الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلِهِ وصحبِهِ ومن والاهُ، أمَّا بعدُ:
فإن الشيوعية مذهب كفري وهو قائم على الفلسفة المادية؛ وقد أجمع السلف على كفر الفلاسفة الماديين، وكتب العقائد طافحة بهذا، فكل من انتسب لهذا المذهب أو دعا إليه أو دعمه وسانده، فهو كافر بالله العظيم ورسوله الكريم؛ معرض عن الشريعة الإسلامية بالكلية، وفيه رد لها، وهذا بمفرده كفر يخرج عن الإسلام لإجماع أهل العلم على كفر من ظنّ أن منهج غير الله أفضل من المنهج الشرعي، أو مثله.
هذا على ما في الشيوعية إلحاد وتقديس المادة، وعدم الاعتراف برب الأرض والسماوات.
جاء في “الموسوعة الميسرة”: الشيوعية مذهب فكري يقوم على الإلحاد، وأن المادة هي أساس كل شيء، ويفسر التاريخ بصراع الطبقات وبالعامل الاقتصادي.
الأفكار والمعتقدات:
1- إنكار وجود الله تعالى وكل الغيبيات، والقول بأن المادة هي أساس كل شيء، وشعارهم: نؤمن بثلاثة: ماركس ولينين وستالين، ونكفر بثلاثة: الله، الدين، الملكية الخاصة.
2- فسروا تاريخ البشرية بالصراع بين البورجوازية والبروليتاريا وينتهي هذا الصراع حسب زعمهم بدكتاتورية البروليتاريا.
3- يحاربون الأديان ويعتبرونها وسيلة لتخدير الشعوب، وخادما للرأسمالية والإمبريالية والاستغلال، مستثنين من ذلك اليهودية؛ لأن اليهود شعب مظلوم يحتاج إلى دينه ليستعد حقوقه المغتصبة.
والفتوى لا تحتمل أكثر من هذا والكتبة الإسلامية زاخرة بكثير من الكتب للمفكرين والعلماء في فضح الشيوعية من ذلك:
الملاحدة حتى العظم، والكيد الأحمر للميداني، ومذاهب فكرية معاصرة لمحمد قطب، الموسوعة الميسرة في الأديان والمذاهب والأحزاب المعاصرة، السرطان الأحمر د. عبد الله عزام، الشيوعية والشيوعيون في ميزان الإسلام. د. عبد الجليل شلبي، والسراب الأكبر أسامة عبد الله الخياط، والمذاهب المعاصرة وموقف الإسلام منها د. عبد الرحمن عميرة، وحوار مع الشيوعيين في أقبية السجون: عبد الحليم خفاجي.
أما كلام العلامة الألباني فهو خطأ محض، وهو من أهل العلم الكبار المجددين في علم الحديث، ولكن لا يعني هذا عصمته؛ فالكل يأخذ من ويرد إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، والكمال عزيز وليس من شرط العالم ألا يخطئ.
أما العذر بالجهل فلا يشمل يشمل من يرد الشريعة وينقض أصول الإسلام، ولا من يظن أنه يسعه الخروج عن الشريعة أو دها، وإنما هو في الأمور الخفية كتوحيد الأسماء والصفات، وفروع الشريعة لكثرتها وخفائها.
وقد نقل الإمام إسحاق بن راهويه أجماع المسلمين على كفر من دفع شيئًا مما أنزل الله عز و جل وإن مقرًا بكل ما أنزل الله؛ نقله عنه شيخ الإسلام ابن تيمية في كتابه الصارم المسلول على شاتم الرسول، في أول كلامه على المسألة الرابعة من الكتاب.
أما ما تشعرين به من وسوس فسببه تهيج قرين الجن بعدما قرأت تلك المعلومات، وعلاجه الناجع وهو قطع الخطرات جملة، وهذا يتطلب القوة مع النفس، مع الحذر من الاسترسال في الخطرة، وتقوية القلب وملئه بنور الإيمان من قراءة القرآن الكريم بتدبر خصوصًا سورة (ق) فإن لها تأثير بالغ في قمع الشيطان، فواظبي على قراءتها كل يوم عدة مرات.
وكذلك حافظي على الأذكار والأدعية النبوية.
فيما رواه الشيخان عن أبي هريرة قال: قال رسول الله: ((يأتي الشَّيطانُ أحدَكُم فيقول: مَنْ خَلَقَ كذا من خلق كذا؟ حتَّى يقول : مَنْ خَلَقَ ربَّك؟ فإذا بلغَه فليَسْتَعِذْ بِالله وليَنْتَهِ))؛ والمعنى: إذا عَرَضَ له الوِسواسُ، فيلْجأْ إلى الله – تعالى – في دفعِ شرِّه، وليُعرضْ عن الفكر في ذلك، ولْيَعلمْ أن هذا الخاطر من وسوسةِ الشيطان، وهو إنما يسعى بالفساد، والإغراء؛ فلْيُعرِضْ عن الإصغاء إلى وسوسته، ولْيُبادرْ إلى قطعِها بالاشتغال بغيرها؛ قالهُ الإمامُ النوويُّ في “شرح صحيح مسلم“.
تَعْلَمي أن الله برحمته لا يؤاخِذُ بما يَقَعُ في القلب من الوَسَاوس مهما عظُمت؛ لأن ذلك ليس داخلًا تحت الاختيار، ولا الكسب، وإنما هو من أُلْقِيَاتِ الشيطان، ولذلك؛ جعلها الشارعُ الحكيمُ عفوًا؛ كما في الصحيحين عن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: قال النبي – صلى الله عليه وسلم -: ((إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي مَا وَسْوَسَتْ بِهِ صُدُورُهَا، مَا لَمْ تَعْمَلْ أَوْ تَكَلَّمْ))؛ أي: أن الله تَجَاوَزَ عن حديثِ النفسِ والخواطرِ، وعَفَا عنه، ولم يُؤاخَذْ عليه.
وكذلك اعلمي أن استِعظام الوسوسة، والنفرةَ منها، هو خالصُ الإيمانِ؛ فعن أبي هريرة – رضي الله عنه – قال: ((جاء ناسٌ من أصحاب النبي – صلى الله عليه وسلم – فسألوه: إنا نَجِدُ في أنفُسِنا ما يَتَعَاظَمُ أحدُنا أن يَتَكلَّمَ به، قال: وقد وَجَدتموهُ؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريحُ الإيمان)).
وعن علقمة عن عبدالله، قال: ((سُئِلَ النبيُّ – صلى الله عليه وسلم – عن الوَسْوَسَةِ، قال: تِلكَ محضُ الإيمانِ))؛ معناه: استِعظامُكمُ الكلامَ به، هو صريحُ الإيمان، فإنَّ استِعظامَ هذا وشِدَّة الخوفِ منه، ومن النطق به فضلًا عن اعتقاده – إنَّما يكونُ لِمَن استَكْمَلَ الإيمان استكمالًا محقَّقًا، وانتفت عنه الرِّيبةُ والشُّكوكُ.
وَقِيلَ: مَعنَاهُ: أَنَّ الشيطانَ إِنَّمَا يُوَسوِسُ لِمَن أَيِسَ مِنْ إِغوائِهِ، فَيُنَكِّدُ عَلَيهِ بِالْوَسوَسَةِ؛ لِعَجزِهِ عَنْ إِغوائِهِ، وَأَمَّا الكافِرُ فَإِنَّهُ يَأتِيهِ مِنْ حَيثُ شَاءَ، وَلَا يَقتَصِرُ فِي حَقِّهِ عَلَى الْوَسوَسَةِ، بَلْ يَتَلاعَبُ بِهِ كَيْفَ أَرَادَ، فَعَلَى هَذَا؛ مَعْنَى الْحَدِيثِ: سَبَبُ الْوَسوَسَةِ مَحْضُ الْإِيمَانِ، أَوِ الْوَسوَسَةُ عَلَامَةُ مَحْضِ الْإِيمَانِ؛ قَالَهُ الِإمَامُ النَّوَوِيُّ.
قال الإمام أبو العباس القرطبي في “المفهِم لما أُشكلِ من تلخيص كتابِ مُسلِم” (2 / 109): “ومعنَى هَذَا الحدِيثِ: أن هذه الإلقاءاتِ والوَسَاوس التي يُلقِيها الشيطانُ في صدور المؤمنين، تَنفِرُ منها قلوبُهم، ويعظُم عليهم وُقوعُها عندهم، وذلك دليلٌ على صحةِ إيمانِهم، ويقينِهم، ومعرفتِهم بأنها باطلةٌ، ومن إلقاءاتِ الشيطانِ، ولولا ذلك، لرَكَنوا إلَيْها، وَلَقَبلِوها، ولم تعظُم عندَهم، وَلَا سمَّوْها وَسوَسةً.
ولما كان ذلك التعاظُمُ، وتلك النُّفرةُ عن ذلك – الإيمانَ، عَبَّرَ عن ذلك بأنه خالصُ الإيمان، ومحضُ الإيمان، وذلك من باب تسمية الشيء باسم الشيء، إذا كان مجاوِرًا له، أو كان منه بسبب.
وقوله: ((فليستَعِذْ بالله، ولْيَنْتَهِ)): لمَّا كانت هذه الوَسَاوِسُ من إلقاءِ الشيطان، ولا قوةَ لأحدٍ بدفعِه إلَّا بمَعُونةِ الله – تعالى – وكفايته – أَمَرَ بالِالتجاءِ إليه، والتعويلِ في دفعِ ضَرَرِهِ عليه، وذلك معنى الِاستِعاذَةِ عَلَى ما يأتي، ثم عَقَّب ذلك بالأمرِ بالِانتِهَاءِ عن تِلكَ الوَسَاوِسِ والخَوَاطِرِ؛ أي: عن الِالتفاتِ إليْها، والإِصغاءِ نحوَها، بل يُعرِضُ عنْها، ولا يُبالي بها”. اهـ.
Source link