مائدة الزاهدين – سهام علي

لكن ما هو الصوم الذي يحقق للمسلم كل هذه المثوبة وماذا يعني؟ هل هو مجرد الامتناع عن الطعام والشراب والشهوات؟

 

ما أطيبها من مائدة، إنها هدية المولى عز وجل لعباده أعدها الله سبحانه وتعالى للمنيبين التائبين العابدين الذين يرجون رحمته ويخشون عذابه إنها شهررمضان، مائدة الرحمن التي اشتملت على ألذ ما يشتهي العبد النقي سليم الفطرة، التواق للتسامي والارتقاء والتحليق في عالم الروحانيات والاستعلاء على عالم المادة وعبودية الجسد، فمنح الخالق سبحانه عباده هذه الفرصة الذهبية لتطهير النفوس والقلوب بالتزود من هذه المائدة الفاخرة التي تميزت بخير زاد كما في قوله تعالى : {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادالتَّقْوَىٰ } ”  (البقرة:197)

و إذا كان رمضان يحمل أجمل الأوصاف فإذا وصفناه بشهر التقوى لكان الأنسب لأن المولى سبحانه هو القائل “لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ”عقب أمره بصوم رمضان

فالمنعم الكريم الذي وهب الهدية وأطلق عليها الوصف فبأي حديث بعده نؤمن!

فلنلبي ونستجيب ونسأل المولى أن يرزقنا السداد والرشاد ومالنا لا نسأله وهو القائل {ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ} “(غافر:60)وهو الواعد بالقرب من كل متقرب خاصًة في الشهر المبارك الذي خصه بالفضل العظيم والأجر الكريم لمن عرف للشهر حقه والتخصيص من قبل الله سبحانه وتعالى من باب الكرم والعطاء، والمؤمن الفَطِن  هو الذي يسارع ويبادر وينافس لينال من هذا العطاء وفي مثل هذا فليتنافس المتنافسون، فأمرنا سبحانه بإصلاح نفوسنا وتهذيبها ثم يمنحنا الجوائز فأي كرم أعظم من ذلك، إنها عطاءات الرب الوهاب الرحيم المانح لعباده الفرصة تلو الفرصة، وكما هو معروف في قول رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم 🙁 «من صَامَ رَمَضَانَ، إيمَانًا واحْتِسَابًا، غُفِرَ له ما تَقَدَّمَ مِن ذَنْبِهِ» )

الراوي : أبو هريرة (المصدر : صحيح البخاري  رقم [38])

لكن ما هو الصوم الذي يحقق للمسلم كل هذه المثوبة وماذا يعني؟ هل هو مجرد الامتناع عن الطعام والشراب والشهوات؟، إن كثيرًا ما يمنع البشر منها بأمر من طبيب أو معالج لكن المعنى أسمى من ذلك بكثير إنه الاغتراف غرفًا من مائدة الزاهدين، مائدة رمضان، مائدة التقوى، التقوى في الأقوال، التقوى في الأفعال، التقوى عند الكلام، التقوى عند الصمت، التقوى المتمكنة من القلب، التقوى العاقلة لا المغيبة، التقوى القادرة لا تقوى العاجزين، التقوى الواعية لا تقوى المنقادين، التقوى العالمة لا تقوى الجاهلين .

فما هي التقوى إذن ؟ لها تعريفات كثيرة من أشهرها الخشية من الجليل والعمل بالتنزيل والرضا بالقليل والاستعداد ليوم الرحيل

اللهم نسألك باسمك الأعظم الذي إذا دُعيت به أجبت وإذا سُألت به أعطيت أن تؤتي نفوسنا تقواها وأن تُزَكِها فأنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها.

سهام علي

كاتبة مصرية، تخرجت في كلية الإعلام، وعضوة في هيئة تحرير موقع طريق الإسلام.


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

آداب اللباس – عبد الله بن جار الله الجار الله

منذ حوالي ساعة بيَّن النبي ﷺ ما يجوز منه، وما لا يجوز، وما يُستحبُّ لُبسه، …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *