إلى متى تأبى الصلاة وتهجرها، ألا تخشى أن تنام فلا تستيقظ، أو أن يأتيك الموت بغتة؟ فبأي وجه تلقى الله؟ وماذا ستقول له؟
بسم الله الرحمن الرحيم
كتب: أبو عبد الرحمان زهير رزق الله
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهديه،
وبعد، فإن كثيراً من الناس قد تركوا الصلاة، واستهانوا بها، وشغلوا عنها بالدنيا، فانكبوا على جمع الأموال، والجري وراء الشهوات والملذات، وإن مما يحزن القلب، ويُبكي العين، أن تجد من الناس اليوم من بلغ سن الأربعين أو يزيد وهو لم يسجد في حياته لله سجدة، ومنهم من يصوم رمضان ولكنه لا يصلي، ومنهم من يقول المهم القلب وليس الصلاة…، وما ذلك إلا بسبب الجهل، وبسبب ضعف الإيمان، وعدم الخوف من الرحمان.
فدعاني ذلك لأن أكتب هذه المقالات المتواضعة، على حلقات، أبين فيها فضائل الصلاة، وعقوبات تضييعها من الكتاب والسنة،
ومداخل الشيطان للصد عن الصلاة، فتتبعها معي، عسى الله أن ينفعنا بها، ويجعلنا من المرحومين.
يا تارك الصلاة، إلى متى؟
إلى متى تأبى الصلاة وتهجرها، ألا تخشى أن تنام فلا تستيقظ، أو أن يأتيك الموت بغتة؟ فبأي وجه تلقى الله؟ وماذا ستقول له؟
فلو كنت من أغنى الأغنياء، أو كنت من أقوى الأقوياء، ومهما كان عملك، ومهما كان منصبك، فإنك غدا على الأكتاف محمول، ثم
عن صلاتك مسؤول؟
وسواء تركتها كسلا أو تعمدا فالأمر سيّان، لأن المصيبة واحدة فترك الصلاة تركٌ لأعظم شعائر الإسلام، والسؤال هو: ماهو عذرك؟ وما رخَّص النبي ﷺ في ترْكها إلا لثلاثة، حتى يزال عذرهم: ««رُفِع القلمُ عن ثلاثةٍ: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصغير حتى يكبر، وعن المجنون حتى يعقل أو يفيق»» [1] فماذا تنتظر حتى تبدأ الصلاة، وتحافظ عليها، واعلم أنه سيدركك هادم اللذات ومفرق الجماعات يوما، وحتما سيسأل عنك: أين فلان؟ ألم تروه؟ فيقال: أما دريت، لقد توفي منذ كذا وكذا …
منزلة الصلاة في الإسلام
اعلم يرحمك الله، أن الصلاة فرض عين على كل مسلم بالغ، عاقل، بالقرآن والسنة، وإجماع الأمة، إلا على الحائض والنفساء، وهي أهم عبادة في الإسلام، وهي الصّلة التي تربط العبد بربه خمس مرّات كل يوم «مَن حفظها، فقد حفظ دِينَه، ومَن ضيَّعها، فهو لِمَا
سِواها أَضيَع» والصلاة عماد الدين وقوامه، لها في الإسلام منزلةٌ رفيعة، لا تدانيها منزلة أي عبادة أخرى، فهل يعقل أن تترك
الصلاة، أو تهجرها وهي التي لها من الفضائل على المسلم في هذه الحياة الدنيا وفِي الآخرة، ما لا يعد ولا يحصى؛ فمن فضائلها:
فضائل الصلاة
1 – الصلاة عماد الدين الذي لا يقوم إلا بها، كما لا يقوم البناء إلا بأعمدته، قال رسول الله ﷺ لمعاذ بن جبل رضي الله عنه: ««أَلَا أُخْبِرُك بِرَأْسِ الْأَمْرِ وَعَمُودِهِ وَذُرْوَةِ سَنَامِهِ؟ قُلْت: بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: رَأْسُ الْأَمْرِ الْإِسْلَامُ، وَعَمُودُهُ الصَّلَاةُ…»» [2] قال ابن القيم رحمه الله: «…جعل الإسلام كالقبة المبنية على خمسة أركان، فإذا وقع ركنها الأعظم، وقعت قبة الإسلام» [3]
2 – الصلاة أهم ركن في الإسلام بعد التوحيد، لحديث عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما قال: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ««بُنِيَ الإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ: شَهَادَةِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ، وَإِقَامِ الصَّلَاةِ، وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ، وَالحَجِّ، وَصَوْمِ رَمَضَان»» [4] قال ابن رجب رحمه الله: «والمقصود تمثيل الإسلام ببنيان، ودعائم البنيان هذه الخمس، فلا يثبت البنيان بدونها» [5]
3 – أكثر العبادات ذكرًا في القرآن والسنةالصلاة؛ لأهميتها في حياة المؤمن، فقد ذكرت في القرآن الكريم قرابة المائة مرة: خمسا وثمانين مرة اسما، وخمس عشرة مرة فعلا، كما ذكرت الصلاة في السنة، المطهرة أكثر من مائة وسبعين مرة، وهي العبادة التي أمر بها المؤمنون في كل الشرائع السماوية، وإن اختلفت طريقة أدائها من أمة إلى أخرى، قال الإمام القرطبي نقلاً عن القشيري: «إن الله تعالى لم يُخلِ زماناً من شرع، ولم يَخلُ شرع من صلاة» [6]
4 – فرضها الله من فوق سبع سماوات ليلة المعراج، مباشرة دون واسطة، ولم يدع رسول الله ﷺ قبلها إلى شيء غير التوحيد ونبذ الشرك، وفرضت خمسين صلاة ثم خففها الله عز وجل إلى خمس، لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبيﷺ: ««فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيَّ مَا أَوْحَى فَفَرَضَ عَلَيَّ خَمْسِينَ صَلَاةً فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، فَنَزَلْتُ إِلَى مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: مَا فَرَضَ رَبُّكَ عَلَى أُمَّتِكَ؟ قُلْتُ خَمْسِينَ صَلَاةً. قَالَ ارْجِعْ إِلَى رَبِّكَ فَاسْأَلْهُ التَّخْفِيفَ … قَالَ: فَلَمْ أَزَلْ أَرْجِعُ بَيْنَ رَبِّي تَبَارَكَ وَتَعَالَى وَبَيْنَ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام حَتَّى قَالَ : يَا مُحَمَّدُ إِنَّهُنَّ خَمْسُ صَلَوَاتٍ كُلَّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ، لِكُلِّ صَلَاةٍ عَشْرٌ ، فَذَلِكَ خَمْسُونَ صَلَاةً» » [7]
5 – أول ما يحاسب عليه العبدالصلاة لحديث أَبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ يَقُولُ: ««إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ، فَإِنْ انْتَقَصَ مِنْ فَرِيضَتِهِ شَيْءٌ قَالَ الرَّبُّعَزَّ وَجَلَّ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ فَيُكَمَّلَ بِهَا مَا انْتَقَصَ مِنْ الْفَرِيضَةِ؟ ثُمَّ يَكُونُ سَائِرُ عَمَلِهِ عَلَى ذَلِكَ»» [8] وروى الإمام مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد أنه قال: «بلَغَنِي أَنَّهُ أَوَّلُ مَا يُنْظَرُ فِيهِ مِنْ عَمَلِ العَبْدِ الصَّلاَةُ، فَإِنْ قُبِلَتْ مِنْهُ، نُظِرَ فيما بقي من عمله، وإن لم تقبل منه، لم ينظر في شيء من عمله» [9]
6 – وصية الأنبياء والمرسلين:
– فهي دعوة إبراهيم عليه السلام: {﴿رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلَاةَ﴾[10] و ﴿رَبِّ اجْعَلْنِي مُقِيمَ الصَّلَاةِ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ دُعَاءِ﴾} [11]
– ووصية إسماعيل عليه السلام لأهله: {﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِنْدَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا﴾} [12]
– وأمر الله تعالى إلى موسى عليه السلام: {﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي﴾} [13]
– وكلام المسيح عليه السلام في مهده: {﴿قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنْتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا﴾} [14]
– ووصية لقمان الحكيم لابنه {﴿يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ﴾} [15]
– وأمر الله رسوله محمد ﷺ أن يصطبر عليها، وأن يحث عليها أهله {:﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَىٰ﴾} [16]
– وأمر أمته بالمواظبة عليها وتعهدها وعدم السهو عنها: {﴿حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ﴾} [17]
7 – آخر ما وصى به النبي ﷺالصلاة لحديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه قَال: «كَانَ آخِرُ كَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ: « الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ، اتَّقُوا اللَّهَ فِيمَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُم» »[18] قال شمس الحق العظيم آبادي: «الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ: أَيِ احْفَظُوا الصَّلَاةَ بِالْمُوَاظَبَةِ عَلَيْهَا وَالْمُدَاوَمَةِ عَلَى حُقُوقِهَا» [19]
8 – آخر ما يفقد من الدّين، وبضياعها تضيع عرى الإسلام، لحديث أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي ﷺ أنه قال: ««لَتُنتَقَضَنَّ عُرى الإسلامِ عُروةً عُروةً، فكُلَّما انتَقَضَت عُروةٌ تَشَبَّث النَّاسُ بالتي تليها، فأَوَّلُهنَّ نَقضًا الحُكمُ، وآخِرُهنَّ الصَّلاة»» [20]وفي رواية عن زيد بن ثابت: ««أوَّلُ ما يُرفَع من الناس الأمانةُ، وآخِر ما يَبقَى من دِينهم الصَّلاة…»» [21] قال الإمام أحمد رحمه الله: «كل شيء ذهب آخره لم يبق منه شيء»[22]
9 – أحب الأعمال إلى الله تعالى الصلاة لحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: ««سَأَلْتُ النبيَّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: أيُّ العَمَلِ أحَبُّ إلى اللَّهِ؟ قالَ: الصَّلاةُ علَى وقْتِها، قلْتُ: ثُمَّ أيٌّ؟ قالَ: ثُمَّ برُّ الوالِدَيْنِ…»» [23]
10 – الصفة الأولى للمؤمنين المفلحين هي الصلاة، قال سبحانه وتعالى: {﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾} [24] ومن علامات الإيمان المحافظة على الصلوات في المساجد، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ﴾[25] قال ابن باز رحمه الله : «فعمار المساجد هم أهل الصلاة، هم أهل الاستقامة، هم أهل الإيمان الصادق، فلا شك أن انتظار الصلاة بعد الصلاة والمحافظة عليها من دلائل الإيمان، ومن دلائل الصلاح، ومن دلائل الخير، فالمحافظة على الصلاة والعناية بها من الدلائل الظاهرة والعلامات البينة على صلاح الرجل، وقربه من ربه، وبعده عن صفات المنافقين» [26]
11 – دليل على إسلام العبد فالصلاة تمنع إساءة الظن بالمرء، لحديث أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ ««مَنْ صَلَّى صَلاَتَنَا، وَاسْتَقْبَلَ قِبْلَتَنَا، وَأَكَلَ ذَبِيحَتَنَا، فَذَلِكَ الْمُسْلِمُ الَّذِي لَهُ ذِمَّةُ اللَّهِ وَذِمَّةُ رَسُولِهِ، فَلاَ تُخْفِرُوا اللَّهَ فِي ذِمَّتِه»» [27]
12 – مدح الله المحافظين عليها قال سبحانه وتعالى عن أهل الصلاة: {﴿إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعًا إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ﴾} [28] قال ابن جرير الطبري: «قَوْلُهُ إِلَّا الْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ: أيْ إِلَّا الَّذِينَ يُطِيعُونَ اللَّهَ بِأَدَاءِ مَا افْتَرَضَ عَلَيْهِمْ مِنَ الصَّلَاةِ، وَهُمْ عَلَى أَدَاءِ ذَلِكَ مُقِيمُونَ لَا يُضَيِّعُونَ مِنْهَا شَيْئًا، فَإِنَّ أُولَئِكَ غَيْرُ دَاخِلِينَ فِي عِدَادِ مَنْ خُلِقَ هَلُوعًا» [29]
13 – سمى الله سبحانه المصلين: المصلحين قال تعالى: {﴿وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ﴾} [30] قال الإمام السعدي رحمه الله: «ومن أعظم ما يجب التمسك به من المأمورات، إقامة الصلاة، ظاهرا وباطنا، ولهذا خصها الله بالذكر لفضلها، وشرفها، وكونها ميزان الإيمان، وإقامتها داعية لإقامة غيرها من العبادات. ولما كان عملهم كله إصلاحا، قال تعالى: {إِنَّا لا نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ} في أقوالهم وأعمالهم ونياتهم، مصلحين لأنفسهم ولغيرهم» [31]
الصلاة حفظ وأمان للعبد في الدنيا
14 – الصلاة مفتاح كل خير قال ابن قيم الجوزية رحمه الله: «الصلاة مَجلَبةٌ للرزق، حافظة للصحة، دافعة للأذى، مَطرَدة للأدواء، مقوِّية للقلب، مبيضة للوجه، مُفرِحة للنفس، مُذهِبة للكسل، مُنشِّطة للجوارح، مُمدَّة للقوى، شارحة للصدر، مغذية للروح، مُنوِّرة للقلب، حافظة للنعمة، دافعة للنقمة، جالبة للبركة، مُبعِدة من الشيطان، مُقرِّبة من الرحمان» [32]
15 – سبب للرزق قال الله تعالى: {﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى﴾} [33] قال الإمام القرطبي: «قوله تعالى : لا نسألك رزقا: أي لا نسألك أن ترزق نفسك وإياهم، وتشتغل عن الصلاة بسبب الرزق، بل نحن نتكفل برزقك وإياهم» [34] وقال ابن كثير: «لا نسألك رزقا نحن نرزقك : يعني إذا أقمت الصلاة أتاك الرزق من حيث لا تحتسب، كما قال تعالى {﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ﴾} [35] وقال تعالى: {﴿وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ﴾} [36]
16 – الصلاة نور للمؤمن لقوله ﷺ«.. الصَّلاةُ نُورٌ»[37] قال الشيخ العثيمين رحمه الله تعالى: «فالصلاة نور: نور للعبد في قلبه، وفي وجهه، وفي قبره، وفي حشره؛ ولهذا تجد أكثر الناس نورًا في الوجوه أكثرهم صلاة، وأخشعهم فيها لله عز وجل»[38]
– الصلاة نور في الآخرةلحديث عَبدِ اللهِ بنِ عَمرٍ رَضِيَ اللهُ عنهما عَنِ النَّبيِّ ﷺ أَنَّهُ ذَكَرَ الصَّلاةَ يَومًا فَقَالَ: ««مَن حَافَظَ عَلَيهَا كَانَت لَهُ نُورًا وَبُرهَانًا وَنَجَاةً يَومَ القِيَامَةِ…»» [39] ولحديث بُرَيْدَةَ الأَسْلَمِيِّ عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «« بَشِّرْ الْمَشَّائِينَ فِي الظُّلَمِ إِلَى الْمَسَاجِدِ بِالنُّورِ التَّامِّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ »» [40] فالصلاة تصحبك في هذه الدنيا وتحيل لك ظلام الطريق نورا تستضئ به، وبها تستطيع أن تواجه هذه الدنيا بكل صعوباتها، والصلاة تضيء لك طريقك إلى الجنة.
– الوضوء نورٌ للمسلم يوم القيامة: للوضوء فضل عظيم، فهو يكفّر الذنوب والخطايا، وهو ما يميز المسلمين من سائر الأمم يوم القيامة، إذ يأتون تسطع وجوههم وأيديهم وأرجلهم نوراً وبياضا؛ فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولَ الله ﷺ: ««تبلُغُ الحِلية من المؤمن حيث يبلُغُ الوضوءُ»» [41] وقال رسول اللهﷺ: ««إِنَّ أُمَّتِي يُدْعَوْنَ يَوْمَ القِيَامَةِ غُرًّا مُحَجَّلِينَ مِنْ آثَارِ الوُضُوءِ، فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ»» [42] «الغُرَّةُ: بَياضٌ في الجَبهةِ، والمرادُ بها هنا النُّورُ الكائنُ في وُجوهِ أُمَّةِ محمَّدٍ ﷺ، التَّحجيلُ:بَياضٌ في السَّاق، والمرادُ به هنا أيضًا النُّورُ؛ فإنَّ الوُضوءَ يَترُكُ أثرًا في الوجْهِ والسَّاقِ واليَدينِ يكونُ بَياضًا ونُورًا يومَ القِيامةِ، تَختصُّ به هذه الأُمَّةُ مْن بيْن الأُمَم» [43] فلا حلية، ولا نور لمن لا يصلي يوم القيامة، لأنه لا يتوضأ.
– سيماهم في وجوههم من أثر السجود: لقد مدح الله عز وجل الصحابة ورضي عنهم، قال سبحانه: {﴿مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُود﴾} [44] علم أنهم يبتغون بصلاتهم فضلا منه ورضوانا، فكرمهم بها، ورفع بها مقامهم، ونور بها وجوههم؛ قال الإمام القرطبي: «تراهم ركعا سجدا إخبار عن كثرة صلاتهم …، وقال عطاء الخراساني : دخل في هذه الآية كل من حافظ على الصلوات الخمس» [45]
17 – راحة المؤمن، وقرة عينه، فالصلاة راحة لقلب المؤمن من تعب الدنيا وهمومها، فعن سالم بن أبي جعدرضي الله عنه كان نبينا ﷺ يقول: ««يا بلالُ أقمِ الصلاةَ، أرِحْنا بها»» [46] وكانت الصلاة قرة عينه، وبهجة روحه، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كانﷺ يقول: ««وجُعِلَتْ قُرَّةُ عيني في الصَّلاةِ» »[47] وكذلك كان حال الصحابة والتابعين، والمؤمنين الصالحين من بعدهم:– صلاةأبي بكر الصديق رضي الله عنه:كانيبكي في الصلاة من خشية الله حتى يجتمع عليه النساء والصبيان: قالت عنه عائشة رضي الله عنهما: «…فَابْتَنَى مَسْجِدًا بفِنَاءِ دَارِهِ، فَكانَ يُصَلِّي فيه ويَقْرَأُ القُرْآنَ، فَيَقِفُ عليه نِسَاءُ المُشْرِكِينَ وأَبْنَاؤُهُمْ، يَعْجَبُونَ منه ويَنْظُرُونَ إلَيْهِ، وكانَ أبو بَكْرٍ رَجُلًا بَكَّاءً، لا يَمْلِكُ عَيْنَيْهِ إذَا قَرَأَ القُرْآنَ، فأفْزَعَ ذلكَ أشْرَافَ قُرَيْشٍ مِنَ المُشْرِكِينَ»[48]
– صلاةعمر الفاروق رضي الله عنه: «يسمع بكاؤه ونشيجه من آخر الصفوف وهو يقرأ ﴿إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّه﴾ [49] وقرأ مرة في الصلاة {﴿إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ لَوَاقِعٌ مَا لَهُ مِن دَافِعٍ﴾} فمرض وعاده الناس عشرين يوما لا يدرون ما مرضه»[50]
– صلاةعائشة رضي الله عنها:قال عُروةَ بنِ الزبير: «كنتُ إذا غدوتُ أبدأ ببيت عائشة رضي الله عنها فأُسلِّم عليها، فغدوتُ يومًا، فإذا هي قائمةٌ تسبِّح، وتقرأ {﴿فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ﴾} [51] وتدْعو، وتبكي، وتُردِّدها، فقمتُ حتى مللتُ القيام، فذهبتُ إلى السوق لحاجتي ثم رجعتُ، فإذا هي قائمةٌ كما هي تُصلِّي وتبكي»[52]
– صلاةمسلم بن يسار رحمه الله: انهدمت ذات مرة ناحية المسجد ففزع أهل السوق لهدمه وإنه في المسجد في صلاته ما التفت ،
« ووقع حريق في داره وأطفئ وهو لم يشعر، لانشغاله بالصلاة »[53]
– صلاة سعيد بن المسيب رحمه الله يقول: «مّا نظرت في أقفاء قوم سبقوني بالصلاة منذ عشرين سنة» [54] عشرين عاما ما فاتته صلاة واحدة، وما صلى إلا في الصف الأول.
– وغيرهم كثير: لا يتسع المقام لذكرهم.
18 – الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكَر والبغيفالصلاة مدرسة تربوية جامعة لكل خير، ناهية عن كل شر ومنكر، تهذب النفس، وتطهر القلب، وتقوم السلوك، قال الله تعالى: {﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾} [55] قال الإمام السعدي رحمه الله تعالى: «ووجه كون الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، أن العبد المقيم لها، المتمم لأركانها وشروطها وخشوعها، يستنير قلبه، ويتطهر فؤاده، ويزداد إيمانه، وتقوى رغبته في الخير، وتقل أو تعدم رغبته في الشر، فبالضرورة، مداومتها والمحافظة عليها على هذا الوجه، تنهى عن الفحشاء والمنكر، فهذا من أعظم مقاصدها وثمراتها» [56]
19 – الصلاة تعين المسلم على هموم الدنيا وصعوبات الحياة، فكل إنسان يمر في حياته بضغوط، وصعوبات، وليخرج المسلم من هذه الهموم، ليس له الا أن يتوجه إلى ربه ومولاه، يشكو إليه همه وحزنه، فالله سبحانه وحده القادر على رفع البلاء، وتبديل الحال، كما جاء على لسان يعقوب عليه السلام: {﴿قَالَ إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ وَأَعْلَمُ مِنَ اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ } [57]
والصلاة هي أفضل وقت يبث فيه المسلم، أحزانه وهمومه إلى ربه وخالقه قال ﷺ ««أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ وَهُوَ سَاجِدٌ ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ»» [58] وقد أمرنا جل جلاله أن نستعين بالصلاة في مواجهة مصائب الدنيا قال تعالى: {﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاة وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾} [59] ولحديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال «كان رسولُ الله ﷺ إذا حزَبه أمرٌ صلَّى»[60]وقال علي القاري : «« وَكَانَ إِذَا حَزَبَهُ أَمْرٌ فَزِعَ إِلَى الصَّلَاةِ:…تُرِيحُ مِنْ كُلِّ هَمٍّ، وَتُفَرِّجُ مِنْ كُلِّ غَمٍّ، وَلِذَا قَالَ : أَرِحْنَا بِهَا يَا بِلَال »» [61]وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه نعي إليه أخوه قُثَم وهو في سفر، فاسترجع، ثم تنحى عن الطريق،
فأناخ فصلى ركعتين أطال فيهما الجلوس، ثم قام يمشي إلى راحلته وهو يقول: {﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ﴾} [62]والصلاة تفك ضيق الصدر؛ ولذلك قال تعالى لنبيه ﷺ: {﴿وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ﴾ } [63]
20 – الصلاة تحفظ العبد قال الإمام الرازي: «وقوله {﴿حافظوا عَلَى الصَّلَوَاتِ﴾} : أَنَّ هَذِهِ الْمُحَافَظَةَ تَكُونُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَالرَّبِّ، كَأَنَّهُ قِيلَ لَهُ: احْفَظِ الصَّلَاةَ لِيَحْفَظَكَ الْإِلَهُ الَّذِي أَمَرَكَ بِالصَّلَاة..، أو أَنْ تَكُونَ الْمُحَافَظَةُ بَيْنَ الْمُصَلِّي وَالصَّلَاةِ فَكَأَنَّهُ قِيلَ: احْفَظِ الصَّلَاةَ، حَتَّى تَحْفَظَكَ الصَّلَاةُ، وَاعْلَمْ أَنَّ حِفْظَ الصَّلَاةِ لِلْمُصَلِّي عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ:
– أَنَّ الصَّلَاةَ تَحْفَظُهُ عَنِ الْمَعَاصِي، قَالَ تَعَالَى { ﴿إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ﴾} [64] فَمَنْ حَفِظَ الصَّلَاةَ حَفِظَتْهُ الصَّلَاةُ عَنِ الْفَحْشَاءِ.
– أَنَّ الصَّلَاةَ تَحْفَظُهُ مِنَ الْبَلَايَا وَالْمِحَنِ: قَالَ تَعَالَى: {﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ﴾} [65] وَقَالَ تَعَالَى: {﴿وَقالَ اللَّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكاةَ﴾} [66] وَمَعْنَاهُ: إِنِّي مَعَكُمْ بِالنُّصْرَةِ وَالْحِفْظِ إِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلَاةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاة.
– تَحْفَظُ صَاحِبَهَا وَتَشْفَعُ لِمُصَلِّيهَا، قَالَ تَعَالَى: {﴿وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ﴾} [67] وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ فِيهَا الْقِرَاءَةُ، وَالْقُرْآنُ يَشْفَعُ لِقَارِئِهِ، وَهُوَ شَافِعٌ مُشَفَّع» [68]
21- الصلاة تربية للمسلم على الانضباط ، والتقيد بالمواعيد قال تعالى: {﴿إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا ﴾} [69] ، «أي: مفروضا في وقته.. وأن لها وقتا لا تصح إلا به» [70]
الصلاة تربي المسلم على التواضع ونكران الذات، بأنه لا فرق بين غني وفقير، أوكبير وصغير، أو عربي وأعجمي أو أبيض
وأشقر إلا بالتقوى، الكل سواسية، في صف واحد، قلوبهم واحدة، ربهم واحدا ودينهم واحد.
الصلاة تربي المسلم على اجتماع الأمة، ووحدة صفها، باجتماعها في المساجد للصلاة والعبادة، وما يتبع ذلك من أخوة وتعارف وتقارب، وتبادل للمنافع والمصالح، يهتم بعضهم ببعض، ويعين بعضهم بعض.
الصلاة تربي المسلم على تجنب أسباب الخلاف والفرقة، فقد نهينا عنهما، كما نهينا عن الاختلاف في الصف عند الصلاة، فقد كَانَ
رَسُولُ اللَّهِ ﷺ يقول فِي الصَّلاةِ: ««اسْتَوُوا، وَلا تَخْتَلِفُوا فتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ»» [71]
الصلاة تربي المسلم على كل خير، وتنهاه عن كل شر، ولهذا قال قوم شعيب عليه السلام: {﴿أَصَلَاتُكَ تَأْمُرُكَ أَنْ نَتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَنْ نَفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاءُ﴾} [72]
الصلاة كفارة للذنوب والخطايا
22 – الصلاة تطهر العبد وتغسله من الذنوب والخطايا فلا تبقي منها شيئا، قال تعالى: {﴿وَأَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ﴾} [73] قال الإمام السعدي: «إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ: أي فهذه الصلوات الخمس، وما ألحق بها من التطوعات من أكبر الحسنات، وهي: مع أنها حسنات تقرب إلى الله، وتوجب الثواب، فإنها تذهب السيئات وتمحوها»[74]
ولحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ: « «أَرَأَيْتُمْ لَوْ أَنَّ نَهْرًا بِبَابِ أَحَدِكُمْ يَغْتَسِلُ مِنْهُ كُلَّ يَوْمٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ هَلْ يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ؟ قَالُوا: لَا يَبْقَى مِنْ دَرَنِهِ شَيْءٌ. قَالَ: فَذَلِكَ مَثَلُ الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ يَمْحُو اللَّهُ بِهِنَّ الْخَطَايَا»» [75]قَالَ ابن الْعربِيّ المالكي: «وَجْه التَّمْثِيل أَنَّ الْمَرْءَ كَمَا يَتَدَنَّسُ بِالْأَقْذَارِ الْمَحْسُوسَةِ فِي بَدَنِهِ وَثِيَابِهِ وَيُطَهِّرُهُ الْمَاءُ الْكَثِير، فَكَذَلِكَ الصَّلَوَات تُطَهِّرُ الْعَبْد منْ أَقْذَار الذُّنُوب حَتَّى لَا تُبْقِي لَهُ ذَنْبًا إِلَّا أَسْقَطَتْهُ»[76]
23 – تمحو الخطايا وترفع الدرجات لحديث أبي هريرةَ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قال: ««مَنْ تَطَهَّرَ في بَيْتِهِ، ثُمَّ مَضى إِلى بيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللَّهِ، لِيَقْضِيَ فَرِيضَةً مِنْ فَرائِضِ اللَّهِ، كانَتْ خُطُواتُهُ، إِحْدَاها تَحُطُّ خَطِيئَةً، والأُخْرى تَرْفَعُ دَرَجَةً»» [77] وعَنْ سلمان الفارسي
رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قال: ««إنّ المسلمَ يصلِّي وخَطاياهُ مرفوعةٌ على رأسِه، كلّما سجَدَ تحاتَّت عنه، فيفرُغُ من صلاتِه؛ وقد تحاتَّت خطاياهُ»» [78]
وعَنْ أَبِي أَيُّوبَ الأَنْصَارِيِّ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُولُ: ««إِنَّ كُلَّ صَلَاةٍ تَحُطُّ مَا بيْنَ يَدَيْهَا مِنْ خَطِيئَة»» [79] وعن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ««إن المسلم يصلي وخطاياه مرفوعة على رأسه كلما سجد تحات عنه، فيفرغ من صلاته وقد تحاتت عنه خطاياه»» [80]
24 – خطوتك إلى الصلاة تعدل صدقةقال رَسُولُ اللَّهِ ﷺ«.. «وَكُلُّ خَطْوَةٍ يَمْشِيهَا إِلَى الصَّلاَةِ صَدَقَةٌ» …» [81] ولحديث جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنه، قَالَ: ««خَلَتِ الْبِقَاعُ حَوْلَ الْمَسْجِدِ، فَأَرَادَ بَنُو سَلِمَةَ أَنْ يَنْتَقِلُوا إِلَى قُرْبِ الْمَسْجِدِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ ﷺ، فَقَالَ لَهُمْ: إِنَّهُ بَلَغَنِي أَنَّكُمْ تُرِيدُونَ أَنْ تَنْتَقِلُوا قُرْبَ الْمَسْجِدِ، قَالُوا: نَعَمْ، يَا رَسُولَ اللهِ قَدْ أَرَدْنَا ذَلِكَ، فَقَالَ: يَا بَنِي سَلِمَةَ دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ، دِيَارَكُمْ تُكْتَبْ آثَارُكُمْ» »[82]
25 – المكان الذي تُصلي فيه يشهد لك لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: « «قَرَأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هَذِهِ الآيَةَ: يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا قَالَ: أَتَدْرُونَ مَا أَخْبَارُهَا؟ قَالُوا: اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ. قَالَ: فَإِنَّ أَخْبَارَهَا أَنْ تَشْهَدَ عَلَى كُلِّ عَبْدٍ أَوْ أَمَةٍ بِمَا عَمِلَ عَلَى ظَهْرِهَا، تَقُولُ: عَمِلَ يَوْمَ كَذَا، كَذَا وَكَذَا، فَهَذِهِ أَخْبَارُهَا»» [83]
26 – الباب الذي يصعد منه عملك يبكي عليك إذا مت، قال الله تعالى عن الكفار بعد هلاكهم: {﴿فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ﴾} [84] قال الضحاك وقتادة وابن عباس رضي الله عنهما: «ليس على الأرض مؤمن يموت إلا بكى عليه ما كان يصلي فيه من المساجد حين يفقده، وإلا بكى عليه من السماء الموضعُ الذي كان يرفع منه كلامه، فذلك لأهل معصيته: فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالأرْضُ وَمَا كَانُوا مُنظَرِينَ»[85] وقال الأوزاعي حدثني عطاء الخراساني قال: «ما من عبد يسجد لله سجدة في بقعة من بقاع الأرض إلا شهدت له يوم القيامة وبكت عليه يوم يموت»[86]
27 – انتظارها رباط في سبيل اللَّه لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول اللَّه ﷺ قال: « «أَلا أَدُلُّكُمْ عَلى مَا يمْحُو اللَّهُ بِهِ الخَطَايَا، وَيَرْفَعُ بِهِ الدَّرَجَاتِ؟ قَالُوا: بَلى يَا رسولَ اللَّهِ، قَالَ: إِسْباغُ الْوُضُوءِ عَلى المَكَارِهِ، وَكَثْرَةُ الخطى إِلى المَسَاجِدِ، وَانْتِظَارُ الصَّلاةِ بعْد الصَّلاةِ، فَذلِكُمُ الرِّباطُ، فَذلكُمُ الرِّباطُ» » [87] «إسباغ الوضوء في المكاره يعني في حال البرودة: برودة الجو، وبرودة الماء»[88]
28 – يباهي الله بك الملائكة لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال: ««صلَّينا مع رسولِ الله ﷺ المغربَ فرجع مَن رجعَ، وعقَّب من عقَّب، فجاء رسولُ الله ﷺ مسرعًا قد حفزَه النفسُ، قد حسر عن ركبتيه قال: أبشروا هذا ربُّكم قد فتح بابًا من أبوابِ السماءِ يباهي بكم الملائكةَ، يقولُ: انظروا إلى عبادي قد قضوا فريضةً، وهم ينتظرون أخرى»» [89]
29 – الملائكة تصلي عليك ما دمت في مصلاك فعن أبي هُريرة رضي الله عنه قال : قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ ««..الْمَلَائِكَةُ يُصَلُّونَ عَلَى أَحَدِكُمْ مَا دَامَ فِي مَجْلِسِهِ الَّذِي صَلَّى فِيهِ، يَقُولُونَ: اللهُمَّ ارْحَمْهُ، اللهُمَّ اغْفِرْ لَهُ، اللهُمَّ تُبْ عَلَيْهِ، مَا لَمْ يُؤْذِ فِيهِ، مَا لَمْ يُحْدِثْ فِيهِ»[90] وقال ابن رجب رحمه الله: «من مكفرات الذنوب الجلوس في المساجد بعد الصلوات، والمراد بهذا الجلوس انتظار صلاة أخرى كما في حديث أبي هريرة: وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط»» [91]
30 – أجر الخروج إليها كأجر الحاج المحرم لحديث أَبِي أمَامَةَ رَضِيَ الله عَنْهُ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «« ومَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ مُتَطَهِّرًا إِلَى صَلَاةٍ مَكْتُوبَةٍ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْحَاجِّ الْمُحْرِمِ وَمَنْ خَرَجَ إِلَى تَسْبِيحِ الضُّحَى لَا يَنْصِبُهُ إِلَّا إِيَّاهُ فَأَجْرُهُ كَأَجْرِ الْمُعْتَمِرِ وَصَلَاةٌ عَلَى أَثَرِصَلَاةٍ لَا لَغْوَ بَيْنَهُمَا كِتَابٌ فِي عِلِّيِّينَ»» [92]
خَرَجَ: أي إلى المسجد، الصلاة المكتوبة: أي صلاة الفريضة: الفجر، الظهر، العصر، المغرب، والعشاء. قال العَلَّامَةِ شمس الحق العظيم أبادي: «تسبيح الضحى: أَيْ صَلَاة الضُّحَى، لَا يُنْصِبهُ: أَيْ لَا يُخْرِجهُ وَلَا يُزْعِجهُ إِلَّا تسبيح الضحى، فِي عِلِّيِّينَ: فِيهِ إِشَارَة إِلَى رَفْع دَرَجَتهَا وَقَبُولهَا. قَالَ تَعَالَى: {﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْأَبْرَارِ لَفِي عِلِّيِّينَ وَمَا أَدْرَاك مَا عِلِّيُّونَ كِتَابٌ مَرْقُومٌ يَشْهَدُهُ الْمُقَرَّبُونَ﴾} »[93] فاحرص أخي الحبيب على التطهر في بيتك، والتبكير إلى الجماعة لتنال أجر الحاج المحرم، واحرص على أداء صلاة الصبح في المسجد مع الجماعة، ثم اجلس الى طلوع الشمس وصلي الضحى يكتب لك أجر الحج والعمرة ؛ قال رسول الله ﷺ ««من صلَّى الغداةَ في جماعة ، ثم قعد يذكر اللهَ حتى تطلُعَ الشمسُ ، ثم صلَّى ركعتَين ؛ كانت له كأجرِ حجَّةٍ وعمرةٍ ، تامَّةٍ، تامَّةٍ، تامَّةٍ» »[94]
الصلاة تنجيك من عذاب الله
31 – الصلاة تحفظ المؤمن في قبره : لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: ««إِنَّ الْمَيِّتَ إِذَا وُضِعَ فِي قَبْرِهِ إِنَّهُ يَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ[95] حِينَ يُوَلُّونَ عَنْهُ، فَإِنْ كَانَ مُؤْمِنًا، كَانَتِ الصَّلَاةُ عِنْدَ رَأْسِهِ، وَكَانَ الصِّيَامُ عَنْ يَمِينِهِ، وَكَانَتِ الزَّكَاةُ عَنْ شِمَالِهِ، وَكَانَ فِعْلُ الْخَيْرَاتِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالصِّلَةِ وَالْمَعْرُوفِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى النَّاسِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ، فَيُؤْتَى مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ، فَتَقُولُ الصَّلَاةُ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ، ثُمَّ يُؤْتَى عَنْ يَمِينِهِ، فَيَقُولُ الصِّيَامُ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ، ثُمَّ يُؤْتَى عَنْ يَسَارِهِ، فَتَقُولُ الزَّكَاةُ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ، ثُمَّ يُؤْتَى مِنْ قِبَلِ رِجْلَيْهِ، فَتَقُولُ فَعَلُ الْخَيْرَاتِ مِنَ الصَّدَقَةِ وَالصِّلَةِ وَالْمَعْرُوفِ وَالْإِحْسَانِ إِلَى النَّاسِ: مَا قِبَلِي مَدْخَلٌ، فَيُقَالُ لَهُ: اجْلِسْ فَيَجْلِسُ…»» [96] قولُ الصلاة ما قِبَلي مدخل (وكذا سائر الأعمال الصالحة) أي: لا سبيل لكم إلى تعذيبه من ناحيتي، لأنه كان يقيم الصلاة ويحافظ عليها.
32 – النجاة من النار للمصلي لحديث حَنْظَلَةَ الْأُسَيْدِيِّ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺقَالَ: ««مَنْ حَافَظَ عَلَى الصَّلَوَاتِ الْخَمْسِ، عَلَى وُضُوئِهَا، وَمَوَاقِيتِهَا، وَرُكُوعِهَا، وَسُجُودِهَا، يَرَاهَا حَقًّا لِلَّهِ عَلَيْهِ، حُرِّمَ عَلَى النَّارِ»» [97]
33 – النار لا تحرق أثر السجودفمن استحق العقوبة من المصلين العصاة فإنهم لا يخلدون في النار لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «…حتى إذا فرغ الله من القضاء بين عباده وأراد أن يخرج من النار من أراد أن يخرج ممن كان يشهد أن لا إله إلا الله أمر الملائكة أن يخرجوهم فيعرفونهم بعلامة آثار السجود وحرم الله على النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود فيخرجونهم قد امتحشوا [98] فيصب عليهم ماء يقال له ماء الحياة فينبتون نبات الحبة في حميل السيل..»[99]
قال القاضي عياض رحمه الله: «فيه دليل على أن عذاب المؤمنين المذنبين مخالف لعذاب الكفار، لأن النار لا تأتي على جميع أعضائهم إكراما لموضع السجود، وعظم مكانهم من الخضوع لله تعالى»[100]
ونظم الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله:
يا رب أعضاء السجود عتقتها من عبدك الجاني وأنت الواقي
والعتق يسري بالغنى يا ذا الغنى فامنن على الفاني بعتق الباقي [101]
الصلاة تدخلك الجنة
34 – في ظل الرحمان يوم القيامة يوم تدنو الشمس من رؤوس العباد، فتصهرهم بحرها، ويغمرهم العرق، لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه عَنِ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: «سَبْعَةٌ يُظِلُّهُمُ اللَّهُ فِي ظِلِّهِ، يَوْمَ لاَ ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ:… ورَجُلٌ قَلْبُهُ مُعَلَّقٌ فِي المَسَاجِد..»[102] قال ابن القيم رحمه الله: «لِلْعَبْدِ بَيْن يَدَيِ اللهِ مَوْقِفَانِ: مَوْقِفٌ بَيْنَ يَدَيْهِ فِي الصَّلاَةِ. وَمَوْقِفٌ بَيْنَ يَدَيْهِ يَوْمَ لِقَائِهِ. فَمَنْ قَامَ بِحَقِّ المَوْقِفِ الأَوَّلِ هُوِّنَ عَلَيْهِ المَوْقِفُ الآخَرَ وَمَنِ اسْتَهَانَ بِهَذَا المَوْقِفِ ولَمْ يُوَفِّهِ حَقَّهُ شُدِّدَ عَلَيْهِ ذَلِكَ المَوْقِفُ، قَالَ تَعَالَى {﴿وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً إِنَّ هَؤُلاَءِ يُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَاءَهُمْ يَوْمًا ثَقِيلاً﴾} » [103]
35- الصلاة مفتاح الجنة: لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال: قال رَسُولَ اللهِ ﷺ: ««مفتاح الجنة الصلاة، ومفتاح الصلاةالطهور»» [104] قال ابن القيم رحمه الله تعالى: «وهذا يدل على أن من لم يكن من أهل الصلاة لم تفتح له الجنة…ولا تناقض بين هذا وبين الحديث الآخر وهو مفتاح الجنة شهادة أن لا إله إلا الله، فإن الشهادة أصل المفتاح، والصلاة وبقية الأركان أسنانه التي لا يحصل الفتح إلا بها» [105]
37- تدخل الجنة من باب الصلاة لحديث أَبِي هُرَيْرَةَرضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: ««مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ فِي سَبِيلِ اللهِ نُودِيَ فِي الْجَنَّةِ: يَا عَبْدَ اللهِ، هَذَا خَيْرٌ، فَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّلَاةِ، دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ، … وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ، دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ، دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّان»» [106]
38 – تكتب في عليينلحديث أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: ««صَلَاةٌ فِي إِثْرِ صَلَاةٍ، لَا لَغْوَ بَيْنَهُمَا، كِتَابٌ فِي عِلِّيِّينَ» »[107] قال الْمُنَاوِيُّ: «لَا لَغْو بَيْنهمَا: أَيْ لَيْسَ بَيْنهمَا كَلَام بَاطِل وَلَا لَغَط، وَاللَّغْو اِخْتِلَاط الْكَلَام»[108]
39 – ترفع إلى أعلى الدرجات فمن أراد أعلى درجات الجنة مع النبي ﷺ فعليه بالصلاة، لحديث رَبِيعَة بْن كَعْبٍ الْأَسْلَمِيُّ رضي الله عنه قَالَ : «« كُنْتُ أَبِيتُ مَعَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَتَيْتُهُ بِوَضُوئِهِ وَحَاجَتِهِ ، فَقَالَ لِي : سَلْ ، فَقُلْتُ: أَسْأَلُكَ مُرَافَقَتَكَ فِي الْجَنَّةِ ، قَالَ : أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ ، قُلْتُ : هُوَ ذَاكَ ، قَالَ : فَأَعِنِّي عَلَى نَفْسِكَ بِكَثْرَةِ السُّجُودِ»» [109] وقال الإمام النووي رحمه الله تعالى: «فيه الحث على كثرة السجود والترغيب به، والمراد به السجود في الصلاة»[110]
40 – المصلون في جنة الفردوس قال الله تعالى: {﴿وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾} [111] وَعن أبي أمامة رضي الله عنه قال: قَالَ رسول الله ﷺ: ««صَلُّوا خَمسَكُم، وَصُومُوا شَهرَكُم، وَأَدُّوا زَكَاةَ أَموَالِكُم، وَأَطِيعُوا ذَا أَمرِكُم، تَدخُلُوا جَنَّةَ رَبِّكُم»» [112] «وقال ﷺ ««مَن صَلَّى البَردَينِ دَخَلَ الجَنَّةَ»» [113]البردان: الفجر والعصر.
41 – في ضيافة الله كلما غدا المصلي للمسجد أو راح، يعد الله له نزلاً في الجنة، لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي ﷺ قال : ««منْ غدَا إِلَى المَسْجِدِ أَوْ رَاحَ، أعدَّ اللَّهُ لَهُ في الجنَّةِ نُزُلاً كُلَّمَا غَدا أوْ رَاحَ»» [114] «منْ غدا: أي ذهب في أول النهار، وراح: أي ذهب في آخر النهار، النُزُل: هو ما يقدم إلى الضيف من الطعام»[115] وقال ابن باز رحمه الله تعالى: «فهذا يدل على أن الذهاب إلى المساجد صباح مساء لصلاة الجماعة، من أسباب الفوز بالجنة، والنجاة من النار، ومن أسباب وجود النزل والضيافة الكريمة لأهل الصلاة»[116]
42 – يفرحَ اللهُ بك لحديث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنْ النَّبِيِّ ﷺ قَالَ: « «مَا تَوَطَّنَ رَجُلٌ مُسْلِمٌ الْمَسَاجِدَ لِلصَّلَاةِ وَالذِّكْر، إِلَّا تَبَشْبَشَ اللَّهُ إليه كَمَا يَتَبَشْبَشُ أَهْلُ الْغَائِبِ بِغَائِبِهِمْ، إِذَا قَدِمَ عَلَيْهِمْ»» [117] وقال أبو الحسن السندي «تَبَشْبَشَ اللهُ له: المراد ها هنا تلقيه ببره وتقريبه والكرامة»[118]
43 – سبب النجاح والفلاح في الدنيا والآخرة قال جَلَّ وَعَلا: {﴿قَد أَفلَحَ مَن تَزَكَّى وَذَكَرَ اسمَ رَبِّهِ فَصَلَّى﴾} [119] و {﴿قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ﴾ } [120] وقال رسول الله ﷺ: «« خَمْسُ صَلَوَاتٍ افْتَرَضَهُنَّ اللَّهُ تَعَالَى مَنْ أَحْسَنَ وضوؤهن وَصَلَّاهُنَّ لِوَقْتِهِنَّ وَأَتَمَّ رُكُوعَهُنَّ وَخُشُوعَهُنَّ كَانَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يَغْفِرَ لَهُ، وَمَنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَيْسَ لَهُ عَلَى اللَّهِ عَهْدٌ، إِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُ وَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُ»» [121]
وما هذا الا غيض من فيض، ففضائل الصلاة لا تعد ولاتحصى، وليس لها أول من آخر، أ فبعد هذا كله تترك الصلاة؟ أو تضيعها؟ ألم تفهم بعد، أن سعادتك في الدنيا والآخرة، مرهونة بإقامة هذه الصلاة،
ثم اعلم هداك الله، أنه لا طاقة لك بتحمل عقوباتها، لا في الدنيا ولا في الآخرة، فانتظر مني في المقال القادم بمشيئة الله تعالى عقوبات تضييع الصلاة الثابتة في الكتاب والسنة، والله من وراء القصد والحمد لله رب العالمين.
[2]– أخرجه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح 2616 والنسائي في: الكبرى11394 وابن ماجه 3973 وأحمد 231/5
[3]– كتاب الصلاة واحكام تركها لابن قيم الجوزية ص 17.
[4]– متفق عليه: البُخاريُّ 8، ومُسلِمٌ 16
[5]– جامع العلوم والحكم 88/1
[6]– تفسير القرطبي لسورة الأنفال الآية 3
[8] – رواه أبو داود 864، والترمذي 413، والنسائي465
[9]– موطأ الإمام مالك: كتاب قصر الصلاة في السفر، باب جامع الصلاة، حديث89
[10]– سورة إبراهيم الآية 37
[11]– سورة إبراهيم الآية 40
[13]– سورة طه الآية 14
[14]– سورة مريم الآيتين 30 و31
[15]– سورة لقمان الآية17
[16]– سورة طه الآية 132
[18] – أخرجه أبو داود 5156، وأحمد 585، وابن ماجه 2698
[19]– عون المعبود على سنن أبي داود 14/ 44
[20]– أخرجه أحمد 5/ 251 , والحاكم 4/ 92، والطبراني 7486 وابن حبان 6715
[21]– أخرجه الطبراني في الصَّغير 4425، والبيهقي في شعب الإيمان 4/1858 وحسنه الألباني في صحيح الجامع 2575
[22]– الكافي قي فقه الإمام أحمد بن حنبل كتاب الصلاة ص 171
[23]– رواه البخاري 527 ومسلم85.
[24] – سورة المؤمنين الآيتين 1 و2
[27] – صحيح البخاري كتاب الصلاة باب فضل استقبال القبلة 38 وسنن النسائي كتاب الإيمان ج 8 ص 105
[28] – سورة المعارج الآيات 19-23
[29]– تفسير الطبري ج 23ص 267
[30]– سورة الأعراف الآية 170
[31] – تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان: الأعراف الآية 170
[32]– زاد المعاد في هدي خير العباد ابن القيم 4 /304
[33] –سورة طه الآية 132
[34] – تفسير القرطبي لسورة طه الآية 132
[36] – سورة الذاريات الآيتين 56 و57
[37] – حديث: الطّهُورُ شَطْرُ الإيمانِ، والْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلأُ المِيزانَ، وسُبْحانَ اللهِ والْحَمْدُ لِلَّهِ تَمْلَآنِ -أَوْ تَمْلأُ- ما بيْنَ السَّمَواتِ والأرْضِ، والصَّلاةُ نُورٌ، والصَّدَقَةُ بُرْهانٌ، والصَّبْرُ ضِياءٌ، والْقُرْآنُ حُجَّةٌ لَكَ، أوْ عَلَيْكَ، كُلُّ النَّاسِ يَغْدُو فَبايِعٌ نَفْسَهُ فَمُعْتِقُها، أوْ مُوبِقُها. رواه مسلم في صحيحه عن أبي مالك الأشعري رقم 223
[38] – شرح رياض الصالحين ج1ص190
[39] – صحيح ابن حبان 1467
[40]– سنن أبي داود 561، سنن الترمذي 223، وابن ماجه 781
[41]– رواه مسلم 250
[42]– رواه البخاري 136، ومسلم 246 عن أبي هريرة
[43]– عن موقع الدرر السنية الموسوعة الحديثية: علوي السقاف
[44]– سورة الفتح الآية 29
[45]– تفسير القرطبي سورة الفتح الآية 29
[46]– أخرجه أبو داود 4985، وأحمد 2308، والطبراني 6214 والألباني في صحيح الجامع 7892
[47] – أخرجه النسائي 3939 وأحمد 14069، والبيهقي13836
[48] – رواه الإمام البخاري 476
[51] – سورة الطور الآية 27
[52] – صفة الصفوة ج 2 ص 31
[53] – سير أعلام النبلاء للحافظ الذهبي ج 4 ص 511
[54]– حلية الأولياء لأبي نعيم الأصبهاني ج 2 ص 163
[55]– سورة العنكبوت الآية 45
[56] – تيسير الكريم الرحمان في تفسير كلام المنان: سورة العنكبوت الآية 45
[57] – سورة يوسف الآية 86
[58] – رواه مسلم عن أبي هُريرة 48
[59]– سورة البقرة الآية45
[60]– رواه احمد ج5 ص388، وأبو داود 1329
[61]– مرقاة المفاتيح ج3 ص1093
[62]– تفسير ابن كثير البقرة 45.
[63]– سورة الحجر:97 و98
[64]– سورة العنكبوت الآية 45
[65]– سورة البقرة الآية 153
[66]– سورة المائدة الآية 12
[67]– سورة البقرة الآية 110
[69]– سورة النساء:103
[70]– تفسير السعدي: سورة النساء الآية 103
[71]– رواه مسلم عن ابي مسعود رضي الله عنه 432
[72]– سورة هود الآية 87
[74]– تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان: سورة هود الآية 114
[75]– صحيح البخاري 528، وصحيح مسلم 667
[76]– فتح الباري لابن حجر العسقلاني ج 2 ص11 و12
[77]– رواه مسلم 666
[78]– أخرجه الطبراني في المعجم الكبير 6125 والألباني في السلسلة الصحيحة 3402
[79]– أخرجه أحمد في المسند ج5 ص413، والطبراني في المعجم الكبير 3879 وأبو نعيم في الحلية ج1 ص298.
[80]– رواه الطبراني وصححه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب 362.
[81]– رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ 2891 وَمُسْلِم 1009 عن أبي هريرة
[82]– أخرجه مسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب فضل كثرة الخطى إلى المساجد 663
[83]– جامع الترمذي حديث 3428
[84]– سورة الدخان الآية 29
[85]– تفسير محمد بن جرير الطبري جامع البيان عن تأويل آي القرآن: الدخان الآية 29
[86]– تفسير محمد ابن احمد القرطبي الجامع لأحكام القرآن الدخان الآية 29
[87]– أخرجه مسلم 251 ابن ماجه 427، وأحمد ج 3 ص 3
[88]– ابن باز شرح رياض الصالحين 339
[89]– أخرجه ابن ماجه 801 وأحمد 6946
[90]– متفق عليه: البخاري 477، ومسلم 649
[91]– سبق تخريجه انظر ص
[92]– أخرجه أبو داود 558، وأحمد 22304، والألباني في صحيح الجامع 6228 وغيرهم.
[93]– سورة المطففين الآية 18؛ عون المعبود شرح سنن أبي داود لشمس الحق العظيم أبادي: ج 1 الحديث 554
[94]– أخرجه الترمذي في سننه عن أنس بن مالك 586، وحسنه الالباني في صحيح الترغيب 464 وفِي السلسلة الصحيحة 340
[95] –يَسْمَعُ خَفْقَ نِعَالِهِمْ: أي يسمع الميت صوت أرجل من أتى لدفنه وهم ينصرفون.
[96]– رواه الحاكم في المستدرك وصححه ج 1 ص 379, وابن حبان 3103، والطبراني في الأوسط 2651، وحسنه الألباني في صحيح الترغيب والترهيب ج 3 ص 403
[97]– مسند الإمام أحمد بن حنبل 18372، والمعجم الكبير 3494
[98]– فيخرجوهم قد امتحشوا: فيخرجوهم من النار قد اسودوا أي: صاروا سودا كالفحم من تأثير النار، شرح الحديث في الدرر السنية الموسوعة الحديثية لعلوي السقاف.
[99] – متفق عليه: البخاري 6573و6574 ومسلم
[100]– فتح الباري لابن حجر للعسقلاني: 11/456
[101]– فتح الباري لابن حجر للعسقلاني 11/457
[102]– رواه البخاري 660، ومسلم 2427
[103]– سورة الإنسان الآيتين 26 و27. كتاب الفوائد لابن القيّم ص 240
[104]– أخرجه الترمذي 4 وأحمد 14662 وقال الألباني صحيح لغيره.
[105]– كتاب الصلاة وأحكام تاركها لابن قيم الجوزية ص 17
[106]– أخرجه البخاري 3666، ومسلم 1072
[107]– أخرجه أبو داود 558 وأحمد 22304
[108]– عون المعبود شرح سنن أبي داود الحديث 1274
[109]– رواه مسلم في صحيحه 489
[111]– سورة المؤمنين الآيات 9-11
[112]– صحيح الترمذي 616 وأحمد22161
[113]– أخرجه البخاري:574 ومسلم 635 عن أبي موسى الأشعري
[114]– متفقٌ عَلَيهِ: البخاري 662، ومسلم 669
[115]– مرقاة المفاتيح علي الهروي ج 2 ص 592
[116]– شرح رياض الصالحين الحديث 49
[117]– أخرجه ابن ماجه 800 وأحمد 8350 والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين 1/213
[118]– حاشية السندي على ابن ماجه، كتاب المساجد والجماعات: باب لزوم المساجد وانتظار الصلاة 800
[119]– سورة الأعلى الآيتين 14و 15
[120]– المؤمنون الآيتين 1و2
[121]– أخرجه أبو داود 425، والنسائي 461، وابن ماجه 1401، وأحمد 22756
Source link