إن ما تعيشه الأمة الإسلامية في واقعها الآن من ضعف وهوانٍ وذلة، والارتماء في أحضان أعداء الله من اليهود والصليبيين؛ طلبًا للحماية والعون، أمر يندى له جبين كل مسلم، ويتألم له كل أصاحب العقيدة الصحيحة…
إن ما تعيشه الأمة الإسلامية في واقعها الآن من ضعف وهوانٍ وذلة، والارتماء في أحضان أعداء الله من اليهود والصليبيين؛ طلبًا للحماية والعون، أمر يندى له جبين كل مسلم، ويتألم له كل أصاحب العقيدة الصحيحة، وإن كان هناك من دعاة الباطل والمنافقين من يسارع في تبرير ذلك وتزيينه زورًا وبهتانًا.
إن هذا الوضع لا يرضاه الله للمؤمنين، وينبههم لهذه الحالة من الهوان؛ قال تعالى: {إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ ٱلشَّيْطَٰنُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَآءَهُۥ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ} [آل عمران: 175].
إن الشيطان يحاول أن يجعل أولياءه مصدر خوف ورعب، وأن يخلع عليهم سمة القوة والهيبة.. ومن ثم ينبغي أن يفطن المؤمنون إلى مكر الشيطان، وأن يبطل محاولاته؛ فلا يخافون أولياءه هؤلاء، ولا يخشونهم، وإنَّما يخافون الله وحده، فهو وحده القوي القاهر القادر، الذي ينبغي أن يخشى ويخاف…
إن الشيطان يضخم من شأن أوليائه، ويلبسهم لباس القوة والقدرة، ويوقع في القلوب أنهم ذوو حول وطول، وأنهم يملكون النفع والضر.. ذلك ليقضي بهم أغراضه، وليحقق بهم الشر في الأرض والفساد، وليخضع لهم الرقاب ويطوع لهم القلوب، فلا يرتفع في وجوههم صوت بالإنكار، ولا يفكر أحد في الهجوم عليهم، ودفعهم عن الشر والفساد.
فتحت ستار الخوف والرهبة، وفي ظل الإرهاب والبطش، يفعل أولياء الشيطان في الأرض ما يقر عينه!
يسمون المعروف منكرًا، والمنكر معروفًا، وينشرون الفساد والباطل والضلال، ويخفتون صوت الحق والرشد والعدل، ويقيمون أنفسهم آلهة في الأرض تحمي الشر وتقتل الخير.. دون أن يجرؤ أحد على مناهضتهم والوقوف في وجههم، ومطاردتهم وطردهم… بل دون أن يجرؤ أحد على تزييف الباطل الذي يروجون له، وجلاء الحق الذي يطمسونه.
إن الشيطان يختفي وراء أوليائه، وينشر الخوف منهم في صدور الذين لا يحتاطون لوسوسته.. ومن هنا يكشفه الله، ويوقفه عاريا لا يستره ثوب من كيده ومكره.
أمَّا المؤمنون فيعرفون الحقيقة: حقيقة مكره ووسوسته، ليكونوا منها على حذر؛ فلا يرهبوا أولياء الشيطان ولا يخافونهم. فالشيطان أضعف من أن يخافه مؤمن يركن إلى ربه، ويستند إلى قوته.. إن القوة الوحيدة التي تُخشى وتخاف هي القوة التي تملك النفع والضر.. هي قوة الله، وهي القوة التي يخشاها المؤمنون بالله، وهم حين يخشون الله وحده يكونون في غاية القوة، فلا تقف لهم قوة في الأرض.. لا قوة الشيطان ولا قوة أولياء الشيطان.
إن ما نشاهده يوميًّا من غدر أولياء الشيطان بالفئة المؤمنة في غزة الصابرة الصادقة في إيمانها وجهادها في سبيل الله دفاعًا عن الإسلام والمسلمين ورفعًا لراية الإسلام وحدها، لهو أروع نموذج للجهاد والصبر والاحتساب. وقد فاق هذا الصمود التاريخي لأهل غزة كل التصورات، وهو يحمل في طياته البشارة بفجر جديدٍ من النصر الرباني الذي لا يتصوره أيضا عقل البشر. قال تعالى: {وَأُخْرَىٰ تُحِبُّونَهَا ۖ نَصْرٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ۗ وَبَشِّرِ ٱلْمُؤْمِنِينَ} [الصف: 13].
فلأهل غزة بإذن الله ما يحبونه من الثواب الدنيوي لهذا الجهاد، نصرُ من اللهِ على الأعداء، يحصل به العز والفرح، وفتحٌ قريبٌ تتسع به دائرة الإسلام في كل بقاع الأرض، وسيتسع لهم رزقهم بعد هذا الحصار والجوع، فهذا جزاء المؤمنين المجاهدين.
وأما المؤمنون من غير أهل الجهاد – الذين ناصروهم – فلم يؤيسهم الله تعالى من فضله وإحسانه، بل قال: {وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ} أي: بالثواب العاجل والآجل، كل على حسب إيمانه وسعيه ومناصرته للمؤمنين، وإن كانوا لا يبلغون مبلغ المجاهدين في سبيل الله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إنَّ في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض، أعدَّها الله للمجاهدين في سبيله».
فأين أنت أيُّها المسلم من كلِّ هذا؟
_______________________________________________________
الكاتب: أ. د. فؤاد محمد موسى
Source link