حاجة الناس إلى الحب – طريق الإسلام

يوجد داخل كل إنسان رغبة بأن يكون محبوبًا ومقبولًا من الآخرين، وأن يُبادله الآخرون الرعاية والقبول والحب، فالحبُّ من أهم مُحدِّدات السعادة لدى الإنسان…

يوجد داخل كل إنسان رغبة بأن يكون محبوبًا ومقبولًا من الآخرين، وأن يُبادله الآخرون الرعاية والقبول والحب، فالحبُّ من أهم مُحدِّدات السعادة لدى الإنسان، وهو من أكثر احتياجات الإنسان الأساسية، ولا يقتصر مفهوم الحب على العاطفة الرومانسية بين الشاب والفتاة؛ بل هو أكبر من ذلك، فهو شعور بالانتماء والاحترام والراحة والترابُط مع الآخرين، سواء مع الوالدين أو الأسرة أو الأصدقاء أو المجتمع أو الوطن.

 

الحُبُّ هو شعور بالسعادة والسرور والرِّضا عن النفس عندما تُحقِّق أحلامَها ونجاحاتها، وعند تقديم يد العون للآخرين فتساعدهم وتُخفِّف آلامَهم، وعن الآخرين من الرجال والنساء صغارًا وكِبارًا الذين تُكِنُّ لهم الاحترام والقبول، وأشرف منازل الحب حب الله لعبده، وحب العبد لله، كما قال تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ}  [المائدة: 54].

 

وللحب عند الشباب والفتيات أنواع منها:

حب الله ورسوله: وهو أزكاها وأنقاها؛ لأنه من شروط الإيمان بالله، كما قال صلَّى الله عليه وسلَّم: «لَا يُؤْمِنُ أحَدُكُمْ، حتَّى أكُونَ أحَبَّ إلَيْهِ مِن والِدِهِ ووَلَدِهِ والنَّاسِ أجْمَعِينَ»؛ (رواه البخاري).

 

حب الوالِدَيْنِ: وهي فطرة فَطَر الله الإنسان عليها؛ لإحسانهما وتربيتهما وعطفهما.

 

حب الزوجة والأولاد: وهي كذلك من الفطرة التي فَطَر الناس عليها.

 

حب الدنيا وملذَّاتها: قال تعالى: {زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَاللَّهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ}  [آل عمران: 14].

 

الحب بين الرجل والمرأة: خلق الله تعالى في كلٍّ من الرجل والمرأة غريزةً تجذب وتُقرِّب كل منهما للآخر؛ لِيتمكَّنا من التزاوُج وبناء الأسرة؛ قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً}  [الروم: 21]، إلَّا أنَّ الله تعالى ضبط العلاقة بينهما ونظَّمَها، وذلك بحَثِّهما على صون النفس من الفتن والشهوات.

 

حب النفس والذات: وتأتي مع حُبِّ الآخرين، وقد تأتي مع كُرْه الآخرين.

 

الحب المَرَضي: وهو التعلُّق بشخص آخر بشكل مَرَضِيٍّ، ويُسمَّى الحب من طرفٍ واحدٍ.

 

تقول نهى: تعرفت على شابٍّ منذ شهرين عن طريق أحد المواقع الإلكترونية، وهو من بلدتي ومحترم، وأخلاقه عالية، كل يوم نتصل ببعض، ونتكلَّم بمواضيع عشوائية، وبدأت أعجب به؛ ولكني لم أذكر حبِّي له، المهم قبل كم يوم استوعبت أنه حرام أن أُكلِّم شابًّا بهذه الطريقة، وأهلي بدأوا يشكُّون بي، ولم أرغب أن يعرفوا؛ لأنه احتمال يقتلونني، قلت للشابِّ: إنه حرام وأهلي يشكُّون بي، وأخاف على نفسي، ولا أرغب بالحديث معك بعد الآن، قال لي: أحترم رأيك وقرارك، واعملي ما يريحك، تركتُه؛ لكني أحبُّه ولا أريد أن أنفصل عنه؛ ولكن لا أريد أن أقَعَ في الحرام وأدخل في علاقاتٍ مُحرَّمة، مشكلتي أني تعلَّقْتُ به، تعوَّدْتُ أننا نُصبِّح على بعض، ونُمسِّي على بعض، ونشارك تفاصيل أيامنا مع بعض، تعلَّقْت به بشدة لدرجة أني أتنفَّس بصعوبة عندما أتذكَّرُه، بالأمس بكيتُ بشكل شديد، لم أتوقَّعْ أنِّي أُحِبُّه لهذه الدرجة، ماذا تنصحوني أن أفعل لكي أنساه؟ فقد كان يُعطيني أملًا وحبًّا واهتمامًا أكثر من أهلي.

 

إنَّ على الآباء والأمهات أن ينتبهوا لهذه المشاعر الجيَّاشة، وأن يشبعوها، حتى لا يشبعها الشاب والفتاة بالعلاقات المُحرَّمة، ويكون إشباعها بمثل هذه العناصر:

الاحترام: احترام الشاب والفتاة بصفاتهما من دون العمل على التغيير من طبيعته أو إجباره على تغيير شخصيته، وإنما مساعدته على تغيير سلوكياته السلبية.

 

المعرفة: معرفة شخصيته وهواياته وأفكاره، ومحاولة إشباعها وعدم التصادم معها، وتنمية قيمه وأخلاقه.

 

لغة الحب: يحتاج الشابُّ والفتاة إلى الشعور بالحب والرِّضا من الوالدين عن طريق لغة الحب (اللمسة، والقُبْلة، والكلمة، والنظرة، والضَّمَّة).

 

الحوار الصريح: لمعرفة ما يدور في ذهنه، وما يحتاج إليه وما يعانيه، مع الإنصات له وتفهُّم مشاعره وعواطفه.

 

قضاء الوقتيحتاج الشابُّ والفتاة إلى قضاء أوقات جميلة وممتعة معهما، حتى يشعرا بالراحة والسرور والرِّضا.

 

تدريبه وتعليمه: على حُبِّ الذات وتطويرها وحب الآخرين ومساعدتهم، والانخراط بالأعمال التطوعيَّة، والبحث عن رِضا الله ورسوله حتى ينال الجنة.

 

إن حرمان الشباب والفتيات من الحب قد يؤدي إلى إصابتهم بالاكتئاب وعدم الثقة بالنفس، وتدنِّي في مستوى احترام الذات، وأن يترجم ذلك إلى أعمال ومبادرات يتأكَّد منها الشابُّ أنه فعلًا موضع تقدير واحترام وقبول.

 

أسأل الله أن يصلح الشباب والفتيات، وأن يُثبِّتَهم على طاعة الله والحب والتواصُل السليم والعمل الصالح، وأن يجعلهم لَبِنات خير على المجتمع والوطن، وصلى الله على سيِّدنا محمد.

___________________________________________________________
الكاتب: عدنان بن سلمان الدريويش


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

شرح ما يفعل من رأى الرؤيا أو الحلم

منذ حوالي ساعة الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان؛ فإذا رأى أحدكم شيئاً يكرهه؛ فلينفث …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *