ليصل المسلم صلاة الليل حسب طاقته، فمرة ـ مثلًا ـ إحدى عشرة ركعة، وأخرى تسع ركعات، وثالثة سبع ركعات، وإذا كسل أو شغل فثلاث ركعات.
الحمد لله الذي بلغنا رمضان، ويسر تلاوة القرآن، ونوع أعمال البر والإحسان، أحمده سبحانه إذ يسر القيام، وجعله من مدخلات الجنة دار السلام.
أما بعد:
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه»، وصح أنه صلى الله عليه وسلم خرج ليلة في جوف الليل في رمضان فصلى في المسجد وصلى رجال بصلاته، فأصبح الناس، فتحدثوا، فاجتمع أكثر منهم فصلى صلى الله عليه وسلم في الليلة الثانية، فصلى الناس معه، فأصبح الناس، فتحدثوا، فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى، فصلى الناس بصلاته، فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله…إلخ، فهذا أصل صلاة قيام رمضان جماعة.
وقد صحَّ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة»، وقد جاء في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها قالت: «ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره عن إحدى عشرة ركعة»، وقد ذكر جابر رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أحيا بالناس ليلة أنه صلى ثمانيَ ركعات، وأوتر ـ أي: بعد الشفع ـ، وهذا معنى حديث عائشة الثابت في الصحيحين.
وثبت في طرق صحيحة كما في الموطأ وغيره أن عمر رضي الله عنه حين جمع الناس على صلاة التراويح أمر أبي بن كعب وتميمًا الداري أن يصليا بالناس إحدى عشرة ركعة، وكانوا يعتمدون على العصي من طول القيام، وما كانوا ينصرفون إلا أول الفجر للسحور.
وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «صلاة الليل مثنى، مثنى»، فلم يحصر ذلك بعدد، فدلّ ذلك على السعة في الأمر وأنه إذا صلى إمامًا بجماعة فليقتصر على إحدى عشرة؛ أسوةً بفعله صلى الله عليه وسلم وتخفيفًا على جماعته (إلا إذا كانت رغبتهم في طول القيام)، ومن صلى لنفسه ولم يرغب الإطالة خشية السآمة أو النوم أو رفقًا بنفسه فليعوض التطويل بزيادة عدد الركعات أخذًا بقوله صلى الله عليه وسلم: «صلاة الليل مثنى، مثنى»، ويقول صلى الله عليه وسلم: «إنك لن تسجد لله سجدة إلا رفعك الله بها درجة وحط عنك بها خطيئة».
فليصل المسلم صلاة الليل حسب طاقته، فمرة ـ مثلًا ـ إحدى عشرة ركعة، وأخرى تسع ركعات، وثالثة سبع ركعات، وإذا كسل أو شغل فثلاث ركعات.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
Source link