تأملْ قَولَ اللَّهِ تَعَالَى: {وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا}؛ لتعلم أن مقصد الشيطان في إضلال بني آدم لا يقف دون الكفر!
قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا} [النساء: 60].
تأملْ قَولَ اللَّهِ تَعَالَى: {وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُضِلَّهُمْ ضَلَالًا بَعِيدًا}؛ لتعلم أن مقصد الشيطان في إضلال بني آدم لا يقف دون الكفر!
فإنَّ الضلالَ البعيدَ الذي لا يرى فيه العبدُ معالمَ سبيلِ العودةِ، وتخفى عليه فيه ملامح الجادة، وكلما أمعَن في السير كلما أوغل في الضلال والبعدِ، كمن ضلَّ في الصحراء لا يزيده الجدُّ في السير إلا ضلالًا.
ومن العجيب أن طريق الغواية الذي يرسمه الشيطان يبدأ بخطوة تتبعها خطوات؛ لذلك قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ} [النُّورِ: 20]، ثم ينتهي بغصة وحسرات؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ مَا أَنَا بِمُصْرِخِكُمْ وَمَا أَنْتُمْ بِمُصْرِخِيَّ إِنِّي كَفَرْتُ بِمَا أَشْرَكْتُمُونِ مِنْ قَبْلُ إِنَّ الظَّالِمِينَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [إبراهيم: 22].
ومما يدل على أن الشيطان لا يرضي من بني آدم إلا الإيغال في الضلالِ، ما ثبت عَنْ جَابِرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّ إِبْلِيسَ يَضَعُ عَرْشَهُ عَلَى الْمَاءِ، ثُمَّ يَبْعَثُ سَرَايَاهُ، فَأَدْنَاهُمْ مِنْهُ مَنْزِلَةً أَعْظَمُهُمْ فِتْنَةً، يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: فَعَلْتُ كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: مَا صَنَعْتَ شَيْئًا، قَالَ ثُمَّ يَجِيءُ أَحَدُهُمْ فَيَقُولُ: مَا تَرَكْتُهُ حَتَّى فَرَّقْتُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ امْرَأَتِهِ، قَالَ: فَيُدْنِيهِ مِنْهُ وَيَقُولُ: نِعْمَ أَنْتَ» ، قَالَ الْأَعْمَشُ: أُرَاهُ قَالَ: «فَيَلْتَزِمُهُ» [1].
ومما يدل على أن مقصد الشيطان في إضلال بني آدم لا يقف دون الكفر، قَولُ اللَّهِ تَعَالَى: {كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ} [الحشر: 16].
[1] رواه مسلم- كِتَابُ صِفَةِ الْقِيَامَةِ وَالْجَنَّةِ وَالنَّارِ، بَابُ تَحْرِيشِ الشَّيْطَانِ وَبَعْثِهِ سَرَايَاهُ لِفِتْنَةِ النَّاسِ وَأَنَّ مَعَ كُلِّ إِنْسَانٍ قَرِينًا، حديث رقم: 2813.
______________________________________________________
الكاتب: سعيد مصطفى دياب
Source link