أهمية خطبة الجمعة، وعظيم شرفها، وجلالة قدرها ومكانتها في ميزان الإسلام.
أهمية خطبة الجمعة، وعظيم شرفها، وجلالة قدرها ومكانتها في ميزان الإسلام.
وإذا كانت خطبة الجمعة بهذه المنزلة في ديننا، فينبغي لنا أن نوليها بالغ اهتمامنا، وغاية عنايتنا ورعايتنا؛ لكي نؤدي حق هذه الأمانة التي على عاتقنا، وشكر هذه المكرمة التي فُضلنا بها على غيرنا؛ لنعتذر به أمام ربنا سبحانه وتعالى.
ومن أوائل هذه المهمات، وأحق ما تُصرف له الأوقات، وتُبذل من أجله الطاقات، العناية بإعداد الخطبة التي جعل لها الإسلام ما جعل من الأحكام التي تقدم ذكرها وتعدادها، والتي من أجلها استعد الناس لها، وتركوا أعمالهم على اختلاف مراتبهم ورُتَبهم لسببها.
فينبغي لمن صعد المنبر، وارتفع على رقاب الناس وأكتافهم، أن يستعدَّ لهم كما استعدُّوا له، وأن يحترم عقولهم، ويعظم أوقاتهم التي سيقضيها معهم.
كذلك ينبغي له أن يستشعر قدرهم وقدراتهم؛ فقد يكون منهم من هو أسن وأعلم منه، وأتقى لله منه، لكنهم بين يديه، وملزمون بالسكوت والاستماع إليه.
وقد يخرجون من عنده وألسنتهم تلهج بذمِّه، أو بالثناء عليه ومدحه، على حسب ما قدمه لهم، وبما يتناسب مع عقولهم ويتفق مع زمانهم ومكانهم.
فحريٌّ بك أيها الخطيب أن تعطي المنبر حقَّه وقدره، وأن تستعد للصعود عليه بإعداد وإتقان ما تقوله وتقدمه، وأن تستشعر قدر هذه الفرصة، ومقدار هذه الغنيمة التي جمع الله لك بها هذه الجموع، وبهذه الطريقة التي لا يستطيع أحدٌ أن يحصل له ما يحصل لك أيها الخطيب، حتى قال أحد أعداء الإسلام: «لو كان لي خطبة الجمعة التي للمسلمين لقُدتُ بها العالم!».
وجديرٌ بك – أيها الخطيب – أن تستشعر أن كثيرًا من هذه الجموع، وهذه المئات لعلهم لم يسمعوا كلمةً وعظية، أو نصيحةً إرشادية، إلا منك في هذه اللحظات.
وقد يكونون في غفلةٍ عن دينهم، وفي بعدٍ عن ربهم طول أيام أسبوعهم، وليس معهم من يذكرهم إلا أنت في هذا اليوم العظيم.
فإياك إياك أن تشغلهم بما لا ينفعهم، فيخرجوا من عندك بدون فائدة في دينهم أو دنياهم!
___________________________________________________________
الكاتب: يحيى بن حسن حترش
Source link