الفطنة موهبة تحتاج إلى رعاية

منذ حوالي ساعة

والنفس البشريَّة تحتاج إلى تربية وتدريب وتعليم واطلاع؛ حتى تنمو وتتفقه، ويكون عندها فطنة وفهم، فمَن يرعى هذه الموهبة في نفسه، ويوجهها لتعليم العلوم وخدمة مجتمعه وأمته؟ نسال الله التوفيق لكل خير.

حينما نزل قول الله تعالى: {إِذَا جَاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَالْفَتْحُ * وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللَّهِ أَفْوَاجًا * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كَانَ تَوَّابًا}  [النصر: 1 – 3]، فَسَّرَها ابنُ عباس – رضي الله عنه – بأَجَل رسول الله – صلى الله عليه وسلم – أعلمه إياه، وهذا من فِطْنَتِه – رضي الله عنه – (وقد ورد هذا في الحديث البخاري: 4430).

 

وعن عبدالله بن عمر – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله – صلى الله عليه وسلم -: «إنَّ منَ الشَّجَر شجرة لا يسقط ورقها، وإنها مثل المسلم، فحدِّثوني ما هي» ؟، فوقع الناس في شجر البوادي، قال عبدالله: ووقع في نفسي أنها النخلة، فاستحييت، ثم قالوا: حدثنا ما هي يا رسول الله؟ قال: فقال: «هي النخلة»، قال: فذكرتُ ذلك لعمر، قال: لأن تكون قلت: هي النخلة، أحب إلي من كذا وكذا”؛ (البخاري ومسلم: 2811).

 

ونستفيد من هذينِ النَّصينِ أهمية تنمية ورعاية قوة الذكاء وسرعة البديهة ومعرفة العلوم، والتنبُّه لما يقصد معرفته، والحكمة وعدم البلادة أو الغفلة أو الجهل، فالمؤمنُ كيس فطن؛ {وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا} [البقرة: 269].

 

وقد عَلَّمَ الله تعالى داود، وفَهَّم سليمان، وأعطى رسولنا محمدًا – صلى الله عليه وسلم – الحِكْمة والعلم والفَهْم، وعَلَّمَهُ ما لم يكنْ يَعْلَم، وليس المؤمن غبيًّا، ولا بليدًا، ولا غافلاً، وإنما هو ذكي فَطِن، ومن ذلك قصة الغلام مع الراهب والملك، وعجز الملك عن قتل الغلام، حتى قال له الغلام: “إنك لا تقتلني حتى تصلبني وترميني، وتقول: بسم الله رب الغلام، قال: فوضع الغلام يده على صدغه حين رمى ثم مات، فقال الناس: لقد علم هذا الغلام علمًا ما علمه أحد، فإنا نؤمن برب الغلام فأسلم الناس، ووضع الملك أخدودًا، وأضرم فيه النار، ثم جمع الناس وألقى من لم يرجع إلى دين الملك في النار؛ قال تعالى: {قُتِلَ أَصْحَابُ الْأُخْدُودِ * النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ * إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ * وَهُمْ عَلَى مَا يَفْعَلُونَ بِالْمُؤْمِنِينَ شُهُودٌ * وَمَا نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا بِاللَّهِ الْعَزِيزِ الْحَمِيدِ} [البروج: 4 – 8].

 

فالفطنة موهبةٌ يهبها اللهُ مَن يشاء مِن عباده، تُعين العبدَ على معرفة العلوم والتفكُّر والعبادة، وتقرِّبه إليه، والفطن محبوب عند الناس، مرغوب في مجالسته، يحل المشاكل، ويتخلَّص من الإحراجات، ويستنبط الأحكام.

 

والنفس البشريَّة تحتاج إلى تربية وتدريب وتعليم واطلاع؛ حتى تنمو وتتفقه، ويكون عندها فطنة وفهم، فمَن يرعى هذه الموهبة في نفسه، ويوجهها لتعليم العلوم وخدمة مجتمعه وأمته؟ نسال الله التوفيق لكل خير.

_____________________________________________________
الكاتب: الشيخ عبدالله بن محمد المعتاز


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

شرح ما يفعل من رأى الرؤيا أو الحلم

منذ حوالي ساعة الرؤيا من الله، والحلم من الشيطان؛ فإذا رأى أحدكم شيئاً يكرهه؛ فلينفث …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *