لقد خلق الله الخلق وجَبَلَهم على الخطأ والمعصية ليعلم العباد أن الكمال لله وحده، وأنه غني عن الخلق، وأنهم فقراء لا غنى لهم عنه، محتاجون إليه في كل حركاتهم وسكناتهم.
لقد خلق الله الخلق وجَبَلَهم على الخطأ والمعصية ليعلم العباد أن الكمال لله وحده، وأنه غني عن الخلق، وأنهم فقراء لا غنى لهم عنه، محتاجون إليه في كل حركاتهم وسكناتهم.
ولا يمكن لعاقل أن يدَّعي العصمة والسلامة إذ هذا من الأمور المستحيلة عقلاً وشرعاً.
لذا جعل الله دواء المعصية التوبة، ومن تاب تاب الله عليه وهذا ما أجمعت عليه أمة الإسلام من زمن النبوة حتى يومنا هذا.
إلا أن طبقةً من الناس اليوم وقد ينتسبون إلى العلم وهم أبعد ما يكون منه يشككون في من أظهر التراجع عن خطئه لكونه يخالفهم الرأي أو ينكر عليهم التنطع وأكل لحوم العلماء.
حتى أظهر بعضهم أن فلاناً من الناس لم يتراجع وأن ما يخفيه غير ما يظهره، فيا سبحان الله اطلع الغيب!؟ ودخل في قلوب العباد حتى يشهد بأمر غيبي، هذه سفاهة ظاهرة.
فهذا نبينا – صلى الله عليه وسلم – يقول: «إني لم أومر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أن أشق بطونهم».
و قال لأسامة في الرجل الذي قتله بعد أن قال لا إله إلا الله «كيف قتلته بعد أن قال لا إله إلا الله» قال: إنما تعوذاً.
قال: «فهلا شققت عن قلبه».
وكذلك في حديث المقداد نحو هذا و في ذلك نزل قوله تعالى: {وَلَا تَقُولُوا لِمَنْ أَلْقَى إِلَيْكُمُ السَّلَامَ لَسْتَ مُؤْمِنًا تَبْتَغُونَ عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [النساء: 94].
وقد قال عمر بن الخطاب: من أظهر لنا خيراً أجبناه وواليناه عليه، وإن كانت سريرته بخلاف ذلك، ومن أظهر لنا شراً أبغضناه عليه وإن زعم أن سريرته صالحة.
لقد ضيَّعوا أوقاتاً كثيرة في نقد فلان وذكر أخطاءه والبحث والتصيد عن أخطاء جديدة ونشرها بين المجتمعات دون تفريق بين متعلم وجاهل حتى أفسدوا ذات البين وانتشرت فيهم النميمة وفشا الكذب بما يزيده بعض الجهال بقصد إسقاط فلان المتعلم الناصح، معتمدين في منهجهم الساقط على أقوامٍ ينتسبون للعلم لم يمنعهم داء الحسد من تشجيع هؤلاء بحجة تمييز المجتمعات من الأدعياء.
وهذا اعتبار فاسد، ومثل هؤلاء المشجعين لا يعدون قدوةً حسنة ولا حجة مستقيمة لكون الباعث لهم سيئ وهو الحسد أو التنافس لكسب وجوه الناس إليهم.
ولو سلمنا لهم بالعلم على ما هم عليه من الانحراف لجزمنا قطعاً حرمة متابعتهم في هذه البدعة.
رُوي عن ابن عباس أنه قال: خذوا العلم حيث وجدتموه ولا تقبلوا قول الفقهاء بعضهم على بعض فإنهم يتغايرون كما تتغاير التيوس في الزريبة.
إنهم قومٌ عُرِفوا بشهوة التجريح وسوء الظن وحمل الكلام على أسوأ المحامل والتربص والترصد والفرح بالخطأ والغيبة والنميمة إلا أن صورهم صور الصالحين فإذا اجتمعوا أو خطبوا أو كتبوا ظهروا على حقيقتهم الغوغاء فهل مثلَهم يكون الرجال المصلحون؟!
Source link