: 6]، وقال سبحانه: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ وَخُلِقَ الْإِنْسَانُ ضَعِيفًا} [النساء: 28].
فالله رحمن رحيم، يرحم عباده ولا يُكلِّفهم ما لا يطيقون، وكان ذلك نهج رسوله كذلك، لا يُخيَّر بين أمرينِ إلا اختار أيْسَرَهما ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبْعَدَ الناس عنه؛ لذلك عندما كان يرسل رُسَلَه لدعوة الناس إلى الإسلام كان يوصيهم بهذه الوصية الجامعة في التعامل مع المدعوين الجُدُد؛ لأن ذلك أوْعَى لإقبال الناس على الدين وأجْدَرُ بفتح قلوبهم لنصائحه ما دامت أنها سهلة وغير شاقة على النفس.
فها هو يرسل صلى الله عليه وسلم أبا موسى الأشعري ومعاذ بن جبل لليمن فيوصيهم بذلك.
وأنت أيها الداعية احرص على هذا المنهج؛ منهج التيسير على الناس وعدم التعسير، إذا سأل أحدُهم عن أمرينِ فاختَرْ له أيْسَرَهما ما لم يكن إثمًا، وأعلِمْه أن ديننا سهل ويسير.
فإذا كنت إمامًا بالناس في الصلاة فراعِ اختلاف قدرات الناس وتفاوُت صحتهم وسِنهم، فلا تُطِلْ إطالة تصعب على غالب الناس وتُنفِّرهم؛ بل اعتدل ولا تُطِلْ قدر الإمكان.
فها هو النبي ينصح سيدنا معاذًا بالتخفيف ومراعاة أحوال الناس عندما أطال صلاته بالناس قائلًا: «يا مُعَاذُ، أفَتَّانٌ أنْتَ» ؟! -ثَلَاثًا- اقْرَأْ: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا} [الشمس: 1]، و {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1]، ونَحْوَهَا))؛ (صحيح البخاري).
ونصح صحابيًّا آخر بذلك أيضًا في حديث عقبة بن عمرو قَالَ رَجُلٌ: يا رَسولَ اللَّهِ، إنِّي لَأَتَأَخَّرُ عَنِ الصَّلَاةِ في الفَجْرِ ممَّا يُطِيلُ بنَا فُلَانٌ فِيهَا، فَغَضِبَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، ما رَأَيْتُهُ غَضِبَ في مَوْضِعٍ كانَ أَشَدَّ غَضَبًا منه يَومَئذٍ، ثُمَّ قالَ: «يا أَيُّهَا النَّاسُ، إنَّ مِنكُم مُنَفِّرِينَ، فمَن أَمَّ النَّاسَ فَلْيَتَجَوَّزْ، فإنَّ خَلْفَهُ الضَّعِيفَ والكَبِيرَ وذَا الحَاجَةِ»؛ (صحيح البخاري).
لا تغفل عن تبشيرهم بالخير من الثواب والأجر وما ينتظرهم في الجنة إذا أطاعوا الله ورسوله ولا تنفرهم بكثرة التهديد والوعيد بالنار؛ بل وازِنْ بين كل ذلك.
على سبيل المثال لو زرت مريضًا فبَشِّره بالأجر الجزيل على صبره على المرض.
ومن التيسير أيضًا أن تتدرَّج في تعليم الناس من الأسهل إلى الأصعب عليهم، وعليك بالسداد والمقاربة في تعليم الناس ما يصعُب عليهم.
عن أبي هريرة «إنَّ هذا الدينَ يُسْرٌ، ولن يشادَّ الدينَ أحدٌ إلا غلبهُ، فسدِّدوا وقارِبوا وأبشِروا ويسِّروا واستعينُوا بالغَدوةِ والروحةِ وشيءٍ من الدُّلجةِ»؛ (صحيح).
وكل ذلك يحتاج منك إلى الحكمة والتفكير السديد في التعامل مع الناس، والتخلُّق بالرفق والأخلاق معهم مما يفتح الأبواب لدعوتك.
فاسأل الله التوفيق والسداد فهو سبحانه من يؤتي الحكمة من يشاء.
__________________________________________________________
الكاتب: سمر سمير
Source link