أستحي من الله يراني متبسما …??!!!..

أستحي من الله يراني متبسما …??!!!..

بلاد المسلمين غدت مراتع للبلاء، والحزن، والأسى، وليل طويل لا ينجلي ..!!..

هان عليهم أن يرحلوا من ديارهم إلى ديار لم تقبل هدى الله، لعلهم يجدون فيها موئلا..!!.

صاروا إليها يبتغون الحياة الكريمة، وأن يقيموا دينهم فيها..!!.

الأمور تجري عكس مجراها، وجاء اليوم الذي لم يخطر ببال من سبق أن يكون..

عدم النصير، وعدم أهل النجدات، والفرسان لا أثر لهم، والمستضعفون:

{{يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا}} .

 

استغاثت امرأة مسلمة في سجن الروم قائلة: ” وا معتصماه”..

فبلغ نداءها المعتصم، فقام لها بجيش كثيف، قاده بنفسه، تاركا فرحه ولذته جانبا، مانعا نفسه حظها من المتع، ونذر ألا يرجع إلا بها، فوفّى وأعز الإسلام.

فقل لي بربك اليوم:

– كم من مسلمة ذاقت الهلاك على أيدي المجرمين.. فأين المعتصم؟!.

– كم من مسلم أسير في أيدي الكافرين.. فأين المسلمون؟.

– كم من بلاد مسلمة مغتصبة، فأين رجال الإسلام؟..

ماذا صنعنا..؟، إذ تعللنا بعجزنا، وتقطع السبل بيننا وبينهم:

أمثلنا طريقة من خفض رأسه، وذرف دمعه، وتحوقل، واسترجع..

وأقبحنا طريقة من رفع رأسه، من قال: لا شأن لي؛ ومضى في لهوه وفجوره.

يحسب أنه يعيش في العالم وحده..!!..

نادت المعتصم، فأجابها..

سير جيشه صوب ديارهم، فأصابها..

نذر، فوفىّ، فأخرجها من سجنها، فأعادها..

الروم راعها عزة المسلمين، فكفت عدوانها..

هكذا، لن يردع العادي إلا سيف العزة وفرسانها..

___

نور الدين زنكي رحمه الله تعالى حين جهاده النصارى في دمياط قرأ عليه بعض طلبة الحديث جزءا فيه حديث مسلسل بالتبسم، فطلب منه أن يبتسم ليصل التسلسل، [والحديث المسلسل هو أن يصدر من النبي صلى الله صلى الله عليه وسلم أثناء حديثه فعل كالتبسم، فإذا رواه الصحابي تبسم اتباعا، وهكذا كل من يروي الحديث]..

فامتنع من ذلك، وقال:

“إني لأستحي من الله أن يراني متبسما، والمسلمون يحاصرهم الفرنج بثغر دمياط”. البداية 12/261

تلك نفوس هذه همتها.. وبها فتحت البلاد، وأعزت الإسلام والمسلمين.

ونفوس همتها المتع والملذات والمحرمات.. وبها ضيعت بلاد الإسلام، وأذلت المسلمين.

وما فقد لن يعود إلا بالقوة والعزة، لا بالضعف والذلة.

العالم لا يعترف بالضعيف، ولا يفهم لغة الحوار، والدليل ماثل، لكن الأعين فيها زيغ، والقلوب عليها رين..

أستحي من الله يراني متبسما..

وجرحى المسلمين يثعبون دما..

والنصارى يحيطون بهم، أفلا أكون لهم معتصما؟..

كان لهم.. فصار لمن بعده راية ومعلما..

تخلد ذكره حمدا، وغيره تخلد لكن لعنة، أن خذل المسلما.

—–

من النخوة والرجولة الانتصار للمظلوم، أيا كان، فكيف إذا كان مسلما؟..

وقد تبايع وتعاهد الكفار في دار ابن جدعان لنصرة المظلوم، فما بال المسلمين لا يتبايعون لنصرة مظلوميهم؟!.

عقلاء اليهود والنصارى يسعون في منع العدوان على المسلمين..يبذلون جهدا لم يبذل المسلمون عشره ..!!. فيالله !! كيف انقلبت الموازين.. ؟؟!!.

صار الكافر أرأف وأرحم بالمسلمين من المسلمين..

صار الكافر أحرص على سلامة المسلمين من المسلمين..

أوصل الحال بالمسلمين أن يستجدوا الرحمة من الكافرين، فيجدون عندهم من العون ما لا يجدونه عند إخوانهم؟

هل مر على المسلمين في التاريخ حال كهذا؟..

أين التواد، والتراحم، والجسد الواحد، الذي إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر؟.. أم أن الجسد قد مات، فما عاد يحس بألم ؟!!.

الأحوال تنذر بخطر كبير، وبلاء مستطير، لا يعرف أوله ولا آخره، وبلاد المسلمين على شفا حرب مهلكة، وخطط خبيثة مردية، يراد من ورائها سلب قُوْتها، وأخلاقها، ودينها، وتغيير شعائر الإسلام، حتى يغدو الإسلام غريبا في بلده..

ثم إن كثيرا يمرون على هذه النذر وهم عنها معرضون، لا يفهمون، ولا يحتاطون، ولا يراجعون، ولا يصلحون، ولا يتوبون، ولا يذكرون..!!..

فمتى هؤلاء يفيقون؟؟!!.

—–

السلطان محمود بن سبكتكين، صاحب بلاد غزنة، نصر الإسلام، وفتح الفتوحات الكثيرة في بلاد الهند وغيرها، عظم شأنه واتسعت مملكته، كان عادلا، اشتكى إليه رجل أن ابن اخت الملك، يهجم عليه في داره، وعلى أهله، في كل وقت، فيخرجه من البيت، ويختلي بامرأته، وقد حار في أمره، وكلما اشتكاه لأحد من أولي الأمر لا يجسر أحد عليه، خوفا وهيبة للملك، فلما سمع الملك ذلك غضب غضبا شديدا، وقال للرجل:

“ويحك متى جاءك فائتني فأعلمني، ولا تسمعن من أحد منعك من الوصول إلي، ولو جاءك في الليل فائتني فأعلمني”.

ثم إن الملك تقدم إلى الحجبة، وقال لهم:

“إن هذا الرجل متى جاءني، لا يمنعه أحد من الوصول إلي، من ليل أو نهار”.

فما كان إلا ليلة أو ليلتان حتى هجم عليه ذلك الشاب، فأخرجه من البيت، واختلى بأهله، فذهب باكيا إلى دار الملك، فقيل له إن الملك نائم فقال: “قد تقدم إليكم أن لا أمنع منه ليلا ولا نهارا”.

فنبهوا الملك، فخرج معه بنفسه، وليس معه أحد، حتى جاء إلى منزل الرجل، فنظر إلى الغلام وهو مع المرأة في فراش واحد، وعندهما شمعة تتقد، فتقدم الملك فأطفأ الضوء، ثم جاء فاحتز رأس الغلام..وقال للرجل:

“ويحك ألحقني بشربة ماء”..

فأتاه بها فشرب، ثم انطلق الملك ليذهب، فقال له الرجل: “بالله لم أطفأت الشمعة؟”.

قال: “ويحك إنه ابن أختي، وإني كرهت أن أشاهده حال الذبح”.

فقال: “ولم طلبت الماء سريعا”.

فقال الملك: “إني آليت على نفسي منذ أخبرتني، أن لا أطعم طعاما، ولا أشرب شرابا، حتى أنصرك، وأقوم بحقك، فكنت عطشانا هذه الأيام كلها، حتى كان ما كان، مما رأيت”. البداية والنهاية 12/30

—-

لا توصدوا بابي من أتى لهفا.. بذا أمر جنده.

عطش، فلم يشرب الماء، حتى يأخذ للمظلوم حقه.

أطفأ المصباح، كيلا تأخذه بالمجرم، إذ كان ابن أخته، رحمة.

وبذا فتح البلدان، وأعز الإسلام، ونشر في العالمين ذكره.


إخوة الإسلام في كل مكان:

– إن كنا نسيناكم فالله لن ينساكم..

– إن كنا تركناكم، فالله يرعاكم..

– إن كنا خذلناكم، فالله مولاكم..

– إن كانت السبل تقطعت بيننا وبينكم، فحبل الله موصول بكم، والله معكم.

– إن كنا عاجزين عن نصرتكم، فالله قادر أن يخرجكم من محنتكم.

– سندعو لكم قدر ما نستطيع، ولن نمل، وسننصركم بما نملك من قلم ولسان، حتى يفتح الله علينا وعليكم.


– لما ترى أبا يبكي ولده الشهيد، أو أما تبكي وليدها، أو ولدا يبكي أباه، أو أخا يبكي أخاه.

– لما ترى جثة طفلة رضيع ممزقة، أو جسد صبية كانت تسعى إلى مدرستها في دمائها غارقة.

– لما ترى بيتا يهدم على ما فيه، وأهله يرقبون، يقفون على ما تبقى منه.

– عندما ترى المسلمين وجلين خائفين من عدو كاسر، شره مستطير، يهيءُ لغزوهم، وسحقهم.

– عندما ترى المساجد مدمرة، والمصاحف ممزقة.

حينما ترى كل ذلك، مع بالغ سعي المسلمين في منع هذا العدوان بالطرق الدبلوماسية، والحلول السلمية، والحوار، واجتناب العنف والرد بالمثل، ثم مع ذلك لا يزداد المعتدي إلا عدوانا وطغيانا:

تعلم يقينا، وتفهم لماذا شرع الله الجهاد، وألزم به المسلمين، وحذرهم من تركه، وتوعدهم بالعقوبة إذا نكصوا عنه، فالحكمة واضحة: فبدون الجهاد، لن يستقيم الدين، ولن يأمن المسلمون على حرماتهم، ولن ينتصفوا لأنفسهم.

يقول تعالى: {وما لكم لا تقاتلون في سبيل الله والمستضعفين من الرجال والنساء والولدان الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها واجعل لنا من لدنك وليا واجعل لنا من لدنك نصيرا * الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله والذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت فقاتلوا أولياء الشيطان إن كيد الشيطان كان ضعيفا}.

إن الشر الموجود في هؤلاء، لا يردعهم عنه إلا القوة، والتجربة خير برهان، فمن تملكه الشيطان، لن يقر لأحد بحق، ولن يستقيم على العدل، إلا إذا خشي وهاب، وذلك لا يكون إلا بالقوة، وهو الجهاد.

وتدرك يقينا كذلك عظمة أولئك الذين سهل عليهم بذل نفوسهم في سبيل الله تعالى، فما أغلى النفوس، وما أصعب بذلها، إنها الحياة التي يتشبث بها كل بني آدم، فلا يبذلها إلا عظيم..

هؤلاء بقية كرامة الأمة، يحيون فيها العزة، ويردون إليها هيبتها المضاعة..

هؤلاء أعادوا لهذه الأمة الأمل بعد أن كاد يختفي..

هم الرجال حقا.. نصرهم الله أينما كانوا، وأيدهم بالحق حيثما حلوا، ورزقهم البصيرة، وفقه الجهاد، وإصابة الحق.

وإمامهم في هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، حيث قال: (بعثت بالسيف بين يدي الله الساعة، حتى يعبد الله وحده، وجعل رزقي تحت ظل رمحي، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمري).

نعم.. السلم واجتناب الحرب، مبتغى كل مسلم، والإسلام لا يأمر بتقصد الحرب والسعي فيه..

لكن ماذا يصنع المسلمون إذا كانت حقوقهم مهدرة، وحرماتهم مستباحة، لكل معتد ظالم؟..

إن مما يتفق عليه العقلاء: أن لأهل الحق أن يستردوا حقهم بالقوة، إذا لم ترد عليهم بالحسنى..

وإن مما يتفق عليه العقلاء: أن لمن ظلم أن يرد عن نفسه الظلم بالقوة، إذا لم يكن غيرها من سبيل..

وإن مما يتفق عليه العقلاء: أن من اعتدي عليه جاز له أن يرد بالمثل، وله الحق في ذلك، ولا تثريب عليه.

والمسلمون اليوم في كل ما يصنعونه من جهاد لا يخرج عن كونه استردادا لحق، أو دفعا لظلم وعدوان، فهم بذلك لايؤاخذون ولا يجرمون في أي قانون، ولا في أية شريعة، لأنهم أصحاب حق:

بلادهم محتلة، وثرواتهم منهوبة، ودماؤهم مستباحة، ودينهم ينتهك، فلا حرمة لهم في شيء..

فالأمر واضح، والمظلوم معروف، والظالم معروف، لكن شريعة الغاب هي التي تحكم، وفي مثل هذا الحال، فلن ينفع في شريعة الغاب أن تلجأ إلى خصمك وعدوك لينصفك، ويرحمك، ويرد عليك حقك، فما بلاؤك إلا منه..

ما لك إلا أن تعامله بنفس المنطق الذي يفهمه، منطق القوة، والله تعالى قد علم العباد، وعلم أن ما في الأرض من شر لن يجتث إلا بالجهاد، ولذا شرعه، وعليه سار المسلمون، وبه نعموا بالأمن، ونعم سائر أهل الملل والنحل، فلا يعرف في تاريخ البشرية فترة كانت أرقى وأحسن من فترة الحكم الإسلامي، تقدمت فيها البشرية تقدما هائلا، وهل كان يحدث ذلك لولا الجهاد..

الحياة مزيجة من الخير والشر، والمعركة بينهما قائمة لن تتوقف، والسلاح هو القوة، فلو ترك الشر يعلو شقي من في الأرض، فلا سبيل لإسعاد البشرية إلا بمنعه من العلو، ولن يكون إلا بقوة تمنعه، هي: الجهاد.


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

شرح ما يفعل من رأى الرؤيا أو الحلم

منذ حوالي ساعة الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان؛ فإذا رأى أحدكم شيئاً يكرهه؛ فلينفث …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *