ابنوا لعبدي بيتًا في الجنَّةِ وسمُّوهُ بيتَ الحمْدِ

إذا ماتَ ولَدُ العبدِ قالَ اللَّهُ لملائِكتِهِ قبضتم ولدَ عبدي فيقولونَ نعم فيقولُ قبضتُم ثمرةَ فؤادِهِ فيقولونَ نعم فيقولُ ماذا قالَ عبدي فيقولونَ حمِدَكَ واسترجعَ

الحديث:

«إذا ماتَ ولَدُ العبدِ قالَ اللَّهُ لملائِكتِهِ قبضتم ولدَ عبدي فيقولونَ نعم فيقولُ قبضتُم ثمرةَ فؤادِهِ فيقولونَ نعم فيقولُ ماذا قالَ عبدي فيقولونَ حمِدَكَ واسترجعَ فيقولُ اللَّهُ ابنوا لعبدي بيتًا في الجنَّةِ وسمُّوهُ بيتَ الحمْدِ »

[الراوي : أبو موسى الأشعري | المحدث : الألباني | المصدر : صحيح الترمذي الصفحة أو الرقم: 1021 | خلاصة حكم المحدث : حسن التخريج : أخرجه الترمذي (1021)]

الشرح:

الصَّبرُ ضِياءٌ؛ يُضيءُ للإنسانِ الظُّلماتِ، ويُهوِّن عليه الشدائدَ والكُرباتِ، ويَهديه إلى طَريقِ الحَقِّ، وللصَّبرِ فضلٌ كبيرٌ، وهو مِن أهمِّ الأخلاقِ الَّتي يَنبغي للمُسلِمِ أنْ يتَّصِفَ بها، وهو على ثَلاثةِ أنواعٍ: صَبرٌ على طاعةِ اللهِ، وصبرٌ عن مَعاصِي اللهِ، وصبرٌ على الأقدارِ والأقضيَةِ.
وفي هذا الحَديثِ بَيانٌ لأَجرِ بعض مَن يُصابُ ببعضِ المصائبِ فيَصبِرُ ويَحمَدُ اللهَ تعالى، حيثُ يقولُ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: “إذا مات”، أي: إذا انقضَى أجلُ وحياةُ “ولَدِ العبدِ” المؤمِنِ، “قال اللهُ”، وهو أعلمُ، “لملائكتِه” الموكَّلين بقَبْضِ الأرواحِ، وهو مَلَكُ الموتِ وأعوانُه، “قبَضْتُم ولَدِ عبدي؟” على تقديرِ الاستفهامِ، أي: هل قبَضْتُم رُوحَ ولَدِ عبدي المؤمِنِ؟ “فيقولون”، أي: الملائكةُ الموكَّلون بقَبْضِ الأرواحِ: “نَعَم” قبَضْنا رُوحَ ولَدِ عبدِك المؤمِنِ يا ربَّنا، “فيقولُ” اللهُ تعالى للملائكةِ مرَّةً ثانيةً، إظهارًا لكمالِ رحمةِ الوالدِ بولَدِه، “قبَضْتُم ثمرةَ فؤادِه”، وسُمِّي الولَدُ ثمرةَ الفؤادِ كثمرةِ الشَّجرةِ؛ لأنَّه نتيجةٌ للأبِ وثمرتُه، “فيقولون”، أي: الملائكةُ الموكَّلون بقَبْضِ الأرواحِ: “نَعَم” قبَضْنا ثمَرةَ فؤادِ عبدِك، “فيقولُ” اللهُ تعالى وهو أعلمُ: “ماذا قال عبْدي؟”، أي: ما كان ردُّ فعلِه وقولُه نتيجةَ هذه المصيبةِ، وهي موتُ ولدِه وثمرةِ فؤادِه؟ “فيقولون”، أي: الملائكةُ الموكَّلون بقَبْضِ الأرواحِ: “حَمِدَك” عبدُك، أي: قال: الحَمدُ للهِ، “واسترجَع”، أي: قال: إنَّا للهِ وإنَّا إليه راجِعون؛ فصَبَر على هذه المصيبةِ وهذا البلاءِ مُؤمِنًا بالقَدرِ، “فيقولُ اللهُ” لملائكتِه: “ابْنُوا لعبدي” المؤمنِ الَّذي حَمِدَني عند المصيبةِ واسترجَع، “بيتًا في الجنَّةِ” يَدخُلُه في الآخرةِ، “وسَمُّوه”، أي: هذا البيتَ، “بيتَ الحمدِ”؛ لأنَّه جزاءُ ذلك الحمدِ والصَّبرِ على المصيبةِ، وعدمِ تَشَكِّيه.

الدرر السنية 


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

الشدة والفرح – علي بن عبد العزيز الشبل

«إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ» جاءت هٰذِه الكلمة دلالةً عَلَىٰ ما في قلوب المؤمنين، من …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *