خذ بالأسباب – محمد سيد حسين عبد الواحد

خذ بالأسباب وكأنها كل شيء ثم توكل على الله وكأن الأسباب لا تساوي أي شيء.

أيها الإخوة الكرام:  إن مفاتيح هذا العالم بيد الله سبحانه وتعالى، هو الذي يفتح، وهو الذي يغلق،  هو الذي يبسط وهو الذي يقبض ﴿ {مَّا يَفْتَحِ ٱللَّهُ لِلنَّاسِ مِن رَّحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا ۖ وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُۥ مِنۢ بَعْدِهِۦ ۚ وَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ} ﴾

لا نتنفس( النفس) في الليل والنهار ولا في اليقظة والمنام إلا بإذنه سبحانه وتعالى، ولا نفتح أعيننا إلا بأمره، ولا نعقل عنه شيئا إلا بحول الله سبحانه وتعالى وقوته، هو الذي يحيي، وهو الذي يميت، هو المعطي، وهو المانع، هو الذي يرفع وهو الذي يخفض، هو المعز، وهو المذل ﴿ { قُلِ ٱللَّهُمَّ مَٰلِكَ ٱلْمُلْكِ تُؤْتِى ٱلْمُلْكَ مَن تَشَآءُ وَتَنزِعُ ٱلْمُلْكَ مِمَّن تَشَآءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَآءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَآءُ ۖ بِيَدِكَ ٱلْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍ قَدِيرٌ } ﴾ 

لا يتحرك ساكن في هذا الوجود، ولا يسكن متحرك إلا بتقدير الله سبحانه وتعالى له وإرادته له ﴿ {إِنَّا كُلَّ شَىْءٍ خَلَقْنَٰهُ بِقَدَرٍ } ﴾﴿ {وَمَآ أَمْرُنَآ إِلَّا وَٰحِدَةٌ كَلَمْحٍۭ بِٱلْبَصَرِ } ﴾

هذا ما نعتقده ك(مسلمين)، هذا ما نؤمن ك( موحدين) الأرزاق بيد الله، والحياة بيد الله، والموت بيد الله، والتوفيق بيد الله، وفعل الصالحات وترك المنكرات بحول الله وقوة الله ﴿ {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَا۟ىْءٍ إِنِّى فَاعِلٌ ذَٰلِكَ غَدًا } ﴾﴿ {إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ ۚ وَٱذْكُر رَّبَّكَ إِذَا نَسِيتَ وَقُلْ عَسَىٰٓ أَن يَهْدِيَنِ رَبِّى لِأَقْرَبَ مِنْ هَٰذَا رَشَدًا} ﴾ 

قَالَ عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ لِابْنِهِ يَا بُنَيَّ إِنَّكَ لَنْ تَجِدَ طَعْمَ حَقِيقَةِ الْإِيمَانِ حَتَّى تَعْلَمَ أَنَّ مَا أَصَابَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُخْطِئَكَ وَمَا أَخْطَأَكَ لَمْ يَكُنْ لِيُصِيبَكَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ أَوَّلَ مَا خَلَقَ اللَّهُ الْقَلَمَ فَقَالَ لَهُ اكْتُبْ قَالَ رَبِّ وَمَاذَا أَكْتُبُ قَالَ اكْتُبْ مَقَادِيرَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى تَقُومَ السَّاعَةُ يَا بُنَيَّ إِنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ مَنْ مَاتَ عَلَى غَيْرِ هَذَا فَلَيْسَ مِنِّي. 

أيها الإخوة المؤمنون: على الرغم من كامل إيماننا بأن مفاتيح هذا العالم بيد الله الواحد الأحد، إلا أننا نؤمن في الوقت ذاته أن الله تعالى جعل لكل شيء سببا.. 

حكمة الله تعالى تقتضي أن يأخذ الإنسان بكل سبب ممكن وكأن الأسباب هى كل شيء، ثم اقتضت حكمته أن يتوكل العبد على الله تعالى وكأن الأسباب التي أخذ بها لا تساوي أي شيء.. 

قال الله تعالى لنوح عليه السلام   {﴿ وَٱصْنَعِ ٱلْفُلْكَ بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا وَلَا تُخَٰطِبْنِى فِى ٱلَّذِينَ ظَلَمُوٓا۟ ۚ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ ﴾ }

وفي شأن موسى عليه السلام قال {﴿ فَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰٓ أَنِ ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْبَحْرَ ۖ فَٱنفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَٱلطَّوْدِ ٱلْعَظِيمِ ﴾}  

وقال {﴿وَإِذِ ٱسْتَسْقَىٰ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِۦ فَقُلْنَا ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْحَجَرَ ۖ فَٱنفَجَرَتْ مِنْهُ ٱثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا ۖ ﴾ }

وقال لأيوب عليه السلام {  ﴿ ٱرْكُضْ بِرِجْلِكَ ۖ هَٰذَا مُغْتَسَلٌۢ بَارِدٌ وَشَرَابٌ ﴾﴿ وَوَهَبْنَا لَهُۥٓ أَهْلَهُۥ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَىٰ لِأُو۟لِى ٱلْأَلْبَٰبِ ﴾﴿ وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَٱضْرِب بِّهِۦ وَلَا تَحْنَثْ ۗ إِنَّا وَجَدْنَٰهُ صَابِرًا ۚ نِّعْمَ ٱلْعَبْدُ ۖ إِنَّهُۥٓ أَوَّابٌ ﴾}

وقال لمريم ابنة عمران {﴿ وَهُزِّىٓ إِلَيْكِ بِجِذْعِ ٱلنَّخْلَةِ تُسَٰقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا ﴾﴿ فَكُلِى وَٱشْرَبِى وَقَرِّى عَيْنًا ۖ فَإِمَّا تَرَيِنَّ مِنَ ٱلْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِىٓ إِنِّى نَذَرْتُ لِلرَّحْمَٰنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ ٱلْيَوْمَ إِنسِيًّا ﴾ }

أن يمد الإنسان يده، أن يمل الإنسان كل ما يقدر على عمله: 
هذه هى سنة الله تعالى في خلقه،سنة ( لا يكفي) أن نؤمن بها فقط بل لابد وأن نؤمن بها ولابد وأن نعمل بها.. 

وإذا كنا هذه الأيام نعيش الأيام الأولى من شهر المحرم، وإذا كنا في بداية عام هجري جديد فنود أن نؤكد على أن الهجرة بمواقفها وأحداثها من البدايات إلى النهايات قائمة على الإيمان بسنة الأخذ بالأسباب وضرورة العمل بها،  مع العلم يقينا أنها لا تضر ولا تنفع إلا بأمر مسبب الأسباب سبحانه وتعالى.. 

فهذا هو الحبيب صلى الله عليه وسلّم 
أذن الله تعالى له أن يخرج من قريش وأن يهجرها، بأصنامها، بقبائلها، بمجرميها،  بمفسديها، بمن فيها من الظالمين، أذن الله تعالى لنبيه أن يخرج من مكة يفارق أهلها وأرضها ويرحل من تحت سماءها حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا..

وبدأ الإعداد للهجرة ( بدأ) بالأخذ بالأسباب.. 
وأول الأسباب أنه صلى الله عليه وسلم وجه الصحابة إلى الهجرة إلى المدينة وذلك حين قال رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِلْمُسْلِمِينَ « قَدْ رَأَيْتُ دَارَ هِجْرَتِكُمْ أُرِيتُ سَبْخَةً ذَاتَ نَخْلٍ بَيْنَ لَابَتَيْنِ وَهُمَا حَرَّتَانِ » فَخَرَجَ مَنْ كَانَ مُهَاجِرًا قِبَلَ الْمَدِينَةِ حِينَ ذَكَرَ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ 

ثم إن رسول الله اختيار الصاحب في السفر ووقع اختياره على أبي بكر،(أقرب الناس وأحبهم،وأصدقهم،وأكثرهم إخلاصا للنبي عليه الصلاة والسلام، وذلك أن أبا بكر تجهز للهجرة واستأذن رسول الله في الخروج فقال له النبي صلى الله عليه وسلّم على رسلك يا أبا بكر لعل الله أن يجعل لك صاحبا..  يقصد نفسه صلى الله عليه وسلّم.. 

وأمر رسول الله أبا بكر أن يجهز راحلتين وأدى رسول الله ثمن راحلته إلى أبي بكر فحبسهما أبو بكر وعلفهما أربعة أشهر  .. 

واتفق رسول الله مع رجل يقال له عبد الله بن أريقط وكان رجلا مشركا إلا أن رسول الله اختاره واتفق معه لأمانته وخبرته بالطريق.. 

واختار رسول الله غار (ثور) وهو في جنوب مكة وفي اتجاه لا يخطر على بال قريش ليختبأ فيه وصاحبه حتى يهدأ عنهم الطلب.. 

وكلف رسول الله عبد الله بن أبي بكر أن يأتيه كل ليلة بخبر القوم وكل عامر بن فهيرة أن يمر عليه كل ليلة بغنمه يسقي رسول الله وأبا بكر من ألبانها.. 

ولما حان وقت الخروج من مكة وبينما قريش قد اتفقت على الخلاص منه أتى رسول بيت أبي بكر فوضع اللمسات الأخيرة على خطة الخروج.. 

ثم إن رسول الله عاد إلى بيته فأغلق عليه بابه، وظل عامة ليله مستيقظا حذرا،  حتى تيقن أن قريشا تقف بالباب، وعندها أخذ رسول الله بالحيلة فأمر عليا رضي الله عنه أن ينام مكانه وأن يتغطى ببرده الذي يتغطى به.. 

ونزل جبريل فأمر رسول الله أن يفتح الباب ويخرج،  ففتح الباب وخرج ومشى بين قريش، وأبو جهل يكلم الناس وهم جلوس فيقول لهم إن محمدا يزعم أنكم إن تابعتموه كنتم ملوكا فإذا متم بعثتم بعد موتكم وكانت لكم جنان خير من جنان الأردن وأنكم إن خالفتموه كان لكم منه ذبح ثم بعثتم بعد موتكم وكانت لكم نار تعذبون بها.. 
خرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك وفي يده حفنة من تراب وقد أخذ الله تعالى على أعينهم دونه فجعل يذرها على رءوسهم وهو يقرأ   {﴿ يسٓ ﴾﴿ وَٱلْقُرْءَانِ ٱلْحَكِيمِ ﴾﴿ إِنَّكَ لَمِنَ ٱلْمُرْسَلِينَ ﴾﴿ عَلَىٰ صِرَٰطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾  ﴿ تَنزِيلَ ٱلْعَزِيزِ ٱلرَّحِيمِ ﴾ ﴿ لِتُنذِرَ قَوْمًا مَّآ أُنذِرَ ءَابَآؤُهُمْ فَهُمْ غَٰفِلُونَ ﴾﴿ لَقَدْ حَقَّ ٱلْقَوْلُ عَلَىٰٓ أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ ﴾﴿ إِنَّا جَعَلْنَا فِىٓ أَعْنَٰقِهِمْ أَغْلَٰلًا فَهِىَ إِلَى ٱلْأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ ﴾﴿ وَجَعَلْنَا مِنۢ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْنَٰهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ ﴾}

وانطلق رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لحاجته وباتوا رصداء على بابه حتى خرج عليهم بعد ذلك خارج من الدار فقال ما لكم قالوا ننتظر محمدا قال قد خرج عليكم فما بقي منكم من رجل إلا وضع على رأسه ترابا ثم ذهب لحاجته فجعل كل رجل منهم ينفض ما على رأسه من التراب ثم انطلقوا في كل ناحية يطلبون رسول الله وصاحبه يبذلون في سبيل ذلك كل غال ونفيس.. 

ولم تزل قريش تسعى في طلبهما حتى وصلو إلى الغار حيث بداخله رسول الله وصاحبه..  وهنا الشاهد أيها المؤمنون.. 

  «عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَنَحْنُ فِي الْغَارِ لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ يَنْظُرُ إِلَى قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا تَحْتَ قَدَمَيْهِ فَقَالَ رسول الله يَا أَبَا بَكْرٍ مَا ظَنُّكَ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا.» . 

وفي رواية قَالَ «كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْغَارِ فَرَفَعْتُ رَأْسِي فَإِذَا أَنَا بِأَقْدَامِ الْقَوْمِ فَقُلْتُ يَا نَبِيَّ اللَّهِ لَوْ أَنَّ بَعْضَهُمْ طَأْطَأَ بَصَرَهُ رَآنَا قَالَ اسْكُتْ يَا أَبَا بَكْرٍ اثْنَانِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا» .. 

وهنا نتوقف قليلا:  لنقول إن رسول الله لما خاف أبو بكر وقال ( لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا) لم يقل له رسول الله لا تحزن لقد اختبأنا جيدا، ولم يقل له لا تحزن لقد أخذنا بالأسباب، وإنما قال ( إن الله معنا) 

وهذا ما يجب أن نتنبه له، أن يأخذ الإنسان بجميع الأسباب الممكنة وكأن هذه الأسباب هى كل شيء، ثم يتوكل على الله تعالى، ويثق به، ويحسن الظن به، ويعتمد اعتمادا كاملا عليه، وكأن كل الأسباب التي أخذ بها لا تساوي أي شيء.. 

وهذا فيما أرى أعظم درس مستفاد من الحديث عن هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلّم ( أن نتعلم كيف نتوكل على الله تعالى)  

هذا نقوله لطالب العلم في دراسته،  ونقوله للتاجر في تجارته، وللمريض في محنته، وللمعلم في مهمته، وللمحترف في مهنته.. خذ بجميع الأسباب الممكنة لتصل إلى مرادك وكأن هذه الأسباب هى كل شيء، ثم يتوكل على الله تعالى، ويثق به، ويحسن الظن به، ويعتمد اعتمادا كاملا عليه، وكأن كل الأسباب التي أخذ بها لا تساوي أي شيء.. 

{ ﴿ إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ ثَانِىَ ٱثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِى ٱلْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَٰحِبِهِۦ لَا تَحْزَنْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُۥ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا۟ ٱلسُّفْلَىٰ ۗ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِىَ ٱلْعُلْيَا ۗ وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾}

نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يعلمنا ما ينفعنا وأن يرزقنا الفهم عنه وعن رسوله صلى الله عليه وسلّم إنه ولي ذلك ومولاه وهو على كل شيء قدير.. 

الخطبة الثانية 
بقى لنا في ختام الحديث عن درس مستفاد من الحديث عن هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلّم وهو أن نتعلم منه كيف نتوكل على الله تعالى بصدق من خلال الأخذ بالأسباب وكأنها تفعل كل شيء، ثم الاعتماد على الله تعالى وتفويض الأمور كلها إليه وكأن الأسباب لا تفعل أي شيء. 

وبدون ذلك نكون متواكلين ولسنا متوكلين.. 
المتواكل يدعي كذبا إيمانه بقضاء الله تعالى وقدره، ويدعي أن إيمانه بقضاء الله وقدره يسمح له أن يقعد بلا عمل، وبلا جهد، وبلا سعي وينتظر حتى يأتيه الفرج، يطلب العلم دون أن يحصل من العلم شيئا، يتاجر من غير أن ينمي تجارته، في يديه حرفه لكنه لا يطور من نفسه..  هؤلاء كلهم متواكلون… 

ورد في سنن البيهقي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان أهل اليمن يحجون ولا يتزودون ب(طعام) ويقولون نحن متوكلون، فيحجون إلى مكة ويسألون الناس، فأنزل الله عز وجل: {(وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى)}  

وورد أيضا أنه في زمان عمر بن الخطاب رضي الله عنه لقي ناساً من اليمن فقال: ما أنتم؟ فقالوا: متوكلون. فقال: كذبتم، أنتم متكلون، إنما المتوكل رجل ألقى حبه في الأرض وتوكل على الله عز وجل.. 

إذاً فما المطلوب منا ؟؟
المطلوب منا أن نأخذ بالأسباب نرتب أمورنا ونحسب حسابنا ونعمل كل ما في وسعنا وكأن هذه الأسباب هي كل شيئ ثم نتوكل علي الله تعالي وكأن الأسباب لا شيئ لن نصل إلا بهذا لن ننجو في دنيا ودين إلا بهذا،.. 

وكأن العبد يمشي بطريق .. عن يمين الطريق منحدر وعن يسار الطريق منحدر , عن يمين الطريق منحدر هو منحدر الشرك والعياذ بالله وعن يسار الطريق منحدر هو منحدر معصية الله والعياذ بالله 
فإذا العبد أخذ بالأسباب وحدها وركن إليها وحدها واعتمد عليها وحدها وكأن الأسباب هي التي تفعل سقط ذلك العبد في منحدر الشرك والعياذ بالله , وإذا العبد قال توكلت علي الله واعتمدت علي الله ولم يأخذ بالأسباب وقع العبد في منحدر معصية الله والعياذ بالله ذلك أنه لم يحترم نظام الله تعالي ولم يعمل بسنة الله في خلقه وهي ان الله تعالي جعل لكل شيئ سببا قال النبي عليه الصلاة والسلام ««لو أنَّكم كنتم تتوكلون على الله حقَّ توكلهِ : لَرُزِقْتُمْ كما تُرْزقُ الطَّيْرُ ، تَغْدو خماصا وتَرُوحُ بِطانا»»

نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يرزقنا الفهم عنه وعن رسوله صلى الله عليه وسلّم. اللهم آمين.


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

الشدة والفرح – علي بن عبد العزيز الشبل

«إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ» جاءت هٰذِه الكلمة دلالةً عَلَىٰ ما في قلوب المؤمنين، من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *