أثر الاستغفار في حياة الأبرار

إن للاستغفار أثرًا بالغًا في حل مشكلاتنا اليومية؛ اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية، وهذه ليست دروشة كما يقول العلمانيون أو الملحدون، وإنما هي حقائق أثبتها الله تعالى في كتابه العزيز

أمة الحبيب المحبوب، حبيب علَّام الغيوب صلى الله عليه وسلم، حياكم الله تعالى وبَيَّاكم، حديثنا إليكم اليوم عن أثر الاستغفار في حياة الأبرار.

 

تلك العبادة التي هي سُلَّمُ الوصول إلى كل مأمول، وطريق النجاة من كل مكروه، وسبيل الأمن والاستقرار في حياة الأخيار، وسلاح الأطهار ضد الأضرار الأغيار.

 

إلى كل من يشتكي الذنوب، إلى كل من يشتكي الفقر والفاقة، إلى كل من يشتكي الجدب والجفاف، إلى كل من يشتكي العقم، إلى كل من يرجو النجاة والجنة، هيا لنتعرف على أثر الاستغفار في حياة الأبرار.

 

الاستغفار شعار الأنبياء الأطهار:

معاشر الموحدين: اعلموا أن الاستغفار سُنَّة الأنبياء والمرسلين المستقدمين منهم والمستأخرين، فها هما الأبوان الكريمان يستغفران الله: {قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: 23].

 

وهذا نبي الله نوح يستغفر لنفسه ولوالديه، ولكل مؤمن ومؤمنة: {رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [نوح: 28]، وها هو إبراهيم عليه السلام يستغفر لنفسه ولأبيه قبل أن يُنهَى، ولكل مؤمن سابق ولاحق: {رَبَّنَا اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِلْمُؤْمِنِينَ يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} [إبراهيم: 41]، وها هو نبي الله موسى عليه السلام يستغفر الله: {قَالَ رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي} [القصص: 16]، وها هو نبي الله داود يستغفر: {وَظَنَّ دَاوُودُ أَنَّمَا فَتَنَّاهُ فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص: 24]، وها هو نبي الله سليمان يستغفر: {قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ} [ص: 35]، وها هو خيرهم وخاتمهم محمد صلى الله عليه وسلم يأمره ربه جل وعلا بالاستغفار لنفسه وللمؤمنين والمؤمنات: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [محمد: 19].

 

الاستغفار دأب الأتقياء:

واعلموا – يا رعاكم الله – أن المتقين شعارهم التوبة والإنابة والاستغفار، ما إن يقعوا في ذنب أو معصية، فإنهم يسارعون بالتوبة والاستغفار؛ قال تعالى: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ} [آل عمران: 135].

 

انظر إليهم وهم يناجون الله، وهم بين يديه في الأسحار؛ يقول الله تعالى: {الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ} [آل عمران: 16، 17].

 

عن أبيه، قال: سمعت رجلًا في السَّحَر في ناحية المسجد وهو يقول: ربِّ أمرتني فأطعْتُك، وهذا سَحَر، فاغفر لي، فنظرت فإذا ابن مسعود.

 

ما زلت أُعرَف بالإساءة دائمًـــا  **  ويكون منك العفو والغفرانُ 

لم تنتقصني إن أسأت وزدتني  **  حتى كأن إساءتي إحســـانُ 

منك التفضُّل والتكرُّم والرضـا  **  أنت الإله الْمُنْعِمُ الْمنَّــــــــانُ 

 

الاستغفار وأثره في السَّعة والرخاء:

أمة الإسلام: إن للاستغفار أثرًا بالغًا في حل مشكلاتنا اليومية؛ اقتصادية أو اجتماعية أو سياسية، وهذه ليست دروشة كما يقول العلمانيون أو الملحدون، وإنما هي حقائق أثبتها الله تعالى في كتابه العزيز؛ فهذا نبي الله نوح عليه السلام يبيِّن لنا ثمرات وكنوز الاستغفار: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: 10 – 12]، وهذا نبي الله هود عليه السلام يكشف لنا سرًّا من أسرار الاستغفار في نزول الغيث وزيادة القوة: {وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلَا تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ} [هود: 52].

 

الاستغفار من أعظم أسباب نزول الخيرات والبركات والرحمات، وحلٌّ لكثير من المشكلات؛ فبالاستغفار تكون الحياة الطيبة والمتاع الحسن؛ كما قال تعالى: {وَأَنِ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ يُمَتِّعْكُمْ مَتَاعًا حَسَنًا إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى} [هود: 3]، وبالاستغفار تُفرَّج الهموم والكُرُبات؛ عن علي بن عبدالله بن عباس، عن ابن عباس، أنه حدَّثَهُ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من لزِم الاستغفار، جعل الله له من كل ضيق مخرجًا، ومن كل همٍّ فرجًا، ورزقه من حيث لا يحتسب» [1].

 

إن الاستغفار – أيها الإخوة – علاج أكيد لكثير من المشكلات الاقتصادية وغلاء الأسعار، وتأمَّل في التدابير والإصلاحات الاقتصادية التي اتخذها أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه في عام الرمادة، في السنة الثامنة عشرة من الهجرة؛ حيث حصل قحط شديد، وقلَّ الطعام، واستمر ذلك تسعة أشهر، وسُمِّيَ عام الرمادة؛ لأن الريح كانت تَسْفِي ترابًا كالرماد، فما هي التدابير والإصلاحات الاقتصادية التي قام بها عمر رضي الله عنه؟ فقد حثَّ الناس على كثرة الصلاة والدعاء، واللجوء إلى الله تعالى، والتوبة والاستغفار، ثم خرج يصلي بالناس صلاة الاستسقاء، وصعِد المنبر، فما زاد على الاستغفار وتلاوة الآيات في الاستغفار، ثم قال: طلبتُ الغيث بمخارج السماء التي يُستنزَل بها المطر.

 

ذكر الإمام القرطبي: أن رجلًا شكا إلى الحسن البصري الجدب، فقال له: استغفر الله، وشكا آخر إليه الفقر، فقال له: استغفر الله، وقال له آخر: ادعُ الله أن يرزقني ولدًا، فقال له: استغفر الله، وشكا إليه آخر جفاف بستانه، فقال له: استغفر الله، فلما سُئل عن ذلك، قال: إن الله عز وجل يقول في سورة نوح: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا} [نوح: 10]؛ الآيات.

 

استأجر الحسن البصري رحمه الله يومًا حَمَّالًا؛ ليحمل متاعه من السوق إلى البيت، فكان يسمعه طوال الطريق يردد كلمتين لا يزيد عليهما: (الحمد لله، أستغفر الله)، فلما وصل إلى بيته، وأعطاه أجره، سأله عن ذلك، فأجاب: أنا في حياتي كلها مع الله بين أمرين: نعمة لله عليَّ تستحق مني الحمد، وتقصير في حق الرب يستحق الاستغفار، فضرب الحسن كفًّا بكفٍّ، وقال: حمَّالٌ أفْقَهُ منك يا حسنُ.

 

الاستغفار وقاية من الهلاك والدمار:

أيها الأحباب، اعلموا أن الاستغفار حبلُ نجاةٍ للغارقين، وسفينةُ فوزٍ للهالكين، وحصنٌ حصين للخائفين، ووثيقةُ أمانٍ للمُحبَطين، فلنكن من المستغفرين.

 

أتيتُك راجيًا يا ذا الجــــــلالِ  **  ففرِّج ما ترى من سوءِ حالـي 

عصيتُك سيدي ويلي بجهلي  **  وعيبُ الذنب لم يخطر ببالي 

إلى من يشتكي المملــوك إلا  **  إلى مولاه يا مولى الموالــــي 

لَعَمْري ليت أمي لم تلدنــــي  **  ولم أغضبك في ظُلَمِ الليالــي 

فها أنا عبدك العاصي فقيــرٌ  **  إلى رُحْماك فاقْبَلْ لي سؤالــي 

فإن عاقبتَ يا ربي تُعاقــب  **  محقًّا بالعذاب وبالنَّكـــــــــــالِ 

وإن تعفُ فعفوُك قد أرانـي  **  لأفعالي وأوزاري الثقـــــــــــالِ 

 

ها هو سيدنا يونس عليه السلام؛ قال تعالى: {فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ} [الأنبياء: 87، 88]، وفي الحديث الصحيح عن سعد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «دعوة ذي النون إذا دعا، وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك، إني كنت من الظالمين، فإنه لم يَدْعُ بها رجل مسلم في شيء قط، إلا استجاب الله له» [2].

 

فهي تهليل وتسبيح واستغفار، وقرآن ودعاء، فمن دعا بها موقنًا بالإجابة، وقد انْتَفَتْ في حقه موانع الإجابة، نالها بإذن الله جل جلاله، ومن دعا بها في كربه، فرَّجه الله عنه بإذن الله.

 

وروى الشعبي أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: “عجبت لمن يهلك والنجاة معه، قيل له: ما هي؟ قال: الاستغفار”[3].

 

وقال ابن تيمية رحمه الله: “الذنوب سبب للضرِّ، والاستغفار يُزيل أسبابه؛ كما قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ} [الأنفال: 33]، فأخبر أنه سبحانه لا يُعذِّب مستغفرًا”.

 

ولقد حدث في مصر أن أحد الأثرياء الصالحين لم يجد سبيلًا – في فترة من الفترات – لري أرضه، وكاد الزرع يصبح حطامًا، فجلس الرجل وسط مزرعته الفسيحة، وقال: اللهم إنك قلت وقولك الحق: {اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا} [نوح: 10، 11]، وها أنا ذا يا رب أستغفرك؛ راجيًا أن تفيض علينا من رحمتك.

 

ثم أخذ في الاستغفار، ومضت ساعات وهو يتابع الاستغفار في همة وفي ثقة بموعود الله تعالى، وإذا بالسماء تتلبد بالغيوم، وإذا بالمطر ينزل فياضًا مدرارًا، ومن المعروف أن الصالحين حينما يصيبهم ضعف، يلجؤون إلى الله باستغفار، فيتحقق لهم وعده: {وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ} [هود: 52].

 

سبب لقبول الدعاء واستجابة الرجاء:

والاستغفار سبب لقبول الدعاء واستجابة الرجاء؛ قال تعالى: {قُلْ مَا يَعْبَأُ بِكُمْ رَبِّي لَوْلَا دُعَاؤُكُمْ فَقَدْ كَذَّبْتُمْ فَسَوْفَ يَكُونُ لِزَامًا} [الفرقان: 77].

 

وقال: {وَإِلَى ثَمُودَ أَخَاهُمْ صَالِحًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ هُوَ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا فَاسْتَغْفِرُوهُ ثُمَّ تُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّ رَبِّي قَرِيبٌ مُجِيبٌ} [هود: 61].

 

قيل: لما زار أحمد بن حنبل بغدادَ، ولم يعلم أهل بغداد بحضور الشيخ، وكان الإمام أحمد بن حنبل يريد أن يقضي ليلته في المسجد، ولكن مُنِعَ من المبيت في المسجد بواسطة حارس المسجد، حاول مع الإمام ولكن لا جدوى، فقال له الإمام: سأنام موضع قدمي، وبالفعل نام الإمام أحمد بن حنبل مكان موضع قدميه، فقام حارس المسجد بجره لإبعاده من مكان المسجد، وكان الإمام أحمد بن حنبل شيخًا وقورًا، تبدو عليه ملامح الكبر، فرآه خبَّاز، فلما رآه يُجَرُّ بهذه الهيئة، عرض عليه المبيت عنده، وذهب الإمام أحمد بن حنبل مع الخباز، فأكرمه ونعَّمه، وذهب الخباز لتحضير عجينه لعمل الخبز، سمع الإمام أحمد الخباز يستغفر ويستغفر ويستغفر، ومضى وقت طويل وهو على هذه الحال، فتعجب الإمام أحمد بن حنبل، فلما أصبح سأل الإمام أحمد الخبازَ عن استغفاره في الليل، فأجابه الخباز بأنه ما إن يعجن، حتى يبدأ في الاستغفار، ويستمر عليه، فسأله الإمام أحمد: وهل وجدت لاستغفارك ثمرة؟ والإمام أحمد سأل الخباز هذا السؤال وهو يعلم ثمرات الاستغفار، يعلم فضل الاستغفار، يعلم فوائد الاستغفار، فقال الخباز: نعم، والله ما دعوت دعوة إلا أجيبت لي، إلا دعوة واحدة، فقال الإمام أحمد: وما هي؟ فقال الخباز: رؤية الإمام أحمد بن حنبل، فقال الإمام أحمد: أنا أحمد بن حنبل، والله إني جُرِرتُ إليك جرًّا.

 

يا رب إن عظمت ذنوبي كثرة  **  فلقد علمتُ بأن عفوَك أعظــمُ 

إن كان لا يرجوك إلا محســنٌ  **  فبمن يلوذ ويستجير المجـرمُ 

أدعوك ربي كما أمرت تضرعًا  **  فإذا رددتَ يدي فمن ذا يرحمُ 

ما لي إليك وسيلةٌ إلا الرجاء  **  وجميلُ عفوِك ثم أني مُسلـــمُ 

 

الاستغفار وقاية من النار:

إخوة الإسلام: إذا أردتم النجاة من نارٍ حرُّها شديد، وقعرها بعيد، ومقامعها من حديد، فعليكم بالإكثار من الاستغفار؛ ففيه النجاة، وفيه الفرح والسرور، يوم يُبعثَر ما في القبور؛ عن عبدالله بن بسر يقول: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «طوبى لمن وجد في صحيفته استغفارًا كثيرًا» [4].

 

الاستغفار شهادة ضمان لدخول جنة الرحمن:

والاستغفار – أيها الأخيار – سبيل إلى الجنة، بل دلنا النبي صلى الله عليه وسلم على شهادة ضمان لدخول جنة الرحيم الرحمن؛ فعن شداد بن أوس رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «سيد الاستغفار أن تقول: اللهم أنت ربي، لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليَّ، وأبوء لك بذنبي، فاغفر لي؛ فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت»، قال: «ومن قالها من النهار موقنًا بها، فمات من يومه قبل أن يُمسيَ، فهو من أهل الجنة، ومن قالها من الليل وهو مُوقِن بها، فمات قبل أن يصبح، فهو من أهل الجنة»؛ (البخاري) [5].

 

قال الله سبحانه: {وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ} [آل عمران: 135، 136]؛ فالصالحون يخطئون، لكنهم يبادرون بالاستغفار والتوبة، فأعْقَبَهُمُ الله بكثرة استغفارهم جنات النعيم.

 

عن عبدالعزيز بن عمر بن عبدالعزيز، قال: “رأيت أبي في النوم بعد موته كأنه في حديقة، فرفع إليَّ تفاحات، فأوَّلتهن بالولد، فقلت: أي الأعمال وجدت أفضل؟ قال: الاستغفار يا بني”[6].

 

الاستغفار سبب لرفعة الدرجات:

عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن الله عز وجل لَيرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة، فيقول: يا رب، أنَّى لي هذه؟ فيقول: باستغفار ولدك لك» [7].

 

فانظر كيف يرفع الاستغفار العبد المؤمن بعد موته؟ فإن كان أحد والديك قد تُوفِّيَ، فاستغفر له كثيرًا؛ فإن هذا من أعظم ما ينفعه في قبره.

 


[1] أخرجه أحمد 1/ 248 (2234).

[2] أخرجه أحمد 1/ 170 (1462)، والترمذي (3505).

[3] الأثر في إتحاف السادة المتقين، شرح إحياء علوم الدين، باب: في فضيلة الاستغفار، الآثار الواردة فيه، ج: 5، ص: 61، بلفظ مقارب عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

[4] أخرجه ابن ماجه (3818)، والنسائي في “عمل اليوم والليلة” (455).

[5] أخرجه أحمد 4/ 122 (17240)، والبخاري 8/ 83 (6306).

[6] المنامات (26).

[7] أخرجه أحمد (2/ 509).


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

شرح ما يفعل من رأى الرؤيا أو الحلم

منذ حوالي ساعة الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان؛ فإذا رأى أحدكم شيئاً يكرهه؛ فلينفث …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *