شعبان توطئة لرمضان، وتمهيد له، فابدأ بالتهيئة وترتيب حياتك، ووضع خطة لإصلاح نفسك، وترويضها على الطاعات وهِجران المعاصي والمحرَّمات.
الاجتهاد في الطاعة والمبادرة إليها، وسَبْقُ الآخرين، هو تفرُّد وتميُّز يجعل صاحبه متقدمًا على من حوله، وتزداد أهمية التفرد في زمن الغفلة، وانشغال الناس باللهو والدنيا، واتباع الهوى والفتن.
ولذلك فإن ثواب العبادة وقت الغفلة يكون مضاعفًا؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «العبادة في الْهَرْجِ كهجرة إليَّ»؛ (صحيح مسلم).
والهرج أي: زمن الغفلة والفتن، واختلاط الأمور؛ حيث يثبُتُ على الطاعات والحق أقليَّة، وهم أهل التفرد والتميز، وهم الصالحون.
وإن من التفرُّد أن تقوم الليل والناس نائمون، وتصوم النهار والناس مُفْطِرون، وتعمل بجدٍّ والناس متكاسلون، وتحافظ على ذكر الله والناس صامتون، وتقرأ القرآنَ والناس بأحاديث الدنيا منشغلون.
ولقد كان النبي صلى الله عليه وسلم سبَّاقًا إلى ذلك التفرد، وخاصة في شهر شعبان، حتى سأله أسامة رضي الله عنه فقال: يا رسول الله، لم أرَك تصوم شهرًا من الشهور ما تصوم من شعبان؟ قال: «ذلك شهر يغفُل الناس عنه بين رجبٍ ورمضانَ، وهو شهر تُرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فأُحِبُّ أن يُرفع عملي وأنا صائم»؛ (النسائي بإسناد صحيح).
وبيَّن النبي صلى الله عليه وسلم أن من أسباب اجتهاده في شعبان غفلةَ الناس عنه، وذلك أنه يأتي بعد رجب؛ حيث كانت العرب تُعظِّمه، ورمضانَ؛ حيث فرض الله صيامه.
وقد فهِم سلف الأمة سُنَّةَ النبي صلى الله عليه وسلم، وسبب اجتهاده في شعبان، وتسابقوا في الاقتداء به؛ ومن مظاهر ذلك:
١- الإكثار من الصيام في شعبان.
٢- الإقبال على القرآن، حتى اشتُهر تسمية شعبان بشهر القرَّاء؛ حيث كان بعضهم يُغلِق حانوته، ويجلس لقراءة القرآن.
٣- كانوا يُخرِجون زكاة أموالهم في شعبان؛ لجبر خواطر الفقراء، وتقويتهم على استقبال رمضان.
ولْتَعْلَمْ – أخي المسلم وأختي المسلمة – أن شعبان توطئة لرمضان، وتمهيد له، فابدأ بالتهيئة وترتيب حياتك، ووضع خطة لإصلاح نفسك، وترويضها على الطاعات وهِجران المعاصي والمحرَّمات.
أسأل الله أن يبلِّغنا وإياكم رمضانَ، ويعيننا على صيامه وقيامه.
وصلى الله على محمد وآله وسلم.
Source link