الدعاية للإسلام… وأثر كلمتك على الناس

فدورك هو الدعاية للإسلام وذكره للناس بكلمات معدودة فيها ذكر محاسنه وأنه سبب للنجاة من عذاب جهنم وأنه الدين الحق وأنه سبباً للطمأنينة والسعادة

كتب الأستاذ: بدر بن عبد الله الصاعدي
أول رسول هو نوح عليه السلام وآخر رسول هو محمد عليه الصلاة والسلام وبينهما أنبياء ورسل وكل قرية بعث الله تعالى فيها رسول ولم يكن الحال كذلك في زمانهما وذلك لأن البشرية في زمن نوح لم تكن قد انتشرت انتشارًا كبير فالصِلات بينهم لم تتقطع فكفاهم رسولاً واحداً، ثم انتشرت البشرية وتعددت المدن وتكونت الدول وتباعدت فأرسل الله في كل قرية رسول ثم لم تزل الصلات بينهم تتطور وتتقارب وتتقدم وتتيسر فكفاهم نبياً واحداً وهو خاتم الأنبياء والرسل عليهم وعلى نبينا محمد عليه الصلاة والسلام فلا عجب أن تكون الصِلات في ازدياد والترجمة تتقدم بشكل هائل ووراء ذلك تدبير وحكم إلهية.
رحلة العالم الغربي المسيحي الفكرية
بدأ العالم الغربي المسيحي فكره مع الكنيسة وقدمها وعظمها وتعلق بها ورأى أنها المخرج للتيه البشري حتى تبين له اختلالها وتناقضها ومخالفتها للعلم والعقل ثم رفع راية العقل وعظمه وقدمه وتعلق به ورأى أنه مصدر النور والمخرج لهم ومضوا على ذلك حتى تم إبطاله على أيدي فلاسفتهم فأنزلوه من مكانته ووضعوه موضع المستقبِل ومحلل للمعلومات وليس مصدرًا للعلم والنور ثم رفعوا راية الفلسفة وعظموها حتى حلت مكانها العلموية وذلك أنه تبين أن الفلسفة تنظر لما وقع وأنتهى ولا تنظر لما يستقبل أما العلموية فهي قائمة على التجربة والاختبار داخل المعمل، فعظموها ورفضوا كل ما لا يمكن تجريبه إلا أنه تبين لاحقا أنها لا تجيب عما في الكون والنفس والحياة من مجالات متنوعة كثيرة ليس مصدر العلم بها التجربة ولا تجيب عن الحكم والغايات، فتحجمت وتقلصت ورفعت راية الداروينية وجعلوها مفسرة للحياة وتنوعها وسبب وجودها وما عليهم سوى الاستكثار من اللذات ولا عاقبة بعد ذلك وجعلوها عقيدة تدرس في المدارس ويدافع عنها ويحارب من يخالفها وها هي الداروينية اليوم تحارب على أيدي علمائهم مثل عالم الكيمياء الحيوية د.مايكل دانتون مؤلف كتاب (صندوق دارون الأسود) وفيلسوف العلوم د. ستيفين ماير مؤلف كتاب (شك داروين) وجيري بيرجمان صاحب المؤلفات الكثير في نقد الداروينية وغيرهم ولا يزال التقدم في العلم يفتت الدارونية ولم يبق لهم سوى الدعاية الكاذبة لها واللعب بالمصطلحات ومع ذلك فإن عوارها وقصورها أدى إلى زيادة حالة الحياة العبثية وفقدان الثقة والوثوق في شيء والتعلق به وهم اليوم يتقدمون إلى هذه الحالة العبثية بحسب توقعات الباحثين..(أنظر لتاريخ الفكر الغربي محاضر أحمد السيد بعنوان تاريخ الفكر الغربي وأنظر للاستزادة كتاب ظاهرة نقد الدين في الفكر الغربي للدكتور سلطان العمير وأنظر مقال في ميزان العلم التطور الدارويني حقيقة أم خيال.)
في هذا الوقت من فقدان الأمل فيما سبق أن تعلقوا به يلتقون بفكر جديد عليهم فتحت أمامه من السبل ما لم يتح من قبل وهو الإسلام ونحن الآن نمر ببدايات هذه المرحلة، وإن تحدث الباحثون بعد مئات السنين عن تحول العالم الغربي إلى الإسلام فإنهم سيعيدون السبب إلى هذه المرحلة وعلى أيدي أهل هذا الزمان كما نسب انتشار الإسلام في دول شرق آسيا إلى التجار قديماً ودول أخرى إلى المجاهدين في سبيل الله (من الكتب اللطيفة كتاب صورة الإسلام في أوربا في القرون الوسطى لريتشارد سوذرن المطبوع عام 1978م وهو يبين الصورة المشوشة عن الإسلام بسبب الترجمات المحرفة للقرآن الكريم والصعوبات التي واجهت الاطلاع على ما عند الآخر. فبمقارنة تلك الحال مع حال اليوم يتبين الفرق الكبير بين الصورتين، والفرق بين إمكانات الأمس وإمكانات اليوم)

ما هو دورك
ليس مطلوب منك إنشاء المواقع ولا تأليف الكتب ولا السفر فقد كفانا أهل التخصص والاستطاعة فالمراكز موجودة والمواقع في تقدم وهناك مدربون على الدعوة بلغات مختلفة يعملون في تلك المواقع ويسلم على يديهم الآلاف ولكن هذه الآلاف هي عدد يسير من بين الملايين بل المليارات والعدد يقابل بالعدد فدورك هو الدعاية للإسلام وذكره للناس بكلمات معدودة فيها ذكر محاسنه وأنه سبب للنجاة من عذاب جهنم وأنه الدين الحق وأنه سبباً للطمأنينة والسعادة وأنه قائم على الأدلة والبراهين وأن مصدره رب العالمين وأنه ليس فيه تبعية وذل وأن البحث عنه يكون من خلال مصادرة الأصلية وليس الإعلام ونحو ذلك.
ولا تستهين بالكلمة والدعاية المجردة للإسلام فكل مسلمي الغرب الذي أسلموا عن طريق المواقع والمراكز لو سألت أحدهم كيف أسلمت فأول ما يبدأ يقول سمعت عن الإسلام فبحثت عنه وقرأت عنه واعتنقته وتعلمت أحكامه، فالجزء الأول (سمعت عنه) ليس مختصاً بالمراكز والمواقع بل يصعب عليها تغطيته والجزء الثاني وهو (القراءة والبحث والتعرف وتعلم الأحكام) هو مهمة المراكز والمواقع المتخصصة وليست مهمتك وبقدر ما يتنشر خبر الإسلام وخبر دين الله في الأرض بقدر ما يبحث عنه ويتعرف عليه.
ولا تبحث عن تأثير كلمتك فليس النصح على شرط القبول إنما أنت مبلغ والهداية والتوفيق ليس إليك ولا تنزعج من رد قبيح وليكن نظرك من وراء ذلك وهو إنقاذ نفس من الكفر ومن سلطان الشيطان عليها وأن تكون سبب بجعلها من عباد الله.
ولا تقل وصلوا إلى مرحلة من الضلال والانغلاق والبعد عن الحق، فالطمع هو في جيل ناشئ فتيّ أقرب للفطرة وألين قلباً وأكثر إقبالاً وسؤالاً، لذا يفضل أن تكون الدعاية للإسلام في ميادينهم الافتراضية أكثر من غيرهم ممن مضى بهم العمر. واعلم أخي الكريم أنه قد أتيحت لنا في هذه العصر فرص لم تتح لدعاة الأمس.
واحذر الإجهادات الفردية وكتابة المقالات وترجمتها ففي هذا إساءة وليس إحساناً لما في اللغات من فروق كبيرة في الثقافة والمعاني والكلمات المستعملة لها، فليس ذلك إلا لأهل الاختصاص ولتعتمد إن أردت نشر المقالات على ما هو معد مسبقاً من قبل أهل الدعوة. فمهمتك هو الدعاية للإسلام بكلمات معدودة تنبه بها والله يسوق للحق من يشاء، ومن ذلك دعوة إخوانك المسلمين ليقوموا بالدعاية للإسلام.
واحذر أيضاً من خلط كبير وقع وهو ظن بعض من يريد أن يدعو للإسلام أن ما يسمى بالإعجاز العلمي سبب للإقبال على الإسلام والأمر ليس كذلك فالناس دخلت سابقاً في دين الله بسبب اطلاعهم على محاسن دين الإسلام قبل أن يُعرف ما هو الإعجاز العلمي، وأعلى المحاسن أن مصدره هو رب العالمين وأنه قائم على الأدلة والبراهين وأنه غير متعارض مع العلم والعقل وأنه يدعو لكل فضيلة وينهى عن كل رذيلة وأنه لا يفرق بين الناس إلا بالتقوى وأنه قائم على العدل والرفق وأنه يجيب عن الأسئلة الوجودية من حيث الغاية من الخلق والحكمة من الوجود ومصير الخلق ومصير الناس وأن من تمسك به دخل الجنة ونجا من النار ومن محاسنة وجود القدوة التي يتأسى بها وهي رسول رب العالمين ومن محاسنة أنه ليس فيه ذل وانكسار لأحد سوى لله تعالى.
والإعجاز العلمي دائرته ضيقة فما ثبت دون تكلف ووافق المسلمات العلمية الثابتة وليس النظريات والفرضيات قليل وهذا القليل لا يتوجه إلا لأهل التخصصات العلمية الغربية وثمرته فيهم ضعيفة. ويحسن أن نراجع لمزيد التوضيح كتاب (الإعجاز العلمي إلى أين؟) للدكتور مساعد عبد الله الطيار ومقال (أفي القرآن الكريم إعجاز علمي؟) لحمزة اندرياس تزورتسيس. وقد ألف من ألف في الأعجاز العلمي وجمع في كتابٍ له من كل حدب وصوب مما هو متكلف أو مبني على فرضيات لم تثبت ونظريات متغيرة أو سقطت عند الغرب فتكلف لأجلها الأدلة ثم تُرجم ونشر فكان سببا للصد عن سبيل الله وأتخذه الأعداء وسيله للدعوة ضد الإسلام فيقولون: أنظروا ماذا يقول القرآن حتى أرتد ممن لم يتمكن الإسلام من قبله.
والله أعلم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

فضائل من قال ١٠٠ مرة: (لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا شَرِيكَ له…)

كل الأحاديث الصحيحة في فضائل من قال ١٠٠ مرة: (لا إلَهَ إلَّا اللَّهُ وحْدَهُ لا …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *