كيف تغيرت نظرة الغرب للشذوذ الجنسي؟

لعل الناظر في مسلسلات التسعينيات الأمريكية يرى ذاك التدرُّج بوضوح، من شخصية شاذة واحدة إلى شخصيتين، ثم شخصية مركزية، حتى حصلت صدمة الشعب الأمريكي بالإعلامية إيلين دجينيريس…

في عام ١٩٦٩م وقعت حادثة «ستون وال» الشهيرة؛ وفيها اقتحمت شرطة نيويورك ناديًا للشواذ، وأفرغت محتواه بعنفٍ وقسوة أمام مقاومة أهله ورفضهم الشديد، ومِن ثَمَّ انطلقت احتجاجاتهم التي باتت تاريخ بداية ثورة فيما بعد[1]؛ فقد كان الشذوذ الجنسي، وكل ما يقترب منه، جريمةً في ٤٩ ولاية أمريكية آنذاك، وكان القانون يُعاقِب عليها بما يتدرج بين الغرامات المالية الباهظة والسجن لفترات مختلفة، أما المجتمع فكان يرفض السلوكيات الشاذة تمامًا باعتبارها معيبة ومستحقَّة للسخرية والنَّبْذ.

وبقفزةٍ من هناك إلى الحاضر؛ نجد أنفسنا أمام عالَم آخر، يمكن فيه لثنائي شاذٍّ أن يُقاضيا بائع حلوياتٍ إن رفض إعداد كعكة زفافهما[2]، ويفوز رجلٌ يدَّعي أنه امرأة في مسابقة جمال للنساء في إحدى الولايات، ويخرج رجالٌ ليتحدّثوا عن الأنوثة في فيلم تسويقي لمحلّ معدات تجميل، بينما يفوز رجلٌ بالغٌ يظنّ نفسه أنثى في مسابقة تزلج نسائية، وكل هذا في ذات البلاد وفي ذات المجتمع وبعد عقودٍ قليلةٍ فقط.

فكيف تبدَّلت المجتمعات الغربية بمواقفها وفِكرها وتعاملها مع الشذوذ؟ وما الذي يمكننا كمسلمين تعلُّمه من ذلك عن مجتمعاتنا؟ وما الذي يتم عمله لوقايتها من هذه الرذائل القبيحة؟
 

تجربة الراديكالية الفاشلة:

حادثة اقتحام نادي «ستون وال» كانت عنيفة وبارزة، لقد لفتت الأنظار لقضية الشواذ، وأنشأت ثورات وحركات كثيرة تطالب بحقوقهم، ونتج عنها إنشاء جبهة تحرير الشواذ، وانطلاق شرارة حركة تحرير الشواذ على مستوى علني لأول مرة في تاريخ أمريكا على التحديد، بعدها بدأ ما عُرف لاحقًا بالثورة الجنسية -التي طالبت بالتحرير الجنسي الكامل- في مظاهرات عارمة ومواجهات سياسية واحتجاجات على مستوى البلاد؛ كلّ ذلك مطالبةً بالانحلال الجنساني الكامل، وكسر الأدوار الجندرية، وإلغاء تعريف الأسرة «النمطي»؛ كما كان يسميه النشطاء.

المجتمع الأمريكي تابَع ذاك الحراك -وهو الشعب المسيحي المحافظ-، وراقب قيام فئة منه بالخروج للشوارع بملابس فاقعة فاضحة وكثير من مستحضرات التجميل، مطالبين بالخروج عن كل ما هو مألوف، ومحاربة المتعارف عليه، بل وكسر كل ما يَعتبره ذاك المجتمع مقدسًا فعلًا، فحوالي ٩٠٪ من الشعب الأمريكي كان يَعتبر نفسه نصرانيًّا عام ١٩٧٢م مثلًا[3]، وقد كان معروفًا حينها أن الشذوذ خطأ وإثمٌ في نظر الكنيسة، كما أن المجتمع كان يرى الأسرة مركزية، ولا يمكن أن تُمَسّ حينها، فقِيَمها ومبادئها وحمايتها كانت من أهم ما ينادي به حتى المرشحون الرئاسيون آنذاك، وهناك رأى ذات الشعب في الشوارع وعلى الشاشات مَن يحاول هَدْم كلّ ذلك بكلّ وقاحةٍ وبلا مبالاة.

في ضوء كلّ ذلك، نفهم لماذا لم تنجح الحركات المتطرفة البارزة العلنية والمباشرة التي قام بها نشطاء تحرير الشذوذ وثوراتهم ومفكّروهم في ذاك الوقت، فهم وإن سلّطوا الضوء على تلك الفئة، وإن تمكّنوا من الصراخ بأنها موجودة وغريبة ولا يمكن تجاهلها؛ إلا أنهم لم يقوموا بأيّ تغيير اجتماعي أو فكري مما كانوا يريدونه حينها، لم يُغيّروا رأي الناس بالشذوذ، ولا رفعوا نسبة الشواذ، ولا جعلوهم مقبولين أكثر في المجتمع كذلك، وهذا ما استمرَّ طوال السبعينيات ومعظم الثمانينيات، إلى أن كان آخرها وحدث تغيُّر كبير في نشاط تلك الحركة قلب سَيْرها ووجَّهها إلى حيث هي اليوم.

 

بطء وخبث:

في عام ١٩٨٧م نشر المختصّان الإعلاميان هانتر مادسن ومارشال كرك استراتيجية تهدف لتحويل المجتمع الأمريكي نحو تقبُّل الشذوذ، وترك ممارساته الرافضة له، وذلك تحت عنوان «تجاوز أمريكا المستقيمة» في ستّ خطوات موجَّهة لنشطاء وأفراد ما قاموا بتسميته بـ«مجتمع LGBTQ»؛ ليغيّروا أسلوبهم نحو المجتمع، ويعملوا بهذه الخطة نحو إعادة برمجة فَكْره.

الخطوات اتصفت بالتدرج الشديد والبطء والخفاء، فيها كثيرٌ من الخبث والتعامل مع سيكولوجيا المجتمع وطريقة تفكيره، ومع أن الاستراتيجية لم تكن سرية، إلا أنها لم تنتشر بين عامة الشعب، وتم فعلًا معها تغيير سلوك الثورات الجنسية العارمة والمواجهات المباشرة والصدامية بين الشواذ ونشطائهم وبين أولئك الرافضين لهم.

ورد في مقدمة الاستراتيجية: «الهدف هو أن نجعل الأمريكيين طبيعيين ناحية المثلية الجنسية، الوضع المطلوب هو ذاك الذي يناقش فيه المرء الفرق بين المثلي والمستقيم كما يناقش أذواق المثلجات، فلانٌ يجب الفراولة، أنا أحب الشوكولا.. لا مشكلة»!، أما الخطوات الستة فهي أدناه مقتبسة عن الاستراتيجية (بإيجاز)[4]:

تَحدَّثْ عن المثلية والمثليين قَدْر الإمكان وبوضوح ما أمكن: أيّ سلوكٍ يمكن أن يبدو طبيعيًّا إذا تعرَّضت له بما يكفي وعَبْر مقربين منك، المهم أن يرى المجتمع المثليين، أحيانًا مرورًا عابرًا وأحيانًا بوضوح أكثر، لكن اجعلهم يظهرون باستمرار.

أظْهِر المثليين كضحايا، لا مُتحَدّين متصادمين مع المجتمع: أَظْهِر المثليين كضحايا مستضعفين يحتاجون المساعدة دائمًا، هم مظلومون مِن قِبَل المجتمع، ومظلومون طبيعيًّا؛ لأنهم لا يستطيعون تغيير أنفسهم، وكلما أظهرت هذا الظلم؛ سمحتَ للمجتمع بالتعاطف معهم أكثر.

أعطِ الناسَ هدفًا نبيلًا: أيّ حملةٍ للدفاع عن المثلية تحتاج قيمةً تحميها، الناس لن تدعم المثلية الجنسية كممارسةٍ بهذا الوضوح، لذا اترك الحديث عنها، وتحدّث عن عدم التمييز وعن العدالة، الحرية وحرية التعبير، هذه ينبغي أن تكون قِيَمنا.

أظْهِر المثليين بصورةٍ إيجابيةٍ: اربط الناسَ بالمثليين على أنهم أبطال، أشخاصٌ طيبون، مسالمون، أو على الأقل يشبهون أيّ شخصٍ عادي.

أظهر الرافضين بصورةٍ سيئة: في مرحلةٍ لاحقة ينبغي أن تتوجّه الحملات الإعلامية للرافضين المتبقين، الهدف هنا هو استبدال رفض المثلية داخل الفرد بالشعور بالذنب والعار، وكذلك تصوير رافضي المثلية كأشخاص سيئين يكره الأمريكي العادي الارتباط بهم.

اجلب الأموال والتمويل: الحملات الإعلامية الفعَّالة مُكلّفة، لذلك نحتاج لامتلاك الأموال والتأثير بها[5].

هذه كانت الخطوات الست للاستراتيجية، وعليها سار التيار، وعملت الحملات، فبكلّ بُطء وتدرُّج عرّضوا المجتمع للصُّور الشاذة كثيرًا، وصبروا عليه، في شخصيةٍ تمرّ مرورًا في مسلسل، ثم في قصةٍ مؤثرةٍ في الأخبار، ثم في استفتاء رأي، صورٌ تبدو للمشاهد عادية وغير مُوجَّهة، إلا أنها تتراكم وتزداد وقاحة بخطواتٍ صغيرة، تظهر الشواذ كمستضعَفين مضطهدين ومسالمين دومًا في الروايات والأفلام والمسلسلات، وفعلًا كان الشعب يرفض ممارسات أولئك أول الأمر، لكنَّه أيضًا كان يجد نفسه يتعاطف مع «المظلوم»، ويقترب من «الأهداف النبيلة» التي تم رَسْمها له، فتلك الاستراتيجية أبعدت النقاش فعلًا عن ساحة تعريف تلك الشذوذات وتصوّر بشاعتها إلى الحديث عن الحبّ والتقبُّل والفخر والحرية والمساواة التي بات النقاش يدور حولها.

ولعل الناظر في مسلسلات التسعينيات الأمريكية يرى ذاك التدرُّج بوضوح، من شخصية شاذة واحدة إلى شخصيتين، ثم شخصية مركزية، حتى حصلت صدمة الشعب الأمريكي بالإعلامية إيلين دجينيريس -التي ظهرت لأول مرة كشخصية رئيسية في مسلسل كوميدي- تعلن على التلفاز أنها شاذة بوضوحٍ وعلى مرأى الشعب عام ١٩٩٤م، ومع أن المجتمع قابل الحلقة بكثير من الرفض[6]؛ إلا أنه وجدها ذات محور إنساني بريء في النهاية، خصوصًا مع تركيز الإعلام على فكاهة إيلين وقصة معاناتها أمام المجتمع، وأمام طرد والدها لها من البيت حين أعلنت «حقيقتها»، ومحاولتها التعبير عن نفسها بصدق وعفوية لا تريد معها إلا التقبُّل!

إيلين ذاتها صارت بعد سنوات قليلة صاحبة برنامجها اليومي الخاص الذي يراها الشعب فيه في وضح النهار، وهم يعلمون تمامًا أنها شاذة، يسمعون عن «زوجتها»، ويضحكون من نكاتها ويستمرون بمتابعتها والاستماع للقاءاتها المسلّية بالمشاهير.

وهكذا كان التغيُّر من هناك إلى هنا، واليوم وصلت الخطة في الغرب إلى نهاياتها وما بعدها، لم يعد رَفْض الشذوذ مسموحًا أصلًا (سواء قانونيًّا أو مجتمعيًّا)، والشذوذ ذاته أصلًا تفرَّع إلى التحوُّل الجنسي وتنوُّع الميول الجنسية، وسيولة الهوية الجندرية، والزواجات المفتوحة، والأسر الثلاثية (ذات الأمهات الثلاث أو الآباء الثلاثة)، والتي يتم الاحتفال بها جميعًا ومنع رفضها أو حتى الاعتراض عليها.

كذلك بات هناك شهرٌ سنويّ تحتفل فيه البلدان الغربية بالانحراف الشاذ، وتُطلق عليه مسمى الفخر، وكما كانت الخطة؛ فالشركات الكبرى بكلّ أموالها دخلت في الحملات الإعلامية، وحشدت الأموال باللوبيات واستقطاب الأثرياء لدعم ذات الهدف المنحلّ، فحتى شركات الطيران العالمية (كالخطوط الجوية الكندية أو البريطانية) تغيَّرت صُورها خلال «شهر الفخر» على وسائل التواصل لقوس قزح الذي بات شعار الشذوذات المختلفة، وكذلك تدخل في الاحتفالات غالبية شركات الإلكترونيات والسيارات وحتى الأطعمة السريعة والوجبات الخفيفة، لتكون الرسالة واضحة تمامًا أمام مَن يكبر في تلك المجتمعات تصديقًا وتجاوزًا لأهداف الخطة: الشذوذ ليس عاديًا فقط، إنما هو جميل و«كول»، طبعًا أنت لن ترفض الشواذ، لكن تعال وانضمَّ للشواذ وافتخر بطبيعتك في احتفالاتهم الممتعة!

 

ونحن؟

أما بلادنا ومجتمعاتنا العربية والمسلمة فإنها اليوم تقف على المراحل الأولى للخطة التي تتسارع شيئًا فشيئًا، نرى برامج إعلامية ومؤثرين يجتهدون ليُقْحِمُوا صورة الشذوذ أمامنا في كل زاوية، وفي كل محفل ومقام، فهنا رجل يتعرض للاضطهاد لأنه يريد وضع المكياج، وهناك فتاةٌ تعرَّضت للسخرية لمَّا قصَّت شعرها كالصبيان، وذاك رجلٌ شغوفٌ بالرقص وارتداء ملابس الرقص، يتحدّث عن علاقته الطيبة بأُمه، وتلك شاذّة «مرحةٌ» تحدثنا عن تربية الأطفال بالحبّ والتقبُّل والحنان المتدفق.

كلها قصص تتم صياغتها بأساليب عاطفية وموجَّهة تُبْعِد المُشاهِد عن مركز القصة وتَمنعه من التفكير بمشكلتها أو بصوابها وخطئها، لينصبّ تفكيره على قِيَم الحُبّ والتَّقبُّل والاحترام، على التجريد الشديد كما فعلوا بنظيره الأمريكي، على أن الشاذّ مُضطهَد مسكين أو عاديٌّ يُشبهنا ولا يريد إلا الحياة الطبيعية، لا عاصٍ مصرٌّ ومُجاهِر داعٍ لمعصيته يحادُّ الله ورسوله ويريد تغيير أبسط البديهيات في مجتمعه وتبديل فِكْر أهله وأفراده!

ويمكن للقارئ أن يتأمل مثالًا على ذلك كثيرًا من برامج القنوات الأجنبية الناطقة بالعربية والمسلسلات الجديدة والبرامج التي تظهر على الشاشات ذات السمات الترفيهية، وكذلك في كلام الممثلين عن الأمر وتعاملهم معه وتسميتهم له.

ومع الوقت يمتلئ ذِهْن المُشاهِد العربي تدريجيًّا وبكلّ بطءٍ ونعومةٍ بتلك الصور من مصادرها العربية، فضلًا عن تلك التي تُترجم ويتمّ استيرادها من الصانع الغربي كما هي. قد يُقاوم جيلنا والذي يليه، لكنَّهم يعملون ليخرج جيلٌ جديد منا لا يبالي بكلّ تلك الانحرافات، ولا يرى فيها أيّ خللٍ على فطرته ومجتمعه وأولاده، إنما يقتنع تمامًا بأنَّ هذا أمرٌ موجود، لا شأن لنا به، والإنسانية تَقضي علينا بتقبُّله وفتح الأبواب له، هو شيءٌ طبيعيّ فقط! وتمامًا كما ورد في الاستراتيجية فـ«الهدف ليس ما يحدث في المجتمع اليوم أو غدًا، وإنما ما يكون بعد ٢٠ عامًا من البدء».

ولذلك فإن علينا اليوم أن نعي تلك التغيرات وتلك الأساليب الخبيثة في مراحلها الأولى، نلاحظ تلك الصور والمدخلات المتنوعة، ونفهم خبثها وإن بدت لطيفة أو بسيطة، ونوقفها ونحمي أطفالنا وأُسَرنا منها، ونطالب بمنعها.

نعلم أن أيدي أولئك الشياطين الخفية تعمل وإن لم نكن نراها، في صورة في كرتون أطفال، ولافتة متسللة في مظاهرة (كما اقتحموا مظاهرات حي الشيخ جراح، ورفعوا شعار «فلسطين قضية كويرية»، ومظاهرات ٢٠١٩م في بيروت تحت شعار «كلنا يعني كلنا»)، وإعلان تلفزيون وشخصية في مسلسل، وبرنامج وثائقي وآخر اجتماعي، ومنشور فيسبوك وصورة انستغرام، حتى في أسلوب التعليق على النشرة الإخبارية وطريقة صياغة الأخبار، هم يعملون ويستمرون بالعمل لتغيير نظرتنا ونظرة أبنائنا، ولذلك علينا نحن ألَّا نكون المتلقّي السلبي الذي ينتظر أن يَتغيَّر فقط.

وهذا ما يبدأ من تربية أبنائنا بنور القرآن وقصص الأنبياء وسيرة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وصحابته، على أن هذه فاحشةٌ استحقَّ أهلها أن يقلب الله بهم الأرض، ثم يُمطرهم حجارةً من سجيل، وكذلك بالتربية على حبّ الله والعيش مع أسمائه -سبحانه- وصفاته؛ وأن نغرس فيهم أنَّ الله الخبير بخَلْقه خلقنا من ذكرٍ وأنثى، وأخبرنا أن هذا الخلق المتنوع لنكمل بعضنا ونسكن لبعضنا، والله -سبحانه- كم جعل في خلقنا على هذه الصورة من معجزات تدلنا عليه!، كم نحن مختلفون! وكم نحتاج بعضنا!، ومع ذلك فالله الحكيم قد يَختبر بعضنا بأهواءٍ محرمة علينا التنبُّه لها، ومعالجتها والامتناع عن العمل بناءً عليها، والله يرى جهادنا لنفوسنا ويثيبنا على عملنا.

كذلك علينا أن ننتبه من الفكر الجارف المنتشر الذي يزرع في الجيل قيمة «التعبير الصادق عن النفس»؛ تلك القيمة التي يُعبّر عنها الغرب بـ«be yourself» التي باتت الخير في مجتمعهم؛ الذي رفض عبادة ربه وبات يعبد هواه، لسان حالهم يقول: «عليك أيها اليافع أن تكون في خارجك كما في داخلك! لا يجب أن تُغيّر ما تريده لأجل أيّ أحدٍ أو أي شيء! بل واجب المجتمع أن يتقبلك! وإن لم يفعل كان هو السيئ الشرير الذي عليك المناضلة ضده! ابحث عن أهوائك أنت، ثم قدِّسها وضَحِّ لأجلها مهما أذتك ومهما رفضك الناس!».. في كلامٍ غير علميٍّ ولا مبني على أيّ دراساتٍ قام بوضعه بعض الفلاسفة والمجرّبين.

ولذلك يجب علينا أن نربّي أبناءنا على قيمة تزكية النفس بدلاً من إظهارها كما هي، وعلى مركزية القرآن والسُّنَّة بدلاً من مركزية الهوى، ليكبر واعيًا بأنه هنا عبدٌ لله خلقه ليبتليه، ومن تلك الابتلاءات أن يجاهد أهواءه لأجل ما هو أكبر منها، وسيرجع في النهاية لمولاه؛ ليسأله عما عمله في الحياة التي لم تكن عبثًا ولا لهوًا.

علينا أيضًا أن نعمل على نَشْر الوعي بين المربين ناحية هذا الموضوع وأثره البطيء في نفوس الأبناء، وكذلك الحديث مع الأبناء بحسب عمرهم ووعيهم بما يُحَصِّنهم مباشرةً من ذاك الانحلال، فنُنمِّي عندهم آليات التفكير الناقد، ونُفنِّد شبهاتهم منذ سنٍّ صغيرةٍ عن معاني الحب غير المشروط والعدالة والمساواة، ونملأ جدولهم اليومي بما ينفعهم، ونحرص على إحاطتهم بالصحبة الصالحة التي تُعينهم، كما ينبغي أن ننتبه للمناهج المدرسيَّة وبرامج الأطفال وقصصهم التي مازالت تلك الأفكار السَّامَّة تقتحمها تارةً بوضوح وأخرى بخفاء.

وفي النهاية علينا أن نَعلم أن الله غالبٌ على أمره، وأنه يمتحننا ليرى عملنا وبلاءنا، وهو القادر على كل شيء، وأنه لا يُعجزه كيد كائدٍ، وليس في شرعه ولا مع رحمته ومِنّته وعونه ما يُخاف، وإنما علينا العمل والاجتهاد، والله العليم الحكيم الذي نسأله تثبيتنا وأبناءنا على دينه بفضله..

عسى الله أن يجعلنا وذرياتنا للمتقين إمامًا، وعسى أن يحفظ أُمتنا بحفظه ويخزي أعداءه، إنه ولي ذلك والقادر عليه.. والحمد لله رب العالمين.

[1]  https://www.history.com/topics/gay-rights/the-stonewall-riots  

[2] https://en.wikipedia.org/wiki/Masterpiece_Cakeshop_v._Colorado_Civil_Rights_Commission#:~:text=The%20case%20dealt%20with%20Masterpiece,the%20Colorado%20Anti%2DDiscrimination%20Act.

[3]  https://www.pewresearch.org/religion/2022/09/13/how-u-s-religious-composition-has-changed-in-recent-decades/

 [4]https://www.pewresearch.org/religion/2022/09/13/how-u-s-religious-composition-has-changed-in-recent-decades/

[5]  السابق.

[6]   https://www.youtube.com/watch?v=TRUjNOpT5-A


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

شرح ما يفعل من رأى الرؤيا أو الحلم

منذ حوالي ساعة الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان؛ فإذا رأى أحدكم شيئاً يكرهه؛ فلينفث …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *