لو اجتمع عليك الماكرون ولو أحاط بك الكائدون، فإن حفظ الله وعنايته أغلب، واعلم أنَّ كل من في السماوات والأرض لو اجتمعوا على أن يضرُّوكَ بشيءٍ، لم يضروكَ بشيءٍ إلا قد كتبه اللهُ عليك…
{وَكَذَلِكَ مَكَّنَّا لِيُوسُفَ فِي الْأَرْضِ وَلِنُعَلِّمَهُ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحَادِيثِ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [يوسف: 21]، {وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ} [يوسف: 21].
أراد إخوة يوسف قتله والمكر به، وباعوه بثمن بخس، وزهدوا فيه، فغلبت إرادة الله له أن يُمكَّن على خزائن الأرض، ويأتوه ببضاعتهم المزجاة طالبين الكيل.
ألقوه في البئر فغلب أمر الله له بأن سكن قصر العزيز.
أرادت به امرأة العزيز السوء والفحشاء، فغلب الله على أمره ونجَّاه من السوء والفحشاء.
أرادت له السجن واتهمته بالسوء، فغلب الله على أمره وأخرجه من السجن مبرَّأً أمام الجميع، مكينًا أمينًا عند الملك.
أراد يوسف أن يخرج من السجن بشفاعة صاحبه الذي نجا من القتل، فغلب الله على أمره ونسي الرجل أن يذكر قصة يوسف للملك؛ لئلا يتعلق قلبه بغير الله؛ بل أراد الله له أن يقضي بضع سنين أخرى في السجن حتى يحين وقت رؤيا الملك فيُؤوِّلها له ويستخلصه الملك، فيكون خروجه معززًا مكرمًا أمام الجميع.
وهكذا كانت أقدار الله ليوسف خيرًا من تقديره وتخطيطه لنفسه، وهكذا غلب أمر الله على من أرادوا الكيد والمكر به، فكانت العاقبة الحسنة له.
فلا رادَّ لقضاء الله ولا منازع له فيما يريد ولا مانع له، فهو العزيز سبحانه، والأمر كله بيديه.
وهكذا هي أحداث حياتك لو تأملتها لوجدت أن اختيارات الله لك خيرٌ من حيث لا تدري وإن ظننت أنها شَرٌّ ولكن أمر الله غالب فيك، ومشيئته نافذة عليك.
لو اجتمع عليك الماكرون ولو أحاط بك الكائدون، فإن حفظ الله وعنايته أغلب، واعلم أنَّ كل من في السماوات والأرض لو اجتمعوا على أن يضرُّوكَ بشيءٍ، لم يضروكَ بشيءٍ إلا قد كتبه اللهُ عليكَ.
لو أنزلت هذه الآية على قلبك واستقرت فيه هذه الحقيقة، لوثقت في أقدار الله لك ولفرحت به ورضيت عن ربك وخالقك.
____________________________________________
الكاتب: سمر سمير
Source link