نجد أن بعض الأسر تواجِه العديدَ من الصعوبات عند ذَهاب أطفالها للنوم، حيث يرفض الكثير من الأطفال الذَّهاب للنوم، فيُصِر الطفل على البقاء مستيقظًا عن الذَّهاب لسريره، وتُعَد هذه المشكلة من أكثر المشاكل التي تؤرِّق هذه الأسر…
مما لا شكَّ فيه أن النومَ هو أعظم أشكال الراحة للطفل؛ حيث إنه لا تستريح العضلات الإرادية والعينان وحدهما، بل هو وسيلة لنمو الطفل؛ حيث يَستهِلك جسم الطفل طاقة أقل، ومن ثَمَّ فإن مزيدًا من الطاقة يتوفَّر لعملية النمو.
ولكن قد نجد أن بعض الأسر تواجِه العديدَ من الصعوبات عند ذَهاب أطفالها للنوم، حيث يرفض الكثير من الأطفال الذَّهاب للنوم، فيُصِر الطفل على البقاء مستيقظًا عن الذَّهاب لسريره، وتُعَد هذه المشكلة من أكثر المشاكل التي تؤرِّق هذه الأسر، فالآباء والأمهات يريدون أن يكون وقت نوم أطفالهم راحة لهم، لا أن يُمثّل عبئًا ومشكلة.
وترجع هذه المشكلة لعدة أسباب، منها:
♦ شعور الطفل بأن النوم يَحرِمه من التمتُّع بشيء ما؛ فقد يَشعُر الطفل بأن أبويه يَخدعانِه ويضعانه في الفراش، بينما يَظلُّ الباقون يستمتعون بنشاطهم الليلي كمشاهدة التليفزيون مثلاً.
♦ حرمان الطفل من الأم، ووجود مشكلة ما، إما أسريَّة أو مدرسية.
♦ وجود رغبات مكبوتة لدى الطفل، أو شعوره بالذنبِ أو الخوف من الوقوع في الخطأ والتفكير في ذلك، مِثل تهديده بالعقاب إذا بلَّل فراشه.
♦ إن الطفل وهو في سنٍّ صغيرة جدًّا كان وقت الذَّهاب للنوم يُمثِّل له فرحة الالتصاق بينه وبين الوالدين، وبنموِّ استقلاليَّة الطفل يُحرَم من ذلك، وبالتالي فهو قد يرفض الذَّهاب إلى النوم؛ ليس من أجل مقاومة النوم في ذاته، ولكن لفرْض إرادته على الآباء.
♦ تغيير مكان النوم، فبعض الأطفال لا يُحب التغيير وتربِطه علاقة قويَّة بسريره وغرفته.
♦ معاناة الطفل من ضغوط نفسيَّة وتوتُّر عصبي أو إرهاق جسدي؛ لكثرة الحركة والنشاط.
♦ الممارسات الخاطئة التي يُكسِبها الوالدان للطفل قبل نومه، كقص الحكايات المُفزِعة، أو مشاهدته للأفلام الراعِبة.
♦ معاناة الطفل من بعض الأمراض كفقر الدم أو اختلال الهرمونات أو سوء التغذية، أو تناول بعض الأدوية المُنبِّهة، أو إصابة الجهاز العصبي لديه.
♦ إرغام الطفل على النوم، وتخويفه إذا لم ينم بإحضار الحيوانات أو الوحوش، أو تنويمه في غرفة مُظلِمة.
ولمواجهة هذه المشكلة اقترح العلماء عدة اقتراحات، أهمها ما يلي:
♦ الحرص على جعل الساعة التي تَسبِق نوم الطفل مريحة وهادئة وخالية من الشجار والانفعالات مع الطفل أو داخل الأسرة.
♦ الحزم مع الطفل عند وقت النوم، فعليه أن ينام، وفي الوقت نفسه نترك له مكان نومه متجاهلين مُناشدته أو قليلاً من طلباته؛ لأننا بذلك نعوِّده على احترام وقت النوم.
♦ إشباع حاجات الطفل من الطعام والشراب قبل الذَّهاب للفراش وتوفير الدفء والهدوء.
♦ تنظيم وقت الطفل بوضع برنامج مُنظِّم لساعات نومه ويقَظته؛ مما يُبعِده عن مشكلة عدم الرغبة في النوم أو الأرق، ويجعله أكثر استعدادًا للنوم عندما يأتي موعده.
♦ تنبيه الطفل قبل موعد نومه كي يستعد بإنهاء لَعِبه وهواياته قبل موعد النوم.
♦ وضْع لِعب مشوِّقة على سرير الطفل تجعله يشعر بالأمان، ويُقبِل على النوم، وتؤنِس وَحشته ووَحدته.
♦ البعد عن اللوم والتهديد، ومنْح الطفل الحب والحنان.
♦ عدم إرغام الطفل على النوم كوسيلةٍ لعقابه؛ حتى لا يرتبِط في ذهنه فكرة النوم بفكرة العقاب، ومن ثَمَّ يَكره فكرةَ النوم.
♦ إضاءة غرفةِ الطفل بالنور الضئيل، وألا نتركه ينام في الظلام حتى لا يخاف.
♦ عدم وضْع سرير الطفل في أماكن تجعله يرى ظِلالاً، أو تحرّك ستائر؛ كي لا تُخيفه.
♦ سرْد قصة هادفة غير مُخيفة على الطفل قبل نومه.
♦ ينبغي أن يقتنع الطفل أنه ينام لكي يستريح، وأنه بذَهابه إلى النوم لن يفقد التمتع بأي شيء ثمين، وأن النوم مفيد.
♦ تحديد ساعة للنوم ثابتة، ولكنها غير جامدة.
وأخيرًا: يجب أن يُدرِك الآباء والأمهات أن النوم من حيث نوعُه ومقداره يختلف من طفل إلى آخر، كما أنه يختلف عند الطفل الواحد باختلاف عمره، فبوصول الطفل إلى سِنِّ الرابعة عشرة، فإنه سوف يتحمَّل مسؤولية الذَّهاب إلى النوم في المواعيد المحدَّدة، ويفهم حاجته إلى النوم بنفسه، وببلوغه سنَّ الخامسة عشرة يصبح لمفهوم الحاجةِ إلى النوم تأثير كبير؛ ولذلك فلا مجال للقلق إذا لم يتَّبِع الطفل النموذج الشائع.
المراجع:
• حلمي المليجي: علم النفس المعاصر، الإسكندرية، دار المعرفة الجامعية، 1984م.
• جبريل كالفي: سيكولوجية طفل الروضة، (ترجمة: طارق الأشرف)، القاهرة، دار الفكر العربي، 1991م.
• عبدالرحمن العيسوي: مشكلات الطفولة والمراهَقة، بيروت، دار العلوم العربية للطباعة والنشر، 1993م.
• نصار رمضان عمر: 200 موقف للآباء في تربية الأبناء، كفر الشيخ، مؤسسة حورس الدولية، 2006م.
_________________________________________________
الكاتب: د. سامية عطية نبيوة
Source link