هات ملعقتك .. والحقني – طريق الإسلام

منذ حوالي ساعة

هكذا هي الحياة؛ تريد منك سببًا تبذله بأثر الفراشة، والبركات تغمرك فوق تأميلك بعدها، كل هذا في جلَد المؤمنين، ورضا الموقنين، ومَن كساه الصبر ثوبه لم يرَ الناس عيبه.

الحمد لله الأحد الصمد، والصلاة والسلام على شفيعنا محمد، وبعد..

في مثل هذه الساعة من اليوم تسكن نفسي، أفتش جيوب يومي بحثًا عن إنجازٍ يشعرني بالرضا.

فتحت بريدي لأجد رسائل متعددة؛ ومن انتجعك مؤملًا فقد أسلفك حسن الظن بك، ومع التقليب وجدتني أمسك فكرة وأختم بها على كل رسالة، تمامًا كما يصنع موظفو الإدارات الخدمية حين يختمون الأوراق دون نظر للتفاصيل.

هذا الختم عنوانه: “هات معلقتك والحقني“.

كل محبوس طال حبسه في سجون الهم، وضاقت به زنزانة الكرب، فهو أمام خيارين: إما أن ينتظر فرجًا مفاجئًا، تُفتح فيه أبواب حبسه، وتداعب شعره نسمات الحرية الرخية، وهو يبسط يديه كهيئة المعانق للحياة؛ لكن هذا لا يحصل سوى في الروايات، وخيالات الوسائد، وطبطبات الأصدقاء الحالمين.

الخيار الثاني: هو ما أتيت لأحدثك عنه، أن تحمل ملعقتك، وتحفر في زنزانة أحزانك نقبًا، تزيده كل يوم بمقدار ما تسمح به قدرتك، وغفلة المتربصين بك، تقترب من هدفك بسرّية، وهدوء، وطول صبر، وإيمان بالخطوات الصغيرة.

سيأتيك ضوء الخارج ضئيلًا في بدايته، وتستقبله بكفين مخدشتين من البلاء، وروح منهكة.

حينها تبدأ في التعافي التدريجي، وأنت تتذكر خيباتك، وطول انتظارك، وسذاجة استعجالك الفرج.

هكذا هي الحياة؛ تريد منك سببًا تبذله بأثر الفراشة، والبركات تغمرك فوق تأميلك بعدها، كل هذا في جلَد المؤمنين، ورضا الموقنين، ومَن كساه الصبر ثوبه لم يرَ الناس عيبه.

_______________________________________________
الكاتب: 
بدر آل مرعي 


Source link

عن Mohamed Alsharif

شاهد أيضاً

هل الدعاء يُغير شيئًا؟ – طريق الإسلام

الدعاء ليس رجاء الضعفاء فحسب، بل سلاح العقلاء، ومركب الحكماء، وملاذ أولياء الله حين تضيق …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *