صلاة الفجر تشكو مِن قلَّة المُصَلِّين؛ إلاَّ في رمضان، مع أنها صلاة مبارَكة، وعظيمة القدر؛ ولهذا أقسم الله – عزَّ وجلَّ – بوقتها؛ فقال – تعالى -: {وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ}..
أما بعدُ:
وهي صلاةٌ مشهودة منَ الملأ الأعلى؛ قال – تعالى -:
{أَقِمِ الصَّلَاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآَنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآَنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا} [الإسراء: 78].أخي المسلم:
– قيام ليلة كامِلة:
– فى ذمّة الله:
إنَّ مِن فضْل الله – تعالى – على أهل صلاة الفجر: أنهم مَحْفُوفُون بحفظ الله وعنايته، وهل هناك فوق ذلك مِن مزيد؟
وَإِذَا العِنَايَةُ لاَحَظَتْكَ عُيُونُهَا نَمْ فَالمَخَاوِفُ كُلُّهُنَّ أَمَانُ
يقول النبي – صلى الله عليه وسلّم -: «مَن صلَّى الصُّبح في جماعة، فهو في ذمَّة الله» (رواه مسلم).
فهو بِحَوْل الله في حِفْظ ورعاية من ملك الملوك، ورب الأرباب – سبحانه وتعالى – ذلك المعنى الذي يفيض على النفس ثقةً وطمأنينةً؛ ليقين العبد أنه في كَنَفِ الله، وأنَّ عينَ الله تَرْعاه.
– نور يوم القيامة:
وعند لقاء الله تعالى يَفُوزون بِمطلبهم، قال – صلَّى الله عليه وسلَّم -:
«بشِّر المشَّائينَ في الظُّلَم إلى المساجد بالنور التَّامِّ يوم القيامة» (رواه التِّرمذي، وابن ماجه).وعلى هذا؛ فمَن أدمَنَ المسيرَ إلى المساجد، زاد الله له في النور، فيعمُّه الضياء يوم القيامة، وقد ورد في ذلك: ((فيعطون نورهم على قدْر أعمالهم، فمنهم مَن يعطى نوره مثل الجبل بين يديه، ومنهم مَن يعطى فوق ذلك، ومنهم من يعطى نوره مثل النخلة بيمينه، حتى يكون آخر من يعطى نوره على إبهام قدمه، يضيء مرة، وينطفئ مرة))؛ المنذري عن عبدالله بن مسعود.
قال الله – تعالى -:
{يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ} [الحديد: 12].– تقرير عن أهل صلاة الفجر:
– قيمة صلاة الفجر:
وما أدراك ما قيمة النافلة في الصُّبح، فضلاً عنِ الفريضة؟ يقول النبي الكريم – صلى الله عليه وسلم -:
«ركعتا الفجْر خيرٌ منَ الدُّنيا وما فيها» (رواه مسلم عن عائشة بسندٍ صحيح).تأمَّل – أخي المسلم – وأعد التفكير في هذا البيان النبوي الكريم، الذي يُبَيِّن أنَّ ركعتي السُّنَّة خير منَ الدنيا وما فيها، فما قيمة الفريضة؟ شيءٌ يستعصي على الخيال إدراكه، فالحمد لله على مزيد الأجر.
– الرِّزق والبَرَكة:
– البشرى بالجنة:
وقال – صلى الله عليه وسلم -:
«لن يلجَ أحد النار صَلَّى قبل طلوع الشمس وقبل غروبها» (رواه مسلم)، عن عمارة بن رؤيبة بسند صحيح.هذه أهم الكُنُوز الإيمانيَّة لأهل صلاة الفجر في جماعة.
آثار وعقوبات ترْك الفجر:
– من صفات المنافقينَ:
وقال – صلى الله عليه وسلم -:
«ليس صلاة أثقل على المنافقينَ من صلاة العشاء والفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبْوًا» (متفق عليه).ومِن كلام ابن مسعود – رضيَ الله عنه – الذي يثير الإشفاق والخوف: “لقد رأيتنا وما يتخلف عن صلاة الفجر إلاَّ منافق معلوم النِّفاق”.
ويُؤَكِّد ذلك ابن عمر – رضي الله عنه – حيث يقول: “كنَّا إذا فقدنا الرجل في الفجر، أسأنا به الظن”.
– الويل والغي:
وكما قال ابن عبَّاس – رضيَ الله عنهما -: “أما إنهم لم يتركوها بالكليَّة؛ ولكن أخَّروها عن وقتها كَسَلاً، وسهْوًا، ونومًا”.
وقال الله – تعالى -:
{فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ} [الماعون: 4، 5].– بول الشيطان:
ومعنى هذا: أنَّ الشيطان قدِ استولى عليه، واستخفّ به، حتى جَعَلَهُ مكانًا للبول – والعياذ بالله.
– الكسل وخبث النفس:
– منْع بركة الرِّزق:
أُمُور تساعد على صلاة الفجر في جماعة:
– النوم مبكرًا؛ لأنَّ الجسمَ له راحة، وإن طول السَّهَر يحرم الإنسان منَ الاستيقاظ المبكِّر، وقد ورد النَّهى عنِ السَّمر بعد العشاء إلاَّ للضرورة؛ كمسامَرة الزوج لزوجته، والجلوس مع الضيف، ومدارَسَة العلم، وغير ذلك منَ المُباحَات، إلاَّ مَا ورد الدليل بالنَّهْي عنه.
– الحِرْص على آداب النَّوم؛ من الوضوء، وأداء ركعتين، وأذكار النَّوم، وقراءة المعوذتينِ في الكفين ومسح ما استطاع منَ الجسد، والنَّوم على الشقِّ الأيمن، ووضع الكفِّ اليمنى تحت الخد الأيمن، والدعاء بالتوفيق للقيام.
– عدم الإكثار منَ الطَّعام والشَّراب؛ لأنَّ كثْرة الأكل تورِّثُ ثقلاً في الجسم، والنوم، وتُقَلِّل الخشوع.
– البُعد عنِ المعاصي، فعلى الحريص على أداء الفجر في جماعة أن يبتعدَ عنِ المعاصي في النهار، وذلك بِحفْظِ الجوارح بالبُعد عنِ النَّظَر الحرام، وآفات اللسان والسمع، وسائر الأعضاء، فمَن نام على معصيةٍ عُوقِبَ بالحِرْمان مِن شُهُود الفجر؛ لأنَّ مَن أساء في ليلِه عُوقِبَ في نهاره، ومَن أساء في نهارِه، عُوقِبَ في ليله.
وأخيرًا:
– إنَّ الأمة تُنصر بقبول الدعاء، وكم من دعاء لا يقبله الله – تعالى – لأنَّ صاحبه لا يحافظ على جماعة الفجر، فكم قصَّر أهل الغفلة في نُصرة هذه الأمة؟
– إنَّ الأمر يحتاج إلى مجاهَدة طويلة، وصبر وعناد مع الشيطان، فإما أن تقهَرَه بالقيام إلى صلاة الفجر، وإمَّا أن ينتصر عليك.
واستعِن بالله، وتوكَّل على الله، فإنه مَن توكَّل على الله كفاه، ومَن آوى إلى الله آواه.
والحمد لله في بدْء وفي ختم.
_____________________________________
الكاتب: الشيخ حسين شعبان وهدان
Source link