ليس معنى أنكِ تلبسين النقاب أنكِ فعلتِ ما أمر الله به وأمر به رسوله، بل لا بد أن تكون تلك الملابس ساترة للبدن كله
لقد كرَّم الله المرأة، ورفع مكانتها؛ فهي الأم والأخت والبنت، والخالة والعمة؛ فجعل ربنا السترَ علامةً على حيائها؛ فكانت العرب في زمانها تتعرض قُطَّاع طريقها إلى المرأة التي خرجت متبرجة، فسطَّر ربنا هذا في كتابه؛ فقال تعالى: {يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ} [الأحزاب: 59]،
فكان قطَّاع الطريق يتعرضون للمتبرجة دون غيرها، وكذلك في عصرنا تنهَش أعين الشباب المتسكِّع ملابس الفتاة المتبرجة، أو التي لبست ملابس مجسِّمة، فبدا جسمُها من تحت ملابسها، وهذه كبيرة من الكبائر، ذلك التبرج الفاحش الذي لم يوجد في عصر الجاهلية، وعلى ولي أمر المرأة – والدًا كان أو أمًّا، أو زوجًا أو أخًا – أن ينظر في ملابس البنات والنساء قبل خروجهن من المنزل؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه: «والرجل راعٍ في بيته ومسؤول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها، ومسؤولة عن رعيتها»، فسيحاسبنا الله على بناتنا ونسائنا؛ فقد قال تعالى: {وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ} [الصافات: 24]، ولا يتعلل الوالدان بأن ابنتهما صغيرة السن، فيسمحون لها ببنطال ضيق ليس فوقه شيء تحت الركبة، بل ينبغي أن تنشأ بناتنا على العفة والعفاف، والتأسِّي بالملابس الصحيحة شرعًا من سن الخامسة فما فوق.
كما أن الملابس المجسِّمة فتنة كبرى، ستحمل المرأة بسببها أوزار كل من ينظر إليها، أيًّا كان لُبس المرأة، فليس معنى أنكِ تلبسين النقاب أنكِ فعلتِ ما أمر الله به وأمر به رسوله، بل لا بد أن تكون تلك الملابس ساترة للبدن كله، فلا يعرف الناظر إليكِ ظهرًا من أمام، ولا تظهر ملامح الأنوثة كذلك، وتأسف حينما تجد من تلبَس نقابًا أو إسدالًا، أو كابًا أو وشاحًا، أو غيره، وقد جسمت ملابسها بعض جسمها من الأمام أو الخلف؛ ولهذا احذري – أختاه – بعض أنواع القماش التي تلتصق بالبدن، وأنتِ تسيرين في الطريق، فهذا لا يجوز، مهما كانت الأخت في التزامها أو أدبها، فالدين النصيحة، ولنحذر أن يُؤتى الدين من قِبَلِ مَن يدعون إلى الله، أو يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر؛ فكوني – أختاه – دُرَّة مكنونة داخل جرابها، لا يظهر من ملابسكِ شيء، واللهَ أسأل أن يوفِّق نساء المسلمين وبناتهن أن تكون ملابس المرأة كما بيَّن ربنا في كتابه وسنة نبيه؛ وهي: ألَّا يظهر شيء من ملامح الأنوثة للمرأة من الأمام أو الخلف، فتكون أعضاؤها خفية تحت ملابسها، غير مجسِّمة، وملابسها غير شفافة، وبقماش لا يلتصق بالجسم.
وأبشري بعفافكِ وحيائكِ وتحمُّلكِ للملابس التي قد يظنها غيركِ كتمة أنفاس، أو تقييدًا وعدمَ حرية؛ فطاعتكِ لربكِ تشرح صدركِ بقول نبينا: «رضيت بالله ربًّا»؛ فرض عليَّ ملابس حفاظًا على أنوثتي، «وبالإسلام دينًا» منحني الستر وعدم التكشف أمام الرجال، «وبمحمد رسولًا» دلَّني على ما يُرضي ربي في دنياي، ويدخلني الجنة لحوقًا بأمهات المؤمنين، تأسِّيًا ورفقة في الجنة بإذنه تعالى.
فهنيئًا لكل فتاة حافظت على أنوثتها، فأخفتها عن أعين الذئاب، وحفظت غيبها بالتعفُّف في خروجها ودخولها، وهي بعيدة عن أهلها أو زوجها، وهنيئًا لها حياة طيبة بدعوتها إلى الله بلباسها وحشمتها، وغضِّها البصرَ عن الرجال، أو التلفُّت في الطرقات إلى الرجال؛ فكوني على الطريق الأول؛ طريق أمهات المؤمنين، ولا يغرنَّكِ فتن التواصل الاجتماعي أو التلفاز؛ فالمغريات كثيرة، لمن الجائزة له أكبر؛ إنها أجر خمسين شهيدًا؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في حديثه: عن أبي ثعلبة الخشني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «… فإن من ورائكم أيام الصبر، الصبر فيهن مثل القبض على الجمر، للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلًا يعملون مثل عمله»؛ (رواه ابن ماجه، والترمذي، وأبو داود، وزاد: قيل: يا رسول الله، أجر خمسين رجلًا منا أو منهم؟ قال: «بل أجر خمسين منكم»[1]، فأي فضل وأجر أن يصل الواحد منا بثباته على الدين في الفتن بأن ينال أجر خمسين شهيدًا من الصحابة؟ فهذا زمان الصبر، فاصبري، واحتسبي؛ فإنما العمر أيام، والآخرة استقرار، ثبَّتكِ الله على دينه، وأعانكِ، وجعلكِ دعوة صامتة بعفتكِ وحيائكِ.
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
[1] صحيح لغيره: صحيح الترغيب والترهيب: (3 /233).
Source link