منذ حوالي ساعة
فإننا وبعد انتصاف شهر الخير والبركة؛ شهر رمضان، أردنا أن نذكِّر أنفسنا ونذكر المسلمين بما ينبغي أن يكون عليه المسلم في موسم الطاعات العظيم…
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، أما بعد:
فإننا وبعد انتصاف شهر الخير والبركة؛ شهر رمضان، أردنا أن نذكِّر أنفسنا ونذكر المسلمين بما ينبغي أن يكون عليه المسلم في موسم الطاعات العظيم، وهو هذا الشهر المبارك، وربما كثير من المسلمين يقول: أنا لا أعلم كثيرًا من أبواب الخير! فأردنا أن نَذْكُرَ بعضَ هذه الأبواب بذكر الأحاديث الواردة في ذلك؛ حتى تكون محفِّزًا للمسلمين للعمل في بقية هذا الشهر المبارك؛ لعلنا نكون من عتقاء الله من النار، ويختم لنا هذا الموسم على أحسن الأحوال.
من هذه الأحاديث حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه:
عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر، فأصبحت يومًا قريبًا منه ونحن نسير، فقلت: يا رسول الله، أخبرني بعمل يدخلني الجنة، ويُباعدني من النار؟ قال: «لقد سألتني عن عظيم، وإنه ليسيرٌ على مَن يسَّره الله عليه: تعبد الله ولا تشرك به شيئًا، وتقيم الصلاة، وتؤتي الزكاة، وتصوم رمضان، وتحج البيت»، ثم قال: «ألا أدلُّك على أبواب الخير؟ الصوم جُنةٌ، والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، وصلاة الرجل من جوف الليل»، قال: ثم تلا: {تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ} [السجدة: 16] حتى بلغ {يَعْمَلُونَ} [السجدة: 17]، ثم قال: «ألا أخبرك برأس الأمر كله، وعموده، وذروة سنامه» ؟، قلت: بلى يا رسول الله، قال: «رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد»، ثم قال: «ألا أخبرك بمِلاك ذلك كلِّه» ؟، قلت: بلى يا نبي الله، قال: فأخذ بلسانه قال: «كُفَّ عليك هذا»، فقلت: يا نبي الله، وإنا لمُؤاخذون بما نتكلم به؟! فقال: «ثَكِلتْك أمُّك يا معاذ! وهل يكبُّ الناس في النار على وجوههم –أو على مناخرهم– إلا حصائدُ ألسنتهم» ؟!)؛ قال أبو عيسى: هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ؛ سنن الترمذي – وقال الألباني: صحيح.
ونُذكِّر المسلمين بما ختم به النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث العظيم، وهو أنه يجب على المسلم أن يحذر لسانَه؛ فإن حصائد الألسنة قد تكون سببًا لضياع العمل الصالح، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الحديث الثاني:
عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «مَن أُعطِي حظَّه من الرفق، فقد أُعطي حظَّه من الخير، ومن حُرِم حظَّه من الرفق، فقد حُرِم حظَّه من الخير»؛ الترمذي، والبيهقي في السنن – وقال الألباني: صحيح؛ الصحيحة (2166).
ويؤيده ما جاء في صحيح مسلم عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن الرِّفْق لا يكون في شيء إلا زانه، ولا يُنزع من شيء إلا شانه».
الحديث الثالث:
عن عبدالله بن الصامت، عن أبي ذر قال: (أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بخصال من الخير: أوصاني بألا أنظرَ إلى مَن هو فوقي، وأن أنظر إلى من هو دوني، وأوصاني بحبِّ المساكين والدنُوِّ منهم، وأوصاني أن أَصِلَ رَحِمي وإن أدبرتْ، وأوصاني ألا أخاف في الله لومةَ لائمٍ، وأوصاني أن أقول الحقَّ وإن كان مرًّا، وأوصاني أن أكثر من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله؛ فإنها كنز من كنوز الجنة)؛ (صحيح ابن حبان، وصحَّحه الألباني).
الحديث الرابع:
عن أبي مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حُوسب رجلٌ ممن كان قبلكم، فلم يوجد له من الخير شيءٌ إلا أنه كان يُخالط الناس، وكان مُوسِرًا، فكان يأمر غِلمانه أن يتجاوزوا عن المُعسر، قال: قال الله عز وجل: نحن أحقُّ بذلك منه، تجاوَزوا عنه»؛ (أخرجه مسلم في صحيحه).
الحديث الخامس:
عن عبدالله بن أبي أوفى قال: جاء رجلٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني لا أستطيع أن آخذ من القرآن شيئًا، فعلِّمني ما يجزئني منه؟ قال: «قل: سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله»، قال: يا رسول الله، هذا لله عز وجل، فما لي؟ قال: «قل: اللهم ارحمني، وارزقني، وعافني، واهدني»، فلما قام قال هكذا بيده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما هذا، فقد ملأ يده من الخير»؛ (أخرجه أبو داود في السنن، وحسنه الألباني).
فهذه أحاديث عن نبينا صلى الله عليه وسلم حثَّنا فيها على أبواب الخير التي غفل عنها كثير من الناس، أردت التذكير بها بعبارة سهلة مختصرة؛ حتى يَسْهُلَ فهمُها ومطالعتها، متمنِّيًا للجميع التوفيق والسداد، وهو وليُّنا، فنعم المولى، ونعم النصير.
Source link