وقال العلامة العثيمين رحمه الله: الواقع أن عقوبات القلوب بالمرض والقسوة والإعراض عن الله وعن ذكره هذه أكبر عقوبة.
الحمد لله رب العالمين, والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين, نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين…أما بعد: فمن عقوبات المعاصي والذنوب والتي قد لا يفطن إليها البعض, العقوبة بقسوة القلب, قال الإمام الغزالي رحمه الله: لا سبب لهذه الغفلة إلا قسوة القلب بكثرة المعاصي والذنوب. وقال العلامة العثيمين رحمه الله: كلما عصى الإنسان ربه قسا قلبه, لقوله: {﴿وَجَعَلۡنَا قُلُوبَهُمۡ قَٰسِيَة ﴾} [المائدة:13].
والعقوبة بقسوة القلب من أعظم العقوبات قال الشيخ إسحاق بن الشيخ عبدالرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمهم الله تعالى: عقوبة القلب أشد من عقوبة البدن.
وقال العلامة العثيمين رحمه الله: الواقع أن عقوبات القلوب بالمرض والقسوة والإعراض عن الله وعن ذكره هذه أكبر عقوبة.
وقال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: وأعظم ما يعاقب الله عز وجل به العبد بذنبه, ومعصيته أن يعاقبه بعقوبات قدرية قلبية, كأن يقسو قلبه.
والقلب إذا قسا لم ينتفع بموعظة أو تذكير, قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: قال الله تعالى: {﴿ وَجَعَلۡنَا قُلُوبَهُمۡ قَٰسِيَة ﴾ } فلا يتعظون بموعظة لغلظها وقساوتها.
والقلب إذا قسا انقلبت عليه الأمور والحقائق, نسأل الله السلامة والعافية, قال الشيخ إسحاق بن الشيخ عبدالرحمن بن حسن بن الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمهم الله تعالى: من العقوبات القدرية على القلوب: عدم الإحساس بالشر, وهي آلام وجودية يضرب القلب, تنقطع بها مواد حياته وصلاحه, وإذا انقطعت عنه حصل له أضدادها بلا شك,…فلذلك يصير المعروف منكراً, والمنكر معروفاً.
وقال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: ثم بعد القسوة ربما لا يرى الحق حقاً, ولا يرى الباطل باطلاً, وقد يزداد بعد ذلك, ويزيد الله في عقوبته, أو يزيد أثر المعصية على القلب بأنه يرى الحق باطلاً, ويرى الباطل حقاً, هذا أعظم الانتكاس, وأعظم آثار الذنوب على القلوب, وهذا هو الواقع.
فليحذر المسلم من الذنوب التي تؤدي إلى قسوة القلوب, فإن لها آثاراً خطيرة وعظيمة على الإنسان.
لقد عاقب الله جل وعلا بني إسرائيل بقسوة القلب لما طغوا وبغوا وعصوا, قال الله سبحانه وتعالى: {﴿ فَبِمَا نَقۡضِهِم مِّيثَٰقَهُمۡ لَعَنَّٰهُمۡ وَجَعَلۡنَا قُلُوبَهُمۡ قَٰسِيَة يُحَرِّفُونَ ٱلۡكَلِمَ عَن مَّوَاضِعِهِۦ وَنَسُواْ حَظّا مِّمَّا ذُكِّرُواْ بِهِۦۚ﴾} [المائدة:13]
وهذه العقوبة جعلت قلوبهم أشد قسوة من الحجارة, قال الله جل وعلا: {﴿ ثُمَّ قَسَتۡ قُلُوبُكُم مِّنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَٱلۡحِجَارَةِ أَوۡ أَشَدُّ قَسۡوَة ﴾} [البقرة:74] قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله: {﴿ ثُمَّ قَسَتۡ قُلُوبُكُم ﴾} أي: جفت وغلظت وعست. وقال الإمام البغوي رحمه الله: أي: يبست وجفت, وجفاف القلب: خروج الرحمة واللين عنه…فهي في الغلظة والشدة {﴿ كَٱلۡحِجَارَةِ أَوۡ أَشَدُّ قَسۡوَة ﴾} وقال العلامة العثيمين رحمه الله: { ﴿ أَوۡ أَشَدُّ قَسۡوَة ﴾} أي من الحجارة, لإن الحجارة أقسى شيء, حتى إنها أقسى من الحديد, إذ إن الحديد يلين عند النار, والحجارة تتفتت ولا تلين.
فلا يستغرب ما حدث من يهود في أزمان مضت, وما يحدث منهم في زماننا من مجازر ومذابح, فقلوبهم قاسية, قد نزعت منها الرحمة, نسأل الله السلامة والعافية, والقلب إذا قسا لم يرحم طيراً في عشه, ولا دابةً في جحرها, ولا آدمياً ألتجئ إلى مكان أمن, فتراه يقتل الأطفال والنساء والشيوخ العزل, ويحرق ويدمر.
ـــــــــــــــــ
إن مما يهون على المسلمين ما أصابهم من مجازر ومذابح على أيدي اليهود أنهم يعلمون أن الله القوي العزيز الجبار غير غافلًا عن أعمالهم وأنهم سوف يجازيهم على ذلك, قال الله عز وجل: {﴿ ثُمَّ قَسَتۡ قُلُوبُكُم مِّنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَ فَهِيَ كَٱلۡحِجَارَةِ أَوۡ أَشَدُّ قَسۡوَة وَإِنَّ مِنَ ٱلۡحِجَارَةِ لَمَا يَتَفَجَّرُ مِنۡهُ ٱلۡأَنۡهَٰرُۚ وَإِنَّ مِنۡهَا لَمَا يَشَّقَّقُ فَيَخۡرُجُ مِنۡهُ ٱلۡمَآءُۚ وَإِنَّ مِنۡهَا لَمَا يَهۡبِطُ مِنۡ خَشۡيَةِ ٱللَّهِۗ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ ﴾ } [البقرة:74] قال الإمام ابن جرير الطبري رحمه الله: يعني بقوله: {﴿ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ ﴾} وما الله بغافل….عما تعملون من أعمالكم الخبيثة, وأفعالكم الردئية, ولكنه محصيها عليكم, فمجازيكم بها في الآخرة, أو معاقبكم بها في الدنيا. وقال الإمام القرطبي رحمه الله: { ﴿ عَمَّا تَعۡمَلُونَ ﴾ } أي عن عملكم حتى لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا يحصيها عليكم. وقال الإمام الشوكاني رحمه الله: وفي قوله: {﴿ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ ﴾} من التهديد وتشديد الوعيد ما لا يخفى, فإن الله عز وجل إذا كان عالمًا بما يعملونه مطلعاً عليه غير غافل عنه كان لمجازاتهم بالمرصاد. وقال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: توعدهم تعالى أشد الوعيد, فقال: ﴿ وَمَا ٱللَّهُ بِغَٰفِلٍ عَمَّا تَعۡمَلُونَ ﴾ بل هو عالم بها, حافظ لصعيرها وكبيرها, وسيجازيكم على ذلك أتمّ الجزاء وأوفاه.
وختامًا فينبغي الحذر أشد الحذر من سماع ما يقولون من افتراءات وأكاذيب, فهم لا يعرفون إلا الكذب, فهو طبعهم وسجيتهم, فالحذر مما يقولون, قال الحافظ اين كثير رحمه الله: احذر أعداءك اليهود, أن يدلسوا عليك الحق,….فلا تعتر بهم, فإنهم كذبة كفرة خونة.
اللهم أشفي قلوب المؤمنين عاجلًا في يهود.
ـــــــــــــــــ كتبه / فهد بن عبدالعزيز بن عبدالله الشويرخ
Source link