منذ حوالي ساعة
من المعلوم أن السعي في طلب الرزق بما يحقق كفاية المرء وصيانة وجهه عن سؤال الناس أمرٌ مشروعٌ؛ بل قد حضَّ الإسلام عليه…
من المعلوم أن السعي في طلب الرزق بما يحقق كفاية المرء وصيانة وجهه عن سؤال الناس أمرٌ مشروعٌ؛ بل قد حضَّ الإسلام عليه، وللمرء المسلم أن يستزيد من الأسباب المشروعة التي تحقق له الزيادة في الرزق؛ ليزداد رزقًا؛ فينفع بذلك نفسه وأهله وأمته، فنعم المال الصالح في يد الرجل الصالح، والاستزادة من الرزق تكون بعدة أمور منها:
(1) التكسب بالأعمال المشروعة المناسبة لقدرة طالب الرزق؛ كالزراعة، والصناعة، والتجارة، والصيد، وغيرها من أمور الدنيا، بحسب الإمكان والاستطاعة؛ لأن الله قد أقام الدنيا على الأسباب بأنواعها، قال رسول الله: «لأَنْ يَحتَطب أَحَدُكُمْ حُزْمَةً عَلَى ظَهْرِهِ خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَسْأَلَ أَحَدًا فَيُعْطِيَهُ أَوْ يَمْنَعَهُ»[1].
(2) تقوى الله وطاعته تزيد في الرزق؛ قال ربنا: {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ} [الطلاق: 2 – 3].
(3) الإحسان إلى الضعفاء والاهتمام بهم؛ لقول الرسول: «هَلْ تُنْصَرُونَ وَتُرْزَقُونَ إِلَّا بِضُعَفَائِكُمْ»[2].
(4) البر بالوالدين؛ لقول الرسول: «مَن سرَّه أن يُزاد له في رزقه فليبرَّ والديه»[3].
(5) صلة الرحم؛ لقول الرسول: «صلة الرحم مَحَبَّةٌ في الأَهْلِ، مَثْرَاةٌ في الْمَالِ»[4]؛ أي: مكثرةٌ للمال.
(6) الإكثار من الاستغفار؛ لقول الله: {فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاءَ عَلَيْكُمْ مِدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَلْ لَكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَلْ لَكُمْ أَنْهَارًا} [نوح: 10-12].
(7) التسبيح؛ أي: الإكثار من قول: (سبحان الله وبحمده)، فقد جاء في الحديث أن الله بهذه العبارة يَرزقُ الخلق، فقد قال رسول الله: «وبها يُرزَقُ الْخَلْقُ».
(8) الجهاد؛ لقول الرسول: «وَجُعِلَ رِزْقِي تَحْتَ ظلِّ رُمْحِي»[5].
(9) الهجرة من بلد الكفر؛ لقول الله تعالى: {وَمَنْ يُهَاجِرْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُرَاغَمًا كَثِيرًا وَسَعَةً} [النساء: 100].
(10) الأسفار في طلب المعاش للعيال، والتنقل على ظهر الأرض في البلدان بحثًا عن الأعمال؛ لقوله سبحانه: {فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ} [الملك: 15].
(11) التوكل على الله؛ لحديث: «لو أنكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير…»[6].
(12) صلاة الضحى؛ لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «قَالَ رَبُّكُمْ أَتَعْجَزُ يَا بْنَ آدَمَ أَنْ تُصَلِّيَ أَوَّلَ النَّهَارِ أَرْبَعَ رَكَعَات أكفك بِهِنَّ آخِرَ يَوْمِكَ»؛ أي: يكفيه من الرزق ومن غيره، والصلاة عمومًا مجلبةٌ للرزق[7].
(13) الزواج؛ لقول الله تعالى: {وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: 32].
(14) الصدقات؛ لقول الله تعالى: {وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ} [فاطر: 29]، {لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ} [فاطر: 30]، فهو سبحانه يزيد المتصدق من فضله سبحانه بأكثر مما أخذه منه.
(15) الشكر لله على نعمه، قال ربنا: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7]، فالشاكر لربه موعودٌ بالزيادة في الرزق.
(16) دعاء الله أن يزيد للعبد في رزقه؛ مثل قول: (رب زدني رزقًا)، ومثل مناداة الله باسمه الرزاق، والواسع العليم، فهذه الأسماء مناسبةٌ للمقام.
(17) المتابعة بين الحج والعمرة؛ لقول رسول الله: «تابعوا بين الحج والعمرة؛ فإنهما ينفيان الفقر..»[8].
(18) التفاؤل؛ ودليله أن الرسول كان يحب الفأل الحسن، فإذا تفاءل العبد بأن الله سيرزقه رزقًا حسنًا؛ فإن الله سبحانه لن يخيب ظنه وفأله وسيرزقه، ودليل ذلك تفاؤل أم إسماعيل عليهما السلام حين قالت لأبينا إبراهيم حين طوحها في وادٍ غير ذي زرع: «فَقَالَتْ لَهُ: آللَّهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِهَذَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَتْ إِذًا لاَ يُضَيِّعُنَا…»[9]، فالشاهد أنها تفاءلت، وقالت: إن الله لن يضيعنا، فرزقها الله بماء زمزم وبغيره من الرزق الكثير كما هو معلوم.
(19) تعظيم الله في القيام بالأعمال الصالحة، ثم التوسُّل إلى الله بتعظيمه في أن يزيد عبده من الرزق؛ ودليل هذا (حديث الثلاثة)[10] الذين انطبقت عليهم الصخرة، ثم توسَّلوا إلى ربهم، متقربين إليه بتعظيمهم له، وطالبين منه أن يزيح عنهم الصخرة؛ لكي يستزيدوا من الرزق والعمر، ففعل سبحانه لهم ما أرادوه، وأزاح عنهم الصخرة، وأخرجهم من محبسهم، وزادهم من العمر والرزق.
(20) الإكثار من قول: (لا حول ولا قوة إلا بالله)؛ لحديث: «أَكْثِرْ مِنْ قَوْلِ لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ؛ فَإِنَّهَا كَنْزٌ مِنْ كُنُوزِ الْجَنَّةِ»، قَالَ مَكْحُولٌ: فَمَنْ قَالَ: لا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ، وَلا مَنْجَا مِنَ اللَّهِ إِلَّا إِلَيْهِ؛ كَشَفَ عَنْهُ سَبْعِينَ بَابًا مِنَ الضُّرِّ أدناهن الفقر[11].
وهناك أمورٌ أخرى تزيد في الرزق -بإذن الله- قد تكون غابت عن ذهني الآن، فينبغي لمن تذكرها أن يضيفها في تعليقه على مقالي هذا، مصطحبًا الدليل لتقوم الحجَّة به.
[1] صحيح البخاري.
[2] صحيح البخاري.
[3] رواه الإمام أحمد في المسند، وحسنه الألباني.
[4] رواه الترمذي، وصححه الألباني.
[5] رواه أحمد في مسنده، وصححه الألباني.
[6] سنن ابن ماجه، وصححه الألباني.
[7] رواه أحمد في المسند، وصححه الألباني.
[8] صحيح البخاري.
[9] صحيح البخاري.
[10] صحيح البخاري.
[11] سنن الترمذي، وصححه الألباني.
_____________________________________________
الكاتب: نجيب المار
Source link