قدَّم الله ذكر حرمة الأموال على حرمة النفوس؛ لأن الاعتداء على الأموال كثيرًا ما يكون سببًا لهلاك النفوس، ولتساهل كثير من الناس في أكل بعضهم أموال بعض، أكثر من تساهلهم في سفك بعضهم دماء بعض.
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا * وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} [النساء: 29، 30].
تضمن هذا النداء ستة محاور:
المحور الأول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: 29].
المحور الثاني: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29].
المحور الثالث: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29].
المحور الرابع: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29].
المحور الخامس: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا} [النساء: 30].
المحور السادس: {وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} [النساء: 30].
المحور الأول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: 29].
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} [النساء: 29]: ناداهم ربهم بأحب الأسماء إليهم، وذكرهم بالصفة المميِّزة لهم، وهذا داعٍ عظيم يدفعهم إلى الامتثال والطاعة.
{لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: 29]: أي: لا يأكل بعضكم مالَ بعضٍ بغير حق، وإنما قال أموالكم؛ لأن مال أخيك هو مالك، فالأمة كالجسد الواحد، فإذا استباح أحدٌ مالَ أحدٍ، فكأنه أباح لغيره أكل ماله، وقد جاءت أحاديث كثيرة مؤكِّدةً هذا المعنى:
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «كل المسلم على المسلم حرام؛ دمُهُ، ومالُه، وعِرْضُه»[1].
وعن أبي بكرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يوم النحر بمِنًى في حِجة الوداع: «إن دماءكم، وأموالكم، وأعراضكم، حرام عليكم، كحرمة يومكم هذا، في شهركم هذا، في بلدكم هذا، ألَا هل بلغتُ، قلنا: نعم، قال: اللهم اشهد، فَلْيُبلغِ الشاهدُ الغائبَ»[2].
صور أكل أموال الناس بالباطل:
صور أكل أموال الناس بالباطل كثيرة، ومظاهرها عديدة، جاء الإسلام بتحريمها وحماية الناس منها؛ لِما يترتب عليه من مخاطرَ جسيمة، وعواقب وخيمة في الدنيا والآخرة؛ ومن ذلك:
1- السرقات والغصب:
وهذا داء عُضالٌ صار مجتمعنا اليوم يعاني منه؛ لقلة الدين، ولضعف الإيمان باليوم الآخر، اغتصبت أموال الناس وانتشرت السرقات، ولقد شدد الإسلام في ذلك أيما تشديد، وجعل فيه حدًّا معروفًا؛ فقال تعالى: {وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} [المائدة: 38].
وقد توعَّد النبي صلى الله عليه وسلم مَن غصب شيئًا من الأرض بأشد الوعيد؛ فعن عبدالله بن عمر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «من أخذ من الأرض شيئًا بغير حقِّه، خُسِفَ به يوم القيامة إلى سبع أرضين»[3].
وفي صحيح مسلم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لعن الله من غيَّر منار الأرض»؛ أي: غيَّر حدودها، فانتزع قطعة من أرض جاره وأضافها إلى نصيبه.
قال سبحانه: ﴿وَ {مَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 161]؛ والمعنى: أن من يحمل بيده شيئًا ليس له، جاء به يحمله يوم القيامة بين يدي الخلائق.
ومن الغُلُول: الاختلاس من الأموال العامة؛ فعن عَدِيِّ بن عميرة الكندي قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من استعملناه منكم على عَمَلٍ فَكَتَمَنا مِخْيَطًا فما فوقه، كان غُلُولًا يأتي به يوم القيامة»[4].
ومن الصور الشهيرة لأكل أموال الناس بالباطل:
2- الرُّشوة:
وهي كل ما يدفعه الإنسان ليتوصل به إلى ما لا يحل له، وإنْ سمَّى ذلك عمولة، أو هدية؛ فقد ((لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الراشي والمرتشي))[5]؛ لأن الرِّشوة عون على الظلم والعدوان، وهَدْرٌ لكرامة الإنسان، وهي دعوة قبيحة لنشر الرذائل والفساد.
وفي الصحيحين عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال: ((استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا من الأَزْدِ، يُقال له: ابن اللُّتْبِيَّة، على الصدقة، فلما قدِم قال: هذا لكم وهذا أُهديَ لي، قال: «فهلَّا جلس في بيت أبيه أو بيت أمه، فينظر يُهدى له أم لا؟ والذي نفسي بيده، لا يأخذ أحد منه شيئًا إلا جاء به يوم القيامة يحمله على رقبته، إن كان بعيرًا له رُغاء، أو بقرةً لها خُوار، أو شاةً تَيْعَرُ» ،[6] ثم رفع بيده حتى رأينا عُفْرَةَ إبطيه: « اللهم هل بلغت، اللهم هل بلغت» ؛ ثلاثًا)).
وهذا الحديث يدل على أن المال العام حرمته كبيرة، فهو أشد في حرمته من المال الخاص؛ لكثرة الحقوق المتعلقة به، وتعدُّد الذِّمم المالكة له؛ لأنه مال المسلمين، والتعدي عليه هو تعدٍّ على أموال المسلمين، وليس تعدِّيًا على مال شخص بعينه، فكانت الورطة فيه أشد.
وعن بريدة بن الحصيب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من استعملناه على عمل فرزقناه رزقًا[7]، فما أُخِذَ بعد ذلك فهو غُلُول»[8].
ولذلك لما أرسل سليمانُ عليه السلام إلى بلقيس ملكة سبأ يدعوها وقومها إلى الإسلام، جمعت أكابر قومها وشاورتهم في أمرها: {قَالَتْ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَفْتُونِي فِي أَمْرِي مَا كُنْتُ قَاطِعَةً أَمْرًا حَتَّى تَشْهَدُونِ * قَالُوا نَحْنُ أُولُو قُوَّةٍ وَأُولُو بَأْسٍ شَدِيدٍ وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ فَانْظُرِي مَاذَا تَأْمُرِينَ * قَالَتْ إِنَّ الْمُلُوكَ إِذَا دَخَلُوا قَرْيَةً أَفْسَدُوهَا وَجَعَلُوا أَعِزَّةَ أَهْلِهَا أَذِلَّةً وَكَذَلِكَ يَفْعَلُونَ * وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} [النمل: 32 – 35].
وإنما أرسلت الهدية؛ لأنه إن كان ملكًا جبَّارًا، رضِيَ بها، وساعتها تكون قد عرفت ثمنه، وإن كان نبيًّا حقًّا، اتبعته هي وقومها.
فلما جاء الوفد المرسَل من قِبل بلقيس إلى سليمان بالهدية، كان جوابه استفهامًا يعرف به قدر الرجال: {قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللَّهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ} [النمل: 36].
وهنا نتساءل: لماذا لم يقبل سليمان هذه الهدية؟ أليست هدية من ملكة إلى مَلِكٍ نبيٍّ؟
الجواب: إن سميت هدية في حساب الناس، فهي رشوة عند رب الناس، فماذا بين ملكة سبأ وبين سليمان حتى تُهدي له؟
3- الغش في المعاملات:
وهو من كبائر الذنوب، بلغ من شناعته ((أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ على صُبْرَةِ طعامٍ، فأدخل يده فيها، فنالت أصابعه بللًا، فقال: ما هذا يا صاحب الطعام؟ قال: أصابته السماء، يا رسول الله، قال: «أفلا جعلته فوق الطعام كي يراه الناس؟ من غشَّ فليس مني»[9].
وقد يكون الغش: حلف الرجل كذبًا، ليغري غيره بسلعته، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: «ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة، ولا ينظر إليهم، ولا يزكيهم، ولهم عذاب أليم» ، قال: فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرار، قال أبو ذر: خابوا وخسروا، من هم يا رسول الله؟ قال: «الْمُسْبِل، والْمَنَّان، والمنفق سلعته بالحَلْفِ الكاذب»[10].
وقد يكون الغش: تطفيفًا في الكيل والميزان، وهذا أمر يتهاون فيه كثير من الناس، فإذا كانوا بائعين أخسروا ونقصوا في الكيل والوزن، وإذا كانوا مشترين استوفَوا وزادوا في الكيل والوزن؛ والله سبحانه وتعالى يقول: {وَيْلٌ لِلْمُطَفِّفِينَ * الَّذِينَ إِذَا اكْتَالُوا عَلَى النَّاسِ يَسْتَوْفُونَ * وَإِذَا كَالُوهُمْ أَوْ وَزَنُوهُمْ يُخْسِرُونَ * أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ * لِيَوْمٍ عَظِيمٍ * يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ} [المطففين: 4 – 6].
وقد يكون الغش: كتمَ عيوب السلعة عند بيعها؛ فعن عقبة بن عامر رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «المسلم أخو المسلم، ولا يحل لمسلم باع من أخيه بَيْعًا فيه عيب إلا بيَّنه له»[11]، وفي حديث حكيم بن حزام رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «البيعان[12] بالخيار[13] ما لم يتفرقا، فإن صدقا وبيَّنا، بُورِك لهما في بيعهما، وإن كذبا وكتما، مُحِقَ بركة بيعهما»[14].)
فإن قيل: كيف أصدق إن كنت مشتريًا؟
الجواب: ألَّا تبخس الناس أشياءهم؛ فقد قال سبحانه: {وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءَهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ} [الشعراء: 183].
وقد يكون الغش: عدم صدق في النصيحة، وعدم إرشاد للمسترشد.
4ـ ومن صور أكل أموال الناس بالباطل:
أكل مال اليتيم، وأكل الربا، وأكل مال الأجير والمستخدم، وعدم الوفاء بالدين، أو المماطلة في رده لصاحبه، وسؤال الناس من غير ضرورة، وشهادة الزور، وجحد الحقوق، وكل ما حرمته الشريعة، أو حذرت منه، فهو من أكل أموال الناس بالباطل.
وإذا أراد العبد أن يتوقَّى أكل أموال الناس بالباطل، فليربِّ نفسه على الخوف من الله، ومراقبته، والحياء منه، ثم مع ذلك يتحرى الحلال، ويستغني به عن الحرام؛ فإن الله تعالى قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَاشْكُرُوا لِلَّهِ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [البقرة: 172].
وفي الصحيحين، قال صلى الله عليه وسلم: «إن الحلال بيِّنٌ، وإن الحرام بيِّنٌ، وبينهما مُشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات استبرأ لدينه وعِرْضِهِ، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحِمى يوشِك أن يَرْتَعَ فيه، ألَا وإن لكل مَلِكٍ حَمًى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله؛ ألَا وهي القلب».
المحور الثاني: {إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: 29]: أي: إلا أن تكون تجارةً مباحةً صادرةً عن رضا الطرفين، فهذا هو المال الذي تكتسبونه حلالًا.
واعلم أن التراضي على مُحرَّم لا يُحِلُّه، كمن تراضيا على رِبًا، أو غيره، فالمعتبر هو رضا الله قبل رضا المتبايعين أو المتعاملين.
المحور الثالث: {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29]:
والجملة تستوعب معاني متعددة:
1- {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29]: انتحارًا، مهما كانت الآلام، فإن العاقبة وخيمة والعقوبة أليمة، والمناسبة واضحة، فكثيرًا ما تؤدي الصدمات المالية والمعاملات الجائرة إلى التفكير بالانتحار، وقد كثرت الأحاديث التي تفيد بأن المنتحر في نار جهنم؛ لأنه فَقَدَ إيمانه بالله حين يئِس، وقتل نفسه.
عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قتل نفسه بحديدة فحديدتُهُ في يده يتوجَّأ بها في بطنه في نار جهنم، خالدًا مخلَّدًا فيها أبدًا، ومن شرِب سُمًّا فقتل نفسه فهو يتحسَّاه في نار جهنم، خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن تردَّى من جبل فقتل نفسه، فهو يتردى في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا»[15].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كان فيمن كان قبلكم رجلٌ به جُرح، فجزِع، فأخذ سكينًا فحزَّ بها يده، فما رقأ الدم حتى مات، قال الله تعالى: بادَرَني عبدي بنفسه؛ حرمتُ عليه الجنة»[16].
2- {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29]: أي: لا يقتل بعضكم بعضًا، وإنما قال: أنفسكم؛ لأن الأمة كالجسد الواحد، فمن قتل عضوًا منها فكأنما قتلها جميعًا؛ كما قال سبحانه: {مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعًا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعًا} [المائدة: 32]، فمن قتل أخاه المسلم، فقد قتل نفسه وإنسانيته وضميره.
3- {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29]: أي: بارتكاب ما حرم الله وأكل الأموال بالباطل؛ لأن الله تعالى نهاكم عن ذلك رحمة بكم، فإن أبَيْتُم فقد أهلكتم أنفسكم.
4- {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29]: في تحصيل التجارة، والسعي على الدنيا؛ أي: لا يكون ذلك شغلك الشاغل، ولكن امشوا فيها هونًا، ثم انشغلوا بما خُلِقْتُم من أجله؛ وهو تحقيق العبودية لربِّ البرِيَّة سبحانه وتعالى.
5- {وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء: 29]: بفعل ما يستحق الإنسان به القتلَ، كقتل المؤمن بغير حق، والزنا بعد الإحصان، والردة؛ ففي الحديث: «لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: الثيب الزاني، والنفس بالنفس، والتارك لدينه المفارِق للجماعة»[17].
فائدة: وإنما قدَّم الله ذكر حرمة الأموال على حرمة النفوس؛ لأن الاعتداء على الأموال كثيرًا ما يكون سببًا لهلاك النفوس، ولتساهل كثير من الناس في أكل بعضهم أموال بعض، أكثر من تساهلهم في سفك بعضهم دماء بعض.
المحور الرابع: {إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا} [النساء: 29]:
فكل شرع الله رحمة وحكمة وخير وعدل، فمن استمسك به فقد رُحِم، ومن أخطأه فقد خسر خسرانًا مبينًا.
المحور الخامس: {وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا} [النساء: 30]:
أي: من يأكل أموال الناس بالباطل، أو يتسبب في قتل نفسه أو غيره، عدوانًا على الغير، وظلمًا للنفس وللغير، فسوف نذيقه نارًا يحترق فيها، فالصَّلْيُ الشِّواءُ والإحراق.
المحور السادس: {وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا} [النساء: 30]:
إذا قضى سبحانه وتعالى على أحدٍ بالعذاب، لم يمنعه منه مانع، ولم يدفعه عنه دافع.
[1] رواه مسلم.
[2] متفق عليه.
[3] رواه البخاري.
[4] رواه مسلم.
[5] رواه أحمد والترمذي وأبو داود، وحسنه الألباني لشواهده.
[6] الرُّغاء والخُوار واليَعار، أصوات هذه الحيوانات.
[7] المرتب الذي يتقاضاه، أو العطايا التي أُعطِيَها.
[8] أخرجه أبو داود، وصححه الألبانيُّ في صحيح الجامع.
[9] رواه مسلم.
[10] أخرجه مسلم.
[11] رواه ابن ماجه والحاكم، وصححه الألباني في صحيح الجامع.
[12] البائع والمشتري.
[13] أي: هما مُخيَّران في إمضاء البيع أو فسخه، طالما كانا في مجلس العقد.
[14] متفق عليه.
[15] متفق عليه.
[16] رواه البخاري.
[17] رواه مسلم.
___________________________________________________
الكاتب: د. شريف فوزي سلطان
Source link