كثرة الطلاق أسباب وحلول :
إن التغيرات الاجتماعية والاقتصادية والتطور التكنولوجى الهائل الذى حدث كان له الأثر البالغ على الأسرة المسلمة مما أدى إلى انتشار ظاهرة الطلاق التى ترتب عليها تفكك الأسر وعدم وجود الأبناء مع والديهم تحت مظلة واحدة يجمعهم مكان واحد مما عرضهم لمشاكل نفسية واضطرابات خاصة فى فترة المراهقة
كما تغيرت نظرة المجتمع للمرأة والرجل وأصبحنا نسمع عن الأم السنجل و الأب السنجل مصطلحات جديدة للتعايش مع ظاهرة الطلاق المنتشرة بدلا من علاجها من العمق
وطبقا لأرقام الجهاز المركزى للتعبئة والاحصاء أن هناك حالة طلاق كل دقيقتين فى عام 2020 والتى ارتفعت بنسبة 14 فى المائة عام 2021 عن العام السابق
كما بينت الاحصاءات أن نسبة 12% من حالات الطلاق، وقعت في السنة الأولى من الزواج، بينما وقعت نسبة 9% منها في السنة الثانية، ووقعت نسبة 6.5% منها خلال السنة الثالثة.
مما أثر على ترابط المجتمع ككل وهدد أمنه وسلامته الذى بدوره يؤثر على معدل الجرائم والعنف لغياب سلطة الأب إذا تربى الأبناء بعيدا عن والدهم وافتقاد حنان الأم إذا أخذهم الأب كما يتولد عندهم شعور بفقد الإحساس بالأمن والاستقرارنتيجه تصارع الطرفين لكسب ود الأولاد ولو على حساب تشوية صورة الطرف الأخر أمام الأبناء والذى بدوره يؤدى إلى مشاكل نفسية كبيرة خلفها الطلاق منها اليأس والاحباط واسأل الأطباء النفسيين عن كم الحالات التى تتلقى جلسات تأهيل للمجتمع من جديد نتيجة فقدان الثقة فى منظومة الزواج وعدم القدرة على الدخول فى علاقات صحية جديدة
وهناك حالات كثيرة من الطلاق يكون فكرة الانتقام من الطرف الثانى هى المتحكمة فى المشهد فترى الأم وأهلها يقسون قلوب الأولاد على أبيهم وقد يكون بين الزوجين صلة رحم ودرجة قرابة فتتقطع صلة الأرحام بما حدث من انفصال وقد يلجا أحدى الطرفين إلى القضاء للبحث عن حقه فى ظل تعنت الطرف الثانى ويبدأ الصراع على الحضانة وما نراه من قضايا الرؤية تعج بها المحاكم شاهد على هذا الصراع وكم المشاكل النفسية للأبناء الناجمة عن مشهد الرؤية وقد يهرب بعض الأبناء من مواجهه مشكلة انفصال والديهم إلى الانحرافات السلوكية وتعاطى المخدرات
وقد يتزوج الأب بعد ذلك ويضم الأبناء إلى حضانته فيذوقوا الأمرين من زوجة أب قد نزع الله من قلبها الرحمة وتمكنت الغيرة من قلبها فأفسدت الأب على أبنائه
من بيده زمام الطلاق ؟
إن الله عزوجل قد جعل الطلاق بيد الرجل لأن المرأة أكثر عاطفية من الرجل فقد تغلبها عواطفها فى ساعة الغضب فتنساق وراءها دون تقدير النتائج فتنهى حياتها الزوجية لأسباب لا تستحق هدم الحياة الزوجية من أجلها بينما الرجل يحكم العقل ويقدر فى الحساب ما يترتب على الطلاق من تكاليف مالية يتحملها الرجل من مؤخر صداق ونفقة على الأولاد وغيرها من الأمور التى تجعله يتروى كثيرا قبل إتخاذ القرار وإن كان هناك بعض الرجال يفتقدون إلى تحكيم العقل فعندما يغضب يدمر كل شىء فى لحظة ولكن هؤلاء قلة وليسوا النسبة الأغلب فى المجتمع
وسوف نقف على بعض اسباب انتشار الطلاق والتى منها
عدم القدرة على تحمل المسئولية
ترى الشاب يقبل على الزواج وقد وفر له أبواه كل الامكانيات بدون تعب منه فما جاء سريعا يذهب سريعا كيف يشعر بقيمة شىء لم يتعب فيه كما ان التديل الزائد للابناء أو حماية زائدة والاستجابة لرغابتهم دون مناقشة كان له اكبر الاثر فى شعورهم بالهشاشة النفسية وانهم لا يستطيعون مواجهه اعباء الحياة يريدون دائما من يحمل عنهم مسؤلياتهم كما أنهم غير مؤهلين لحياة زوجية فيها معنى المشاركة فالشباب والفتيات فى عصرنا هذا تربوا على أن يعلى قيمة الفردية وحب الذات فى الحياة ترى لسان حاله “أنا ومن بعدى الطوفان ” فتراه يهرب من أجواء الحياة الزوجية وما فيها من تقيد للحرية وتحمل المسئولية لحياة العزوبية من جديد التى فيها تفلت وعدم التقيد بشىء بينما نرى أن هناك آيات كثيرة وأحاديث تدعو إلى المسئولية والمحاسبة وتذكر الإنسان بالهدف من حياته إذ يقول تعالى :” أَفَحَسِبۡتُمۡ أَنَّمَا خَلَقۡنَٰكُمۡ عَبَثٗا وَأَنَّكُمۡ إِلَيۡنَا لَا تُرۡجَعُونَ ١١٥”
” { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا} . [الأحزاب]
” {وَكُلَّ إِنسَانٍ أَلْزَمْنَاهُ طَائِرَهُ فِي عُنُقِهِ ۖ وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابًا يَلْقَاهُ مَنشُورًا (13) اقْرَأْ كِتَابَكَ كَفَىٰ بِنَفْسِكَ الْيَوْمَ عَلَيْكَ حَسِيبًا (14)} [سورة الإسراء]
وفى العلاقات الزوجية نجد الشرع يحدد لكل واحد مسئولياته إذ يقول :” {وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (228 } ” [سورة البقرة]
ان للرجل قوامة على المرأة ومسئوليته عنها تكليف وليس تشريف ولكن ما يحدث أننا نجد طرف يحمل الطرف الآخر المسئولية ويهرب منها هو ويدعى الانشغال بأى شىء فتجد من الأزواج من يبرر لنفسه أنه يعمل من أجل لقمة العيش ليهرب من أداء ما عليه من حقوق تجاه زوجته وأولاده فى المنزل ألا يعلم هذا أن المسئولية لا تتجزأ
وهناك من الفتيات التى لم تتعود تحمل المسئولية فى بيت أهلها وتربت على التدليل تأتى لبيت زوجها تتخيل أنه سيدللها كما كانوا يفعلون معها ويدعها تذهب وتجىء بحريتها بدون مراعاة أن لها شريك فى الحياة له حقوق عليها تراها تقضى معظم الوقت فى النوادى والمولات التجارية أو عند والدتها معظم الوقت وكأنها تهرب من تحمل المسئولية
أين الأم التى تعود بنتها منذ الصغر على تحمل المسئولية ؟لأنها تعلم أنها تربيها ليوم عرسها ولتكون هى الآخرى أماً فى يوم من الأيام أين الأب الذى يربى رجلا وليس فتى مدلالً مجابة طلباته كلها بدون مناقشة وكأنه مركز الكون والكل يدور من حوله حتى إذا تزوج ظن أن زوجته ستعامله بنفس معامله والدية فإن لم تفعل وقع الشقاق بينهما لأنها لم تدور فى فلكه .
كل هذا مسئولية من ؟ مسئولية الوالدين فى البداية الذين اسأوا تربية أبناءهم بحبهم الزائد لهم وتدليلهم المبالغ فيه فأصبحت الفتاة ترى نفسها كثير على أى شاب تتزوجه والشاب يرى نفسه مركز الكون ولا يعرف كل منهما أن علاقة الزواج قائمة على تقديم التضحيات من الطرفين حتى تستمر الحياة وغالب هؤلاء الشباب والفتيات يندمون بعد فترة؛ حينما يرون أصحابهم قد استقرت حياتهم، وكونوا أسراً، وتحملوا المسؤوليات الطبيعية التي لا بد منها لتوارث الأدوار في الحياة.
ومن أسباب كثرة الطلاق أيضا تدخل الأهل فى حياة الزوجين فكثير من حالات الطلاق تكون بسبب تدخل أم الزوجة أو الزوج بالتأثير على ابنها أو بنتها بالسلب فتدفعه إلى أن يطلق زوجته وهذا الامر له سببان إما أن الابن أو البنت تكون واقعة تحت تأثير أمها إما ضعف شخصية منها أو لو كانت من المتديين تخاف أن تعصى أمها أو يعصى أمه فيغضب الله عليه وهذا من تلبيس ابليس على الأبناء يجعله يظن أنه نوع من البر ولكن هل البر يؤدى إلى خراب البيوت ؟هل الطاعة تؤدى إلى معصية ؟ ،
فليراجع الأبناء أنفسهم قبل فوات الآوان ؟ …..
وتأمل قول بن تيمية (ليس للزوجة أن تطيع أمها فيما تأمرها به من الاختلاع من زوجها أو مضاجرته حتى يطلقها: مثل أن تطالبه من النفقة والكسوة والصداق ليطلقها، فلا يحل لها أن تطيع واحداً من أبويها في طلاقه إذا كان متقياً لله فيها )
وقد تكون الأم أو الأب معتقدين أن أبناءهم ملكية خاصة لهم وليس لأحد أن يشاركهم فيه فبالتالى هم يحتاجون رعاية زائدة ويفتقدون القدرة على إدارة حياتهم ومن هنا يأتى التدخل فى حياة الزوجيين وإلقاء اللوم على الطرف الثانى فى العلاقة ويعيش إحدى الزوجيين بمشوره والديه وهذا نوع من أنانية الأهل وضعف شخصية من الزوج ليأخذ برأى الأهل وإن كان ليس فى مصلحة استقراره الأسرى دون استشارة أهل التخصص في العلاقات الزوجية, أو اللجوء لنماذج ناجحة في حياتها الزوجية وطلب العون منهم هذا فقد أرشدنا الله سبحانه وتعالى فى كتابه الحكيم أنه إذا وقع خلاف إذ يقول تعالى “ {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35)} ” فالحكم ليس شرط ان يكون أب أو أم فقد يتصرفا بأنانية وحب امتلاك لابناءهم فيستدعى الحكماء من الأهل وكلمة من أهله تدل انهما مؤتمنان على أسرار الزوجين ، لأنهما من أهلهما ف لا خوف من التشهير بهما وفضح اسرارهما غن يريد الزوجين الاصلاح يوفق الحكمين لما فيه صلاحهما ودوام عشرتهما بالمعروف
وهناك من الفتيات من تحكى لأمها أو لجارتها أو صديقتها كل شىء بالتفصيل عن حياتها الزوجية ولا تدرى أنها بذلك تفشى أسرار بيتها وفى النهاية تصبح مادة للغيبة والنميمة بين أهلها وجيرانها فلا هى حلت مشكلتها ولا حفظت أسرار بيتها وقد يسقط الزوج من نظر أهل زوجته للابد حتى وإن اصطلحت معه بعد حين
فعلى الزوجيين طلب النصح إن حدث خلاف ولكن مع المحافظة على أسرار البيت وتكون نيتهم الإصلاح وليس لمجرد الفضفضة دون الوصول إلى حل للمشكلة وعلى الأهل توجية أبنائهم للحفاظ على خصوصية الحياة الزوجية وعدم السماح لأحد أن يتدخل فيها
وهناك من الزوجات من تسكن مع أهل الزوج فى مسكن واحد فتكثر المشاكل بين أفراد العائلة وتشكو الزوجة من تدخل أهل الزوج حتى إنها تصف الموقف وكأنهم يعدون عليها أنفاسها كلما دخلت أو خرجت هنا من حق الزوجة أن يوفر لها زوجها سكن مستقلا عن أهله فالسكن يجب أن لا يترتب على إقامتك فيه الضرر فإن تضررت فعليه أن يوفر مسكن أخر خارج بيت العائلة
كما أن من أسباب كثرة الطلاق هذه الأيام هو ضعف الوازع الدينى عند الشباب فالزواج قائم على المودة والرحمة إذ يقول تعالى :” {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21)} ” أى أن المودة هذه جُعله يضعها الله فى قلب الزوجين ولكن بشرط تقوى الله فإذا كان الزوجيين على طاعة الله ويبتغون مرضاته بزواجهم تنمو بينهم المودة والرحمة وتزداد مع الأيام فإن المعصية قد تؤثر على الحياة الزوجية من حيث لا ندرى فقد يشتكى الزوج أو الزوجة وتجد زوجته فى الاصل لا تصلى ولا تلتزم بحجاب شرعى وانه قد يتعامل فى المال الحرام ثم يتسال لماذا المشاكل فى حياتنا ؟وكيف لمن لا يعطى الله حقه أن يعطى البشر حقه ؟
إن الفتاة تتخيل أنها ستعيش مع زوجها قصة من قصص أفلام السينما ثم تفيق بعد الزواج على حياة عادية جدا تفترض أن الزوج سيأتيها وبيده مفاتيح السعادة ولا تدرى أنها هى التى تصنعها بالرضا وتقوى الله
وليعلم الطرفان أننا بشر ولسنا ملائكة فلابد من عيوب شخصية فى كل طرف ولكن النبى علم الزوج كيف يتعامل مع زوجته إذا وجد عيبا فى زوجته
فعن أبي هريرة قال: قال رسول الله ﷺ: “ «لا يَفرَكْ مؤمن مؤمنة، إن كره منها خُلقًا رضي منها آخر» “ [رواه مسلم] .فالاختلاف بين البشر سنة كونية إذ يقول تعالى :” {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً ۖ وَلَا يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ (118} ” تخيل لوأن الطرفان فيهما خلق العصبية أو ان الطرفان فيهما صفة الهدوء حتى البرود ماذا سيحدث للبيت ؟
فلابد من الإختلاف حتى تستمر الحياة وليستمتع كل من الطرفان بالإختلاف ويستثمره لشىء يفيده يقول أحدهم ولكنى أكرهها فترى الإسلام يحث الزوج حتى وإن كرهه زوجته أن يمسكها ولا يطلقها إذ يقول تعالى :” {فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19)} ” فهى دعوة للتروى قبل أتخاذ القرار والنظر إلى مميزات الطرف الثانى فلا يوجد إنسان بلا حسنات ولا يتمادى فى الكره للطرف الثانى وما أعظم قول عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – لرجل أراد أن يطلق زوجه ” لأنه لا يحبها ” . . ” ويحك ! ألم تبن البيوت إلا على الحب ؟ فأين الرعاية وأين التذمم ؟ ” . .
ولا يستمع لمن يبيحون الطلاق وإنهاء المؤسسة الزوجية فقط لعدم وجود الحب بل ويبيحون الخيانة الزوجية لنفس المبرر عدم وجود الحب بينهم لم يخطر ببالهم أن هناك معانى كثيرة تربط بين البشر أكثر من الحب مثل التضحية والتحمل والمروءه وكيف يخطر ببالهم ذلك وهم لا يفكرون إلا بأهوائهم يلهثون وراء نزواتهم نسوا أن الزواج ميثاق غليط وعروة وثقى تربط قلب المؤمن بربه وعلى الطرفان أن يطيعا الله فى بعضهم البعض فإذا نظر الزوجين للعلاقة بهذه القديسة ارتفعت اهتمامتهم وعلت عن سفاسف الأمور
كما أن سوء الاختيار سبب من أسباب الطلاق السريع فى السنوات الأولى إما لقصر مدة الخطبة فلم يتعرف كل من الزوجين على الآخر بالقدر الكافى أو لغلبة النظرة المادية على اتخاذ القرار فى عصر يهتم الناس بالكم وليس الكيف وتقيم الأهل السطحى لمن يتقدم لخطبة ابنتهم وتقيمه بما يملكه لا بأخلاقه ودينه وما سيقدمه من مهر وشبكة وأين سيقام حفل العرس ؟ وتنظر الفتاة لوسامة الخاطب ومظهره الخارجى وتقدم هذه المعايير على المعايير الشرعية وكذلك بالنسبة للرجل تجده يقدم معيار الجمال الشكلى أو وظيفة من يتقدم لها أو مركز عائلتها ومدى ثراهم غافلا عن دينها وعلاقتها بربها فليست من أولوياته لا يدرى أنها إذا أطاعت ربها ستطيعه هو بالتأكيد ولكنها النظرة السطحية لشريك الحياة وبالنسبة لأهل الفتاة فقد تظهر لهم عيوب فى الخطيب فى فترة الخطوبة لكنهم يتغاضون عنها لإتمام الزيجة خشية من نظرة الناس لبنتهم وشماتتهم فيها فقد تكون تجربة خطبة فاشلة أفضل من أن تحصل البنت على لقب مطلقة فى أول سنة زواج كما أن أعداد الفتايات التى تقدم بهن العمر ولم يتزوجن كثيرين وهذا يسبب ضغط على الفتاة يجعلها ترضى بزوج لم تكن لتوافق به من قبل هربا من ضغط المجتمع وشبح العنوسة وقد يتزوج الشاب وهو يعتقد أن الزواج ما هو إلا علاقة جنسية فعندما لا يجد ما يرتضيه فى هذه الزيجة يلجا إلى الطلاق كل هذا لأنهم بنوا اختيارهم على مظاهر لا علاقة لها بحقيقة الزواج
وقد يكون نظر الفتاة للزواج على أنها ستخرج من أسر الأهل لتعيش ملكة مع زوج يغدق عليها بالهدايا ويطير بها من بلد إلى بلد سفر ورحلات وسيسمعها كلام معسول طوال الوقت
وهى لا تدرى أن السعادة لابد لها من ثمن يدفع فليست الحياة خروج وسفر وكلام حب طوال الوقت بل هى حياة تتطلب بذل جهد لتفهم نفسية شريك الحياة ومحاولة التأقلم مع طباعه والوصول لأرضية مشتركة بينهما
كما أن الفروق فى التربية ومستوى الثقافة والتعليم قد يؤدى إلى عدم التفاهم بين الزوجين ومن ثم الطلاق لذا لابد من استشارة ذوى الخبرة وصلاة استخارة حتى لو حدث مشكلة يتحمل الجميع مسئولية القرار ولا يلقون اللوم على الفتاة وحدها لأنها لم تكن قد كونت الخبرة الكافية للاختيار الصحيح وماذا يملك أبناء العشرين من خبرات لتساعد على الاختيار الصحيح ؟! فلم يحضروا درسا أو دورة تدريبة أو حتى يتعلموا من الأسر المحيطة بهم لذا تجد الطرفان يشعران بالقلق والتوتر تجاه أى موقف حياتى جديد عليه
ومن الأسباب أيضا لحدوث الطلاق هى مواقع التواصل الإجتماعى التى أدت إلى سلبيات كثيرة داخل المجتمع منها أن جعلت كل فرد من أفراد الأسرة يعيش فى جزيرة بمفرده منعزل عن باقى أفراد الأسرة وأحدثت حالة من الخرس الزوجى بسبب انشغال الزوجيين بمتابعة مواقع التواصل الاجتماعى والاستغناء بها عن الحوار مع الطرف الآخر
كما سهلت الخيانة الزوجية بالدخول على هذه المواقع التى يظهر الناس بغير حقيقتهم فيرتفع سقف توقعات الزوج فى زوجته بعد أن شاهد النساء على صفحات التواصل يذهب ليطالب زوجته التى تتحمل الكثير من المسئوليات على مدار اليوم أن تكون مثل فلانة وعلانة ويصبح ولا شىء يرضيه ويرى أن الطرف الآخر اصبح الشخص الغير ملائم لاستمرار الحياة ومن هنا يحدث الشقاق وقد بينت لنا ايات سورة النور الحل لهذه المشكلة إذ يقول تعالى :” { قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ } (30
فغض البصر عن عورات الآخرين يُسعد كل إنسان بما يمتلكه ويظن كل زوج أن زوجته أجمل نساء الأرض لانه لا ينظر إلى غيرها وكأن الله عزوجل يعاقب من أطلق بصره وفتح الباب للعلاقات الغير سوية بحدوث مشاكل بينه وبين زوجته وليدرك كل من اطلق بصره واتبع هواه أنه من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه فلا يترك لنفسه العنان للدخول فى مثل هذه العلاقات وليعلم أنه لا يخون زوجته إنما يخون الله فهو القادر على فضح هذه العلاقة مهما حاول إخفاءها عن الطرف الآخر ووضع كلمات سرية وشفرات فالسر علانية عند الله هو وحده يعلم السر وأخفى
ومن يتق الله يملأ قلبه رضا تجاه شريك حياته فإنه سبحانه عليم بذات الصدور
ومن الأسباب أيضا لوقوع الطلاق عدم مراعاة الاختلافات الفطرية بين طبيعة الرجل والمرأة فى طريقة التفكير التى تؤهل كل منهم لتأدية وظيفته فى الحياة فتجد كل طرف يتعامل مع الآخر على أنه نسخة منه فى التفكير وفى طريقة الحياة فمن هنا تحدث الخلافات ويزداد التوتر فى العلاقة فيجب أن يفهم كل طرف طبيعة الطرف الآخر وكيف يفكر حتى لا يصطدم بجدار عازل كونته الأيام والسنين لأن واحد منهم لم يجرب أن يكون مكان الآخر
ومن الأسباب أيضا ما يتعلق بالثقافة الجنسية وعدم فهم كل طرف ما يحتاجه الطرف الآخر لتكون علاقة مرضية للطرفين وقد يحدث خلاف بين الزوجين فى ظاهره بسيط لكن إذا بحثت وجدت أن السبب الأصلى وراءه عدم الارتياح فى هذه العلاقة
وقد يكون سبب من أسباب الطلاق غياب لغة الحوار بين الزوجين التى تخلق روح التفاهم بين الزوجيين وتنمى الحب عندما يسمع كل طرف من الآخر ويفرغ كل منهم ما يدور فى ذهنه تجاه الطرف الآخر فلا تجد تراكم للمشكلات يوما بعد يوما حتى تصبح المشكلة كالقنبلة الموقوته تنفجر فى وجهه فى أى وقت
كما يعتبر الحالة الاقتصادية وزيادة الأعباء المادية سبب فى الخلافات الأسرية التى تنتهى بالطلاق لعدم صبر الزوجيين على ضغوطات الحياة وقد يكون دخل الزوجة أكبر من دخل زوجها فعندما تستقل ماديا قد تستغنى عن زوجها وكأن الزوج خزينة أموال فقط وليس شريك حياة كاملة فى اليسر والعسر
والآن ما الحلول للحد من المشاكل التى تؤدى إلى الطلاق ؟
أولا : الابتعاد عن المعاصى فإنها سبب كبير فى المشاكل يقول سفيان الثورى :” إنى لأعصى الله فأجد ذلك فى خلق دابتى وزوجتى “
فقد تحدث المشكلة ونبحث عن السبب فنجده أن الزوج يكتسب ماله من حرام مثلا فهذا المال الحرام أفسد عليه حياته كما بينت الآيات ان ما يحدث للانسان من ابتلاءات فمن نفسه إذ يقول تعالى :” قال تعالى : {“وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ (30 } كما بينت أن تعسير الحياة وكدرها أثر من آثار الذنوب إذ يقول تعالى : {” وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ (124)} [طه]
” فإن لكل شىء سنن لا تتبدل ولا تتخلف فكما أن الطاعة تورث فى القلب الراحة والسكينة وهذا يعود على الأسرة كلها كذلك المعصية تورث الذل والمهانة وتعسير الحياة فليحر ص الزوجين على تقوى الله من أول يوم والرجوع إلى الله بالتوبة والاستغفار عندها سيصلح الله ما بينه وبين شريك حياته لأنه أقبل على الله وأصلح ما بينه وبين الله
كما أن استخدام لغة الحوار بين الطرفين يساهم فى حل المشاكل أول بأول ولا يسمح لها بالتراكم فعبر عن ما بداخلك قل لشريك حياتك ما تريده منه بوضوح ولا تنتظر حتى يحس هو ويعلم ما بداخلك فلن يحدث
البحث عن السبب الحقيقى للمشكلة الظاهرة فقد يتشاجر الزوجان على متطلبات البيت أو تربية الأبناء وفى الحقيقة يكون السبب مشكلة فى العلاقة الحميمية فالحل فى هذه الحالة الصراحة بين الطرفين ربما يكون الزوج غير مدرك لاحتياجات زوجته وقد يكون الأمر محتاج للقراءة والتثقيف فى هذه الأمور أو لاستشارة طبيب ليجب لك على أسئلتك
كما أن التغافل فى بعض الأحيان عن أفعال الطرف الآخر قد يكون سبب فى تخفيف المشاكل وتذكر ما لكل طرف من رصيد عند الآخر من تفاهم وود واحترام وهذه الاشياء إذا فقدت ضاع الحب لأنه لم يجد الرصيد الكافى الذى يجعله يستمر ويكبر
بالنسبة لمشكلة العنف الأسرى والتعدى جسديا أو بالألفاظ على الطرف الثانى مبدئيا هناك أشياء يمكن أن تجبر فى العلاقة وتصلحها الأيام ولكن بالنسبة لمشكلة الإعتداء الجسدى يستحيل أن تعود الحياة لسابق عهدها فهذه أمور تترك شرخا فى العلاقة لا تداويه الأيام فليأخذ قرار بالتوقف عن ذلك وعلى الطرف الآخر أن لا يقبل الإهانة ولا يمررها حتى لا تصبح عادة ثم لا ينفع الندم
واستمع لقول السيدة عائشة رضى الله عنها ” ما ضرب رسول الله شيئا قط بيده ولا امرأة ولا خادم إلا أن يجاهد فى سبيل الله “
أهمية الاعتذار إذا تبين أنك على خطأ ولا تتعالى ولا تكبر وتذكر أن الله أخرج ابليس من رحمته لنفس هذا الداء لأنه تكبر بينما تقبل من آدم عليه السلام توبته لخضوعه واعترافه بذنبه ابدأ وستجد له الأثر الطيب فى حياتك فإنه يعلى مكانة الزوج فى نظر زوجته والعكس صحيح
ثم الاتفاق المسبق إذا حدث مشكلة أن لا يحدث تهديد بالانفصال ولا تستخدم الأبناء ورقة ضغط أو يتم إشراكهم فى المشكلة أو غيرها من الأمور التى تعد من الخطوط الحمراء عند حدوث المشكلة
كما أن التزام الطرفين الدعاء وأن يسألوا الله التوفيق فى الحياة إذ يقول تعالى : {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ (60)} ” فعلينا أن نستخدم الدعاء ولا نستكبر أن نوكل الله عزوجل فى حل المشكلة بصدق الالتجاء إليه
إذا لجأ أحد الزوجين إلى ادخال طرف ثالث للإصلاح فليحرص أن يكون من أهل الصلاح والحكمة عملا بالآية الكريمة ” {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُمَا ۗ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا (35)} ليس شرطا أن يكون الطرف الثالث الأم أو الاب فقد لا يكونوا عدولا ويفتقروا إلى الحكمة التى تدار بها الأمور
إذا اكتشف طرف خيانة الطرف الآخر فعليه أولا أن يتأكد من هذا الأمر ولا يبنى اتهامات على مجرد شكوك ثم يتحدث معه ويناقشه بما يضيق به صدرك وأن يكون هادئا متزنا ويتعامل مع الموقف بذكاء لا تجعل مشاعر الغضب تأخذك إلى حلول تدمر البيت وأنت لا تريد ذلك فى النهاية قد يكون الأمر مرة واحده ويعتذر ويرجع إليك نادما فهذه معصية فى حق الله أولا فإن تاب إلى الله وأصلح من نفسه فلتقبليه فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «كلُّ بني آدم خَطَّاءٌ، وخيرُ الخَطَّائِينَ التوابون ” والجأ إلى الله يلهمك الصواب فالستر أولى فى هذا الموقف ولا تجعل هذا الأمر مشاع فى جيرانك أو أفراد أسرتك أما إذا كان ديدنه الخيانة ولا يوجد شيئا يردعه عن ذلك فلك الخيار أن تتطلبى الطلاق وقتها ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها فهذا لايأتى منه الخير الذى ترجوه لا بالنسبة لك ولا أولادك.
ومن الحلول أيضا لمشكلة الطلاق هو إنشاء مراكز إرشاد أسرى متخصصة فى كل منطقة للإصلاح الأسرى تقدم النصح والإرشاد لأهالى المنطقة وتقيم دورات تثقيفية للمقبلين على الزواج وتساعدهم على فهم ما يريده كل طرف من الثانى كما أن للدعاة دور فى المساجد لتوعية الشباب وتعريفهم بحقوقهم وواجباتهم
كما ان على كل طرف التأنى فى اختيار شريك الحياة وعدم اتباع الهوى و صلاة الاستخارة فيها الالتجاء إلى الله واستشارة أهل الخبرة وعدم التسرع فى القرار
وليعلم الطرفان أنه إذا وقع الطلاق فليكن بالمعروف كما بيت الآيات طلاق يحفظ الحقوق للطرفين طلاق لا يهتك ستر البيوت فيسمع بهم القاصى والدانى فالطلاق ليس حرام لكن الحرام أن لا يقيما شرع الله وقت الطلاق فقد تكفل الله عزوجل لكل منهما أن يغنيهما من سعته إذ يقول تعالى :” {وَإِن يَتَفَرَّقَا يُغْنِ اللَّهُ كُلًّا مِّن سَعَتِهِ ۚ وَكَانَ اللَّهُ وَاسِعًا حَكِيمًا (130)} “
هناك سورة كاملة اسمها سورة الطلاق وكذلك سورة البقرة قد بينت أحكام الطلاق بالتفصيل فلم تدع شيئا للأهواء فقد بينت الايات متى يتم الطلاق وما هى عدة المطلقة وهى ثلاث حيضات أو ثلاث أطهار على اختلاف فقهى وعدة الحامل أن تضع حملها وبين حكم النفقة فجعلها حسب حالة الزوج وحق المطلقة فى البقاء فى بيتها فترة العدة لا تخرج منه إلا أن تأتى بفاحشة مبينة ونجده فى سورة الطلاق ربط بين تقوى الله والطلاق وافتتحت سورة النساء بالأمر بتقوى الله فى العلاقات الإجتماعة وصلة الارحام ليدرك المسلم قيمة الأسرة فى التشريع إذ يقول تعالى :” { يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا (1}
وهذا لا يعنى أن الإسلام يسارع إلى التفريق بين الزوجين فإنه يشد على يد الرجال لمعاشرة زوجاتهم بالمعروف حتى فى حالة الكراهية فيبين لهم :” { فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا (19 } ” [النساء]
فما يدريك لعل الله يدخر لك الخير فى زوجتك وأنت لا تدرى فإذا تجاوز الأمر الحب والكره إلى النفور والنشوز فلابد من محاولة من الآخرين إصلاح البيت والتوفيق بينهما فإن استحكم الخلاف وأ مسك الزوجين على قرارهما بالطلاق فلا يكون فى أى وقت فيجب أن يكون فى طهر لم يقع فيه وطء لعل النفوس تهدأ فى هذه الفترة ويصلح الله بين المتخاصمين وليس أى طلاق يقع فإذا كان الزوج غاضبا غضبا لا يدرى ما يقول فلا يقع الطلاق ما يسميها الفقهاء حالة الاغلاق وهكذا من الأحكام التى تضمن أن الأسرة لا تنهدم نتيجة لحظة غضب عارمة أو نفور إنما تتخذ كل الوسائل التحصين حتى لا ينفرط العقد
وفى النهاية فليعلم الزوجين أن أكثر عمل يفرح به الشيطان هو التفريق بين الزوج وزوجته وهؤلاء الذين تسرعوا فى قرار الطلاق لم يبذل معهم الشيطان أى جهد ليفرق بينهم فلا تعطه الفرصة لذلك حصنوا بيوتكم بتقوى الله والقرب منه يبتعد عن بيوتكم شياطين الإنس والجن
Source link