المسلمة التقية هي التي تنتهز الفرص، وتجعل من رمضان شهر عبادة وخير وبركة على نفسها ومن حولها، فهي راعية في بيتها ومسئولة عن رعيتها.
عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «النِّسَاءُ شَقَائِقُ الرِّجَالِ». (رواه أحمد وأبو داود).. وهذا حديث صحيح عظيم، وهو أصل في مساواة النساء بالرجال في أصول الأحكام، فما ثبت للرجال ثبت للنساء، وهو مطرد في جل الأحكام إلا ما خصه الدليل، فيجب عليهن الصوم، ويستحب لهن الإكثار من التلاوة، والإنفاق في سبيل الله، وقيام الليل، والاجتهاد في الدعاء وغير ذلك من القربات والطاعات.
ورمضان كما هو فرصة للرجال فهو أيضا فرصة للنساء للتقرب إلى الله، وتزكية النفس، وترقيق القلب، وجمع الحسنات، ومحو السيئات، وطلب الرفعة في درجات الجنات، فهو نفحة الإيمان، وفرصة الزمان لكل مسلم من الجنسين الذكور والإناث على حد سواء..
بيد أن ثمت أموراً تهم المرأة في رمضان منها:
أولا: أن الحائض والنفساء لا تصلي ولا تصوم في رمضان، ولكنها تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة، كما ثبت في حديث عَائِشَةَ قَالَتْ: كَانَ يُصِيبُنَا ذَلِكَ فَنُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ وَلاَ نُؤْمَرُ بِقَضَاءِ الصَّلاَةِ(متفق عليه).
ثانيا: بعض النساء يستعملن حبوب منع العادة في رمضان ـ حرصاً منهن على الخير من صيام وصلاة مع المسلمين أو العمرة، ونحن لا ننصح بأخذ هذه الحبوب؛ لأنها تضر في كثير من الحالات وتضطرب العادة بسببها غالباً فتأتيها أياماً وتذهب أخرى ـ لكن إن أخذت المرأة هذه الحبوب فلتعلم أنها لا يجب عليها قضاء الأيام التي توقفت فيها العادة عنها، وهذا يشكل على كثير من النساء.
ثالثا: كثير من النساء يرتدن المساجد لصلاة التراويح، وصلاتهن في بيوتهن أفضل، ولا بأس بصلاتهن في المسجد، فقد لا تجيد تلاوة القرآن، أو تكون الجماعة أنشط لها، لكن على المرأة إن خرجت أن تراعي أن يكون خروجها على تستر، غير متبرجة بزينة ولا متطيبة.
فعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: «أَيُّمَا امْرَأَةٍ أَصَابَتْ بَخُورًا فَلاَ تَشْهَدْ مَعَنَا الْعِشَاءَ الآخِرَةَ»(أخرجه مسلم).
وعن أبي هريرة أيضا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ تَمْنَعُوا إِمَاءَ اللَّهِ مَسَاجِدَ اللَّهِ، وَلَكِنْ لِيَخْرُجْنَ وَهُنَّ تَفِلاَتٌ». وتَفِلاَتٌ أي: غير متطيبات.
قال ابن حجر: ويلحق بالطيب ما في معناه؛ لأن سبب المنع منه ما فيه من تحريك داعية الشهوة كحسن الملبس والحلي الذي يظهر، والزينة الفاخرة، وكذا الاختلاط بالرجال.
ويجب أن يكون الخروج بإذن الزوج، حتى فيما لا بد منه، من زيارة والد مريض، وغيره.
وعليهن بخفض الصوت وعدم الخضوع به، فبعض النساء يرفعن أصواتهن في المسجد، وهذا أمر مذموم وفيه إيذاء للمصلين.
رابعا: بعض النساء إذا خرجت إلى المسجد انشغلت وغفلت عن أطفالها، مما يعرضهم للخطر من حوادث أو ضياع أو اختطاف، وربما اختلطوا مع من هم أكبر منهم فيحصل من المفاسد ما لا يخفى؛ فمن الخطأ انشغال الأم بنافلة وتركها واجباً من رعاية أبنائها، والمحافظة على أخلاقهم وأرواحهم كما هو الحال مع أبيهم.
خامسا: ينبغي أن تحذر المسلمة ـ خاصة في رمضان ـ من الغيبة؛ فإنها داء متفش ومرض عضال، وهي ذنب عظيم وإثم كبير، وحكى القرطبي الإجماع على أنها من الكبائر قال تعالى: {وَلَا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ} ][الحجرات:12].
سادسا: المحافظة على الوقت في رمضان، فالوقت هو رأس مال العبد مع ربه إن استغله ولم يفرط فيه. وهو كنز يملكه كل الناس غنيهم وفقيرهم، شريفهم ووضيعهم؛ لكن السعيد من تفطن له وتأمل قوله تعالى: {أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ}[المؤمنون:115].
وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لاَ تَزُولُ قَدَمَا عَبْدٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُسْأَلَ عَنْ عُمْرِهِ فِيمَا أَفْنَاهُ، وَعَنْ عِلْمِهِ فِيمَا فَعَلَ، وَعَنْ مَالِهِ مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ وَفِيمَا أَنْفَقَهُ، وَعَنْ جِسْمِهِ فِيمَا أَبْلاَهُ».
والمسلمة التقية هي التي تنتهز الفرص، وتجعل من رمضان شهر عبادة وخير وبركة على نفسها ومن حولها، فهي راعية في بيتها ومسئولة عن رعيتها.
سابعا: بعض النساء يضيع رمضان عندهن بين نهار ملؤه النوم وأعمال المطبخ، وليل يشكو من السهر فيما لا فائدة فيه. ولعل المطبخ أكثر ما يلتهم وقت الصائمة، ولو احتسبت المرأة ما تقوم به واستغلت وقتها في مطبخها، لكان غنيمة باردة، وذلك بأن تشغل لسانها بالذكر والتسبيح والاستغفار، خاصة قبل المغرب، أو تضع لها مسجلاً أو إذاعة القرآن الكريم فتستمع وتنصت بسمعها وبقلبها أثناء إعداد الطعام.
ولتحذر المسلمة من الإفراط في الطعام، وكأن شهر رمضان شهر أكل وشرب وليس شهراً للصيام، بل وكثير من النساء والرجال تصيبه التخمة في رمضان وتتفاقم الأمراض عندهم لكثرة الطعام والشراب. وفي الحديث عَنْ مِقْدَامِ بْنِ مَعْدِي كَرِبَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ: «مَا مَلأَ آدمي وِعَاءً شَرًّا مِنْ بَطْنٍ، بِحَسْبِ ابْنِ آدَمَ أُكُلاَتٌ يُقِمْنَ صُلْبَهُ، فَإِنْ كَانَ لاَ مَحَالَةَ فَثُلُثٌ لِطَعَامِهِ وَثُلُثٌ لِشَرَابِهِ وَثُلُثٌ لِنَفَسِهِ» (أحمد والترمذي).
ثامنا: بعض النساء قد تصوم رمضان ولا تصلي، أو لا تصلي إلا في رمضان، والله جل وعلا قال عن الصلاة: {فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ وَآتَوُاْ الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينَ}[التوبة:11]، وقال عليه الصلاة والسلام: «إن بين الرجل والكفر والشرك ترك الصلاة» (رواه مسلم) وقال: «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر» (أحمد والترمذي والنسائي).
تاسعا: بعضهن تنام عن صلاة الفجر حتى تطلع الشمس أو تنام عن الظهر حتى يدخل وقت العصر، فهي تحافظ على الصيام، ولكنها تضيع أعظم ركن عملي في الإسلام وهو الصلاة، والله عز وجل يقول: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا} [مريم: 59].
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
من كتاب مع الصيام لسلمان العودة بتصرف يسير
Source link