كثيرًا ما تدبُّ خلافات بين طرفين تربطهم علاقة طيبة؛ وينزغ الشيطان بينهما، ويصور في عقل كلٍّ منهما أمورًا ليست على حقيقتها ولا بحجمها الطبيعي؛ حتى يُظهر له الطرف الآخر في أبشع صوره
كثيرًا ما تدبُّ خلافات بين طرفين تربطهم علاقة طيبة؛ سواء كانت زوجية أو أخوية، قرابة كانت أو صداقة، وينزغ الشيطان بينهما حتى تأخذ منحدرًا يصل لتدمير تلك العلاقة بكل أسف؛ لأنه حينئذٍ ينفخ ويُعظم، ويصور في عقل كلٍّ منهما أمورًا ليست على حقيقتها ولا بحجمها الطبيعي؛ حتى يُظهر له الطرف الآخر في أبشع صوره، وأنه هو فقط الضحية، ولن ينتهي به إلى هنا فقط، بل سيجرُّه بعد ذلك إلى سوء ظنٍّ، ومزيدٍ من الضغائن من حقدٍ وغلٍّ، حتى يفسد قلبه وروحه، وتدنس العلاقة الطيبة بذلك، التي يجب أن يحرصا على نقائها من شوب تلك الأكدار المفسـدة.
فهنا نصيحة محبٍّ لكلٍّ منهما أن يقف وقفة مع نفسه حتى يدحر تلك الحرب النفسية التي يشُنُّها على روحه وعلى الآخر، فيبتر بذلك كيد الشيطان، ولا يترك له فرصة أن ينتصر عليهما.
وليدركا أننا خُلقنا مختلفين في شخصياتنا، وإدراكنا للأمور، وتقبُّلنا لها، وتعاملنا معها، وأنَّ ردَّات الفعل هي نتاج قناعات وخبرات، التي قد تختلف عن الطرف الآخر؛ ولذلك علينا تقبُّل ذلك الاختلاف، وألَّا نتعدى في الخصام، حتى نجد أرضًا مشتركة يمكن من خلالها حل المشكلات الأخرى.
وأن يُتخذ طرف آخر، يُرى منه الحكمة والصلاح، ويُسمع منه؛ ليضع لهما الأمور في نصابها الحقيقي، ويُظهر منها ما قد خفِيَ بكل شفافية، فإنَّ النفس أحيانًا قد تُخفي أمورًا؛ انتصارًا لها.
ولْيُهَيِّئْ كل منهما قلبه، ويوسع صدره حتى يتقبل الحقيقة بلا تورية، وبلا دفاع عن النفس، حتى تضع تلك الحرب أوزارها.
وليلتمسا أحدهما العذر للآخر، ويقدما الاعتذار؛ وذلك بغية سلامة الصدر، وسكينة النفس التي يسعى إليها كل فطِنٍ، وحفظًا لحق تلك العلاقة.
وليحتسب مَن سبق للإصلاح بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يحلُّ لمسلمٍ أن يهجرَ أخاه فوقَ ثلاثةِ أيامٍ؛ يلتقيان فيُعْرِضُ هذا، ويُعْرِضُ هذا، وخيرُهما الذي يبدأُ بالسلامِ».
وبقول الله تعالى: {فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ} [الشورى: 40].
وليستعينا بالله وحده أولًا، باللجوء والدعاء إليه، أن يسلم قلبيهما مما ألمت به؛ فالدعاء سلامٌ وسلامة.
سلَّم الله القلوب.
والسلام.
_____________________________________________________
الكاتب: مريم رضا ضيف
Source link