إن ازدراء الدين والإساءة إلى الذات الإلهية، والأنبياء، وانتهاك قدسية القرآن الكريم، بهذا الشكل المقرف، يعكس سلوكًا وحشيًّا متخلفًا، وجفافًا معنويًّا، وإفلاسًا روحيًّا
تأتي جريمةُ حرقِ المصحف في دولة السويد مؤخرًا بمزاعم حرية التعبير لتشكِّلَ انتهاكًا خطيرًا لمقدسات الآخرين، وتعدِّيًا سافرًا على عقيدة ملياري مسلم؛ مما يستوجب الاستذكار الحازم لهذه الجريمة النكراء، والانتصار للقرآن الكريم، والمنافحة عنه بشتى الوسائل المتاحة.
ولعل الهوس بمعطيات الحرية الفردية، والديمقراطية المزعومة من قِبل الحكومة السويدية، والتبجُّح بما أنجزته الحضارة الغربية المعاصرة من إنجازات مادية ملموسة، هو ما شجَّع ظاهرة المسِّ بالمقدسات الغيبية، وازدراء الدين، وإنكار الخالق، وحرق القرآن الكريم، في مسلك فوضويٍّ بائس، بعيدًا عن الروح العلمية الحقَّة، والموضوعية الْمُنصِفة.
ولا شكَّ أن الممارسات الحداثوية الإلحادية في بعض البلدان الغربية، وإن اختلفت أساليب ممارستها في ازدراء الدين والكتب السماوية، إلا أنها لا تختلف من حيث الجوهر عن أساليب المغالطين من مشركي عرب الجاهلية، في التنكر للقرآن الكريم عند نزوله؛ حيث أذعنوا في نهاية الأمر لحقيقة الخالق، والإرادة الإلهية في الخلق والتدبير، والإقرار بقدسية القرآن الكريم، من واقع إدراكهم لإعجازه، وبلاغة لغته، أولًا وقبل كل شيء، لا سيما وأنهم امتازوا يوم ذاك، بفصاحة اللغة، وبلاغة البيان.
وهكذا فإن ازدراء الدين والإساءة إلى الذات الإلهية، والأنبياء، وانتهاك قدسية القرآن الكريم، بهذا الشكل المقرف، يعكس سلوكًا وحشيًّا متخلفًا، وجفافًا معنويًّا، وإفلاسًا روحيًّا، ويجسِّد ظاهرة غير حضارية ابتداءً، وتفتقر إلى الحد الأدنى من اللياقة في احترام المعتقدات الدينية للمسلمين، حتى إذا ما تم غضُّ النظر عن أي معايير دينية، أو إنسانية، تمنع ازدراء الدين، وتحظر الإساءة إلى القرآن الكريم.
ويتطلب الوفاءُ للقرآن الكريم من المسلمين، والمنصفين من غير المسلمين المنافحةَ الجادَّة، والردَّ الحاسم، دفاعًا عن القرآن بكل الأساليب المؤثرة؛ وفي المقدمة منها المقاطعة الاقتصادية، ومطالبة المنظمات الدولية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، والجامعة العربية، لاستنكار وردع أيِّ مساس بقدسية القرآن الكريم، والإساءة إلى الدين الإسلامي، ونبذ كل المحاولات السيئة، التي تمس مشاعر المسلمين، وتستخفُّ بمقدساتهم.
على أن المطلوبَ من المسلمين في ضوء مثل هذه التحديات المصيرية، التي تمسُّ صميم عقيدتهم الإسلامية – بذلُ المزيد من العناية بالقرآن الكريم، حفظًا، وتلاوة، وتدبرًا، والاهتمام التام بعلومه وبتفسيره على مراد الله الذي أنزله، ولفت النظر إلى عجائبه، وما فيه من الحِكَمِ والأحكام؛ ليكون مصدر الهداية لهم في حياتهم اليومية، فيحلوا حلاله، ويحرموا حرامه، ويؤمنوا بمتشابهه، ويعملوا بمُحْكمِه؛ ليكونوا من خاصة أهل القرآن على قاعدة: {إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا} [الإسراء: 9].
_____________________________________________________
الكاتب: نايف عبوش
Source link