الصلاة قرة عين المؤمنين، وراحة نفوسهم، وسكينة أرواحهم، وطمأنينة قلوبهم، فهي راحةٌ من تعب الدنيا، وهموم المعاش، ومعاناة الخلق…
الصلاة قرة عين المؤمنين، وراحة نفوسهم، وسكينة أرواحهم، وطمأنينة قلوبهم، فهي راحةٌ من تعب الدنيا، وهموم المعاش، ومعاناة الخلق، ومشاكل حياة لا تنتهي من واحدة إلا واجهتك اثنتان، ولا تحل المشكلتين إلا قامت لك أربع، وهكذا دواليك، فإذا حَزَبَك أمرٌ، وإذا صعب عليك شأن، فافزع إلى الصلاة؛ اقتداء بنبيك وحبيبك محمد صلى الله عليه وسلم، الذي كان يفزع إلى الصلاة ليستريح من عناء الدنيا؛ وكان يقول: «يا بلال، أرِحْنا بالصلاة»؛ (رواه أبو داود، وغيره)، ففي الصلاة يناجي المسلم ربَّه، ويشكو إليه همَّه، ويستعين بربه، ويتقوى بخالقه، يذل نفسه لمولاه، ويتحقق بالعبودية الكاملة لخالقه، في حب كامل وخضوع شامل، والصلاة كلها دعاء، وللمؤمن أن يدعو في سجوده بما شاء، لكن وردت عن النبي صلى الله عليه وسلم دعوات مأثورات يُستحب للمسلم أن يدعو بهن؛ فللدعاء المأثور فضائل كثيرة عن غيره من الدعوات، والأدعية المأثورة في الصلاة كثيرة جدًّا؛ نقتصر منها على الآتي:
دعاء الاستفتاح في الصلاة:
كان النبي صلى الله عليه وسلم يستفتح الصلاة بدعاء بعد تكبيرة الإحرام مباشرة، وقبل قراءة الفاتحة، وقد ورد عنه صلى الله عليه وسلم أكثر من دعاء استفتاح للصلاة؛ ومنها:
عن علي، قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة كبَّر، ثم قال: «وجَّهت وجهي للذي فطر السماوات والأرض حنيفًا وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين، لا شريك له، وبذلك أُمِرْتُ، وأنا أول المسلمين، أنت الملك لا إله إلا أنت، أنا عبدك، ظلمت نفسي، واعترفت بذنبي، فاغفر لي ذنوبي جميعًا، لا يغفر الذنوب إلا أنت، واهدني لأحسن الأخلاق، لا يهدي لأحسنها إلا أنت، واصرف عني سيئها، لا يصرف عني سيئها إلا أنت، لبيك وسعديك، والخير كله في يديك، والشر ليس إليك، أنا بك وإليك، تباركت ربنا وتعاليت، أستغفرك وأتوب إليك»؛ (رواه مسلم، وأبو داود، والنسائي).
وروى أبو هريرة، قال: ((كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبَّر في الصلاة أسكت إسكاتة – حسِبته قال: هُنَيْهَة – بين التكبير والقراءة، فقلت: يا رسول الله، بأبي أنت وأمي، أرأيتَ إسكاتك بين التكبير والقراءة، ما تقول؟ قال: أقول: «اللهم باعد بيني وبين خطاياي، كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم نقِّني من خطاياي كما يُنقَّى الثوب الأبيض من الدَّنَس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبَرَدِ»؛ (متفق عليه).
دعاء الركوع:
فإذا ركع قال: سبحان ربي العظيم؛ ثلاث مرات.
وعن علي رضي الله عنه: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ركع يقول: «اللهم لك ركعت، وبك آمنت، ولك أسلمت، خشع لك سمعي وبصري ومخي وعَظْمِي وعصبي»، وجاء في كتاب السنن: «خشع سمعي وبصري ومخي وعظمي، وما استقلَّت به قدمي لله رب العالمين»؛ (رواه مسلم في صحيحه).
دعاء الرفع من الركوع:
عن ابن أبي أوفى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه قال: «سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد ملء السماوات، وملء الأرض، وملء ما شئت من شيء بعد»؛ (رواه مسلم في صحيحه).
دعاء السجود:
وفي السجود يقول: سبحان ربي الأعلى؛ ثلاث مرات، ويُستحب الإكثار من الدعاء في السجود؛ لحديث: «أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكْثِرُوا الدعاء».
وورد في الدعاء في السجود أدعية كثيرة جدًّا؛ منها: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده: «اللهم اغفر لي ذنبي كله، دِقَّه وجِلَّه، وأوله وآخره، وعلانيته وسره»؛ (رواه مسلم)، ودقه وجِله: بكسر أولهما، ومعناه: قليله وكثيره.
ويدعو في السجود بما فيه خير الدنيا والآخرة لنفسه وللمسلمين جميعًا.
الدعاء بين السجدتين:
عن ابن عباس، قال: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول بين السجدتين: «اللهم اغفر لي، وارحمني، وعافني، واهدِني، وارزقني»؛ (رواه أبو داود).
التشهُّد:
عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله»؛ (رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما).
الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم آخر التشهد:
((اللهم صلِّ على محمد عبدك ورسولك النبي الأمي وعلى آل محمد وأزواجه وذريته، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، وبارك على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد وأزواجه وذريته، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد))؛ (رواه البخاري ومسلم).
الدعاء بعد التشهد وقبل التسليم:
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا فرغ أحدكم من التشهُّد الأخير، فَلْيَتَعوَّذ بالله من أربع: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر المسيح الدجال»؛ (رواه مسلم من طرق كثيرة)، وفي رواية منها: «إذا تشهد أحدكم، فَلْيَسْتَعِذْ بالله من أربع، يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن شر فتنة المسيح الدجال»؛ (رواه البخاري ومسلم).
_________________________________________________________
الكاتب: أ. د. حلمي عبدالحكيم الفقي
Source link