فقه الاعتكاف – طريق الإسلام

لمحة موجزة عن الاعتكاف وبعض أحكامه ومقاصده.

بسم الله، والحمد لله، والصلاة والسلام على نبينا محمد وصحابته أجمعين؛ أما بعد:

فهذه لمحة موجزة عن الاعتكاف وبعض أحكامه ومقاصده.

 

الاعتكاف: مأخوذ من عَكَفَ على الشيء؛ أي: لَزِمَهُ وداوم عليه؛ وهو لزوم المسجد بنية التقرب إلى الله تعالى بالعبادة من شخص مخصوص على صفة مخصوصة.

 

وهو مشروع بالكتاب والسنة والإجماع.

 

وهو كذلك عمل السلف والخلف حتى يومنا هذا.

 

أما الكتاب، فقوله تعالى لإبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام: {أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} [البقرة: 125]، وقوله: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ} [البقرة: 187]، وأما السنة؛ فقد جاء في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم  «كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفَّاه الله، ثم اعتكف أزواجه من بعده».

 

وأما الإجماع، فنقل غير واحد من العلماء الإجماعَ على مشروعيته؛ منهم النووي، وابن قدامة، وابن تيمية.

 

وقد كان الصحابة والتابعون لهم بإحسان يعتكفون في رمضان.

 

ولا يعتكف المسلم لمجرد كونه يعلم أنه مشروع فحسب، بل للاعتكاف حِكَمٌ ومقاصدُ عظيمة، وأثره قاصر ومتعدٍّ، بحسب همَّتِه وتقوية صلته بربه يتحصل عليها المرء عند اعتكافه؛ منها: جماع القلب بالكلية على الله تعالى، والأنس بمناجاته، والانقطاع عن الاشتغال بالخَلْقِ، والاشتغال به وحده سبحانه، وتفقُّد القلب وتقوية الصلة بالخالق سبحانه، بحيث يصير كل همِّه رضا الله والدار الآخرة.

 

ومنها الزهد في الدنيا والانقطاع للعبادة؛ إذ إن المعتكف تَرَكَ ملذاتِ الحياة وشهواتها.

 

ومن المقاصد تحصيل ليلة القدر، والتفرُّغ في ليلتها للقيام والدعاء؛ لخَبَرِ الصحيحين:  «من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، غُفِرَ له ما تقدم من ذنبه»، وهذه من أهم المقاصد وعليها العمل.

 

ومن مقاصده أيضًا تذكُّرُ حال النبي صلى الله عليه وسلم، وكيفية عبادته طوال العام، وفي رمضان من باب أولَى.

 

فقد جاء في الصحيحين من حديث عائشة رضي الله عنها قالت: ((كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر، شدَّ مِئْزَرَه، وأحيا ليله، وأيقظ أهله)).

 

وقد بيَّنت عائشة رضي الله عنها في هذا الحديث حال النبي صلى الله عليه وسلم، واجتهاده في العبادة في العشر الأواخر؛ فتقول: ((كان إذا دخلت العشر الأواخر من رمضان، شدَّ مِئْزَرَه))؛ يحتمل أن يقصد به الجِدَّ في العبادة، فإنه يُقال: شَدَدْتُ في هذا الأمر مئزري، بمعنى تشمَّرت وتفرَّغت له، وفيه أيضًا إشارة إلى اعتزال النساء في الفراش وعدم مجامعتهن، ((وأحيا ليله))، جعل معظم الليل للعبادة، ((وأيقظ أهله)) ليُصَلُّوا من الليل، وهذا من تشجيع الرجل أهله على أداء العبادات والطاعات والقربات، والسعي لتحصيلها في هذه الأيام.

 

-وفيه إشارة إلى عدم إهمال الأهل في العبادات، وينبغي إرشادهم وإعانتهم وتهيئة الأجواء لهم؛ لتحقيق العبادة في يُسْرٍ وسهولة دون شواغل تشغلهم؛ إذ الرجل هو المسؤول عن أهله وعن صلاحهم، والطرق المؤدية إلى ذلك: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا} [طه: 132].

 

ومما يحز في النفس أن تجد بعضًا من المسلمين – بل ومن المنتسبين للعلم والدعوة – يُهمِل أولاده ونساءه، بحجة الانشغال، وما إلى ذلك، فلا تراه واعظًا، ولا مرشدًا، ولا ناصحًا، والحال دالٌّ على ذلك، فالأولَى والأحرى الاهتمام بالتربية وإصلاح البيت، وتشجيعهم على ذلك بكل وسيلة مشروعة وممكنة، وبكل رفق ولِينٍ.

 

والاعتكاف على قسمين:

1- إما أن يكون مستحبًّا؛ كاعتكاف التطوع، فهذا مشروع في أي وقت، كاعتكاف العشر الأواخر من رمضان الذي نحن بصدده، وهذا الاعتكاف الزماني.

 

2- وإما أن يكون واجبًا بأن يُوجِبَه الإنسان على نفسه؛ كالنذر الْمُطْلَق؛ مثل قوله: لله عليَّ أن أعتكف يومًا، فيجب عليه الوفاء به.

 

أو يُوجِبه على نفسه بالنذر المقيَّد؛ كأن يقول: لله عليَّ إن تم العمل الفلاني أو كذا وكذا، فلله عليَّ أن أعتكف أسبوعًا مثلًا، فيجب عليه الوفاء به.

 

• والاعتكاف في رمضان سُنَّة في حق الرجال والنساء؛ لعموم الأدلة في مشروعية الاعتكاف، ولأن الأصل أن ما ثبت في حق الرجل يثبت في حق المرأة، إلا ما خُصَّ بدليل، ولثبوت اعتكاف زوجات النبي صلى الله عليه وسلم في حياته وبعد مماته.

 

• وأما مكان الاعتكاف؛ فيُشترط أن يكون في المسجد، وأفضله أن يكون في مسجد جمعة، لكنه ليس بشَرَطٍ لصحة الاعتكاف.

 

وجمهور العلماء أن المرأة كالرجل في هذا؛ فلا يصح اعتكافها إلا في المسجد.

 

• وشروط الاعتكاف الإسلام، والعقل، والطهارة من الحيض، والنِّفاس، والجَنابة، فلا يصح من كافر ولا مجنون، ولا حائض ولا نُفَساء، ولا من كان على جنابة، ولا مُغْمًى عليه إغماء مُطْبِقًا، ولا صبيٍّ غير مميِّز.

 

• وتجب النية في الاعتكاف؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:  «إنما الأعمال بالنيات»، ولأن الاعتكاف قد يكون عادة أو عبادة، فافتقر إلى نيَّة يصِحُّ به الفرق بين كونه عادة أو عبادة.

 

• ويجوز الاعتكاف في أي وقت وحين، وبدون صيام، ولكن أفضله هو العشر الأواخر من رمضان؛ لدلالة النص عليه.

 

• ومن الشروط الخاصة بالمرأة أمْنُ الفتنة، فإذا كانت لا تأمن الفتنة، يحرُم عليها الاعتكاف؛ لمنافاتها مقاصد الشرع العامة.

 

• ويشترط وجود مكان مخصص للنساء، وهو الأصل والواجب.

 

• وإلا يكون الاعتكاف يمنعها عن القيام بأعمالها الواجبة؛ كَبِرِّ الوالدين أو الزوج مثلًا…؛ إلخ.

 

لكن لا يعني هذا أن يمنعها وليُّها من الاعتكاف؛ لأنه بهذا سيحرمها الخير الكثير، ومثلها التراويح؛ لأن كل واحد منهما لا يتكرر في العام إلا مرة.

 

لذلك فالأحرى أن يأذن الوليُّ لها؛ أُسْوَةً برسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لأنه أذِن لهن بالاعتكاف حال حياته، واعتكف أزواجه أيضًا من بعده كما في الصحيح.

 

وعلى أية حال فإن الاعتكاف سُنَّة، ولا يكون واجبًا إلا بالنذر كما قلنا، فإذا نذر لزمه الوفاء؛ لحديث: ((من نذر أن يطيع الله فَلْيُطِعْهُ، ومن نَذَرَ أن يعصيه فلا يَعْصِه)).

 

ولقول عمر رضي الله عنه قال: ((يا رسول الله، إني نذرت في الجاهلية أن أعتكفَ ليلةً في المسجد الحرام، قال: أوفِ بنذرك))، ونقل ابن المنذر الإجماعَ على سُنِّيَّة الاعتكاف من حيث الجملة، إلا ما أوجبه المرء على نفسه.

 

ويبطل الاعتكاف بأحد هذه الأشياء:

• السُّكْر إن وُجِد التعدي به، والرِّدة والإغماء والجنون.

 

• النِّفاس والحيض، إذا كانت مدة الاعتكاف تخلو عنهما غالبًا.

 

• الجماع مختارًا، عالمًا بالتحريم، ذاكرًا للاعتكاف؛ لقوله تعالى: {وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا} [البقرة: 187].

 

• تعمُّد الخروج من المسجد لغير عذرٍ؛ لحديث عائشة رضي الله عنها وفيه: ((… وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفًا…))، ولأن الاعتكاف هو البقاء في المسجد، فإذا خرج فقد فعل ما ينافيه فبطل؛ كالأكل في الصوم.

 

• عدم العودة إلى المسجد، مع التمكُّن منها، إذا خرج لعذرٍ، ثم زال ذلك العذر.

 

ومعنى البطلان أن زمن ذلك لا يُحسَب من الاعتكاف، فإذا زال جدَّد النية، وبنى على ما مضى.

 

أما إن كان مقيدًا بمدة، وتتابع، أبْطَلَهُ، وخرج منه، ووجب الاستئناف.

 

فمعنى البطلان أنه انقطع استمراره ودوامه، ولا بناء ولا تجديد نية، وما مضى داخل في الحساب، وحصل به الاعتكاف.

 

ولا يضر بالاعتكاف تنظيف شعر الرأس (التَّرَجُّل)، ولا الاغتسال، ولا الطِّيب، ولا لُبْس أجمل الثياب، ولا عقد النكاح ولا التزويج.

 

وله أن يأكل ويشرب ما شاء من النِّعَمِ، وأُحب أن ينقطع لتلاوة القرآن الكريم؛ كونه أُنزل في رمضان، وهذه أبرز سمة وخاصية في رمضان.

 

وقد ذَكَرْنا هذه السِّمة والخاصية (خاصية نزول القرآن) في مقالنا حول الصيام والتراويح.

 

وهناك مسائل تخص المرأة يجب التنبيه عليها على سبيل الإجمال، تحتاج إليها المرأة عند عزمها على الاعتكاف؛ ومنها:

• إن المرأة يصح اعتكافها في كل مسجد، سواء أُقيمت فيه صلاة الجماعة، أم لا؛ لأن الجماعة لا تجب على المرأة في صلاتها.

 

• إذا اعتكفت في المسجد، ثم حاضت؛ وجب عليها الخروج من المسجد، ولا يبطل ما مضى من اعتكافها بالحيض عند جمهور أهل العلم، فإذا طهُرت من الحيض وأرادت الرجوع إلى الْمُعْتَكَف، فلها ذلك، وفضل الله واسع.

 

• يجوز للمرأة المستحاضة الاعتكافُ وحتى الصلاةُ والصوم؛ لأنها طاهرة، ولا يضر نزول الدم منها (دم الاستحاضة)؛ لأنه عَرَقٌ.

 

• الصُّفْرة والكُدرة والإفرازات المهبلية لا تمنع الاعتكاف، فيجوز لها أن تعتكف؛ لأنها ليست حيضًا.

 

• ويلحق بالمستحاضة من كان في معناها، كمن به سَلَسُ البَول والْمَذْيُ والوَدْيُ، ومن به جُرحٌ يسيل.

 

• ويجب ألَّا يترتب على اعتكافها فتنة للرجال.

 

-الاعتكاف الواجب مثل: الاعتكاف المنذور، يجب الوفاء به، حتى بغير إذن وليِّ المرأة، وهذا هو الأصل المقرر في التفريق بين الواجبات وغير الواجبات في مسائل الإذن.

 

• الاعتكاف لا يصح في البيوت؛ لأن هذه العبادة من خصائص المسجد، ولو كان الاعتكاف للمرأة جائزًا في البيت، لأذِن لها الشرع أن تعتكف في بيتها

.

• وأما زمن الاعتكاف، فيبدأ في العشر الأواخر من رمضان؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم واظب على هذا حتى توفَّاه الله.

 

• وأما تحديده، فليس هناك حدٌّ لأقلِّه ولا لأكثره؛ لأنه لم يَرِدْ دليل على التحديد.

 

• وأما اقتصار النبي صلى الله عليه وسلم على اعتكاف العشر الأواخر من رمضان، فلا يدل على التخصيص، وإنما يدل ذلك على سبب آخر، وهو طلب ليلة القدر؛ إذ هي في تلك الليالي، ولهذا اعتكف صلى الله عليه وسلم العشر الأُولَى من رمضان يريد ليلة القدر، ثم اعتكف العشر الأواسط، فأخبر أنها في العشر الأواخر، فداوم على اعتكافه فيها حتى لحِق بربِّه عز وجل طلبًا لها، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه اعتكف في العام الذي قُبِضَ فيه عشرين يومًا.

 

• وأما وقت دخول المعتكف، فالوقت المستحب لدخول المعتكف هو قبل غروب شمس ليلة الحادي والعشرين؛ حتى يستقبل باعتكافه أول الليلة التي يريد أن يعتكف فيها؛ لأن العشر الأواخر تبتدئ من غروب شمس يوم العشرين، وبعد غروبها تبدأ ليلة إحدى وعشرين.

 

• ووقت خروجه من المعتكف إذا انتهى شهر رمضان، وانتهاؤه يكون بغروب الشمس ليلة العيد، فإذا غربت الشمس ليلة العيد، انتهى وقت الاعتكاف، فإن العشر الأواخر تبتدئ بغروب الشمس ليلة العشرين من رمضان، وتنتهي بغروب الشمس ليلة العيد.

 

• وأما أفضل المساجد للاعتكاف، فهو المسجد الحرام، والمسجد النبوي، والمسجد الأقصى؛ لكونها أفضل المساجد، ثم بعد هذه المساجد الثلاثة يُستحَبُّ أن يكون الاعتكاف في المسجد الجامع الذي تُقام فيه الجمعة والجماعة، ثم المسجد الجامع الذي تُقام فيه صلاة الجماعة.

 

• إذا أخرج المعتكف بعضَ بدنه؛ مثل رأسه أو رجله لم يبطُل اعتكافه، ولا يترتب عليه شيء باتفاق العلماء.

 

أما الخروج بجميع البدن بلا عذرٍ يُبطِل الاعتكافَ؛ لمنافاته لركن الاعتكاف.

 

• يجوز للمعتَكِفِ الخروج للحاجة أو الضرورة، خصوصًا إذا لم يجد من يقوم على شؤونه أو شؤون بيته، ولا يجوز له طول المكث خارج المسجد، والضرورات تُقدَّر بقَدْرِها.

 

• ومثال هذه الضرورات؛ كالخوف على نفسه، أو أهله، أو ماله، من حريق أو لصٍّ أو عدوٍّ، أو الخروج لتحمل أو أداء شهادة تعيَّنت عليه، والخروج لمرض شديد ونحو ذلك.

 

• وإذا اشترط قبل الشروع في الاعتكاف أن يخرج لقُرْبة من القُرَب؛ كالخروج – مثلًا – لصلاة الجنازة، أو عيادة مريض، أو حضور مجلس علم، ونحو ذلك، فلا بأس، وهذا يسمى الاعتكاف المشروط والمقيَّد بشرط، وهذا التقييد والاشتراط جائز قياسًا على الاشتراط في الحج، ولأن الاعتكاف لا يختص بقدر معين، فإذا اشترط الخروج، فكأنه نذر القَدْرَ الذي أقامه.

 

وعلى كل حال فإن الاعتكاف يبطل بالخروج من غير عذر شرعي، ولغير الحاجة الْمُلِحَّة.

 

• ومن اعتكف في مسجدٍ لا تُقام فيه الجمعة، وجب عليه الخروج لها؛ لأنها فرض، ولا يفسُد اعتكافه بالخروج؛ لأنه خروج لِما لا بُدَّ له منه.

 

• تقبيل الْمُعْتَكِف زوجته أو ضمها – مثلًا – لا يبطل اعتكافه باتفاق العلماء، وإن كانت المباشرة لشهوة، حرُم ذلك عليه باتفاق العلماء.

 

• إذا حدَّث الْمُعْتَكِف نفسَه بأمرِ الجماع، فأنزل مَنِيًّا لم يفسُد اعتكافه؛ لعفوِ الشارع عن حديث النفس.

 

• الاحتلام لا يُفسِد الاعتكاف، وعليه المبادرة للاغتسال؛ حتى ينتفع في وقته بالعبادة والذكر.

 

• إذا استمنى المعتكف فأمْنَى، بطل اعتكافه.

 

• يجوز للمرأة أن تزور زوجها في معتكَفه، وله أن يخلو بها.

 

• يُباح للمعتَكِفِ أن يزوره أهله وغيرهم ممن يريد زيارته، وأن يتحدثوا معه، لكن لا تنبغي الإطالة في الزيارة، أو الإكثار منها؛ حفاظًا على روح وجوهر الاعتكاف؛ وهو الانقطاع للعبادة.

 

• يجوز للمعتكف اتخاذ خيمة في مؤخرة المسجد يعتكف فيها، ويتأكد ذلك في حق المرأة، فإن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم لما أرَدْنَ الاعتكاف، أمَرْنَ بأبنيتهن فضُربت في المسجد؛ كون الخيمة أو الحاجز أو المخبأ أدْعَى لستر المرأة وراحتها، وكذلك لجمع القلب على الله بالكلية.

 

• لا ينبغي للمعتَكِفِ أن ينشغل بكل ما يؤدي إلى إبطال الاعتكاف، أو يُخِلُّ بمقصوده وحكمته؛ مثل: كثرة النوم أو الكلام أو الخلطة، أو أن يتخذ الْمُعْتَكَفَ موضعَ مُنادمة ومَجْلَبة للزائرين، وأخذه بأطراف الأحاديث بينه وبين مُجالِسيه، ويُكره البيع والشراء بغرض التجارة، أما إطعام أولاده والنفقة عليهم، فلا بأس به.

 

• من فاته الاعتكاف أو جزء منه، فإنه يجوز له القضاء إذا قطعه لعذر أو لغير عذر؛ لأن النبي الله صلى الله عليه وسلم قضى اعتكافه في شهر شوال عندما قطعه.

وهو مستحب وليس بواجب.

 

• الاعتكاف – كما أسلفنا – سُنَّة، وينبغي الحرص عليه بقدر الاستطاعة، لكن بشرط ألَّا يتعارض مع أداء واجب لا يقوم إلا به، ولا يستطيع إنابة غيره.

 

• وأما ليلة القدر والحديث عنها، فقد ذكرناها في مقال سابق بعنوان: (الصيام والتراويح)، في مَعْرِض حديثنا عن تفسير سورة القدر.

 

• وليكن همَّك أولًا وآخرًا الإخلاصُ لله في جميع شؤونك؛ لتنال بذلك رضا الله وسعادة الدارين.

 

• الاعتكاف يمثِّل بوصلة للصائم، وفرصة ثمينة لمحاسبة النفس وتقصيرها في جَنْبِ الله، وتدارُكِ ما يمكن تدارُكُه من الطاعات، وترك ما يمكن تركُه من المحرَّمات والمكروهات.

 

• وأكثر شيء يمكنك الحرص عليه بعد قراءة القرآن هو الدعاء لنفسك أولًا ولأبويك، وأهلك وجيرانك، وجميع المسلمين والمسلمات، الأحياء منهم والأموات، وخص المستضعفين من المسلمين في كل مكان بالدعاء بالنصر والتأييد والغلبة على أعدائهم، خصوصًا إخواننا في غزة الذين يقومون بواجب الأُمَّة، دفاعًا عن المسجد الأقصى والأرض المباركة.

 

{وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [التوبة: 71]،  «مَثَلُ المؤمنين في توادِّهم وتراحمهم وتعاطفهم، كمَثَلِ الجَسَدِ الواحد» و «المؤمن للمؤمن كالبُنيان –أو البنان– يشُدُّ بعضه بعضًا».

 

فهذه هي الدرجة الثانية من درجات التغيير في النصرة لإخوانك المسلمين والمسلمات، ذكرناها مبسوطة في مقالنا المنشور بعنوان: (غزة ودرجات التغيير)، من أحبَّ الاستفادة فليرجع إليه.

 

اللهم انصر إخواننا المستضعفين في كل مكان، واحقن دماء المسلمين، وانصرهم على عدوك وعدوهم، واجعل ما نزل بهم بردًا وسلامًا عليهم، ورفعًا لدرجاتهم.

 

نسأل الله أن يوفقنا وإياكم، ويجعلنا ممن قام وصام رمضان إيمانًا واحتسابًا، وممن يقوم ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا، آمين آمين.

وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

________________________________________________________
الكاتب: د. عبدالله محمد البكاري الخديري


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

وما توفيقي إلا بالله – طريق الإسلام

ما أعظم أن يسير المرء في طريق الخير، ويستقيم عليه، وترعاه عناية الله في كل …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *