أحد أطهر بقاع الأرض 《سيناء》 – محمد سيد حسين عبد الواحد

فرّ موسى عليه السلام إلى الأرض المباركة أرض《سيناء》حينما طلبه الملأ من قوم فرعون في عمق مصر ليقتلوه ..
ومرّ موسى بأرض《سيناء》 في طريق عودته من مدين إلى مصر ..

 

أما بعد فيقول رب العالمين سبحانه وتعالى : {﴿ وَهَلْ أَتَىٰكَ حَدِيثُ مُوسَىٰٓ ﴾ ﴿ إِذْ رَءَا نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ ٱمْكُثُوٓا۟ إِنِّىٓ ءَانَسْتُ نَارًا لَّعَلِّىٓ ءَاتِيكُم مِّنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى ٱلنَّارِ هُدًى ﴾ ﴿ فَلَمَّآ أَتَىٰهَا نُودِىَ يَٰمُوسَىٰٓ ﴾ ﴿ إِنِّىٓ أَنَا۠ رَبُّكَ فَٱخْلَعْ نَعْلَيْكَ ۖ إِنَّكَ بِٱلْوَادِ ٱلْمُقَدَّسِ طُوًى ﴾ ﴿ وَأَنَا ٱخْتَرْتُكَ فَٱسْتَمِعْ لِمَا يُوحَىٰٓ ﴾ ﴿ إِنَّنِىٓ أَنَا ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱعْبُدْنِى وَأَقِمِ ٱلصَّلَوٰةَ لِذِكْرِىٓ ﴾}

أيها الإخوة الكرام: إن أوسع قصص القرآن الكريم، وأمتع المواقف في حياة الأنبياء والرسل هى تلك المواقف وذالكم القصص الذي تحدث عن النبي موسى عليه السلام ..

ولد موسى عليه السلام على أرض مصر ، وأكل من أرضها واستظل بسماءها ، وجرى عليه ما يجري على الناس من خيرها وشرها ..

فرّ موسى عليه السلام إلى الأرض المباركة أرض《سيناء》حينما طلبه الملأ من قوم فرعون في عمق مصر ليقتلوه ..

ومرّ موسى بأرض《سيناء》 في طريق عودته من مدين إلى مصر ..

وعلى أرض 《سيناء 》المباركة كلم الله موسى عليه السلام تكليما واصطفاه عليه السلام لدعوته ورسالته { ﴿ فَلَمَّا قَضَىٰ مُوسَى ٱلْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِۦٓ ءَانَسَ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ نَارًا قَالَ لِأَهْلِهِ ٱمْكُثُوٓا۟ إِنِّىٓ ءَانَسْتُ نَارًا لَّعَلِّىٓ ءَاتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ ٱلنَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ ﴾﴿ فَلَمَّآ أَتَىٰهَا نُودِىَ مِن شَٰطِئِ ٱلْوَادِ ٱلْأَيْمَنِ فِى ٱلْبُقْعَةِ ٱلْمُبَٰرَكَةِ مِنَ ٱلشَّجَرَةِ أَن يَٰمُوسَىٰٓ إِنِّىٓ أَنَا ٱللَّهُ رَبُّ ٱلْعَٰلَمِينَ ﴾ ﴿ وَأَنْ أَلْقِ عَصَاكَ ۖ فَلَمَّا رَءَاهَا تَهْتَزُّ كَأَنَّهَا جَآنٌّ وَلَّىٰ مُدْبِرًا وَلَمْ يُعَقِّبْ ۚ يَٰمُوسَىٰٓ أَقْبِلْ وَلَا تَخَفْ ۖ إِنَّكَ مِنَ ٱلْءَامِنِينَ ﴾ ﴿ ٱسْلُكْ يَدَكَ فِى جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضَآءَ مِنْ غَيْرِ سُوٓءٍ وَٱضْمُمْ إِلَيْكَ جَنَاحَكَ مِنَ ٱلرَّهْبِ ۖ فَذَٰنِكَ بُرْهَٰنَانِ مِن رَّبِّكَ إِلَىٰ فِرْعَوْنَ وَمَلَإِي۟هِۦٓ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا۟ قَوْمًا فَٰسِقِينَ ﴾}

وعاد موسى عليه السلام إلى سيناء مرة أخرى بعد الخروج من مصر وبين يديه بنو إسرائيل ففلق الله تعالى له البحر وأغرق عدوه وكانت نجاة موسى وبنو إسرائيل إلى أرض 《سيناء》

{﴿ وَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰٓ أَنْ أَسْرِ بِعِبَادِىٓ إِنَّكُم مُّتَّبَعُونَ ﴾ ﴿ فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِى ٱلْمَدَآئِنِ حَٰشِرِينَ ﴾ ﴿ إِنَّ هَٰٓؤُلَآءِ لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ ﴾ ﴿ وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَآئِظُونَ ﴾ ﴿ وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَٰذِرُونَ ﴾ ﴿ فَأَخْرَجْنَٰهُم مِّن جَنَّٰتٍ وَعُيُونٍ ﴾ ﴿ وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ ﴾ ﴿ كَذَٰلِكَ وَأَوْرَثْنَٰهَا بَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ ﴾ ﴿ فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ ﴾ ﴿ فَلَمَّا تَرَٰٓءَا ٱلْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَٰبُ مُوسَىٰٓ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ﴾ ﴿ قَالَ كَلَّآ ۖ إِنَّ مَعِىَ رَبِّى سَيَهْدِينِ ﴾ ﴿ فَأَوْحَيْنَآ إِلَىٰ مُوسَىٰٓ أَنِ ٱضْرِب بِّعَصَاكَ ٱلْبَحْرَ ۖ فَٱنفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَٱلطَّوْدِ ٱلْعَظِيمِ ﴾ ﴿ وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ ٱلْءَاخَرِينَ ﴾ ﴿ وَأَنجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُۥٓ أَجْمَعِينَ ﴾ ﴿ ثُمَّ أَغْرَقْنَا ٱلْءَاخَرِينَ ﴾}

أحد أطهر بقاع الأرض 《سيناء》

إحدى بقاع الأرض التي بارك الله فيها ،مباركة جبالها ، مباركة وديانها ، مبارك زرعها والعيش فيها {﴿ وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِن طُورِ سَيْنَآءَ تَنۢبُتُ بِٱلدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِّلْءَاكِلِينَ ﴾}

ورد ذكر 《سيناء》 في التوراة كتاب موسى عليه السلام ،وورد ذكرها في الإنجيل كتاب عيسى عليه السلام ،وورد ذكرها بكثرة في القرآن الكريم كتاب النبي الخاتم محمد عليه الصلاة والسلام وهذا لم يكن لأي بقعة على وجه الأرض إلا ل《سيناء》

قال الله تعالى {﴿ وَٱذْكُرْ فِى ٱلْكِتَٰبِ مُوسَىٰٓ ۚ إِنَّهُۥ كَانَ مُخْلَصًا وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا ﴾ ﴿ وَنَٰدَيْنَٰهُ مِن جَانِبِ ٱلطُّورِ ٱلْأَيْمَنِ وَقَرَّبْنَٰهُ نَجِيًّا ﴾}

وقال عز من قائل : {﴿ يَٰبَنِىٓ إِسْرَٰٓءِيلَ قَدْ أَنجَيْنَٰكُم مِّنْ عَدُوِّكُمْ وَوَٰعَدْنَٰكُمْ جَانِبَ ٱلطُّورِ ٱلْأَيْمَنَ وَنَزَّلْنَا عَلَيْكُمُ ٱلْمَنَّ وَٱلسَّلْوَىٰ ﴾}

وعظمها سبحانه وتعالى وأقسم بها في قوله {﴿ وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيْتُونِ ﴾ ﴿ وَطُورِ سِينِينَ ﴾ ﴿ وَهَٰذَا ٱلْبَلَدِ ٱلْأَمِينِ ﴾ ﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا ٱلْإِنسَٰنَ فِىٓ أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾ ﴿ ثُمَّ رَدَدْنَٰهُ أَسْفَلَ سَٰفِلِينَ ﴾}

البقعة الوحيدة على وجه الأرض والتي تجلى عليها الخالق العظيم سبحانه وتعالى بوجهه الكريم هى جبل الطور بأرض 《سيناء》 { ﴿ وَوَٰعَدْنَا مُوسَىٰ ثَلَٰثِينَ لَيْلَةً وَأَتْمَمْنَٰهَا بِعَشْرٍ فَتَمَّ مِيقَٰتُ رَبِّهِۦٓ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ۚ وَقَالَ مُوسَىٰ لِأَخِيهِ هَٰرُونَ ٱخْلُفْنِى فِى قَوْمِى وَأَصْلِحْ وَلَا تَتَّبِعْ سَبِيلَ ٱلْمُفْسِدِينَ ﴾ ﴿ وَلَمَّا جَآءَ مُوسَىٰ لِمِيقَٰتِنَا وَكَلَّمَهُۥ رَبُّهُۥ قَالَ رَبِّ أَرِنِىٓ أَنظُرْ إِلَيْكَ ۚ قَالَ لَن تَرَىٰنِى وَلَٰكِنِ ٱنظُرْ إِلَى ٱلْجَبَلِ فَإِنِ ٱسْتَقَرَّ مَكَانَهُۥ فَسَوْفَ تَرَىٰنِى ۚ فَلَمَّا تَجَلَّىٰ رَبُّهُۥ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُۥ دَكًّا وَخَرَّ مُوسَىٰ صَعِقًا ۚ فَلَمَّآ أَفَاقَ قَالَ سُبْحَٰنَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَا۠ أَوَّلُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ﴾}

وعلى أرض سيناء عصى نو إسرائيل ربهم وقعدوا عن الجهاد في سبيل الله وامتنعوا عن دخول الأرض المقدسة التي فرض الله تعالى عليهم دخولها {﴿ قَالُوا۟ يَٰمُوسَىٰٓ إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا حَتَّىٰ يَخْرُجُوا۟ مِنْهَا فَإِن يَخْرُجُوا۟ مِنْهَا فَإِنَّا دَٰخِلُونَ ﴾}

{﴿ قَالَ رَجُلَانِ مِنَ ٱلَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ ٱللَّهُ عَلَيْهِمَا ٱدْخُلُوا۟ عَلَيْهِمُ ٱلْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَٰلِبُونَ ۚ وَعَلَى ٱللَّهِ فَتَوَكَّلُوٓا۟ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾ ﴿ قَالُوا۟ يَٰمُوسَىٰٓ إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَآ أَبَدًا مَّا دَامُوا۟ فِيهَا ۖ فَٱذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَٰتِلَآ إِنَّا هَٰهُنَا قَٰعِدُونَ ﴾ ﴿ قَالَ رَبِّ إِنِّى لَآ أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِى وَأَخِى ۖ فَٱفْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ ٱلْقَوْمِ ٱلْفَٰسِقِينَ ﴾ ﴿ قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ ۛ أَرْبَعِينَ سَنَةً ۛ يَتِيهُونَ فِى ٱلْأَرْضِ ۚ فَلَا تَأْسَ عَلَى ٱلْقَوْمِ ٱلْفَٰسِقِينَ ﴾}

وعلى أرض سيناء عبد بنو إسرائيل العجل أربعين يوما ولم يبرحوا عبادته حتى رجع موسى عليه السلام من ميقات ربه {﴿ وَٱتَّخَذَ قَوْمُ مُوسَىٰ مِنۢ بَعْدِهِۦ مِنْ حُلِيِّهِمْ عِجْلًا جَسَدًا لَّهُۥ خُوَارٌ ۚ أَلَمْ يَرَوْا۟ أَنَّهُۥ لَا يُكَلِّمُهُمْ وَلَا يَهْدِيهِمْ سَبِيلًا ۘ ٱتَّخَذُوهُ وَكَانُوا۟ ظَٰلِمِينَ ﴾ ﴿ وَلَمَّا سُقِطَ فِىٓ أَيْدِيهِمْ وَرَأَوْا۟ أَنَّهُمْ قَدْ ضَلُّوا۟ قَالُوا۟ لَئِن لَّمْ يَرْحَمْنَا رَبُّنَا وَيَغْفِرْ لَنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلْخَٰسِرِينَ ﴾}

وعلى أرض سيناء قتل بنوإسرائيل بعضهم بعضا توبة إلى الله تعالى من عبادة العجل ..

وعلى أرض سيناء طلب بنوا إسرائيل المطلب الأوقح في تاريخ الأمم قالوا ﴿يَٰمُوسَىٰ لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى ٱللَّهَ جَهْرَةً﴾ فأخذتهم الصاعقة فماتوا ثم عفا الله تعالى عنهم وبعثهم من بعد الممات ..

وعلى أرض 《سيناء 》ظلل الله رؤوس بني إسرائيل بالسحاب الأبيض وأنزل الله المن والسلوى طعاما لبني إسرائيل ،وأمر الله موسى عليه السلام إذ استسقى لقومه أن اضرب بعصاك الحجر فانفجرت منه اثنتى عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم ..

وعلى أرض《 سيناء 》وقعت أحداث قصة البقرة المذكورة في سورة البقرة حين قتل أحد بني إسرائيل عمه ،واتهم بريئا بقتله فلما اختلفوا تحاكموا إلى موسى عليه السلام فأمرهم الله تعالى أن يذبحوا بقرة ..

{﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِقَوْمِهِۦٓ إِنَّ ٱللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تَذْبَحُوا۟ بَقَرَةً ۖ قَالُوٓا۟ أَتَتَّخِذُنَا هُزُوًا ۖ قَالَ أَعُوذُ بِٱللَّهِ أَنْ أَكُونَ مِنَ ٱلْجَٰهِلِينَ ﴾ ﴿ قَالُوا۟ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِىَ ۚ قَالَ إِنَّهُۥ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَّا فَارِضٌ وَلَا بِكْرٌ عَوَانٌۢ بَيْنَ ذَٰلِكَ ۖ فَٱفْعَلُوا۟ مَا تُؤْمَرُونَ ﴾ ﴿ قَالُوا۟ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا ۚ قَالَ إِنَّهُۥ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَآءُ فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ ٱلنَّٰظِرِينَ ﴾ ﴿ قَالُوا۟ ٱدْعُ لَنَا رَبَّكَ يُبَيِّن لَّنَا مَا هِىَ إِنَّ ٱلْبَقَرَ تَشَٰبَهَ عَلَيْنَا وَإِنَّآ إِن شَآءَ ٱللَّهُ لَمُهْتَدُونَ ﴾ ﴿ قَالَ إِنَّهُۥ يَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لَّا ذَلُولٌ تُثِيرُ ٱلْأَرْضَ وَلَا تَسْقِى ٱلْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لَّا شِيَةَ فِيهَا ۚ قَالُوا۟ ٱلْـَٰٔنَ جِئْتَ بِٱلْحَقِّ ۚ فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُوا۟ يَفْعَلُونَ ﴾ ﴿ وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْسًا فَٱدَّٰرَْٰٔتُمْ فِيهَا ۖ وَٱللَّهُ مُخْرِجٌ مَّا كُنتُمْ تَكْتُمُونَ ﴾ ﴿ فَقُلْنَا ٱضْرِبُوهُ بِبَعْضِهَا ۚ كَذَٰلِكَ يُحْىِ ٱللَّهُ ٱلْمَوْتَىٰ وَيُرِيكُمْ ءَايَٰتِهِۦ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ ﴾}

وعلى أرض سيناء وفي خلال الأربعين سنة زمان التيه في صحراء سيناء كانت قصة قارون الذي بغى على موسى عليه السلام وتكبر على قومه فخسف الله به وبداره الأرض فهو بين طبقات أرض سيناء يتجلجل إلى يوم القيامة ..

وعلى أرض《 سيناء 》احتال بنو إسرائيل وعصوا أمر الله تعالى واعتدوا في السبت {﴿ وَسْـَٔلْهُمْ عَنِ ٱلْقَرْيَةِ ٱلَّتِى كَانَتْ حَاضِرَةَ ٱلْبَحْرِ إِذْ يَعْدُونَ فِى ٱلسَّبْتِ إِذْ تَأْتِيهِمْ حِيتَانُهُمْ يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعًا وَيَوْمَ لَا يَسْبِتُونَ ۙ لَا تَأْتِيهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ نَبْلُوهُم بِمَا كَانُوا۟ يَفْسُقُونَ ﴾ ﴿ وَإِذْ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا ۙ ٱللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا ۖ قَالُوا۟ مَعْذِرَةً إِلَىٰ رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ﴾ ﴿ فَلَمَّا نَسُوا۟ مَا ذُكِّرُوا۟ بِهِۦٓ أَنجَيْنَا ٱلَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ ٱلسُّوٓءِ وَأَخَذْنَا ٱلَّذِينَ ظَلَمُوا۟ بِعَذَابٍۭ بَـِٔيسٍۭ بِمَا كَانُوا۟ يَفْسُقُونَ ﴾ ﴿ فَلَمَّا عَتَوْا۟ عَن مَّا نُهُوا۟ عَنْهُ قُلْنَا لَهُمْ كُونُوا۟ قِرَدَةً خَٰسِـِٔينَ ﴾}

وعلى أرض《 سيناء 》وقف موسى عليه السلام خطيبا في بني إسرائيل ،فلما فرغ من حديثه قيل له يا نبي الله من أعلم الناس ؟ قال أنا ..

فعتب الله عليه إذ لم يرد العلم إلى الله تعالى ، وقال يا موسى إن عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك يا موسى فقال يا رب دلني عليه أطلب العلم على يديه وذلك قول الله تعالى { ﴿ وَإِذْ قَالَ مُوسَىٰ لِفَتَىٰهُ لَآ أَبْرَحُ حَتَّىٰٓ أَبْلُغَ مَجْمَعَ ٱلْبَحْرَيْنِ أَوْ أَمْضِىَ حُقُبًا ﴾﴿ فَلَمَّا بَلَغَا مَجْمَعَ بَيْنِهِمَا نَسِيَا حُوتَهُمَا فَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُۥ فِى ٱلْبَحْرِ سَرَبًا ﴾ ﴿ فَلَمَّا جَاوَزَا قَالَ لِفَتَىٰهُ ءَاتِنَا غَدَآءَنَا لَقَدْ لَقِينَا مِن سَفَرِنَا هَٰذَا نَصَبًا ﴾ ﴿ قَالَ أَرَءَيْتَ إِذْ أَوَيْنَآ إِلَى ٱلصَّخْرَةِ فَإِنِّى نَسِيتُ ٱلْحُوتَ وَمَآ أَنسَىٰنِيهُ إِلَّا ٱلشَّيْطَٰنُ أَنْ أَذْكُرَهُۥ ۚ وَٱتَّخَذَ سَبِيلَهُۥ فِى ٱلْبَحْرِ عَجَبًا ﴾

{﴿ قَالَ ذَٰلِكَ مَا كُنَّا نَبْغِ ۚ فَٱرْتَدَّا عَلَىٰٓ ءَاثَارِهِمَا قَصَصًا ﴾ ﴿ فَوَجَدَا عَبْدًا مِّنْ عِبَادِنَآ ءَاتَيْنَٰهُ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَعَلَّمْنَٰهُ مِن لَّدُنَّا عِلْمًا ﴾ ﴿ قَالَ لَهُۥ مُوسَىٰ هَلْ أَتَّبِعُكَ عَلَىٰٓ أَن تُعَلِّمَنِ مِمَّا عُلِّمْتَ رُشْدًا ﴾ ﴿ قَالَ إِنَّكَ لَن تَسْتَطِيعَ مَعِىَ صَبْرًا ﴾ ﴿ وَكَيْفَ تَصْبِرُ عَلَىٰ مَا لَمْ تُحِطْ بِهِۦ خُبْرًا ﴾ ﴿ قَالَ سَتَجِدُنِىٓ إِن شَآءَ ٱللَّهُ صَابِرًا وَلَآ أَعْصِى لَكَ أَمْرًا ﴾}

وفي أواخر زمان التيه توفى الله هارون عليه السلام فجهزه موسى عليه السلام وصلى عليه ودفنه فوق جبل من جبال سيناء ، ولم يزل موسى عليه السلام يقاسي من أذى بني إسرائيل حتى انقضى أجله فمات عليه السلام فجهزه يوشع بن نون عليه السلام وصلى عليه ودفنه بأرض سيناء بينه وبين الأرض المقدسة رمية بحجر ..

لنخلص في نهاية الحديث إلى أن سيناء أرض مباركة مبارك كل شيء فيها ، كانت ولم تزل مسرحا واسعا للمواقف العظيمة الشريفة وللأحداث الفريدة والتى فيها ربطت الأرض بالسماء فتنزلت عليها الرحمات وحلت بها البركات ..

نسأل الله العظيم أن يحفظ مصر دينا وأرضا وشعبا من كيد الكائدين ومن حقد الحاقدين وأن يجعلها سخاء رخاء وسائر بلاد المسلمين .. آمين .

الخطبة الثانية

أيها الإخوة الكرام إذا كنا يومنا هذا نتحدث عن بقعة مباركة من أرض الله تعالى وهى أرض 《سيناء 》التي شرفها الله تعالى وباركها وتجلى عليها في حادثة فريدة لم ولن تكون لبقعة من بقاع الأرض إلا ل 《سيناء 》فنحن الآن على موعد مع البقعة الثانية ذات البركة والشرف وهى أرض الشام وتحديدا بيت المقدس ..

يوم قال الله تعالى {﴿ وَٱلتِّينِ وَٱلزَّيْتُونِ ﴾} قصد الموطن الذي ينبت منه التين والزيتون وهى أرض الشام وتحديدا بيت المقدس .. الأرض المقدسة التي وجه الله الناس إليها في قول موسى عليه السلام {﴿ يَٰقَوْمِ ٱدْخُلُوا۟ ٱلْأَرْضَ ٱلْمُقَدَّسَةَ﴾}

أعظم ما في الأرض المقدسة المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين وإليه كان الإسراء ومنه كان المعراج بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم ..

المسجد الأقصى هو جرح المسلمين النازف نسأل الله العظيم أن يحفظه وأهله وأن ينصرهم على عدوهم إنه ولي ذلك ومولاه ..

تاريخ طويل من المعاناة حول المسجد الأقصى سفك للدماء ، وظلم بين ،وعذاب ما بعده فيما أرى من عذاب ….

واقع مرير جعل وساوس الشيطان تسيطر على بعض عقول الناس حتى قال منهم من قال : لماذا لا ينصر الله هؤلاء المستضعفين ؟ أليسوا مسلمين ؟ أليس من بينهم صالحين وصالحات ؟

والجواب:

دفعا لمثل هذه الوساوس أقول:

إن الله سبحانه هو الذي يجيب الدعاء ، وهذا ما نؤمن به ، وهو أيضا الذي يقدّر البلاء وهذا الذي نؤمن به أيضا، ونؤمن كذلك أنه سبحانه أكد أن أحد أهم أسباب دخول الجنة (حسن التصرف) في وقت البلاء (لا سخط، لا يأس ، لا إحباط ، لا سوء ظن بالله تعالى ): {﴿ أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا۟ ٱلْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَٰهَدُوا۟ مِنكُمْ وَيَعْلَمَ ٱلصَّٰبِرِينَ ﴾﴿ وَلَقَدْ كُنتُمْ تَمَنَّوْنَ ٱلْمَوْتَ مِن قَبْلِ أَن تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ ﴾}

ثم إن الله تعالى قص علينا في كتابه وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم قصص المؤمنين الأولين وقد مسهم من العذاب والأذى ما يشيب له الولدان .. ثم كانت العاقبة للمتقين ، أتى الله سبحانه وتعالى بنصر من عنده فصدق وعده ،ونصر عبده ، واعز جنده ، وهزم الاحزاب وحده في إشارة ألى أن القصة لا تكتمل إلا في نهايتها {﴿ حَتَّىٰٓ إِذَا ٱسْتَيْـَٔسَ ٱلرُّسُلُ وَظَنُّوٓا۟ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا۟ جَآءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّىَ مَن نَّشَآءُ ۖ وَلَا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنِ ٱلْقَوْمِ ٱلْمُجْرِمِينَ ﴾}

من سنة الله تعالى ان يمهل الظالمين ويملي لهم فترة من الزمن قال الله تعالى {(إنّما نُملي لهم ليزدادوا إثما)} ثم يجعل الله من الظالمين عبرة وعظة يشف بها صدور قوم مؤمنين ..

{﴿ أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحَٰبِ ٱلْفِيلِ ﴾﴿ أَلَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِى تَضْلِيلٍ ﴾ ﴿ وَأَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْرًا أَبَابِيلَ ﴾ ﴿ تَرْمِيهِم بِحِجَارَةٍ مِّن سِجِّيلٍ ﴾﴿ فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَّأْكُولٍۭ ﴾} .

نحن بحاجة فقط إلى أن نجدد إيماننا بهذا المعنى ، نحن بحاجة لأن نجدد الثقة في وعد الله تعالى ، وفي نفس السياق نحن بحاجة إلى أن نعمل اكثر مما نتكلم ، نحن بحاجة إلى أن تكون الكلمة واحدة ،والصف واحد قال النبي عليه الصلاة والسلام «( فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية )»

أسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يقر أعيننا بنصرة الإسلام والمسلمين إنه ولي ذلك ومولاه وهو على كل شيء قدير ..


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

وما توفيقي إلا بالله – طريق الإسلام

ما أعظم أن يسير المرء في طريق الخير، ويستقيم عليه، وترعاه عناية الله في كل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *